الإمـام الشافعي .. مختارات من شعره
دَعِ الأَيَّـامَ تَفْعـَل مَا تَشَـاءُ * * * وطـب نفـساً إذا حكـمَ القضـاءُ وَلا تَجْـزَعْ لنـازلة الليـالي * * * فـما لحـوادثِ الدنيـا بقــاءُ وكـنْ رجـلاً على الأهـوالِ جلـداً * * * وشيمـتكَ السمـاحة ُ والوفاءُ وإنْ كـثرتْ عيـوبكَ في البـرايا * * * وسَـركَ أَنْ يَكـُونَ لَها غِطَـاءُ تَسَـتَّرْ بِالسَّـخَاء فَكُـلُّ عَيْـب * * * يغطـــيه كمـا قيـلَ السَّخــاءُ ولا تـر للأعـادي قـط ذلا * * * فـإن شمــاتة الأعـدا بــــلاء ولا تـرجُ السمـاحة ََ من بخيـلٍ * * * فَمـا فِي النَّـارِ لِلظْمـآنِ مَـاءُ وَرِزْقـُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَـأنِّي * * * وليسَ يــزيدُ في الـرزقِ العنـاءُ وَلا حُـزْنٌ يَـدُومُ وَلا سُــرورٌ * * * ولا بــؤسٌ عليــكَ ولا رخـــاءُ وَمَـنْ نـَزَلَتْ بِسَاحَـتِهِ الْمَنَـايَا * * * فـــلا أرضٌ تقـيــهِ ولا سمــاءُ وأرضُ اللــه واســـعة ً ولكـن * * * إذا نـزلَ القضـا ضـاقَ الفضـاءُ دَعِ الأَيَّـامَ تَغْـــدِرُ كُـلَّ حِيــــنٍ * * * فمـا يغنـي عن المـوت الـدواءُ |
خـبت نـار نفسي باشتـعال مفـارقي * * * وأظـلم ليـلي إذ أضـاء شِهــابُها أيا بومـةً قـد عششتْ فـوق هامتي * * * علـى الـرغم مني حين طـار غُرابُها رأيـتِ خـراب العُـمرِ مـني فـَزُرْتني * * * ومـأواك مـن كـل الديــار خــرابهــا أأنعـمُ عيـشاً بعـدمـا حـل عارضـي * * * طــلائعُ شيـبٍ ليس يغنـي خِضـابُها؟ وعِـزةُ عمـرِ المـرء قبــل مشيـبهِ * * * وقـد فنـيت نفـسٌ تـولـى شبـابــــها إذا اصـفرَّ لـونُ المــرءِ وابـيضَّ شـعرُهُ * * * تنغــص مـن أيـامـه مستَطَابُها فـدعْ عنـك سـوءات الأمــور فإنــها * * * حـرامٌ عـلى نـفس التـقي ارتكـابُها وأدِ زكـاة الجــاه واعلــم بأنــــــها * * * كمثـل زكـاة المـال تـم نِصـابُـــها وأحسـن إلـى الأحـرار تمـلك رقـابـهم * * * فخـير تجـارات الكـرام اكتسابـها ولا تمشـين في مَنكـِب الأرض فـاخـراً * * * فعــما قليــل يحتــويك تُــرابـها ومـن يـذق الــدنيـا فـإني طَـعـمـْتُها * * * وسيــق إليــنا عَـذْبُــها وعـذابــها فلـم أرهـــا إلا غُـروراً وبـاطــلاً * * * كمــا لاح فـي ظــهر الفـــلاة سَرابُـها ومـا هـي إلا جِـيـفــةٌ مستحيـلةٌ * * * عليـــها كــلابٌ هَمُّـــهن اجتِــذابــها فـإن تجتنبــها كنـت سِلـما لأهـــلـها * * * وإن تجتـذبــها نــازعتك كـلابها فطـوبى لنـفسٍ أُودعــت قـعــر دارها * * * مُغَلــَّقَةَ الأبـوابِ مُـرخىً حجــابها |
