منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   احلام المطر- رواية (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=12974)

روان عبد الكريم 02-17-2014 01:43 PM

احلام المطر- رواية
 
بسم الله الرحمن الرحيم


هى ثانى رواية اكتبها.. بعد شبح الشتاء وقبل سيدة النبؤاات وقبل حافية طبرية

كتبتها فى لحظة اندلاع الثورة السورية فى درعا

قد لا تمت للثورة ولا لسورية الحبيبة بصلة

لكن اهديتها لرفاق فى درعا والرستن وريف دمشق كانوا يتابعونها

مات منهم من مات وضاع منهم من ضاع وانقطعت اخبارهم عنى
بقيت فقط احلام المطر هى ما ربطنى بهم عبر الشبكة العنكوبتية ..تحمل احلاماً لى ولهم فى القارة العربية المصمتة لعل زلزال الحرية يهدم اوثان العبودية ويكسر هامات الطغاة

روان عبد الكريم

روان عبد الكريم 02-17-2014 01:46 PM

اهداء
احلام المطر لكل من قاتل ضد طاغية وحافظ على هويته..اهديها لرجال سوريا الاحرار ونساء سوريا الحرائرفى الرستن-درعا-حمص-حلب-حمأة-ريف دمشق..اهديها كل سورى ثار .لروح حمزة الخطيب .
واخيرا اهديها لصديقى العزيز أ.ماهر طلبة الذى شجعنى كثيرا لاخرج هذا العمل للنور وسهر على مراجعته أملة ان يمتعكم
روان عبد الكريم

روان عبد الكريم 02-17-2014 01:47 PM

احلام المطر
الفصل الأول

الطاغية
حينما يشتد العطش ويلفحنا القيظ وتتشقق الأر ض فى أسى وهى تبتهل للسماء فى تضرع أن تهطل زخات المطر السحرى؛ فتضربها رياح الجبال القاسية ؛ كنت أقف على هذه الأرض المحتضرة أهفو لماء المطر يبلل حياتى اليابسة ؛ البائسة ، أستجدى الدموع كى تغسل وجنتى الجافة ......... أفيق من أحلامى على يدً قاسية تهزنى فى خشونة وصوت جهوري يقول فى نفاذ صبر:-
ناتالى , ناتالى استيقظى
أفتح عينى فى كسل وأنظر للحديقة الغناء الموشاة بأطايب الزهر؛ الغارقة بظلال أشجار البرتقال والكرز والمترفة بالنجيل الأخضر وقد بلله مطر الصباح فأنتعش قليلاً ثم أتذكر الرجل الغاضب الواقف كالنسر العجوز فوق رأسى وهو يردف فى تأنيب :--
- إلى متى يستمر إهمالك هذا أيتها الصغيرة العابثة ؟!
أنظر إليه بلا مبالاة وقد تكور جسدى فوق الآريكة الوثيرة واتجاهله فى تعمد ثم أشيح بنظرى إلى المسبح المائى الكبير وثمة بجعات شقية غالية تلهو فيه فى سعادة ...وأتساءل هل هن سعيدات بهذا الأسر.

يجلس بجانبى وقد تملكه الحنق من تجاهلى لكلماته، ويربت على شعرى القصير وهو ينظر لجسدى النحيل ويزفر فى عمق :
- فيما أنت شاردة...ويردف فى حنو أكرهه ؛ ناتالى يا صغيرتى إنك فى السادسة عشر من عمرك ولست بطفلة لتغفين هكذا فى الحديقة .

أرفض الرد عليه وأشيح ببصرى مرة أخرى .. فيتحول حديثه إلى صراخ
- أيتها الفتاة الجاحدة اظهرى قليلاً من الاحترام لجدك العجوز....ثم يخبو صوته ويردف...
- " ناتالى أنسى حياتك الماضية وأنظرى لنفسك الأن إنك حفيدة غسان خورى أغنى أغنياء بيروت "...

عند هذا يجتاحنى الألم وأذكر أبى فأهب واقفة فى أنتصاب وتحدى وأنا أقول

- كف عن مناداتى بناتالى هذه ، وأقول ضاغطة على الحروف:
- اسمى" شادن سميح محمود " ؛ إن عام من الأسر لديك أيها الجد الزائف لن يغير شيئا من هويتى هل تفهم لن يغير شيئا؛ لن يغير شيئا ...

يسود وجهه الصخرى ثم يجلس الرجل فى هدوء وغطرسة وهو ينظر فى ساعته
- إنها السابعة مساءاً .. نصف ساعة لتحضير نفسك للعشاء .. كافية .. ؛ لدينا ضيوف مهمين من وزارة التجارة ؛ لدى وصيفتك فكرة عما ستردين ....وأردف بنبرة قوية قاسية قبل أن يمضى:
- وأرجو أن تلتزمى اللياقة وإلا تعرضت للعقاب.

نهض هو لا يلوى على شئ وتركنى هذا الجبار وأنا أرتعش.. وأتذكر مأساتى وكيف اختطفنى من حضن أبى حيث كنا نعيش فى بيتنا الصغير فى القاهرة مع جدتى الحنون التى اعتبرتها أمى .
وذات صباح كئيب كنت فى رحلة مع المدرسة للمتحف المصرى أتجول بين تماثيل عصر بناة الأهرام ثم أحسست بالأرض تميد تحت قدمى ولم أستيقظ إلا لأجد نفسى فى هذا المكان ؛ بين جدران قصرً منيف تحوطه الجبال الشاهقة و تتشعب ممراته كقصر التيه.. ويمتلؤ بالخدم الغادين الصامتين أبدا ...ورجال الحراسة يتبعونى كظلى ؛ بعد أن لبثت شهوراً أصرخ للشيخ المخبول "أنى لست هذه الناتالى حفيدته"
وهو قد صنع من صخر جلمودى لا يهز صراخى فيه شعرة .

فى الصباح تأتى مدرسة الفرنسية التى أمقتها تماماً ثم مدرسة الفيزياء والكيمياء وبعدها الرياضيات، كانوا موجهين لتعليمى فقط ولم يسمح لهم بالرد على أسئلة شخصية أو تتعلق بكينونتى ، ولقد تمردت على هذه التماثيل القاسية وقاومت وحاربت بكل قوتى وجهدى ولكنى تجرعت أنواع رهيبة من العقاب فقد حرمت مرات من الطعام وحوصرت فى غرفتى مثل الأسرى فى ظلمة مخيفة ولا زلت أذكر أنى حاولت الهرب مرة فألقانى الحراس بأمر من هذا الجد المخبول فى المسبح وأنا لا أجيد السباحة حتى قاربت على الغرق.

كان كل يوم يمر يكسر الكثير من أرادتى ؛ كنت كمن يضرب هامته فى الصخر بلا فائدة ...لم تعد لى قدرة على المقاومة....عزيمتى تخبو يوماً بعد يوم.

وهكذ تبعته فى خضوع عبر الباب الحديدى للقصر المنيف المزخرف بإقونات إغريقية غريبة حتى السلم الرخامى حيث وقفت أشاهده يدلف عبر باب مكتبه الأثرى وهو يلقى نظرة غربية فى اتجاهى ويقول فى السابعة والنصف أراك.

دلفت عبر حجرتى لأجد جانو الوصيفة كما يطلق عليها العجوز فى انتظارى بلباسها الأخضر الفيررزوى الموشى بتطريزات راقية من اللون الأحمر الياقوتى الزى المميز لخدم الدرجة الأولى فى القصر ، فالرمادى لخدم الدرجة الثالثة وهم المسئولون عن التنظيف والأزرق لخدم الدرجة الثانية ويختصون بالطبخ وتقديم الطعام

وهكذا الناس فى هذا المكان مرتبات ، يشذ عن هذه القاعدة "جو" عامل الحديقة يلبس ما يحلو له وهو مشاكس بطبعه ، لو أنه أخرس لصار لى حليفاً ونصيراً فهو الوحيد الذى يتعامل معى بإنسانية فى الضيعة كما يطلقون عليها وكثيرا ما اتحفنى بزهرة أو فاكهة غريبة الطعم حلوة المذاق أتقبلها منه شاكرة و.......

- سيدتى حان وقت الإستحمام والسيد الكبير نافذ الصبر يجب أن تكونى جاهزة فى الموعد – قالت جانو – لتقطع أفكارى التى صرت أغوص فيها كهروب من واقع أمقته....... نظرت إليها ببرود وأنا أدخل الحمام وهى فى أثرى تتبعنى فى صمت رغم تحذيرى لها فى كل مرة أنى أجيد الإستحمام بنفسى منذ كنت فى الرابعة ولا احتاج لرفقة فى هذا المكان الخاص ؛ فلم أجد بدأً من دفعها بخشونة لتقع فى الحجرة وتشهق مذهولة وأنا أقفل باب الحمام على .. ثم أضرب يدى فى الحائط وأبكى و أغتسل بعدها بهدوء .
-----------------

الفصل الثانى الحفلة

فى السابعة والنصف وخمس دقائق كنت أقف فى بهو القصر أرتدى فستان عسلى اللون ذو بريق خافت وقد عقصت شعرى القصير إلى الخلف ورفضت أن أرتدى أى شئ من المجوهرات الثمينة التى يصر العجوز على إهدائها إلى ولم أضع سوى قرطى الذهبى الصغير هدية أبى فى عيد ميلادى الماضى – فى الحقيقة كنت أعيش فى ثراء مبهر – لكن كل هذا كان يثير فى نفسى الضيق والسخط وأنا أعيش فى جلد فتاة أخرى اسمها ناتالى لبنانية مسيحية – وأنا مصرية مسلمة وقد قلت حتى للجدران الصامتة:-
شادن وصرت أخاطب المرآة لدى استيقاظى ونومى اسمى شادن – أنا شادن ....
نزل العجوز من المصعد الذهبى أقصى يمين البهو رغم أن صحته تحتمل صعود ونزول الدرج المرتفع ....لكنه شئ من الترف لا يفوت هذا الطاغية.

سار بإتجاهى وأمسك ذراعى برقة مصطنعة ولم يعلق بشئ على مظهرى – فعلمت أنى حزت نوعاً من القبول، فشعت الكراهية فى كل خلايا جسدى.
قادنى كالشاة إلى غرفة استقبال الضيوف الرسمية حيث اصطفت فى انحاءها قطع الأثاث الفرنسية الفخمة وفى منتصف الغرفة تدلت ثرية من الكريستال الحر أخبرتنى صوفى مدرسة الفرنسية أنها أثرية كانت يوماً تزين أحد أفخم القصور فى منطقة البوريفاج الفرنسية إبان عصر لويس السادس عشر ؛ قالت هذه المعلومات مبهورة ، وأنا اغمم فى سخرية :
- وماذا كان يعمل هذا اللويس ؟
يومها نظرت إلى مذهولة ....وماذا كانت تتوقع هذه المخبولة من فتاة مصرية فى السادسة عشر؟! كل التشابه بينها وبين اللويس المذكور هو الرقم ستة عشر – هل كان مطلوب منى أن أحفظ تاريخ فرنسا؟! هؤلاء الحمقى لو كانوا يفهمون أنى شادن ولست هذه الناتالى!
- هل أعجبتك الثرية – تمتم العجوز؟

أنا وقد أنتفضت فجأة – ماذا ؟ !!!!!!!
أراك تطيلين النظر
أجيبه – لاشئ – فقط تذكرت محاضرة صوفى السخيفة عنها وعن لويسها...
من بين عيونه المغمضة نصف إغماضة وهو يشعل الغليون؛ ثم ينفث الدخان الرمادى فى الهواء – قال تقصدين مدموازيل صوفى ؟
- لا .....صوفى
ونظرت إ ليه فى تحدى – لم يرد.... فقد ابتدأ ضيوفه المترفين فى المجئ.

وكان على أن أتصرف بشئ من الكياسة وأنا أنهض للمصافحة الرسمية ....

فى الحفلات الرسمية تجنب العجوز تقديمى باسم ناتالى لأنى كنت أجيب على الفور – كلا .. شادن..
وكانت هذه نقطة الفوز الوحيدة التى تغلبت فيها عليه.

توافد ضيوف وزراة التجارة و بعض أصدقاء العجوز – كانوا يربون على اثنى عشر رجل وامرأة منهم من كان فى منتصف العمر مثل السيدة نضال وهبة وهى التى ما زلت أتذكر اسمها فقد ذكرتنى بجدتى كثيراً....

كان العشاء فخما ومترفاً ؛ كعادة غسان خورى المليادير المشهور ببذخه الشديد ؛ ولكنه بذخ رجال الأعمال الموجه لغرض ما...

لم أتذوق من الطعام الا قليله وقد انخرط الجميع فى حديث لا أفقه منه شئ ..

بعد العشاء انتقلوا لقاعة أخرى يتناولون ما طاب لهم من مشروبات مما أتاح لى الفرصة لكى أهرب من هذا الجو الخانق إلى الشرفة المزدانة بأصص الزرع البلورية النادرة ، وقد هبت رائحة الياسمين قوية منعشة مع ثمة رذاذ خفيف من المطر المبهج ؛ وضعت كأس العصير على الشرفة ومددت ذراعى كطائر حبيس ثم صرت أدور وأدور مغمضة العينين مثل طيور البجع الحبيسة فى المسبح الكبير....
أتذكر أبى يقلنى لمدرستى فى الصباح وهو يتثاءب وأنا أنظر إليه فى خجل وضحك ثم ...
- تماماً .. مجنونة مثل أمك!
جفلت من الصوت القوى ، كان رجل فى الأربعينات اسمه طونى عراجى يماثل أبى فى طوله ولكنه يشع بكثير من ألأناقة التى تخفى كثيراً من سريرة نفسه السوداء .

