مَجْمعُ الأمثال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ................... سأدرج في هذا الموضوع بعضاً من الأمثال الواردة في أجلِّ كتبِ العربية التي تناولتِ الأمثال (مجمع الأمثال) لأبي الفضل النيسابوري الميداني المتوفى سنة 518 من الهجرة وسأعتمد في اختياري على ما بقيَ دارجاً على الألسنة حتى يومنا هذا، مع بيان أصل المثل والتعليق عليه كما ورد حرفياً في الكتاب مع العناية بالضبط بالشكل لتكون الفائدة أكبر |
.... إنَّ مِنَ البَيانِ لسِحْراً .... قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين وَفَدَ عليه عَمْرُو بن الأهتم والزَّبْرِقانُ بنُ بدر وقَيْسُ ابن عاصم ، فسأل عليه الصلاة والسلام عمرَو بن الأهتم عن الزَّبرقانِ فقال عمرُو: مُطاعٌ في أَدْنَيْهِ* شديدُ العارِضة ، مانعٌ لما وراءَ ظهره فقال الزبرقان: يا رسول الله إنَّه لَيَعْلمُ منِّي أكثرَ من هذا ، ولكنَّه حَسَدني فقال عمرُو: أما والله إنَّه لزَمِرُ المروءة ، ضَيِّقُ العَطَنِ ، أحمقُ الوالدِ ، لئيمُ الخالِ ، والله يا رسولَ الله ما كَذَبْتُ في الأولى ، ولقد صدقْتُ في الأخرى ، ولكنِّي رجلٌ رَضِيتُ فقلتُ أحسنَ ما علمتُ ، وسَخِطْتُ فقلتُ أقبحَ ما وجدتُ . فقال عليه الصلاة والسلام : " إنَّ من البيان لسحراً " . يعني أنَّ بعضَ البيان يعمل عمل السحر؛ ومعنى السحرِ إظهارُ الباطلِ في صورة الحقِّ ، والبيانُ اجتماعُ الفصاحةِ والبلاغةِ وذكاءُ القلب مع اللسَنِ . وإنَّما شُبِّهَ بالسحر لحدَّةِ عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له . يُضربُ في استحسانِ المنطقِ وإيراد الحُجَّةِ البالغة . * الأدنون : جمعُ الأدنى بمعنى الأقرب |
.... إنَّ المُنْبَتَّ لا أرْضاً قَطَعَ ولا ظَهْراً أَبْقَى .... المُنْبَتُّ : المُنقطعُ عن أصحابه في السفرِ . والظَّهر : الدَّابة . قاله عليه الصلاةُ والسلام لرجلٍ اجتَهَدَ في العبادة حتى هَجَمتْ عيناه : أي غارَتَا فلما رآه قال له : " إنَّ هذا الدينَ متينٌ فأَوْغِلْ فيه بِرِفْقٍ ، إنَّ المُنْبَتَّ لا أرْضاً قَطَعَ ولا ظَهْراً أَبْقَى " أي الذي يجدُّ في سيره حتى يَنْبتَّ أخيراً ، سمَّاهُ بما تَؤولُ إليه عاقبتُه كقوله تعالى : " إنَّك مَيِّتٌ وإنَّهم ميِّتون " يُضربُ لمن يبالغُ في طلب الشيء ، ويُفْرِطُ حتى ربما يُفوِّتُه على نفسه . |
.... إنَّ الرَّثيئَةَ تَفْثَأُ الغَضَبَ .... الرثيئةُ : اللبنُ الحامض يُخْلَطُ بالحلو . والفَثءُ : التسكينُ . زعموا أن رجلاً نزل بقوم وكان ساخِطاً عليهم ، وكان مع سخطه جائعاً ، فسَقَوه الرثيئةَ ، فسكنَ غضبُه يضرب في الهَديَّةِ تُورثُ الوفاق وإن قلَّتْ . |
.... إنَّ البُِغَاثَ بأرْضِنا يَسْتَنْسِرُ .... البغاثُ : ضربٌ من الطير ، وفيه ثلاث لغات : الفتح ، والضم ، والكسر . والجمع بِغْثَان، قالوا : هو طيرٌ دون الرَّخمة . واستنسر : صار كالنَّسر في القوّة عند الصيد بعد أن كان من ضعاف الطير يضرب للضعيف يصير قوياً ، وللذليل يعزُّ بعد الذل . |
.... إنَّ دَوَاءَ الشَّقِّ أنْ تَحُوصَهُ .... الحَوْصُ : الخياطةُ يُضرَبُ في رَتْقِ الفَتْقِ وإطفاء النائرة . |
.... إنَّ الجَبانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ .... لقدْ حَسَوتُ الموتَ قبلَ ذَوْقِهِ = إنَّ الجبانَ حتفْهُ مِنْ فَوقِهِالحَتْفُ : الهلاكُ ، ولا يُبْنَى منه فِعل ، وخصَّ هذه الجهة لأن التحرُّزَ مما ينزل من السماء غير ممكن . يُشير إلى أن الحَتفَ إلى الجبان أسرعُ منه إلى الشجاع لأنه يأتيه من حيث لا مَدْفَعَ له . قال ابن الكلبي : أولُ من قاله عمرُو* بن أمامةَ في شعرٍ له ، وكانت مُرادٌ قتلته ، فقال هذا الشعر عند ذلك وهو قوله : كلُّ امرئٍ مُقاتِلٌ عَنْ طَوْقِهِ = والثَّورُ يَحْمي أَنْفَهُ بِرَوْقِه يُضربُ في قلة نفع الحذر من القدر . وقوله " حسوت الموت قبل ذَوْقه " الذوق : مقدمةُ الحَسْوِ ؛ فهو يقول : قد وطَّنتُ نفسي على الموتِ ، فكأني بتوطين القلب عليه كمن لقِيَهُ صُرَاحاً . * الشعر في اللسانِ منسوبٌ لعامر بن فهيرة |
.... إنَّ في الشَّرِّ خِيَاراً .... الخير : يُجمعُ على الخِيار والأخيار ، وكذلك الشَّر يجمع على الشِّرار والأشرار أي أن في الشر أشياء خياراً . ومعنى المثل - كما قيل - بعض الشر أهون من بعض . ويجوز أن يكون الخيارُ الاسم من الاختيار أي في الشر ما يُخْتَارُ على غيره . |
.... إنَّ الحَديْدَ بالحَديدِ يُفْلَحُ .... الفَلْحُ : الشَّقُّ ، ومنه الفَلَّاحُ للحَرَّاث لأنه يشقُّ الأرض . أي يُستعانُ في الأمر الشديد بما يشاكله ويقاويه . |
إنَّ الحَمَاةَ أُولِعَتْ بالكَنَّةْ .... وأُولِعَتْ كَنَّتُهَا بالظِّنَّةْ الحماةُ : أمُّ زوج المرأة والكَنَّة : امرأة الابن وامرأة الأخِ أيضاً والظِّنَّة : التُّهمة وبين الحماة والكنة عداوة مستحكمة يضرب في الشرِّ يقع بين قومٍ هم أهلٌ لذلك . |
الساعة الآن 02:20 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.