عصر العصر ..!! ( أحمد مطر ) أكاد لشدة القهر ، أظن القهر في أوطاننا يشكو من القهر ، ولي عذري ، فإني أتقي خيري لكي أنجو من الشر ، فأخفي وجه إيماني بأقنعة من الكفر ، لأن الكفر في أوطاننا لا يورث الإعدام كالفكر ، فأ نكر خالق الناس ، ليأ من خانق الناس ، ولا يرتاب في أمري ، وأحيي ميت إحساسي بأقداح من الخمر ، فألعن كل دساس ، و وسواس، وخناس، ولا أخشى على نحري من النحر ، لأن الذنب مغتفر وأنت بحالة السكر ، ومن حذري ، أمارس دائما حرية التعبير في سري ، وأخشى أن يبوح السر بالسر ، أشك بحر أنفاسي ، فلا أدنيه من ثغري ، أشك بصمت كراسي ، أشك بنقطة الحبر ، وكل مساحة بيضاء بين السطر والسطر ، ولست أعد مجنونا بعصر السحق والعصر ، إذا أصبحت في يوم أشك بأنني غيري ، وأني هارب مني ، وأني أقتفي أثري ولا أدري ؛ إذا ما عدت الأعمار با نعمى وباليسر ، فعمري ليس من عمري ، لأني شاعر حر ، وفي أوطاننا يمتد عمر الشاعر الحر ، إلى أقصاه : بين الرحم والقبر ، على بيت من الشعر |
عفو عام ( أحمد مطر ) أصدر عفو عام عن الذين أعدموا ، بشرط أن يقدموا عريضة استرحام مغسولة الأقدام ، غرامة استهلاكهم لطاقة النظام ، كفالة مقدارها خمسون ألف عام ، تعهد بأنهم ليس لهم أرامل ، ولا لهم ثو ا كل ، ولا لهم أيتام ، شهادة التطعيم ضد الجدري ، قصيدة صينية للبحتري ، خريطة واضحة لأثر الكلام ، هذا ومن لم يلتزم بهذه الأحكام يحكم بالإعدام |
عقوبات شرعية ( أحمد مطر ) بتَرَ الوالي لساني عندما غنّيتُ شِعْري دونَ أنْ أطلُبَ ترخيصاً بترديد الأغاني ** بَتَرَ الوالي يَدي لمّا رآني في كتاباتيَ أرسلتُ أغانيَّ إلى كُلِّ مكانِ ** وَضَعَ الوالي على رِجلَيَّ قيداً إذْ رآني بينَ كلِّ الناسِ أمشي دونَ كفّي ولساني صامتاً أشكو هَواني. ** أَمَرَ الوالي بإعدامي لأنّي لم أُصَفّقْ - عندما مَرَّ - ولَم أهتِفْ.. ولَمْ أبرَحْ مكاني ! |
عقوبة إبليس ( أحمد مطر ) طمأن إبليس خليلته : لا تنزعجي يا باريس . إن عذابي غير بئيس . ماذا يفعل بي ربي في تلك الدار ؟ هل يدخلني ربي ناراً ؟ أنا من نار ! هل يبلسني ؟ أنا إبليس ! قالت: د ع عنك التدليس أعرف أن هراء ك هذا للتنفيس . هل يعجز ربك عن شيء ؟! ماذا لو علمك الذوق ، و أعطاك براءة قديسْ و حبا ك أرقّ أحاسيسْ ثم دعاك بلا إنذارٍ … أن تقرأ شعر أ د و نيس ؟! |