التقطت كاس العصير وارتشفتها ببطء فأنا أعرف هذا الرجل ورأيته مراراً فى قصر غسان خورى ويبدو أنه يعمل لديه وكنت أجفل منه دائماً لأنه ما فتئ يرقبنى بعيون ثعبانية خبيثة ضمت الكثير من المكر والدهاء ولكنها المرة الأولى التى يحدثنى بها على هذا النحو المباشر ويلاحقنى بهذه الطريقة اللزجة فقد وقف منحنى على سور الشرفة الرخامى ثم أقترب وهو يلامس أصابعى المنقبضة على الكأس ونظر لعينى مباشرة مما جعلنى أرتعش بغضب ، فضحك بسخرية
- حتى تلك الإرتعاشة للجفن الأيسر تماماً مثل لوسى الحمقاء ، من المؤسف أنها غادرتنا مبكراً لتعود فى صورة ابنتها ...
كانت لوسى هى أمى ووصفها بالحمقاء شئ لا يمكن السكوت عليه ...

لم أدر بنفسى ألا وأنا أغمره بالعصير على رأسه وأرد على سخريته بسخرية أشد ،
- وهل تذكرك هذه الحركة بها أيضاً ؟

وقف للحق مذهولاً وأنا أمامه لا أحرك قيد أنمله ....لم يهزنى سوى صوت غسان خورى يوبخنى محتداً ، مما زاد غيظى فكسرت الكأس على سور الشرفة بعنف ولسوء حظى انغرست أحدى الشظايا فى يدى تماماً فى الوريد ، ليتدفق سائل الحياة على الأرضية الرخامية فى سرعة مخيفة و أفقد الوعى.

ايوب صابر 02-17-2014 09:29 PM

مرحباً استاذة روان ساكون من المتابعين لكن اريد منك ان لا تستعجلي نشرها بل ليتم نشرها على حلقات تفصل بينها مدة زمنية اسبوع على الاقل وان يتم ضبط النشر وان يكون متسلسل ومرقم بصورة تسهل على المتلقي المتابعة .

وأين وصلت في اخر رواية...سيدة النبوءات ؟ هل قمت على طباعتها ؟

ياسر علي 02-17-2014 10:16 PM

أهلا بالكاتبة المقتدرة روان عبد الكريم
يسعدني أن أتابع روايتك الثالثة بعد أن نلت شرف قراءة حافية على جسر طبرية ، و كذا سيدة النبؤات السبع .
ولعل أول ما أثارني في مقدمة هذا النص هو لغته الجميلة ، فهناك أدبية في النص تجعله آسرا .

سأضع شرح بعض المفردات هنا .

أجفل : مضى وأسرع ، كما يحمل معنى نفر و شرد .

النجيل : نبات عشبي يفترش الأرض و تمتد جذوره في الأرض و يصعب اقتلاعها و يكثر في الأراضي المسقية ويضر بالمزروعات ، و يسمى أيضا النجم .

تميد : تمايلت وتحركت

عقصت شعرها : ضفرت شعرها و لوته وفتلته و ضمت أطرافه إلى أصوله و عقدته في قفاها .
الكريستال : نوع من الزجاج يعكس الضوء وتصنع منه التحف ، ويكون بألوان مختلفة .


احترامي و تقديري .

فاطمة جلال 02-17-2014 10:20 PM

الأديبة روان
سلام الله عليك أديبتنا الراقية وهذه الروايات التي تغدقين بها علينا
بلغة رائعة وسرد مميز

لكنني اوافق الرأي ل الاستاذ أيوب في طريقة السرد والتسلسل
وفي النشر أيضا حتى يكون هناك المتسع للجميع للقراءة

متابعة ان شاء الله

حنان عبد الله 02-18-2014 01:16 AM

بوركت استاذة روان
أسلوب السرد جميل جدا هذه أول مرة اقرأ لك فيها سأكون من المتابعين بحول الله
فقد شدني تميز الكتابة
دمت مبدعة

روان عبد الكريم 02-23-2014 03:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 172164)
مرحباً استاذة روان ساكون من المتابعين لكن اريد منك ان لا تستعجلي نشرها بل ليتم نشرها على حلقات تفصل بينها مدة زمنية اسبوع على الاقل وان يتم ضبط النشر وان يكون متسلسل ومرقم بصورة تسهل على المتلقي المتابعة .

وأين وصلت في اخر رواية...سيدة النبوءات ؟ هل قمت على طباعتها ؟

الصديق العزيز استاذ ايوب صابر

تشرفنى متابعتك ونقدك الرائع

التزم ان شاء بالتسلسل والنشر كل احد ان شاء الله

سيدة النبؤات تحت الطبع عن دار اكتب

روان عبد الكريم 02-23-2014 03:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 172167)
أهلا بالكاتبة المقتدرة روان عبد الكريم
يسعدني أن أتابع روايتك الثالثة بعد أن نلت شرف قراءة حافية على جسر طبرية ، و كذا سيدة النبؤات السبع .
ولعل أول ما أثارني في مقدمة هذا النص هو لغته الجميلة ، فهناك أدبية في النص تجعله آسرا .

سأضع شرح بعض المفردات هنا .

أجفل : مضى وأسرع ، كما يحمل معنى نفر و شرد .

النجيل : نبات عشبي يفترش الأرض و تمتد جذوره في الأرض و يصعب اقتلاعها و يكثر في الأراضي المسقية ويضر بالمزروعات ، و يسمى أيضا النجم .

تميد : تمايلت وتحركت

عقصت شعرها : ضفرت شعرها و لوته وفتلته و ضمت أطرافه إلى أصوله و عقدته في قفاها .
الكريستال : نوع من الزجاج يعكس الضوء وتصنع منه التحف ، ويكون بألوان مختلفة .


احترامي و تقديري .

الصديق الرائع ياسر على احترامى ومودتى لمتابعتك

روان عبد الكريم 02-23-2014 03:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة جلال (المشاركة 172169)
الأديبة روان
سلام الله عليك أديبتنا الراقية وهذه الروايات التي تغدقين بها علينا
بلغة رائعة وسرد مميز

لكنني اوافق الرأي ل الاستاذ أيوب في طريقة السرد والتسلسل
وفي النشر أيضا حتى يكون هناك المتسع للجميع للقراءة

متابعة ان شاء الله

الاميرة الساهرة الاستاذة فاطمة جلال
شكرا لمتابعتك أملة ان يحوذ هذا العمل اعجابك

روان عبد الكريم 02-23-2014 03:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان عبد الله (المشاركة 172182)
بوركت استاذة روان
أسلوب السرد جميل جدا هذه أول مرة اقرأ لك فيها سأكون من المتابعين بحول الله
فقد شدني تميز الكتابة
دمت مبدعة

الصديقة الجميلة حنان
هلا بك وبمتابعتك

روان عبد الكريم 02-23-2014 03:26 PM


الفصل الثالث

الأمل
مضى أسبوعان على الحادث ، وستنتهى فترة عقابى غدا فقد لزمت غرفتى طيلة هذه المدة بشئ من الرعاية الطبية، تحت رعاية طبيبة فلسطنية شابة تدعى فدوى الجارحى ..
كانت تعاملنى بلطف بالغ ومودة ..وابتسامة دافئة، كانت تشع فى ملامحها الطيبة الفتية ..ورغم فارق السنوات القليلة بيننا لكني طالما شعرت فى مسلكها بشئ من الأمومة والحنو ..إلا أنها كانت تزورنى دائما تحت عينى جانو المتحفزة المتلصصة ..كون فدوى امرأة مسلمة محجبة .. تقيم مؤخرا فى ضيعة خورى فى أحد أطرافها فى بيت صغير يخص شقيقها نادر، رئيس حراس غسان خورى، بعد انتهاء دراستها الطبيبة وفى انتظار تعينها ...

ورغم محاولات فدوى المستمرة فى رفع روحي المعنوية وأخراجى من كابة المرض والحبس فى هذه الفترة إلا أننى كثيرا ما سألت نفسى : هل حطموا روحك المعذبة يا شادن ؟ هل تغلب العجوز على عنادك وتمردك ؟ هل نسيت حقيقتك ؟ هل صدقت كذبهم وصرت ناتالى ؟ هل قتلوا فيك الإرادة حتى بت تنسين هويتك وتتقبلين كينونتك الجديدة ؟

تمتمت بهذه الكلمات بعيون دامعة وأنا أرقب القمر الخجول خلف الغيم من نافذة حجرتى ، وكان الغيم قد أخفى الضوء الفضى وصار القمر حبيساً ينتظر هطول مطر الفجر فزدات دموعى فمسحتها بألم واستدرت لأعود للنوم ، إلا أن صوتاً ضعيفا شجياً قطع سكون الليل، أخذ بمسامعى... صوت لم أسمعه من زمنً بعيد يرتل القرأن الكريم ، صوت أعاد إلى الأمل والحياة ، فلم أشعر إلا وأنا أقفز عبر شباك حجرتى إلى غصن الشجرة العريض ومنه إلى الأرض وقد نالنى من أذى الأغصان ما نالنى.. ولكن الترتيل الشجى كان نورانيا مما جعلنى أنسى أى ألم.

نزلت إلى الحديقة الحالكة الظلام التى بدأت تضئ رويداً والقمر الأسير يخرج من بين الغيم الرمادى والصوت الرخيم يزداد وضوحاً وقد صرت قيد أنملة من صاحبه وهو يقرأ سورة طه ...

كنت أستمع بكل جوارحى، أبكى فى خشوع وأهتف يا الله ، يا الله وقد اهتز قلبى فى وتيرة متصاعدة تارة هادئة ، وتارة أخرى عاصفة ، وشعرت كمن يسمو فى الفضاء كطيف وقد اتحدت خلايا تكوينى مع الشجر والهواء والجبال فى كينونة واحدة ، كانت هذه هى لحظة ميلادى الجديدة ، لحظة الأمل سجلتها دموعى الماطرة الفرحة وتحالفت مع رذاذ المطر الناعم الحالم

وحينما ختم القارئ التلاوة كان بكائى قد تحول إلى نحيب بصوت مسموع متوالى

على بعد خطوات وقف هو فى حيرة ينظر إلى نظرات خاطفة ، تشجعت وأنا أقول بعد أن مسحت الأمطار المنهمرة من عينى
- معذرة
- تمتم فى حيرة أرجو أن تكونى بخير
- لا تقلق أنا بأتم حال ، هكذا أنا أبكى حينما أسمع القرأن الكريم
فابتسم ، وقال
- أرضاك الله وأسعدك بمثل .....
- بســـــــــــام أين أنت ؟
لم يكد يكمل الجملة إلا وقد ظهرت فدوى تنادى وهى ترتدى عباءة سوداء جميلة وقد غطت شعرها على عجل بغطاء حريرى أخضر أظهر خصلاته الشقراء
وقفت بجانبه وأمسكت بذراعه وهى تنظر تجاهى وقد فجأها وجودى:
- بسام هلا تعرفت على ناتالى خورى
نظر إلى فى ذهول وهو يتمتم ناتالى
كانت دموعى قد تسربت كالحلم وقد وقفت بوجهى المحمر أقول بثورة وعصبية
- أنا شادن ، شادن سميح محمود ، لست بناتالى ولن أكون ثم أنهارفى بكاء مرير
تركته فدوى وهى تقترب منى وتحيطنى بذراعها فى حنو
- ناتالى حبيبتى اهدئ ، إنك متعبة..
ثم نظرت لبسام فى توضيح تعرضت ناتالى حفيدة السيد غسان لحادث مؤخراً
صرخت فى يأس وقد شعرت أن مولدى الذى بدأ لتوه يضيع فى شرنقة الأكاذيب التى احاطت بى ،

وانهرت أرضا متكومة وفدوى تهدؤ من لوعتى وتقول:-

اهدئى حبيتى فقطاعتها بحرقة:-
أقسم لك أنى شادن ولست ناتالى هذه ، قلت هذا وأنا أمسك بيدها بلوعة
وقد وقف بسام بقامته المهيبة ووجهه الذى يحمل الكثير من ملامح فدوى بشعر أسود ناعم هزته رياح الجبال الأتية عبر المروج وقد تعبقت برائحة شجر الصندل فزفر فى حيرة وهو يهتف وقد بدأ رذاذ المطر بتكاثر والغيم يتلبد وصوته يقول فى خفوت:-


فدوى بالله عليك انهضى بالفتاة ولندخل المنزل ..نهضت بيد فدوى و شعرت ببسام الذى وقف يراقبنا فى تعاطف يبغى المساعدة ولكنه رجل يتملكه الكثير من الحياء ، وقد سار بحذاء كتف فدوى التى استندت عليها بكل ضعفى وقد بدأت اتماسك رويدا رويداً وأنا أمضى معهم

ما بدا لى بيت صغير فى أقصى الحديقة المترامية الأطراف وقد دفع بسام باب خشبى صغير فى منتصف الدار لادخل ردهة متوسطة الحجم بها طاولة صغيرة لتناول الطعام وأثاث بسيط مكون من كرسى و أريكة يبدو أن أحدهم ينام عليها فهناك فراش تدلى فى اهمال من فوقها ولم يغب عن بسام الذى أحمر وجهه لمعرفتى مدى اهماله ونظرة عاتبة مرحة من فدوى فأسرع لحمل الغطاء خلف الأريكة لنجلس أنا وفدوى وهى تقول :-
معذرة يا صغيرتى بيتنا بسيط ثم تنحنحت فى الواقع هو منزل أخى نادر ونحن ضيوف عليه إلى أن يتم زفافنا بعد عدة أشهر ، وقد علمت مسبقاً أن فدوى معقود قرانها على بسام - وقد أوضحت ، بسام يعمل مهندس تقنى فى أحدى الشركات الشهيرة ولكنه يزرونا فى نهاية كل أسبوع