بَلَـوْتُ بَني الدُّنيـا فَلَمْ أَرَ فِيهمُ * * * سوى من غدا والبخـلُ ملءُ إهـابه فَجَـرَّدْتُ مِنْ غِـمْدِ القَنَاعَة ِ صَارِماً * * * قطـعتُ رجائي منهم بذبـابه فـلا ذا يـراني واقـفاً في طريقهِ * * * وَلاَ ذَا يـَرَانِي قـَاعِداً عِنْدَ بَابِهِ غـنيِّ بلا مالٍ عن الناس كـلهم * * * وليس الغـنى إلا عـن الشيء لابه إِذَا مَا ظَـالِمٌ اسْتَـحْسَنَ الظُّلْمَ مَذْهباً * * * وَلـَجَّ عُتـُوّاً فِي قبيـحِ اكْتِسابِـهِ فَكِلْـهُ إلى صَـرْفِ اللّيـَالِي فَإنَّها * * * ستبـدي له مالم يكـن في حسـابهِ فَكـَمْ قـَدْ رَأَيْنَا ظَالِماً مُتَمـَرِّداً * * * يـَرَى النَّـجْمَ تِيهاً تحْتَ ظِلِّ رِكابـِهِ فَعَمّــَا قليـلٍ وَهْـوَ في غَفَلاتِهِ * * * أَنـَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِـهِ فَأَصْبـَحَ لا مالٌ وَلاَ جـاهٌ يُرْتَجَى * * * وَلا حَسَنـاتٌ تَلْتَـقي فِي كتَابِهِ وجـوزي بالأمرِ الذي كـان فاعلاً * * * وصـبَّ عليـهِ الله سوطَ عـذابه |
ما في المقـامِ لذي عقـلٍ وذي أدبِ * * * مِنْ رَاحَة ٍ فَـدعِ الأَوْطَانَ واغْتَـرِبِ سافـر تجد عوضاً عمَّن تفـارقهُ * * * وَانْصِبْ فَإنَّ لَذِيذَ الْعَـيْشِ فِي النَّصَـبِ إني رأيتُ وقـوفَ الماء يفسـدهُ * * * إِنْ سَـاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْـرِ لَـمْ يَطِبِ والأسـدُ لولا فـراقُ الأرض ما افترست * * * والسَّهمُ لولا فـراقُ القوسِ لم يصب والشمس لو وقـفت في الفلكِ دائمة ً* * * لَمَلَّـهَا النَّاسُ مِنْ عُـجْمٍ وَمِنَ عَــرَبِ والتَّبْـرَ كالتُّـرْبَ مُلْقَى ً في أَمَاكِنِهِ * * * والعـودُ في أرضـه نوعً من الحطب فـإن تغـرَّب هـذا عـزَّ مطلبهُ * * * وإنْ تَغَـرَّبَ ذَاكَ عَـزَّ كالـــذَّهَبِ |
ماذا يخـبِّرُ ضـيفُ بيتـكَ أهـلهُ * * * إن سيـلَ كيـفَ معـادهُ ومعـاجه أيقـولُ: جـاوزتُ الفـراتَ ولم أنـل * * * ريَّاـً لـديهِ وقـد طغت أمـواجهُ وَرِقِــيتُ في دَرَجِ الْعـلاَ فَتَضَـايَقَتْ * * * عمَّـا أريـدُ شعـابهُ وفجـاجه ولتخـبرنَّ خصـاصتي بتملُّقـي * * * والمـاء يخبـرُ عن قـذاهُ زجاجـة عنْـدِي يَوَاقِـيتُ الْقـَرِيـضِ وَدُرُّهُ * * * وَعَلَـيّ إكْلِيـلُ الْكَـلاَم وَتَاجُـهُ تـربي على روضِ الـرُّبا أزهـارهُ * * * وَيـَرُفُّ في نَـادِي النَّدى دِيبَـاجُهُ وَالشَّـاعِرُ المِنْطِيقُ أسْـوَدُ سالـخٌ * * * وَالشـعْرُ مِنْـهُ لُعَابُـهُ وَمُجَاجُـهُ وَعَـدَاوَة ُ الشّـعَرَاءِ دَاءٌ مُعْضِـلٌ * * * وَلـَقَدْ يَهُـونُ عَلَى الْكَرِيمِ عِلاَجُـهُ |
إذَا مَا كُنْتَ ذَا فَضْـلٍ وَعِلْـمٍ * * * بما اختـلف الأوائلُ والأواخـر فَنَـاظِرْ مَنْ تُنَـاظِرُ في سُكُونٍ * * * حليـماً لا تلـحُ ولا تكابــر يُفِيـدُكَ مَا اسْتَفَادَ بِلا امْتِنانٍ * * * مِنَ النُّكـَتِ اللَّطِـفَة ِ وَالنَّوَادِر وإياكَ اللَّجـوحَ ومنُ يرائـي * * * بأنـي قد غلـبتُ، ومن يفاخر فَإنَّ الشـرَّ في جَنَبَـاتِ هَـذَا * * * يمـنِّي بالتقـاطع والتـــدابر |