عكاظـ ( أحمد مطر ) الأرض : ثغرى أنهر لكن قلبي نار. البحر: أُبدي بسمتي.. وأضمر الأخطار. الريح : سِلمي نسمة وغضبتي إعصار. الغيم : لي صواعق تمشي مع الأمطار. الصمت : في بالي أنا.. تزمجر الأفكار. الصخر: أدنى كرمي أن أمنح الأحجار لأشرف الثوار. النسر: رأيي مخلب ومنطقي منقار النمر: نابي دعوتي .. وحجتي الأظفار. الكلب : لست خائناً ولست بالغدار. بل أنا أحمي صاحبي ، وأعقر الأشرار. الجحش : نوبتي أنا بعد الأخ المنهار. العربي : ليس لي شيء سوى الأعذار والنفي والإنكار والعجز والإدبار والابتهال ، مرغماً ، للواحد القهار بأن يطيل عمر من يقصِّر الأعمار! بالشكل إنسان أنا .. لكنني حمار. الجحش : طارت نوبتي وفخر قومي طار. أي افتخار يا ترى .. من بعد هذا العار؟ |
علامة الموت ( أحمد مطر ) يوم ميلادي تعلقت بأجراس البكاء فأفاقت حزم الورد , على صوتي و فرت في ظلام البيت أسراب الضياء و تداعى الأصدقاء يتقصون الخبر ثم لما علموا أني ذكر أجهشوا ... بالضحك , قالوا لأبي ساعة تقديم التهاني يا لها من كبرياء صوته جاوز أعنان السماء عظم الله لك الأجر على قدر البلاء. |
على باب الشعر ( أحمد مطر ) حين وقفت بباب الشعر ، فتش أحلامي الحراس ، أمروني أن أخلع رأسي ، وأريق بقايا الإحساس ، ثم دعوني أن أكتب شعرا للناس ، فخلعت نعالي بالباب وقلت خلعت الأخطر يا حراس ، هذا النعل يدوس ولكن هذا الرأس يداس |
عملاء ...! ( أحمد مطر ) الملايين على الجوع تنام ، وعلى الخوف تنام ، وعلى الصمت تنام ، والملايين التي تصرف من جيب النيام ، تتهاوى فوقهم سيل بنادق ، ومشانق ، وقرارات اتهام ، كلما نادوا بتقطيع ذراعي كل سارق ، وبتوفير الطعام ؛ عرضنا يهتك فوق الطرقات ، وحماة العرض أولاد حرام ، نهضوا بعد السبات ، يبسطون البسط الحمراء من فيض دمانا ، تحت أقدام السلام ، أرضنا تصغر عاما بعد عام ، وحماة الأرض أبناء السماء ، عملاء ، لا بهم زلزلة الأرض ولا في وجههم قطرة ماء ، كلما ضاقت الأرض، أفادونا بتوسيع الكلام ، حول جدوى القرفصاء ، وأبادوا بعضنا من أجل تخفيف الزحام ، آه لو يجدي الكلام ، آه لو يجدي الكلام ، آه لو يجدي الكلام ، هذه الأمة ماتت والسلام |
غزل بوليسي ( أحمد مطر ) شِعرُكَ هذا .. شِعْرٌ أَعوَرْ ! ليسَ يرى إلاّ ما يُحذَرْ : فَهُنا مَنفى، وَهُنا سِجنٌ وَهُنا قَبْرٌ، وَهُنا مَنْحَرْ . وَهُنَا قَيْدٌ، وَهُنا حَبْلٌ وَهُنا لُغمٌ، وََهُنا عَسْكرْ ! ما هذا ؟ هَلْ خَلَتِ الدُّنيا إلاَّ مِنْ كَرٍّ يَتكرَّرْ ؟ خُذْ نَفَسَاً .. إسألْ عن لَيلى .. رُدَّ على دَقَّةِ مِسكينٍ يَسكُنُ في جانبِكَ الأيسَرْ . حتّى الحَربُ إذا ما تَعِبَتْ تَضَعُ المِئزَرْ ! قَبْلَكَ فرسانٌ قد عَدَلوا في ما حَمَلوا فَهُنا أَلَمٌ .. وهُنا أَمَلُ . خُذْ مَثَلاً صاحِبَنا (عَنتَرْ) في يُمناهُ يئِنُّ السّيفُ وفي يُسراهُ يُغنّي المِزهَرْ ! ** ذاكَ قَضيّتُهُ لا تُذكَرْ : لَونٌ أسمَرْ وَابنَةُ عَمٍّ وأَبٌ قاسٍ . والحَلُّ يَسيرٌ .. والعُدّةُ أيْسَرْ : سَيفٌ بَتّارٌ وحِصانٌ أَبتَرْ . أَمّا مأساتي .. فَتَصَوَّرْ: قَدَمايَ على الأَرضِ وقلبي يَتَقَلّبُ في يومِ المحشَرْ ! ** مَعَ هذا .. مثلُكَ لا يُعذَرْ لمْ نَطلُبْ مِنكَ مُعَلَّقَةً .. غازِلْ ليلاكَ بما استَيْسَرْ ضَعْها في حاشِيةِ الدّفتَرْ صِفْ عَيْنيها صِفْ شَفَتيها قُلْ فيها بَيتاً واتركْها .. ماذا تَخسَرْ ؟ هَلْ قَلْبُكَ قُدَّ مِنَ المَرمَرْ ؟! ** حَسَناً .. حَسَناً .. سَاُغازِلُها : عَيْناها .. كظلامِ المخفَرْ . شَفَتاها .. كالشَّمعِ الأحمرْ . نَهداها .. كَتَورُّمِ جسمي قبلَ التّوقيعِ على المحضَرْ . قامَتُها .. كَعَصا جَلاّدٍ ، وَضَفيرتُها .. مِشنَقَةٌ ، والحاجِبُ .. خِنجَرْ ! لَيْلايَ هواها استعمارٌ وفؤادي بَلَدٌ مُستَعْمَرْ . فالوعدُ لَديْها معروفٌ والإنجازُ لديها مُنكَرْ . كالحاكِمِ .. تهجُرني ليلى . كالمُخبرِ .. تدهَمُني ليلا ! كمشاريعِ الدّولةِ تَغفو كالأسطولِ السّادسِ أسهَرْ . مالي منها غيرُ خَيالٍ يَتَبَدّدُ ساعةَ أن يَظهَرْ كشِعارِ الوحدةِ .. لا أكثرْ ! ليلى غامِضَةٌ .. كحقوقي، وَلَعُوبٌ .. كَكِتابٍ أخضَرْ ! ** يكفي يا شاعِرَنا .. تُشكَرْ ! قَلَّبتَ زبالتَنا حتّى لمْ يبقَ لمزبلةٍ إلاّ أنْ تخجلَ مِنْ هذا المنظَرْ ! هل هذا غَزَلٌ يا أغبَرْ ؟! ** قُلتُ لكم . أَعذَرَ مَنْ أَنذَرْ . هذا ما عِندي .. عَقْرَبةٌ تُلهمُني شِعري .. لا عبقَرْ! مُرٌّ بدمي طَعْمُ الدُّنيا مُرٌّ بفَمي حتّى السُّكّرْ ! لَستُ أرى إلاّ ما يُحذَرْ . عَيْنايَ صدى ما في نَفْسي وبِنَفسي قَهْرٌ لا يُقهَرْ . كيفَ أُحرِّرُ ما في نفسي وأَنا نفسي .. لم أَتحَرّرْ ؟! |
غليان ..! ( أحمد مطر ) ألمحُ القِدْرَ على الموقِدِ تغلي وأنا من فَرْطِ إشفاقيَ أغلي . تنفُخُ القِدْرُ بُخاراً هازِئاً بي وبنُبلي : قُمْ إلى شُغلِكَ .. واترُكني لِشُغلي . أنا لا أوضَعُ فوقَ النّارِ إلاّ بَعدَ أن يوضَعَ في بطنيَ أكلي . أنا أُرغِي، حُرّةً، مِنْ حَرِّ ناري وأنا أُزْبِدُ لو طالَ ا ستِعا ري وأنا ا طفيءُ بالزّفْراتِ غِلّي . أيّها الجاهِلُ قُلْ لي : هلْ لديكُمْ عربيٌّ واحِدٌ يفعَلُ مِثليْ ؟! |
الساعة الآن 02:29 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.