كانت فدوى التى تكبرنى بأعوام بسيطة تلعب مع دور الأم الحنون مرة آخرى لتشعرنى بالأمان ولم يفتنى كلمة صغيرتى وقد ابتسمت لها فى دفء لأن ركن بها بدا متحيرا فى هويتى ولم يكن لدى بسام هذا التردد على الاطلاق وهو يقول :-
لك اسم جميل شادن ثم أردف دون أن يرفع بصره إلى وهو يجلس على الآريكة

ولك لهجة مصرية محببة افتقدتها كثيرا ، فقد درست فى القاهرة منذ عدة أعوام

نظرت له بامتنان بينما زوت فدوى حاجبيها وكان اعتراف بسام بهويتى قد أرعبها ,ولم تكد تقول كلمة و إلا بإحدى الغرف تفتح ويخرج منها نادر بملابس النوم وهو يهتف بصوت ساخط فدوى هل اعددت الشاى ثم ينتبه إلى وجودى ، وبسام يضحك قائلا
- لدينا بعض الضيوف
وقد اعترى ابن عمه االذهول وقد ألقى إليه بسام بالغطاء ولكنى أقف فى انتشاء وأصر على الإنصراف فشعرت بتنهدة حارة من فدوى ولم أنظر لوجه بسام ، خجلت أن أنظر لوجه بسام


[/tabletext]
فاطمة جلال 02-23-2014 08:20 PM

اقتباس:
[/tabletext]




المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روان عبد الكريم (المشاركة 172392)
[tabletext="width:80%;background-color:black;border:9px groove silver;"]

3-الأمل
مضى أسبوعان على الحادث وستنتهى فترة عقابى غدا فقد لزمت غرفتى طيلة هذه المدة بشئ من الرعاية الطبية تحت رعاية طبيبة فلسطنية شابة تدعى فدوى الجارحى .. كانت تعاملنى بلطف بالغ ومودة ..وابتسامة دافئة كانت تشع فى ملامحها الطيبة الفتية ..ورغم فارق السنوات القليلة بيننا انى دائما شعرت فى مسلكها بشئ من الأمومة والحنو ..إلا أنها كانت تزورنى دائما تحت عينى جانو المتحفزة المتلصصة ..كون فدوى امرأة مسلمة محجبة .. تقيم مؤخرا فى ضيعة خورى فى أحد أطرافه فى بيت صغير يخص شقيقها نادر ... ..رئيس حراس غسان خورى...بعد انتهاء دراستها الطبيبة وفى انتظار تعينها ...ورغم محاولات فدوى المستمرة فى رفع روحى المعنوية وأخراجى من كأبة المرض والحبس فى هذه الفترة إلا أننى كثيرا ما سألت نفسى هل حطموا روحك المعذبة يا شادن ، هل تغلب العجوز على عنادك وتمردك ، هل نسيت حقيقتك ، هل صدقت كذبهم وصرت ناتالى ، هل قتلوا في الإرادة حتى بت أنسى هويتى وأتقبل كينونتى الجديدة ؛ تمتمت بهذا الكلمة بعيون دامعة وأنا أرقب القمر الخجول خلف الغيم من نافذة حجرتى ، وكان الغيم قد أخفى الضوء الفضى وصار القمر حبيساً ينتظر هطول مطر الفجر فزدات دموعى فمسحتها بألم واستدرت لأعود للنوم ، إلا أن صوتاً ضعيفا شجياً قطع سكون الليل أخذ بمسامعى صوت لم أسمعه من زمنً بعيد يرتل القرأن الكريم ، صوت أعاد إلى الأمل والحياة ، فلم أشعر إلا وأنا أقفز عبر شباك حجرتى إلى غصن الشجرة العريض ومنه إلى الأرض وقد نالنى من أذى الأغصان ما نالنى.. ولكن الترتيل الشجى كان من النوارنية ما جعلنى أنسى أى ألم.

نزلت إلى الحديقة الحالكة الظلام التى بدأت تضئ رويداً والقمر الأسير يخرج من بين الغيم الرمادى والصوت الرخيم يزداد وضوحاً وقد صرت قيد أنملة من صاحبه وهو يقرأ سورة طه ، كنت أستمع بكل جوارحى أبكى فى خشوع وأهتف يا الله ، يا الله وقد اهتز قلبى فى وتيرة متصاعدة تارة هادئة تارة أخرى وشعرت كمن يسمو فى الفضاء كطيف وقد اتحدت خلايا تكوينى مع الشجر والهواء والجبال فى كينونة واحدة ، كانت هذه هى لحظة ميلادى الجديدة ، لحظة الأمل سجلتها دموعى الماطرة الفرحة وتحالفت مع رذاذ المطر الناعم الحالم

وحينما ختم القارئ التلاوة كان بكائى قد تحول إلى نحيب بصوت مسموع متوالى

على بعد خطوات وقف هو فى حيرة ينظر إلى نظرات خاطفة ، تشجعت وأنا أقول بعد أن مسحت الأمطار المنهمرة من عينى
- معذرة
- تمتم فى حيرة أرجو أن تكونى بخير
- لا تقلق أنا بأتم حال ، هكذا أنا أبكى حينما أسمع القرأن الكريم
فابتسم ، وقال
- أرضاك الله وأسعدك بمثل .....
- بســـــــــــام أين أنت ؟
لم يكد يكمل الجملة إلا وقد ظهرت فدوى تنادى وهى ترتدى عباءة سوداء جميلة وقد غطت شعرها على عجل بغطاء حريرى أخضر أظهر خصلاته الشقراء
وقفت بجانبه وأمسكت بذراعه وهى تنظر تجاهى وقد فجأها وجودى:
- بسام هلا تعرفت على ناتالى خورى
نظر إلى فى ذهول وهو يتمتم ناتالى
كانت دموعى قد تسربت كالحلم وقد وقفت بوجهى المحمر أقول بثورة وعصبية
- أنا شادن ، شادن سميح محمود ، لست بناتالى ولن أكون ثم أنهارفى بكاء مرير
تركته فدوى وهى تقترب منى وتحيطنى بذراعها فى حنو
- ناتالى حبيبتى اهدئ ، إنك متعبة..
ثم نظرت لبسام فى توضيح تعرضت ناتالى حفيدة السيد غسان لحادث مؤخراً
صرخت فى يأس وقد شعرت أن مولدى الذى بدأ لتوه يضيع فى شرنقة الأكاذيب التى احاطت بى ،

وانهرت أرضا متكومة وفدوى تهدؤ من لوعتى وتقول:-

اهدئى حبيتى فقطاعتها بحرقة:-
أقسم لك أنى شادن ولست ناتالى هذه ، قلت هذا وأنا أمسك بيدها بلوعة
وقد وقف بسام بقامته المهيبة ووجهه الذى يحمل الكثير من ملامح فدوى بشعر أسود ناعم هزته رياح الجبال الأتية عبر المروج وقد تعبقت برائحة شجر الصندل فزفر فى حيرة وهو يهتف وقد بدأ رذاذ المطر بتكاثر والغيم يتلبد وصوته يقول فى خفوت:-


فدوى بالله عليك انهضى بالفتاة ولندخل المنزل ..نهضت بيد فدوى و شعرت ببسام الذى وقف يراقبنا فى تعاطف يبغى المساعدة ولكنه رجل يتملكه الكثير من الحياء ، وقد سار بحذاء كتف فدوى التى استندت عليها بكل ضعفى وقد بدأت اتماسك رويدا رويداً وأنا أمضى معهم

ما بدا لى بيت صغير فى أقصى الحديقة المترامية الأطراف وقد دفع بسام باب خشبى صغير فى منتصف الدار لادخل ردهة متوسطة الحجم بها طاولة صغيرة لتناول الطعام وأثاث بسيط مكون من كرسى و أريكة يبدو أن أحدهم ينام عليها فهناك فراش تدلى فى اهمال من فوقها ولم يغب عن بسام الذى أحمر وجهه لمعرفتى مدى اهماله ونظرة عاتبة مرحة من فدوى فأسرع لحمل الغطاء خلف الأريكة لنجلس أنا وفدوى وهى تقول :-
معذرة يا صغيرتى بيتنا بسيط ثم تنحنحت فى الواقع هو منزل أخى نادر ونحن ضيوف عليه إلى أن يتم زفافنا بعد عدة أشهر ، وقد علمت مسبقاً أن فدوى معقود قرانها على بسام - وقد أوضحت ، بسام يعمل مهندس تقنى فى أحدى الشركات الشهيرة ولكنه يزرونا فى نهاية كل أسبوع

كانت فدوى التى تكبرنى بأعوام بسيطة تلعب مع دور الأم الحنون مرة آخرى لتشعرنى بالأمان ولم يفتنى كلمة صغيرتى وقد ابتسمت لها فى دفء لأن ركن بها بدا متحيرا فى هويتى ولم يكن لدى بسام هذا التردد على الاطلاق وهو يقول :-
لك اسم جميل شادن ثم أردف دون أن يرفع بصره إلى وهو يجلس على الآريكة

ولك لهجة مصرية محببة افتقدتها كثيرا ، فقد درست فى القاهرة منذ عدة أعوام

نظرت له بامتنان بينما زوت فدوى حاجبيها وكان اعتراف بسام بهويتى قد أرعبها ,ولم تكد تقول كلمة و إلا بإحدى الغرف تفتح ويخرج منها نادر بملابس النوم وهو يهتف بصوت ساخط فدوى هل اعددت الشاى ثم ينتبه إلى وجودى ، وبسام يضحك قائلا
- لدينا بعض الضيوف
وقد اعترى ابن عمه االذهول وقد ألقى إليه بسام بالغطاء ولكنى أقف فى انتشاء وأصر على الإنصراف فشعرت بتنهدة حارة من فدوى ولم أنظر لوجه بسام ، خجلت أن أنظر لوجه بسام
[tabletext="width:70%;"]

الكاتبة القديرة روان
وللمتابعة وحرفك الشيق متعة لا حدود لها
تكتبين بنبض الواقع
أكملي غاليتي
كل التقدير

حنان عبد الله 02-25-2014 12:54 AM

انتظر الحلقة القادمة بكل شوق.....
تابعي إبداعك أيتها الكاتبة القديرة

روان عبد الكريم 03-03-2014 01:08 PM

خديجة
تغيرت بى الحياة هذا الصباح , وقد اشتعلت بى جذوة الأمل ويا لها من جذوة ، اشاعت الدفء فى جوانحى التى اشتاقت للقاهرة حينما تراءت لى فوق طيف الخيال وديعة ساكنة من فوق حديقة الأزهر بمأذنها المضيئة الفضية وشواهد القبور المظلمة وحركة السيارات الدائبة فى صلاح سالم وفنادق النيل المشعة من بعيد والبيوت الساكنة الدافئة وصوت جدتى الحنون وهى تحمل لى فى مودة كوب الحليب كل مساء وصورة أبى وهو منهمك فى رسم هندسى ما فوق مكتبه ، كل هذه الصور اجتاحت خلايا عقلى وغمرتنى فى بحر من الدفء والحنين , كنت كالغريق الذى وجد مرساة نجاته ، لذا شرعت يدى فى نشاط وأنا أكاد أعدو فى الحديقة وقد تنفست أشجارها وزهورها فى الصباح الباكر الغارق فى رذاذ مطير حبيب لأول مرة أحب الطبيعة هذا الصباح .. صار المطر رفيق سعادتى بدلا من مستودع بكائى ، وقد حمل معه الكثير من الحلم لفتاة بائسة ضعيفة مثلى ، فطرت كعصفور صغير عبر الباب الحديدى الشامخ ، أدور صاخبة وأتنهد فى راحة مغمضة العين ملتفة الذراعين حول جسدى النحيل وقدماى تحتكان فى همس عبر الفناء الأملس فى اهتزاز غير عابئة بألم السقوط ثم أخطو بقدم واحد السلم الجرانتيى العتيق بينما تندفع قدمى الآخرى عبر الدرجة الأخيرة فى قفزات سريعة لأقع فى الحضن الدافئ لخديجة ، طباخة القصر السمينة القصيرة القامة الحنون ذات الخمسين خريفاً فوق خريف قضت منها الكثيروالكثير فى قصر ملك الطغاة غسان خورى .