قلبي برحمتكَ اللهمَّ نو أنسِ* * * في السِّرِّ والجهرِ والإصباحِ والغلسِ وما تقَّلبتُ من نومي وفي سنتي * * * إلا وذكركَ بين النَّفس والنَّفسِ لقد مننـتَ على قلبي بمعـرفة ٍ * * * بِأنَّـكَ اللَّهُ ذُو الآلاءِ وَالْقَـدْسِ وقـد أتيتُ ذنوباً أنت تعـلمها * * * وَلَمْ تَكُنْ فَاضِحي فِيهَا بِفِعْلِ مسي فَامْنُنْ عَلَيَّ بِذِكْرِ الصَّالِحِينَ وَلا * * * تجعل عليَّ إذا في الدِّين من لبسِ وَكُنْ مَعِي طُولَ دُنْيَايَ وَآخِرَتيت * * * ويوم حشري بما أنزلتَ في عبس |
فَإذا سَمِعْتَ بِأَنّ مَجْـدُودَاً حَوَى * * * عوداً فأثمرَ في يديهِ فصـدِّقِ وَإذا سَمِـعْتَ بأنَّ مَحْـرُوماً أَتَى * * * مَاءً لِيَشْـرَبَهُ فَغَـاضَ فَحَـقِّقِ لَوْ كانَ بِالْحِيَلِ الغنـى لوَجَـدْتَنِي * * * بنجـومِ أقطـارِ السماءِ تعلقي لكنَّ من رزقَ الحجا حـرمَ الغـني * * * ضِـدَّانِ مُفْـتَرقَانِ أيَّ تَفـَرُّقِ وأحـقُّ خلـقِ اللهِ بالـهمِّ امـرؤٌ * * * ذُو هِمَّـة ً يُبْـلَى بـِرِزْقٍ ضَيـِّقِ وَمِنَ الدليل عَلَى القَضَاءِ وحكْمِهِ * * * بؤسُ اللبيبِ وطيبُ عيشِ الأحمقِ إنَّ الذي رزقَ اليسـارَ فلـم ينــل * * * أجـراً ولا حمـداً لغيـرُ موَّفـقِ وَالجَـدُّ يُدْنِـي كُلَّ أَمـرٍ شَــاسعٍ * * * والجَـد يَفـْتَحُ كُـلَّ بَـابٍ مُغَلـقِ |
إِذا المَـرءُ لا يَرعـاكَ إِلا تَكَــلُّـفاً * * * فَـدَعــهُ وَلا تُكـثِر عَلَيهِ التَأَسُّــفا فَـفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ * * * وفي القلبِ صـبرٌ للحبيب ولو جفا فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْـوَاهُ يَهْـوَاكَ قلــبهُ * * * وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَــه لـَكَ قـَدْ صَـفَا إذا لـم يكـن صـفو الـوداد طبيـعة ً * * * فـلا خيـرَ فـي ودٍ يجـيءُ تكلُّــفا ولا خيــرَ فـي خـلٍّ يخـونُ خليــلهُ * * * ويلـقاهُ من بعـدِ المــودَّة ِ بالجفا وَيُنــْكِرُ عَيْشـاً قَـدْ تَقَـادَمَ عَهْـدُهُ * * * وَيُظْـهِرُ سِـرًّا كـان بِالأَمْسِ قـَدْ خَفَا سَـلامٌ عَلَـى الدُّنْـيَا إذا لَمْ يَكُـنْ بِهَا * * * صـديق صـدوق صادق الوعـد منصفا |
صـنِ النفسَ واحمـلها على مايزينها * * *تَعِشْ سَالِـماً والقـولُ فيكَ جَمِيلُ ولا تُوِلــينَّ النَّـاسَ إلاَّ تَجــمُّلاً * * * نبـا بـكَ دهـرٌ أو جفـاكَ خلــيلُ وإن ضـاقَ رزقُ اليوم فاصــبر إلى غدٍ * * * عَسى نَكَبَــاتُ الدَّهْـرِ عَنْكَ تَزولُ ولا خيـرَ فـي ودِّ امـرئٍ متـلونٍ * * * إذَا الرِّيـحُ مـالَتْ، مَـالَ حيـْثُ تَمـيلُ ومَـا أكثـرَ الإِخْـوانَ حِيـنَ تَعُـدّهُمْ * * * وَلَكِنَّـهُمْ فـي النَـائِبَاتِ قلـــِيلُ |
الساعة الآن 10:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.