وقد شممت من مريلتها رائحة الطحين المميزة ، فلبثت فى حضنها فينة أرتعش وهى تؤنبنى فى ضعف

- يا لك من طفلة كبيرة ، إنظرى لشعرك المبلل من رذاذ المطر
- بل أنها روحى التى بللها ورواها ندى الصبح

هتفت بها وأنا أدور حولها فى شقاوة تحبها هى وتفرج قليلا شرنقة الظلمة المحيطة بحياتى

- أحب المطر ، أحبك جوجى
وجوجى هو الاسم الذى أحببت دائماً منادة هذه السيدة الطيبة التى كثيراً ما رقت لحالى ولمحت فى عينيها العطوفة إلتماعة الدموع التى تخفيها بمهارة بعيداً عن الأعين

وكثيراً ما تسللت ليلاً إليها وهى تقف وحيدة فوق طناجرها العامرة دوماً لأنها المسئولة عن إطعام القصر وعمال الضيعة ، وكنت أسترق السمع إليها تدندن بشئ من أغانى فيروز ، أو تدعو خيفة لابن ضل عنها عله يعود يوماً وحين تلمحنى تزجرنى فى مودة خائفة ، لأعود لمأسرى ، ولا تنسى أبداً أن تخرج لى شيئا من الحلى الغارق بالفسدق والعسل تعده خصيصاً وتحفظه فى حالة مجيئ ثم تربت على يدى فى حزم وهى تضمها ضمة أم حانية وتدير وجهى حتى أستدير وأعود وأسمع دائماً صوتها خافتا يتمتم بالدعاء
وها هى تداعبنى
- يا كتلة العظام النحيلة ، علينا أن نكسوها بشئ من اللحم و......
وما لبثت أن توقف حديثها لدى الدخول الطاغى لغسان خورى وقد استيقظ مبكراً عن موعده
وتكسرت أشرعة الأمل التى ملأتنى على صخرة الواقع الرمادى الكئيب وهو يهتف بصوته العميق وقد ألم بحديثنا ويوجه كلامه للمرأة المسكينة

- لا أعتقد أن اسم جوجى يليق بك خديجة
فتحفزت فى عناد ووجه خديجة يستحيل تغضنا وأحمراراً وهى تومئ برأسها وتستأذن من غسان خورى للإنصراف
فأمسك بذراعها غير عابئة بالنتائج
بل يليق تماما وأردف فى لهجة الواثق لأكمل حديثنا المبتور

- جوجى ماذا لديك من طعام الإفطار
فنظرت لى بعتاب وضعف وقد أنكسر شيئاً فى روحها المرحة
وقد راق الأمر للعجوزالخبيث وهو يستعرض قوته الطاغية وتراقصت ابتسامة عابثة عبر وجهه وهو يقول
أيتها الصغيرة العنيدة فلتكن جوجى مادام جدك سيحظى برفتقك للإفطار ، ولم أكن أعنى هذا مطلقا ، أجلس مع الطاغية المستفز على مائدة واحدة وننعم بتلك الرفقة الصباحية الأسرية المبهجة أمر خارج تمامً عن محبط أفكارى ، فلم يحدث أبداً خلال العام الذى قضيته هنا بين هذه الجدران المهيمنة على روحى قبل جسدى أن تبادلت معه حديثاً مهذباً أو كلمة ودية فما بالك بالطعام وجهاً لوجه معه وقد تخيلت مئات المطارق تنهال على معدتى وتدكها دكاً مريعاً ، لكنى تذكرت جوجى وتذكرت فدوى وبسام وشيئا فى أعماقى ينبأنى بأن أستكين قليلاً وأنتظر فمن يعرف .. من يعرف
قلت
- لا بأس
وأنا أهمس لجوجى بشئ ما ، وهى تختلس نظرة سريعة مؤنبة لم تفت الرجل الواقف ممسكا ً بعصاه يدقها فى رتابة بصوت خفيض وتنصرف جوجى فى سرعة وقد ضاقت عينى العجوز وهو يرمقها فى شك
وقد وقفت أمامه فى أعتداد بالنفس لم يهزنى صوته الرنينى العميق يزفر فى وجهى

- ماذا تدبرين ؟
ويشير بأصبعه فى وجهى
حذار ناتالى فأنا أعشق عقابك
فعضتت على شفتى وقد أثارنى قلقه ببهجة

- لا تقلق مسيو خورى لاتقلق أبداً
قلتها وأنا أتجه لحجرة الطعام
من قال أن الإنسان لا يملك عينين خلف رأسه كاذب لأنى أحسست بسياط تلهب ظهرى وتحرقه
-----------------


حديث الكرز المر

كانت المرة الأولى التى أجلس على مائدة الإفطار مع العجوز ... الذى بد مستريحاً ومنتعشاً للغاية .. يحرث بطريقة مدربة لا تخلو من نهم طريقه فى الأطباق العامرة بالمربى والزبد والجبن و الكرز الأحمر القاتم ..وقد جلس بكل جبروته يأكل.... ولم يرهبنى حضوره هذا فقد كنت أكتنز له كراهية لا مثيل لها .. كراهية تجلب السقم للنفس ..غير أن لقاء بسام والأمل الذى شملنى هذا الصباح بالإعتراف بهويتى جعل شهيتى قوية للطعام وقد انتظرت حتى جاء طبقى المفضل الذى أوصيت جوجى به فى حديثنا الهامس منذ قليل
وقد انغمست آكل منه بكل لهفة وحنين ، والعجوز ينظر لى مستاءاً وهو يرتشف شيئا من العصير ويهتف بتأنيب
- متى تنسين أمر هذه البقوليات
- يسمى "فولاً" مسيو غسان ... وهو أساسى لدينا ، يبدو أنه يحتوى على ما يسمى هرمون السعادة
أمسك بمنديل ورقى ومسح فمه – و هو يقول باستغراب مفتعل
- لديكم... سعادة!!!!!
- أكملت وأنا أغمس اللقيمة فى الطبق
- هذه حقيقة علمية بعلمها الكثيرون
ضحك باستخفاف
- لذا يطلق عليكم الكثير (فوالين)
غصت الكلمة فى حلقى وأنا أبتلع معها الإهانة الماكرة التى تضمنت إعترافاً مختلساً بهويتى المصرية .. فأمسكت بالطبق وأنا أقول
- هؤلاء الفوالين هم من اشعلوا فتيل الحضارة و..
وقبل أن أكمل قرب طبق الكرز تجاهى وهو يقول فى مودة زائفة
- لا أحب أغضابك ناتالى ، تذوقى قليلا منه يا صغيرتى وسيغير مزاجك الكئيب
نظرت للكرز الأحمر القاتم يلمع فى وهن فى الطبق البللورى وأنا أهمس فى ضعف وشئ من الدموع يحرق عينى
- لا أحد يحب الكرز ، خاصة الصغار
ضحك فى خفة
- تقولين تفاهات .. أى تفاهات وهراء
-على النقيض مسيو خورى ، ينكهون به الدواء .. فنكره الطعم منذ الصغر ..
أحسست أنى رددت عليه كلامه
عقد بين حاجبيه وقبل أن يرد بكلمة "ناتالى" قلت محتدة
- ليست صعبة الأربعة أحرف على النطق
- ماذ!!ا؟
- ش ا د ن .. أعنى شادن
تنهد العجوز فى تعب لم يفقده شهيته النهمة وهو يرتشف عصيره مرة أخرى
وقال
- تملكين عناد "لوسى" ومكر "سيلين" ولكن كلتاهما لم يكن لديها شيئاً من ذكائك المتقد .. أنت الابنة الحقيقة لعائلة خورى ..
قالها وهو يضع الكأس فى قوة على المائدة
هتفت بى أعماقى هذا هو الجنون المطبق وتصارعت الكلمات فى أعماق وتموجت كالإعصار المكبوت وكأنها ترتسم فى دمائى وتسممها
"لعنة الله على خورى وعائلته " ولكنها بالطبع لم تتجاوز شفاهى التى غممت فى حيرة
سيلين .. من هى سيلين تساءلت والعجوز يغص بغته وقد فجأه سؤالى .. نم عنه تشابك أصابعه وتوتر جفنه الأيسر

فى تلك اللحظة التى لم يحر فيها جواباً وقد علق سؤالى فى هواء الغرفة ..دخل تونى عراجى

وقد جلس على المائدة بعد إشارة من غسان وقال فى برود :-
كيف حالك أنسة ؟
نظرت إليه بنفور وأنا أمسك السكين وأمرره على الطبق فى صوت مسموع وبحدة فى تهديد صريح وأرفع رأسى فى قوة ... وقد جزلت كثيرا وأنا ألمح نظرة الذعر فى عيني هذا الجبان الذى تذكر حادثة الشرفة .. بينما ضاقت عينا العجوزوهو يرقب المشهد الطريف فى ابتسامة صفرواية مغمماً
فتاة شريرة وجلجلت ضحتكه الساخرة أنحاء المنزل وخاصة وهو يرى وجه تونى يمتقع امتقاعاً شديداً وأنا أنهض فى اعتداد وأغادرفى هدوء تتبعنى ضحكته الشريرة.
أغلقت الباب خلفى وأنا أخرج مرة أخرى للحديقة حيث جو الأخرس يقبع مزيلاً بعض الحشائش الضارة غائباً عن العالم فى جلسته المنحنية - يا لك من شخص طيب يا جو- .. بينما الرياح الجافة تهز زهر الإقحوان الأصفر وتطير زغبه الرقيق فى دوائر ... تمشيت حول حوض السباحة المترف وقد تموجت مياهه فى رتابة بينما نظرت للسماء الخالية سوى من بضعة شذرات سحابية خجول تستجديها الريح استجداءاً.... فتتمايل وتتجمع كى تهبط على الأرض الرؤوم ثم تتلاشى ... ضحكت فى استغراب للهو الطبيعة وقلت يا له من مطر كاذب بينما جو يمنحنى ابتسامة وادعة وهو يعطينى زهرة أوركيد برتقالية ويمضى حاملاً حقيبته القطنية الأثيرة .... بينما راحت عينى تتعلق بمنزل نادر رئيس الحراس لعل بسام أو فدوى يخرجان وقد جلست قرابة الساعة حتى تيبست أطرافى وداعب النعاس الخدر جفونى فى رقة ... ثم أفقت مذعورة على باب يصطفق فى حدة ... ونادر يمر بى بقامته الطويلة وبنيته القوية فى تؤدة دون أدنى كلمة بل إنه أدار وجهه حينما رأنى وأتجه إلى البوابة الرئيسية وهو يملى بعض الأوامر على الحرس ... لايحتاج الأمر الكثير من البراعة لأخمن أنها تخصنى وأن هناك شئ جرى فى بيت آل جارحى بعد زيارتى شئ غير سار بالمرة ... نظرت مرة أخرى للسماء وهالنى تلك السحب الرمادية الكئيبة تتجمع فوق قصر غسان خورى ...يينما أنشقت السماء عن ضوء لامع غمر منزل بسام وفدوى .. غممت – كثير من الشر---كثيرمن الخير وأنا أدلف عبر دهليز المنزل المظلم المؤدى لغرفتى

…………

روان عبد الكريم 03-10-2014 09:37 PM

لم أكن أعرف أنى صنعت سحابة سوداء فى بيت الجارحى
و سببت مشكلة كبيرة بين أفراد هذه الأسرة الصغيرة الهادئة هدوء البحيرة الساكنة التى تخفى بداخلها الآلام الكبيرة التى عصفت بهم طوال أعوامً مريرة حتى ركدت فى الأعماق ، جثة خاوية دامية ، حرك ذكراها وجودى ذاك االصباح المطير بينهم.

كان تعاطف بسام وفدوى السريع معى يقلق نادر كثيرا بل زاد هذا القلق وبسام يقول أمامه فى قوة يخشاها نادر دائما فهو يدرك صلابة بسام وقد خبره لسنوات طويلة حينما يخطط لشئ ما وقد دوت فى أذنه كلماته كطرق الطبول:-
- هذه الفتاة تسلخ هويتها بكل قسوة وهى بعد غضة صغيرة لا تملك من أمرها شيئاً ولن تقاوم كثيرا أمام جبروت خورى العجوز ثم يهتف بقوة فى وجه نادر لابد من إعادتها لذويها.
فحدق فيه نادر للحظات وهو ينقل بصره بينه وبين وجه فدوى القلق وقد أمسكت ذراع بسام فى قوة تسانده كعادتها .. هو يعلم هذا أيضا فلطالما وقفا أمامه يساندان بعضهما وكأنهما شقيقان وليسوا ابناء عم
، فهتفت أعماقه بكلمة واحدة
- أحمقان .. هذا ما ينقصنى
وكأن شادن صارت تهدد أمنه و أمانه الذى ضاعا سنوات وسنوات لا يدركها من سوى من عاشها وتذوق مطرها الأصفر المغبر بذرات الرمال تسد الحلوق وتغلق الأنوف وتخرس الأمعاء المتقلصة من الخواء

نادر لم ينس سنوات الحصار فى المخيمات ولا الدماء الطاهرة التى اغتيلت لم ينس نظرة أمه الخاوية لدى موتها ولا برك الدماء التى خاضها وهو يحمل أخته على كتفه وبسام يمسك بيده فى خوف وذهول فقد باتوا ليلتهم على حكايا أمهم فى أوائل الربيع العبق برائحة الآقحوان الحار واستقيظوا على دك البيوت وعصف الرصاص وصريخ متقطع وفزع ، كانوا ليلة الهول هذه يختبئون من النور الساطع الذى غمر البيوت

تلك الليلة المشئومة لتتيح للخونة قتلهم والتمثيل بجثثهم

مازال بكاء فدوى المرير يصم أذنه وارتعاشة جسد بسام وهو يحتمى بالجدار معهم وكيف نزلوا البئر المظلم ثلاثة أطفال.. هوكبيرهم هرباً من الموت بعد أن غاصت أقدامهم البريئة فى الأزقة تصطدم بجثث الشهداء تارة وبجيوش الفئران والقوراض تلتهم الجسد العربى وقد اختلطت الأشلاء بركام البيوت
والحجارة والخشب وكيف له أن ينسى عربات القمامة تنقل الجثث فى الصباح لتقبر الضحايا فى قبور طويلة مظلمة ليطويهم الثرى المبتل بمطر أحمر عاصف دامى.

كما لم ينس نظرة القوم له لأنه ابن الخائن لم ينس وهو ابن السادسة مصرع أبيه على يد قومه وكلمة الخائن تغوص فى نخاعه وتورثه السقم
لم ينس زفاف أمه بعد أشهر ، كان كارها لكل شيئا لم يخفف عنه معاملة زوج أمه الحسنة فهولم يات لدارهم وحده بل ابن أخيه اليتيم بسام

لم يكن يربطه أى شئ بالحياة سوى فدوى شقيقته الصغيرة التى ربطت بينها وبين بسام برباط من الدم أقوى من رباطها بأخيها غير الشقيق ذلك الرباط الذى اشتد بعد استشهاد أبيها .. حتى أن لعب دور البطولة فى ليلتهم الدامية لم يجعله يأخذ مكانة بسام لديها الذى ظل يهدهدها فى البئر المظلم ويعدها أن يذهبان لأمهما ، كان فى الثانية عشر وبسام فى العاشرة وهى بعد طفلة غضة فى السادسة , غران انضجهم أتون سنوات الجمر كما كان يسميها بمطرها الأحمر اللاهب المميت

وشتان ما صنعت بالثلاثة فقد أورثت فدوى وبسام قلباً يافعا غضاً ونفس قنوعة وأيماناً راسخاً , وأورثت نادر المرارة تعبث فى جنبات نفسه فتزيده سخطاً على الزمن وتنعكس على نهر الوجود فى داخله فيموج بثورات الغضب وتدفعه إلى الرياضة البدنية العنيفة يفرغ فيها طاقته ، تشيعه دائما نظرات أخته المشفقه ونظرات بسام المتعاطفة

وقد عملا على استكمال تعليمهما حتى صارت هى الطبيبة وهو المهندس أما نادر فقد تخلى عن دراسته منذ الثامنة عشر ليعمل كحارس أمن جراء قوته البدنية الهائلة وبعدها تخلى عن كل شئ يخص هويته ولم يكن يربطه بأخته وابن عمها سوى تلك الأموال التى كان يرسلها لهما لإستكمال دراستهما ، تلك الأموال التى أصر بسام أن يردها بعد عمله ، ولم يرفض نادر بل اعتبر الأمر بلا معنى إنسانى . رافضا كل مودة أو صلة حاول بها بسام أن يعيده لعائلتهم الصغيرة الفلسطينية الفتية ، التى تحمل اسم الجارحى ، وهو اسم لأعرق العائلات وسخر كثيرا ، فهو ينتمى للجارحى بالصدفة وهل نسى أحد أبيه .وأن حياته اعتمدت على سوانح الحظ وليس على صيت العائلة المندثرة

أن هويته الوحيدة وموهبته تكمن فى كونه رئيس حراس غسان والذى الذى خاض من أجله أو بمعنى أصح من أجل وظيفته الكثير حتى أنه هو نفسه المسئول الأول عن اختطافى من القاهرة لأعود لهذا الجد المقيت.

وهو لايعتقد أنه جبل من طينة الأبطال المغاوير لأنه فى مئات المرات لم يكن يتبين خطر موقفه إلا بعد انقضاء الأمر وقد اعترف لى بعد سنوات حين قابلته أنه جبان و الجبن ربما يجرى فى دمه بالوراثة من أبيه العميل لليهود الصهاينة .


لذا كان حديثه عنيفا لبسام وقد وقف يزأر فى وجه بسام وفدوى

اسمع يا بسام .. أنت مرحب بك فقط لأنك زوج شقيقتى ، و لن أسمح لك أن تتخطى الفاصل بينا

فقاطعه بسام
لكن يا ابن العم

- لست ابن عمك ، تذكر هذا
قالها نادر وهو يصفق باب غرفته خلفه
هذا وقبل أن يرد بسام يخرج نادر وقد ارتدى ملابسه ويلقى نظرة قاسية باتجاههما ، قالها فى قسوة وسخرية ،
- أظنك يا ابن العم تبيت لدينا ليلة الخميس ، ألم يحن موعد مغادرتك
ويغلق الباب خلفه فى برود وغلظة

غلظة شعت فى ملامح وجهه القاسية وهو يرمقنى ويمر بى ثم يلقى أوامره بمراقبتى وتشديد الحراسة على
وهكذا قدر لى أن يكون من بين أفراد هذه العائلة الحليفة عدواً شديد الخطورة ... وقد اعتبر نى أهدد أمنه وكيانه ، وبدافع من هذا الشعور عزم على تتبع حتى أنفاسى .

بينما التمعت عينا فدوى بالدموع وهى تربت على ابن عمها وتقول


-لاتغضب منه بسام أرجوك
- فيغمض بسام عينيه فى ألم
- أنه بائس ، يخسر كل شئ
فتقول فدوى
- إن أمر الفتاة يزعجه ، وقد يؤثر على وظيفته و..
فيقاطعها بسام ، فدوى أختى الحبيبة ورفيقة دربى ، هذه الفتاة ترغم على ترك هويتها
ترغم على ترك دينها ، فهل نتركها ، هل نغض الطرف عن هوانها
فدوى .. لكن بسام هى بالفعل حفيدته من ابنته لوسى وقد يكون أبوها مسلم أو مصرى لكن هذا لن يغير شئ فيما يخطط له خورى فهى آخر من تبقى له من عائلته .. أنت تعلم الروايات التى تروى عنه
فيقاطعها بسام فى ألم
ولو يا فدوى الظلم ظلم
ونادر هو من يساعد الطاغية على تحقيق طغيانه

روان عبد الكريم 03-13-2014 06:24 PM

الحلقة 7
شادن تتحدث
تركت الحديقة فى نحو العاشرة صباحاً ، وظل نادر الكئيب يخيم عليها ، ودخلت القصر الرمادى مرة أخرى ، لم يكن لدى درساً اليوم ، وقد خرج خورى ورفيقه بعد الإفطار بقليل ، وجوجى منشغلة فى مطبخها الأثير تعدالغذاء لعمال الضيعة الذين يعملون فى حقول التفاح والعنب الملحقة بالضيعة منذ السابعة صباحا حتى السابعة مساءاً .. ويربو عددهم على خمسين عاملا وعاملة ... يتناولون طعامهم فى باحة خلفية مغطاة صفت فيها منضدة خشبية كبيرة سمرت بالأرض ومقاعد قشية مهترئة ، ومازلت أذكر حينما تسللت خفية لأنظر لهم من فرجة بين الأخشاب العتيقة يتصاخبون فى سعادة للساعة اليتيمة التى يستريحون فيها ليأكلوا ما يجود به عليهم خورى العجوز ... وقد لوحت الشمس وجوههم البسيطة وارتفعت ضحكاتهم بينما سعدان القائم بتوزيع الطعام يطالبهم بالهدوء فلا يأبهون له ... هؤلاء البسطاء .... رغم الشقاء ...أحرارا.

غص قلبى وأنا أتجول بين جنبات القصر الباعث على الفزع بجدرانه الرمادية وأضوائه الخافتة وشرفاته المغلقة دائماً إلا فى حفلات العمل.

كان الوقت مازال مبكراً على الغذاء ، وقد فكرت أن أذهب لجوجى فى المطبخ لأحظ ببعض الصحبة الطيبة وأسمع خفية دعائها إ لىّ ، إلا أنى بعد أحداث الصباح استبعدت الفكرة ، وخشيت أن يلحق الأذى بالخادمة الحنون ، فتعاطفها معى لن يغيب عن حس العجوز الماكر .. ومما سمعت من عمال الضيعة عن قصص تروى عنه
إنه سريع الغدر ... سريع الغضب وقد وضع بين جنباته قلباً من حجر صوان لا يلين أبداً..وهذا اختبرته بنفسى كثيراً.

أخرجنى من أفكارى صوت فدوى ينادى على بسام فهرعت لشرفة القصر الأمامية لأراه مغادرا يحمل حقيبة سوداء صغيرة وفدوى تلحق به تعطيه حقيبة أخرى صغيرة .. ظنى بها طعام الغذاء فيأخذها ويمضى بينما تقف هى كالأم الرؤوم تلوح له مودعة
ناديت عليها ... إلا أنها تجاهلتنى عن عمد ... وسارت مبتعدة نحو الدار وأغلقت الباب خلفها دون أدنى إلتفاتة وكأنها تلومنى على رحيل بسام المبكر .... ولكن ظنى بها حسن ... فأمثال فدوى يملكن قلوب من ذهب .. تنير لمن حولها ولا يعلوها أبداً الصدأ ... أعرف إنها غاضبة ولكنها أملى الأخير هى وبسام

فى النهاية لم يكن هناك سوى شادن لأجلس معها وأتكلم معها وأحكى لكم عنها


... قد أكذب حينما أقول أننى لست حفيدة خورى ، ابنة لوسيا خورى ، تلك الأم التى تتراء لى صورتها من بعيد كطيف هلامى ، فقد انمحت ذكرياتى عنها منذ طفولتى المبكرة ولم يبق منها سوى بعض الصور القليلة التى تشهد بوضوح أن ما يجمعنا يكمن فقط فى عينيها ، عينيها التى تتراقص بالفرح وهى تضع يدها فى ذراع أبى فى صورة زفافهما الوحيدة.
وصو ر آخرى وهى تحملنى رضيعة ثم فى أعوامى الأولى بينهما ثم لا شئ بعد ذلك.

تنبأنى صورها عن سعادتها وحبورها ، تلك السعادة تضع أمامها علامة استفهام كبيرة لأختفائها من حياتنا ، وتجعلنى اتساءل هل خطفها الجد البغيض ، لكن دوماً كان هناك اتصالات متباعدة كل عام بأبى وهو يكظم غيظه ويطالبها بتفسير لموقفها ... فلا يسمع منها سوى النحيب ... حتى يأتى العام اللاحق وقد قاربت العام هنا ... وينبؤنى حدسى أنها ستتصل بأبى وتعرف منه إختفائى .. ولكن أين هى .. وإذا كان خورى أبوها .. فلم لا تقيم معه ؟ !.. وتزداد حيرتى أضعافا ... إن القصر ببنيانه الضخم وحوائطه الجرانتية يحمل العديد من الصور ولا توجد صورة واحدة لها ، من بين العديد من الصور التى تزخر بها تابلوهات الحوائط لعائلة خورى العتيدة وقد زادت رهبتى وأنا أغوص فى القصر للمرة الأولى ، إنها صور لنساء ورجال وقد أتشحت بالسواد حتى صورة ذلك الطفل الصغير الوديع ، الذى يحمل الكثير من ملامحى ... بل يكاد يكون صورة طفولية منى ... كان ثمة كلمات بخط أسود صغير أسفل الصورة لم استطع قراءتها من بعيد

حاولت مرارا الوقوف على أطراف أصابعى وأنا أقرأ إيلى خورى ، وإذا بصوت هامس يقول

- دع الموتى يرتاحون يا بنيتى

كان صوت خديجة وهى تربت على ظهرى ثم تنصرف لتأخذ ساعة القيلولة بعدانتهاءها من إعداد

الطعام.

تبعتها ببصرى وهى تدلف حجرتها الصغيرة وتنظر لى نظرة مشفقة ثم تغلق الباب خلفها... تتركنى لأعاصير تصارع بداخلى وعلامات أستفهام تدور فى رأسى وكأبة الموت تحيط بى تكاد تلتهم الجماد المحيط حتى ذاك البيانو فى الركن رغم أنه يقبع نظيفاً وبراقاً يفضح صمته الطويل الصرير الصادر من مفاتيحه المهجورة منذ زمن بعيد ... ويخبرنى نشاز أوتاره أن وجوده فقط من عوامل الترف فى القصر ليس إلا ..., ابتسمت فى ملل ويدى تعابث البيانو فى قسوة ضارية فتصدر أصواتاً تؤرق موتى القبور إلا الزر الأخير لم يعمل... حركته يمنيا ويسارا ثم نزعته بشئ من العنف الذى يفور فى أعماقى وأنا أهتف:-
لابأس هو مهمل .. فلن يضيره المزيد من التخريب .. ثمة حشية قرمزية اللون محشورة فى ثنايا البيانو استرعت انتباهى .. فاخرجتها بلطف فإذا بها تحوى بين أطرافها أوراق صفراء معنونة بلغة فرنسية تحمل عنوان "أوراق سيلين" يبدو أن شخصا ما وضعها هنا
هناك عبارة كتبت بخط منمق فى الصفحة التالية
إلى ابنتى وبين طيات الأورق وجدت صورة ضوئية بالأسود والأبيض لسيدة أجنبية الملامح وفتاة فى نفس عمرى...كانت المذكرة الصغيرة تربو على ثلاثين صفحة كتبت بالفرنسية وقد أصبحت نوعا ما جيدة فى اللغة بالإكراه....وضعتها بجيبى .. اعتقد أنه مع الإستعانة بقاموس استطيع حل رموزها ثم تذكرت خطأ العجوز فى الصباح
تشبهين سيلين
ترى من هى ...أهى إحدى ضحايا خورى العظيم وقد بنت يوماً على شواطئ الأمانى قصوراً من الأمل اينعتها أحلام المطر الكاذبة ثم هوت وخلفت من ذكراها مجرد أوراق مهترئة ... استيقظت من أفكارى على خطوات رتيبة تذرع البهو فخبأت الأوراق فى جيبى واستدرت لأجد جانو تقف فوق رأسى وتسألنى فى لهجة محايدة:-

أنسة ، أعلمك أنك ستعاودين دروسك بانتظام من غد باكر .... وإذا كنت فى حاجة إلى و..
لم أنتظرسماع بقية جملتها .... ودون أدنى إلتفاتة صعدت الدرجات الرخامية إلى حجرتى كى أخبأ كنزى الثمين أوراق سيلين.

وضعتها أسفل حافة فراشى واستلقيت فى كسل أتساءل ترى ماذا تخبئ الأوراق؟
ترى ماذا تخبئ لى الأيام ؟ ... ويؤرق شئ فى ضميرى معاملتى الفظة لجانو... بيد أنها تكاد تحصى أنفاسى لتخبرها للعجوز ... تنهدت مرة أخرى ثم حدقت فى السقف البعيد وخيالات تتراء لى والنعاس يخدرنى ويخرجنى من واقع العذاب لأحلم مجددا بالمطر ... آه المطر

لاهية فى أحلامى والمطر الحنون يغمرنى وبين أطياف الغيم يضوى وجه بسام .. مبتسماً وثمة خصلة عابثة تتراقص على جبينه بينما يتمتم بشئ يبعث الإرتياح فى نفسى ويغمرنى بعذوبة ... نمت تلك الظهيرة دون أن ادرى أن فى هذه اللحظة كان هناك صراعا مريرا يعتلج فى نفس بسام وأن مصيرى سيتحدد نتيجة هذا الصراع






بسام
مالى ومال هذه الطفلة أن نادر على حق وهو أدرى بخطورة وضعنا فى لبنان ليس فقط وظيفته لدى خورى .. ولكنها طفلة بريئة تتعرض لظلم بشع ...عرفت من حكى فدوى عنها أنها ابنة لوسيا الابنة الوحيدة لغسان خورى التى هربت منه ذات يوم وتزوجت مصرى مسلم ، وهناك فى القاهرة وضعت طفلتها وأن الجد لم يكن يعرف عنها شيئا حتى العام المنصرم ، وأن اكتشاف وجودها جاء بمحض الصدفة ، حينما وقع فى يده خطابا عن طريق الخطأ ارتد للضيعة من لوسيا إلى ابنتها ، يومها وجد أن أمله فى حفيد تجدد ودبر لاحضارها لبيروت بأى وسيلة وهو يستميت فى بقائها بكل قوة ويحاول تصحيح خطأ ابنته من وجهة نظره وفى سبيل ذلك هو يدمرها وينزع جنسيتها وهويتها لتصبح ناتالى المسيحية الديانة اللبنانية الجنسية وقد اخبرتنى أنه يقال أن ناتالى فتاة أحبها فى ريعان شبابه وأنها هاجرت عن لبنان كلها هى وعائلتها ولم يعرف لها طريقاً
تنهدت وأنا أمسك سور النافذة حيث أقطن فى أحد البنايات التى توفرها لنا الشركة فى قلب بيروت وقلبى يتملكه الضيق .. وصورة نادر تتراء لى .. إننى أدرك أن تنزع جذورك وتزرع فى بيئة غير بيئتك وشمس غير شمسك ، فى النهاية تنتج مسخا إنسانيا لا يحمل سوى الكراهية والإنتقام بأبشع صوره إذا ما سنحت الفرصة .

ما أفظع هذا .. هتفت فى خمول وألم .. إننى أدرى الناس بقيمة أن تكون للك هوية حتى وإن لم يكن لديك وطن ، فأنا سليل عائلة الجارحى الناصرية أشهر العائلات الفلسطنية الفدائية بالناصرة وقد أكون أخر أفرادها على الإطلاق


وعصفت بى أعماقى وأنا أمضى كالسجين فى شقتى البيروتيه الصغيرة التى أقطنها مع صديق لى يدعى أياد سورى الجنسية .. أحاول كل جهدى إلا أحدث ضوضاء كي لا أوقظه فمازال الوقت مبكرا

ثم تراء لى وجهك يا فدوى الحبيبة ... آه يا فدوى كم أحتاج رفقتك الآن فلست أعتبرك شقيقتى فقط بل كثيرا ما لعبت دور الأم رغم فارق الأعوام بيننا ...أحتاج للتركيز للخروج من المأزق الذى وضعتك فيه بأنانية ..كنت أطوق فى زيارتى هذه لحل المشكلة بيننا ووضع الأمور فى نصابها .. كيف لى أن أظلمك بهذه القسوة .. لكن ذلك النحيب يقلق مضجعى ويشتت تفكيرى .. يا له من نحيب لفتاة تشتاق لنفسها ووطنها

أتساءل فى أسى ماذا يمكننى أن أمنحه لها فى حالتى هذه... أقف و أرجع شعرى للوراء فى حركة رتيبة محملقاً من النافذة وقد بدأت الحياة تدب فى الشارع .. وثمة رغبة تجتاحنى أن أهرع لقصرخورى ..وأحطم الأبواب وأذهب بشادن للقاهرة ..أعطيها الحرية التى أفتقدها دائماً

لكن هناك نادر ..نادر الذى طالما حاولت أن أعيده لدائرتنا فيقترب حينا ويبتعد أحيانا .. إنه يقيم مع غسان منذ خمسة عشر عاما..ولن يضحى بحياته أو ظيفته من أجل فدوى نفسها

جل ما يخشاه أن يخسره ويصبح ابن العم عدواً شديد المراس صعب الطوية

انتابنى صداع رهيب فى هذه الليلة ونمت محموما

تنتابنى شتى الأحلام
شادن تغرق فى بحر مظلم عميق تصارع الأمواج
بينما أقف أنا على الشاطئ أدير رأسى أتلفت بين الحين والآخر لعل البحر أن يبتلعها ويخلص ضميرى من صراخها
ويأتينى فى أحلامى من بين أطياف الغيم فارسا نبيلاً أمراً بصوته الفولاذى

-انقذها
أسال .. من أنت ؟ ! .. من أنت ؟!
- ألا تعرفنى ؟
- بل أعرفك ولكن لا أتذكر اسمك ..
- فيقول أمرا أذهب .. أنجدها
- من أنت ؟! ... فيصفعه ويقول
- يلا مرؤة العربى
التفت مرة أخرى صوب البحر ليجد فجوة عميقة سوداء تبتلع شادن ومعها فدوى لأعماق الظلمة فتمتد يدي بسرعة كيدى عملاق تتشبث الفتاتان به
ثم اجد وجه الفارس يمتزج بغيم الحلم وهو يقول
لا تتركها أيها الناصرى لا تتركها ابداً


استيقظ مذهولاً وآذان الفجر المنبعث من المذياع يدور فى أذني ، بينما تمتد يد شريكى فى السكن وصديقى أياد وهو يهزنىبلطف أن استيقظ ويهتف به وقد انتابه الهلع لصراخه
- استيقظ يا بسام ... ما بك يا بسام ؟ .. استيقظ يا صديقى
يناولنى كوب ماء وهو ينظر لى فى حيرة متنهدا وهو يرقب صدرى يعلو ويهبط
تساءل وهو يجس جبينى الغارق فى العرق .. من الأفضل أن نذهب للمستشفى حالتك سيئة
ازحت يده برفق .. فقط أحتاج للراحة .
نظر لى بشك
أردفت أبلغهم فى العمل بحاجتى لإجازة اليوم
عقد حاجبيه فى شك وعناد .. تحتاج طبيب
اشحت برأسى ستمر علىّ فدوى فى الظهيرة لا تقلق
عقد يديه فى حزم .. هناك خطب ما
اغمضت عينى وأنا أروى له .. إنى أحتاج من يساعدنى ... أحتاج الأمر بشدة

ياسر علي 03-13-2014 10:40 PM


الأستاذة روان عبد الكريم

في المتابعة على الدوام

كل التقدير والاحترام



فاتحة الخير 03-17-2014 05:58 PM

السلام عليكم ورحمة الله


الأستاذة روان، بدأت للتو بقراءة روايتك - أحلام المطر- ورغم انك لم تنتهي منها إلى أنني لم أتمالك نفسي من تقديم الشكر لك على هذه البداية الشيقة والتي تبدو أنها شهية ولذيذة الطعم.

البداية عبارة عن توطين للفكرة العامة، وكانت بساطا ممهدا استشفينا منه وتعرفنا من خلاله على الإطار العام للرواية، حيث قامت الكاتبة من خلال البطلة الصغيرة بتعريفنا بشخصيات الرواية وتصنيفهم حسب التسلسل الهرمي لتلك المملكة التي وجدت البطلة نفسها سجينة فيها، حائرة، متسائلة...

هكذا هو السجان دائما ولو كان اقرب المقربين، وتلك هي السجون ولو شيدت من ذهب وفضة، والحرية أسما طريق، وأتمنى أن يكون بسام هو الأمل فعلا.

إلى هنا وصلت قراءتي، وسأتابعك أستاذة روان إلى أن نعرف سر هذه الشادن - ناتالي- وهل فعلا هي سجينة ومختطفة، أم أن هناك بعض جزئيات سقطت منها عنوة.

متابعة إن شاء الله

روان عبد الكريم 03-23-2014 05:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 173205)

الأستاذة روان عبد الكريم

في المتابعة على الدوام

كل التقدير والاحترام



كل الشكر والتقدير استاذنا العزيز

روان عبد الكريم 03-23-2014 05:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 173205)

الأستاذة روان عبد الكريم

في المتابعة على الدوام

كل التقدير والاحترام



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاتحة الخير (المشاركة 173307)
السلام عليكم ورحمة الله


الأستاذة روان، بدأت للتو بقراءة روايتك - أحلام المطر- ورغم انك لم تنتهي منها إلى أنني لم أتمالك نفسي من تقديم الشكر لك على هذه البداية الشيقة والتي تبدو أنها شهية ولذيذة الطعم.

البداية عبارة عن توطين للفكرة العامة، وكانت بساطا ممهدا استشفينا منه وتعرفنا من خلاله على الإطار العام للرواية، حيث قامت الكاتبة من خلال البطلة الصغيرة بتعريفنا بشخصيات الرواية وتصنيفهم حسب التسلسل الهرمي لتلك المملكة التي وجدت البطلة نفسها سجينة فيها، حائرة، متسائلة...

هكذا هو السجان دائما ولو كان اقرب المقربين، وتلك هي السجون ولو شيدت من ذهب وفضة، والحرية أسما طريق، وأتمنى أن يكون بسام هو الأمل فعلا.

إلى هنا وصلت قراءتي، وسأتابعك أستاذة روان إلى أن نعرف سر هذه الشادن - ناتالي- وهل فعلا هي سجينة ومختطفة، أم أن هناك بعض جزئيات سقطت منها عنوة.

متابعة إن شاء الله

العزيزةالصدقة الجميلة التى اتمنى معرفة اسمها يسعدنى الق وجودك واتمنى لك قراءة ممتعة شاء الرحمن

روان عبد الكريم 03-23-2014 05:30 PM

امرأة غريبة

كان الحديث بين أياد وبسام قد أكسبنى حليفاً جديداً وقوياً ..والحق أنى لم أر أياد سوى مرة واحدة فى حياتى للحظات وجيزة وسأذكرها لكم فى حينها ..ورغم هذا فهو من دفع بالأحداث للتغيير ...وهو من أرسى فى قلب بسام الهمة والعزم لخلاصى فلم يكد يمر على رحيل بسام يومين إلا وأجد فدوى بطلتها البهية تزورنى وقت الظهيرة فى فترة الراحة وبعيداً عن أعين جانو .. سمعت طرقات رقيقة على باب غرفتى وصوتها الهامس مرتعشاً .. فتحت بسرعة لأجدها أمامى وقد أرتدت عباءة قرمزية فضفاضة قديمة الطراز وقد شعرت أن هناك أرطال أضيفت لجسدها الرقيق .. دخلت فى خفة فراشة وهى تجيل نظراتها السريعة فى غرفتى ثم تستدير وتتنزع عباءتها وقد لفت سجادة بديعة بخصرها .. نزعتها بلطف .. ثم أخرجت من جيبها المصحف الشريفً.. نظرت لها وهى تمد يدها وقد ترقرقت الدموع فى أعيننا وصوتها متهدج

- هى هدية وأمانة أن أسلمها لك .. شادن
مواقف كهذه يخجل أن يهطل فيها المطر الحنون فيعانق السحاب مرتجفاً من نشوة الأمل فتهزه فى لهفة دقات القلوب ..وتمسح الأنامل أنهار الدموع على وجناتنا المشتاقة للسجود .. وأجد نفسى بين أحضان فدوى ولسانى يردد

- الحمد لله ..الحمد لله

أقولها مرة أخرى وسأظل أرددها لم يكن الفرق كبيراً بين عمرينا ولكنى فى هذه اللحظة وجدت فى فدوى الجارحى الناصرية أماً حنونا غير أمى الآخرى جوجى وهى تقف خارج الغرفة ترقب الطريق وحين يطل وجهها الحبيب عبر فرجة الباب تشير لفدوى كى تذهب .. تغلق فدوى عباءتها الفضافضة وهى تهمس ضاحكة
- كونى حذرة حتى يقضى الله أمره .. ثم تمضى عبر الباب كالحلم وتختفى

احتضنت المصحف الشريف وهممت بوضع السجادة لكنى سمعت عبر الدهليز خطوات خافتة .. لم أكن أشعر بها سابقاً فقد تحفزت حواسى بشكل رهيب درأ للخطر

خبأت كنز نجاتى بسرعة فى أحد الأدراج وأغلقته ثم وضعت المفتاح بجيبى .. فقد توقفت الخطوات عند الباب ... بخفة القط سرت تجاه الباب وفتحته عنوة لتقع جانو أمامى .. نظرت لها بسخرية
لما لا تطلبين من العجوز أن يضع لى جهاز مراقبة أفضل فى الغرفة لتوفير جهدك الدؤوب

قامت دون مساعدة وقد أحمر وجهها ليس من الخجل بل من الغيظ وهى تجلس فى هدوء

لما لا .. عزيزتى ناتالى ...
كانت تعرف أن الاسم يثير جنونى ولكنى كنت أحتاج لصرفها بهدؤء حتى أتفرغ للعودة لشادن مرة أخرى وأعود لهويتى الحقيقة بعيداً عن إثارة الشكوك

قلت .. جانيت لماذا تضايقنى
أجابت بلا مرواغة

فقط أودى عملى ايتها الصغيرة ..ناتالى

جاء اسم ناتالى من بين شفتيها كالفحيح وايقنت لحظتها أن هذه المرأة المحدقة بى تكن لى حقداً ساماً قد يكون جراء معاملتى الجافة ولكن طبيعتى أنبأتنى أن الأمر أكبر من هذا بكثير فقد رأيت نيران الكره السوداء تموج فى عينيها وأن لم تحرص هذه المرة على إخفائها كطبيعتها الباردة ، كرهاً يكاد يتحول لسياط بغيتها حرق روحى قبل جسدى

سألتنى مباشرة
ماذا كانت تفعل خديجة فى غرفتك
غصت وأنا أقول كاذبة تسألنى أن تأتينى بشئ من الطعام – حمدت الله أنها لم تصطدم بفدوى يبدو أن جوجى أخرجتها دون أن تراها جانيت

برقت عينها بشدة وهى تقول
تكذبين ناتالى ثم اقتربت منى وهى تقرص وجنتى بخفة تغصين حينما تكذبين – أنت حقاً ابنة لوسى – لديها نفسى العادة
نزعت يدها بعنف عن وجهى ..وأنا أقول
ابتعدى عنى أيتها الأفعى .. أنا أكرهك
قالت ببرود وهى تقف فى منتصف الغرفة

وهل أطيقك أنا وضحكت بسخرية .. لديك صلة حب مع خديجة لأنها مسلمة
لكن أيتها الغبية الدين لا يشكل فارق لدى خورى العظيم .. هى فقط عصبته االموروثة فيجب أن تكونى ناتالى خورى مثله تماماً .. هو لا يملك أى احترام لأى مقدس .. أن خورى العظيم لا ينحنى أبدا ولا يقبل إلا تطبيق عقله

وقفت تجاهها وأنا أقول بمكر
ها أنت تسخرين من خورى العظيم

هتفت فى ارتياع يا لك من ماكرة

لكن تذكرى أنى يمكن أن أغض النظر ولا أخبره عن زيارة جوجى

كان تهديدها مباشرا رداً على تهديدى وقد أدركت خطورة موقف الخادمة العجوز التى تساعدنى وهى الضعيفة .. أومأت برأسى .. حسناً .. هل انصرفت وتركتنى لحالى فأنا أريد أن أغفو قليلاً

همست بخبث بجانب أذ نى

- تكذبين يا صغيرة فلم يحدث أن غفوت نهاراً منذ أتيت إلى هنا لديك عقل صقر متيقظ دائماً تماماً مثل خورى العجوز

ثم استدرات وهى تغادر عبر الباب
لديك سر تفعلينه ناتالى .. فقط أحفظيه بعيدا عن عينى وأذنى وضحكت ضحكة شريرة وهى تغلق الباب خلفها

كانت هذه المرة جريئة للغاية .. فهى تدرك حبى الشديد لخديجة وقد كشفت عن نوايها السيئة تجاهها بعد أن امسكت بورقة ضد الخادمة المسكينة ... بيد أنى ادركت أنها تكن لخورى العجوز حقدا مريرا وخوفا عظيماً

بعد انصرافها ... اغلقت الحجرة بالمفتاح .. وابتسمت فى رضاء وأنا أتجه للحمام .. للوضوء.. ما أغبى الإنسان .. وضوؤه وصلاته يمدانه بقوة تجعله قادرا على مواجهة الجبروت وقد شعرت بهذه القوة تسرى فى خلايا تكوينى وتتغلل فى روحى وأنا أسجد لله عز وجل وأتضرع فى وله محموم أن يفك كربى وغربتى

كانت ساعة تصافت فيها روحى ونفسى وتعاهدا على الصمود .. حينما خبأت المصحف والسجادة مرة أخرى .. كنت أحفظ معهما هويتى كلها وأملى العارم ولم يخرجنى من هذه الطمأنينة سوى أصوات شجار أسفل شرفتى فهرعت لأفتحها على مصراعيها
لأجد جانو تزجر راهبة غريبة بعنف وتطلب منها الرحيل .. يوحى جسدها الضعيف عن فقر حالها فناديت بعنف جانو كانت تضرب المرأة بلا شفقة على وجهها فنظرت كلتاهما تجاهى
ثم طارت الراهبة عبر المروج ثم عبر الباب الرئيسى وردائها الكهنوتى يتطاير خلفها

نظرت فى حيرة لجانو من نافذة غرفتى ..ونظرت تجاهى ولم أتبين ملامح وجهها جيدا ثم دلفت إلى القصر وهى تضع فى رأسى ألف تساؤل عن هذه الغريبة المسكينة التى وقعت تحت رحمة جانيت.. يبدو أن القصر ملئ بالطغاة كلا على قدره .. وها هى سيارة الطاغية الأكبر تدلف من البوابة الرئيسية لحظة خروج الراهبة منها ثم تتوقف برهة لتقف المرأة الغريبة أمامها وقد أنزل سائقها الزجاج أمام خورى العجوز .. لم تكن الرؤية جيدة فلم أتبين أن هناك ثمة حديث إلا من إشارات غاضبة ليديها بعدها أسرعت الخطى عبر الباب الحديدى لتختفى فى لحظة وتجعلنى اتساءل .. من هذه التى أثارت غضب جانيت وقفت تتحدى العجوز ... .. هناك شئ غامض بها .. شئ يزعج جانو بشدة ويزعج العجوز أيضا .

..نزلت السلم الرخامى بعد فترة للعشاء .. وكان من تعس الحظ أن أقابل نادر الناصرى وجهاً لوجه وقد نم وجهه الحليق عن غضب شديد ونظر تجاهى بحقد وهو يخرج من مكتب العجوز.. نظرت له بدهشة .. ترى ماذا فعلت له هذه المرة .. أغلق الباب خلفه بغضب بارد .. وصلت برودته لأوصالى .. دلفت للمطبخ ووجدت صينية طعامى جاهزة أخذتها بسرعة قبل خروج العجوز من مكتبه وجلست فى الشرفة ألتهم الطعام براحة وبطء ..استرخيت هادئة وأنا أنظر للقمر النصف مكتمل وأعد على أصابعى وأهتف
ثلاثة عشر قمرا انطفأت منذ اختطافى وتساءلت لماذا لم يحرك أبى ساكناً حتى الآن واجتاحت جسدى قشعريرة أن يكون حدث له مكروه ..أخرج من أفكارى السوداء على صوت أكثر سواداً والعجوزيقف مراقباً يقول
هنياً ثم يردف
متى تتعلمين قواعد الاتكيت وتأكلين برفقة جدك ناتالى
نظرت له بنصف إغماضة ساخرة
يبدو أنها لا تليق على
جلس أمامى
فتاة متمردة
سألته فى حدة مثل أمى
رد ..
- جميل حبيبتى ناتالى أن تتذكرى أن أمك ابنتى
هتفت فى حنق وقد ازعجنى صحة قوله
- أنا لم أقل هذا مطلقاً
وقف فجأ ة وهو يدب بعصاه الغليظة المذهبة بالجرانيت بصخب
- كفى ناتالى أيتها الحمقاء.. لاتغضبينى أكثر .. لدى من المشاكل ما يكفينى .. أنت فتاة جاحدة
وكز على أسنانه
- تماما مثل لوسى أمك .. ثم ولى عنى وانصرف إلى حجرته
خبطت بكفى على جبينى أنا حمقاء بالفعل .. يجب على مداهنة العجوز.. لكنى فى تلك السن الصغيرة مجرد فتاة لاحيلة لها وكنت أحتاج لكثير من المكر لاخدع هذا الثعلب العجوز حتى تكتب لى النجاة من براثنه.


كانت الساعة نحوالتاسعة ذاك المساء وكنت سأنام فى العاشرة .. لا بأس أن أفرد جسدى قليلاً فى الحديقة المبللة بمطر مسائى شحيح هبط فجأة ثم اختفى كضيف عابث .. حينما وصلت للشجرة التى التقيت بسام عندها .. شجرة الأمل كما اطلقت عليها.. شجرة بلوط ضخمة جلست أسفلها القرفصاء أنظر لسماء بيروت .. كنا فى منطقة الجبل جنوب بيروت وهى منطقة ذات طقس متقلب مائل للبرودة فجلست القرفصاء أحيط جسدى بذراعى واضع ذقنى على ركبتى كدمية صغيرة اخفتها الظلال .. كنت أشعر أنى أتوارى عن الأنظار التى تراقبنى وأحلم أن تختفى البقعة بى حتى لا يرونى ..انتبهت على خطوات خافتة فتكورت على نفسى أكثر واعجبتنى اللعبة يبدو أنى تغيبت وهناك من يبحث عنى
كانت عدة خطوات هادئة انبأتنى أن هناك شئ غير ما ظننت جاء الصوت الواضح القوى لنادر وهو يهتف
جانو أيتها الحمقاء طلبت منك مراقبة الفتاة
هتفت جانو
قد فعلت لكنها ذات ذكاء حاد بل يبدو لى أحياناً أنها خورى آخر أشد فطنة
صفق كفيه فى حنق
طلبت منك مصاحبتها ، تقيمين معها منذ عام ولم تكتسبى أبدا ثقتها
فضحكت جانو فى سخرية
أنت لا تعرفها هى صعبة المراس لا تثق فى أحد حتى محبتها القوية لخديجة يغلفها الشك
إنها فتاة عنيدة مثل أمها مع ذهن متقد

صرخت جانو ويبدو أنه أمسك رسغها
وهو يقول بصوت حاقد
ابحثى عن طريقة لتدخلى إليها .. هذه الفتاة خطر كبير إن لم ننتبه جيدا سنفقد عملنا
كلانا أنا وأنت
ثم تركها وهى تتأوه
تذكرى أنى أخرجتك مما كنت فيه ولن أذكرك
جاء صوتها باكيا
أنا لا أنكر فضلك سيد نادر لا أنكره مطلقا وسأفعل ما بوسعى
إلا أنه أكمل فى غلظة
من أخبر لوسى بأمر الفتاة وكيف أتت .. كانوا يتحدثون عن الراهبة عن لوسى عن أمى
قالت لا ادرى لا سر يخرج من القصر
قال أن العجوز غاضب للغاية لقد رأها وتبادل معها حديثا قاسياً

هتفت جانو لم تطأ قدمها القصر منذ رحيلها للدير وعملها خادمة هناك منذ اثنى عشر عشر عاماً ..كانت أطرافى قد تشنجت فتحركت وراعتهما حركتى فتحرك نادر بسرعة وهو يشهر مسدسه فى وجهى
وقفت وقد راعنى نظره
وهو يشد على نواجزه

ماذا تفعلين أنسة

قلت برصانة وإن كنت ارتجف تحت تأثير عينى نادر القاسيتين
ماذا تظن بالطبع
احتار فى ردى وأنا أكمل بالطبع اتصنت على ما تقولانه
وضع مسدسه فى جرابه

إننا نعمل من أجل حمايتك أنسة ناتالى
كان ضخم الجثة مفتول العضلات ولم تخدعنى لهجته الهادئة فعينيه الطافحة بالغضب تنبأ الكثير عما يكنه لى امسكتنى جانو برقة من ذراعى هيا حبيبتى حان موعد نومك

نظرت إليها بفضول ولم أزجرها هذه المرة بل تركتها تتمادى وهى تضع يدها حول كتفى وتكمل بصوت حنون هيا حبيبتى
همست بأذنها بصوت غاضب جانو
لقد صفعتى أمى وهاك الصفعة
دوت على وجهها صفعة مدوية منى
وشعرت بغضب نادر الشديد ليس لأنى صفعت جانو بل لأنى كشفت هوية المرأة المجهولة الراهبة الهاربة
كانت لحظة عاد المطر فيها بجنون وقد وقفنا نحن الثلاثة نادر وجانو وأنا لا نتفوه بشئ
لحظة ظهرت فيها فدوى الحبيبة التى كانت ترقب المشهد من بعيد وقد هرعت لى بمعطف يقينى المطر ويحمينى وهى ترجونى الدخول للقصر ..اصغيت لها ودلفت للقصر وتركتها لنادر وجانووفاتنى سعالها الجاف وضعفها الواضح

روان عبد الكريم 03-27-2014 03:06 PM

مرض فدوى وسفر العجوز



مرض فدوى وسفر العجوز

فدوى تتحدث
أشعر أنى أعانى من المرض وقد صارت الحياة صعبة بعد مشكلة شادن وانشغال بسام الشديد بها ، بدا هذا واضحا وأنا أزوره اليوم وكان يعانى من مرض خفيف لا يستدعى القلق .. إلا أنه يبدو أننى التقطت منه البرد الذى يجتاح بيروت هذه الأيام ..ولم أشعره بما ينتابنى من ألم وضعف وأنا أشاهد حماسته الشديدة وهو يتناقش مع صديقه السورى أياد ونحن نتناول الطعام فى أحد المطاعم الصغيرة الدافئة
حرت فى أمره فمنذ زمن بعيد لم أجد شئ يهزه ويحركه على هذا النحو .. كانت خلاجات وجهه تنقبض وتنفرج فى سرعة لدى حديثه عن شادن ... تساءلت فى نفسى هل هو ذاك التيار الصاعق الذى يجتاح القلوب .. ضحكت فى سرى وأياد ينظر له نظرة ذات مغزى لم تفوتنى .. أياد يعلم عنا أنا وبسام كل شئ
أن بسام هو أخى الحقيقى أما نادر فقد ذرع حول نفسه جدراً منيعاً يفتقر لأدنى المشاعر الإنسانية فكيف له أن يتعاطف مع الصغيرة المسكينة وهو نفسه لا يتعاطف مع نفسه أو أقرب الناس إليه شقيقته وابن عمه

كنا نطوق أنا وبسام للعودة يومأ لدارنا فى الناصرة ولكننا لم نستطع أبدا فالأوضاع فى غزة والناصرة جحيماً فعلى وخاصة لاسم مثل عائلة الجارحى ، فقدت كل رجالها فى حلم عودة الوطن المسلوب
ولم يبق منها سوى بسام الجارحى وأنا فدوى الجارحى

زفرت بعمق وأنا أقول كان أجدى بك يا نادر أن تكون شقيقى وموضع سرى فهناك من الأشياء التى لن استطيع مصارحة بسام بها واوجعنى صدرى وأنا أتذكر بسام العزيز ودمعت عينى دموعاً حارقة حتى هطل المطر بقوة ضربت الشباك فهرعت لأغلقه حيث راعنى أن أرى نادر يرفع مسدسه فى وجه شادن وجانو تشاهد الأمر ثم يلبث أن ينزله توجست شراً أن يكون كشف أمر السجادة والمصحف وأنا دائماً أتوقع أسوأ الأشياء من أخى
حين وصلت وجدتها تنظر إليهم بتحدى وقد بللها المطر كلياً فاعطيتها المعطف وتوسلت إليها أن تذهب ، رأيت التعجب على وجه نادر وجانو لانصياع الفتاة الفورى لكلامى وما لبثت جانو أن اختفت فى أثرها
ظللت تحت نظرات نادر النارية فاشحت بوجهى وأنا أدلف عبر الباب والماء يتقاطر منى ، نادنى نادر فلم أعره انتباهاً وسعلت بحدة إنى مريضة بالفعل ولا قدرة لى على التحمل وحصار أسئلته وأوامره التى لا تنتهى

لكن هل أخبرتكم يوماً أن نادر يملك لى و لغيرى مشاعر رقة واهتمام هيهات فقد دخل بعدى وقد ارتميت على الأريكة بثيابى المبللة وصوت نادر فوقى يرعد عن الفتاة ويحذرنى بأن أبتعد عن طريقها

وقد رحت فى إغفاءة ثقيلة وأنا أرتعش بشدة فألقى على بدثار وهو يقول

- كأنى احتاج مزيدا من المشاكل
نمت فى هذه الليلة محمومة تنتابنى أحلاماً شتى لا علاقة لها بشادن أو نادر أو حتى بسام بل بشخص آخر تماماً شخص قدر له أن يبتعد عنى بإرادتى
كم أنت عجيب إيها القلب حينما تتألم فى صمت وتعصف بك رياح الحنين

آه آه يا عذاب روحى كيف هى الحياة دونك إيها الحبيب
تذكرت وجهه بسام وهو يتحدث عن شادن وأنا أنوح على ذاك التيار الذى مس قلبى يوماً
وضعت يدى على قلبى وأنا أهمس فى ضعف
ليته يعلم .. ليته يعلم ولا يتعذب كم أتعذب

نادر يكمل
وقفت أمام الباب وقد تشبع المساء برائحة الماء المطرى .. كم أكره المطر .. ولكنى أحب وجودى هنا .. وأحب عملى كثيرا والحقيقة أن خورى يجزل لى العطاء فأنا رئيس حراسه وقد تلقيت عنه الرصاص فى إحدى المرات مما أتاح لى أن أكون رئيس حراسه
لكن تلك الفتاة الحمقاء ناتلى أو شادن التى ظهرت من العدم حينما علم بوجودها وترت الأموروعقدتها وصار يحسب لى الأخطاء وكان يكفينى ظهور لوسى الليلة فى الضيعة لتلقى نظرة على ابنتها


هتفت اللعنة وأنا أبصق على الأرض تباً لك جانيت لولاك ما حدث هذا هل اعتقدت أنك تتقربين من العجوز حينما افشيت السر الذى اعترفت به لوسى حينما رزتها وعززت موقفك بذلك الخطاب الذى اوصتك بإرساله لتقولى أنه ضل طريقه للمزرعة
وإن لها ابنة ألم يكفك أيتها الحمقاء أنى انقذتك من الذل والهوان فى ذلك الفندق فى تل ابيب حينما اصطحبنى العجوز فى زيارة عمل ووجدتك تحت رحمة إحدى جماعات الرق هناك
بعد أن طردك العجوز من بيروت كلها لأنك من ساعدت لوسى على الهرب إلى باريس
لتبدأ قصتها مع ذاك المصرى هناك

زفرت بعمق حينما رأيت إحدى خادمات القصر تخبرنى بطلب خورى لى مرة آخرى
دلفت للقصر مرة آخرى وقد وجدته يرزع البهو بعصاه الأبنوسية وشعرت أن ثمة خطب ما
حدق لى بعيونه اللامعة كعيون الفهد وقال
اسمع يا نادر ضع عينك وسط رأسك ، لا أريد مشاكل وساضطرلمغادرة بيروت لمدة أسبوع على الأكثر للسفر لباريس

كانت عادته أن يخبرنى بالوجهة لكن دون التفاصيل
وقبل أن أرد
هذه المرة لن تكون فى صحبتى بل ستبقى من أجل ناتالى هذه الفتاة باستطاعتها خداع طاقم الحراسة كله

ارتسمت على وجهى ابتسامة عابثة لم تتجاوز ثوانى إلا أنه لاحظها فاستدركت

إنها حفيدة خورى يا سيدى ماذا تتوقع
أومأ برأسه لأنصرف ، عدت للمنزل وسمعت صوت فدوى يهذى فاقتربت منها وقد ارتفعت درجة حرارتها بشدة سألتها برفق فدوى
هل تحتاجين لطبيب
هتفت فى بضعف
اذهب أنت كريه أريد بسام هو شقيقى الحقيقى ، اغمضت عينى وكظمت غيظى وأنا أقول وهل طلبت يوماً أن أكون شقيقك؟ ، هل نسيت أنك ابنة الشهيد وأنا ابن الخائن ؟
تركتها وإنها غالبا مصابة بقليل من البرد ولن يضيرها أن تتألم قليلاً جراء لسانها الطويل

عودة لشادن
غادرتهم ودلفت بسرعة لغرفتى وغيرت ملابس ثم اغلقت الأبواب وصليت وقرأت ما تيسر لى من القرأن الكريم واطمأن قلبى المتعب بعد طول انتظار

حينما أتى الصباح استيقظت على صخب فنظرت من الشرفة لأجد العجوز يرحل فى الفجر ومعه حقائبه غمزت لنفسى

ترى زهق وقرر الرحيل
توضأت وصليت الفجر ، كان الجميع نائما بعد رحيل خورى وقد بدأ الصبح يتنفس فعدت لشجرة الأمل مرة أخرى .. ثمة جلبة عند البوابة الرئيسية وشبه عراك يا إلهى أنه بسام ماذا يفعل ويبدو أنه يعنف نادر فى غلظة وقد تركه يدخل ثم يهرع إلى البيت ثمة خطب ما وقد هرعت فى أثره لحجرة فدوى وبسام يجس نبضها مرتاعاً وقد أزرق وجهها فى شدة ونادر يقف محتاراً ولا ينبث ببنت كلمة .

روان عبد الكريم 03-27-2014 03:11 PM

دموع على نهر العاصى
فدوى مرة أخرى
ارتفعت حرارتى بشدة وقد حاول نادر إبداء بعض التعاطف لكنى فقدت الأمل فيه منذ زمن بعيد فنادر الطيب الحنون قد ضاع منذ سنوات روحه مقبورة هناك فى ظلمات القبور مع آلاف الضحايا ليلة المجزرة وما هذا إلا شبح انسان يتمسك بالحياة لأجل لاشئ فلم أكن أعنى له سوى هما ولم يظهر لى أى تعاطفا فى يوما ما حتى أن النقود التى صرفها علينا أنا وبسام على دراستنا فى القاهرة اعتبرها دينا رده بسام منذ أعوام قليلة وتقبلها دون أدنى تردد وحتى زواجى المرتقب من بسام نظر إليه باستخفاف وسخرية
يومها اشحت ببصرى وأنا أمسح عبرات دفينة تحرق عينى كيف لم تسأل يوما يا نادر كيف بدلت موقفى من بسام
هل تتخيل يا نادر أن الشقيق يصير حبيبا ألا تعرف إيها الشقى أنه محال
صارت الحمى شديدة وأنا أغوص فى ظلام وثمة وجه حبيب يضئ لى ..يمسك يدى عبر المروج يوما كنا فى نزهة على شاطئ العاصى
كان يصرخ بجنون وفرح
أحبك فدوى أحبك فدوى
وأنا أضحك بمرح وأبكى فى نفس الوقت من السعادة .. ليتنى ما بكيت فقد كان نذير شؤم
مازالت كلماته تدق فى قلبى
يا صاحبة السمو ... هل تقبلين زواجى وهو ينحنى وقد زاد خجلى ووووووو
ثمة أصوات حولى ....
حرارتها مرتفعة ...شئ بارد على جبينى
أغوص مرة آخرى فى ظلام لا نهائى ... خيل لى أنى أرى شادن وهى تربت على وجنتى
حينما أتى الصباح .... كان هناك مستلقى وقد نمت لحيته يبدو أنه لم يذق النوم منذ ليالى
نظرت إليه غير مصدقة ... ماذا يفعل فى حجرتى هتفت بصوت ضعيف:-
إيها التعس اذهب.. اغمضت عينى فى رجاء أن يكون حلماً .. وهماً.. جنوناً
إلا أنى جفلت وصوت بسام الحنون وهو يمسح جبينى
وأنا أفتح عينى فى خمول وعينيه تتراقص فرحا وهو يقول
استيقظ يا دكتور كارم استقيظ لقد افاقت فدوى
تسارعت نبضات قلبى وهو يضع سماعته الطبيه ثم يقيس درجة حرارتى مغمضا عينيه
ثم اشاح ببصره لبسام
اطمئن .. تجاوزنا مرحلة الخطر.. اقترب بسام منى وهو يمسك بيدى
شكرا لك يا كارم .. لن انس أبدا جميلك لقد تركت كل شئ ومكثت بجانبها ثلاثة أيام لم تذق خلالها النوم
ربت كارم على كتفه إنه واجبى لا شئ يذكر نحمد الله أنها اتصلت بى فقد كانت حالتها متدهورة للغاية
ارتعت وبسام يدير ظهره وهو يقول
كان أولى بنادر أن يفعل.. لقد اتصلت أنت بى بدورك .. لا أحد يتابع مرضاه هكذا ..عن جد لن انس جميلك
أومأ برأسه وهو يقول لاجميل بين الأصدقاء ثم أكمل سأتى فى الغد بعد الظهيرة ثم اعطى لبسام ورقة بها
عدة تعليمات وقد دخلت شادن تلك اللحظة لتنير وجهها ابتسامة وضاءة .. وهى تربت على جبينى وتقول
ساتابع فدوى .. إن بسام متعب ولم ينم عدة ليال .. لفظة بسام دون ألقاب أقلقتنى إلا أن قلقى ضاع فى نظرة الحزن التى ملأت عينى كارم وهو يلقى على نظرة أخيرة لم يستطع منعها قبل أن يغادر
إنى متعبة وقد ترك بسام الغرفة ليوصل كارم لسيارته وقد جلست شادن جانبى ولم يفتنى نضارة وجهها المليح وهدوئها ونظرة الفرح فى عينيها التى ارجعتها لسفر خورى وخشيت أن أرجعها لسبب آخر
شادن تكمل
لقد تجاوزت فدوى مرحلة الخطر ....لم أنس صراخ بسام عند البوابة وهو برفقة دكتور كارم ... وقد أمسك بتلابيب نادر..الذى ألجمه منظر شقيقته وقد شارفت على الهلاك وكأنهم لايسكنون نفس البيت .. تبادل بسام مع الدكتور على مدى ثلاثة أيام رعايتها وكنت أزورهم بين الحين والآخر أحضر لهم بعض الطعام الذى تعده خديجة وتناولوا اليسير منه .... لقد ذكرنى رعايته لها وخوفه عليه بأبى كثيرا ولا أنكر أننى تسللت خلسة وبهدوء كي لا أزعج فدوى فوجدته يغفو على الكرسى أمام سريرها وقد نمت ذقنه مما أكسبه ملاحة فوق وسامته وثمة خصلة نافرة سوداء نافرة على جبينه وقد اغمض عينيه فى سكون مما أتاح لى أن أنظر مليا لوجهه بأنفه المستقيمة ووجنته المرتفعة ووووو
لم أنتبه لصوت خطوات نادر يقف فوق رأسى يراقب المشهد بفتور
ارتبكت تحت نظراته الصقرية وقلت وأنا أمسك بترمس الشاى وبعض الشطائر وقبل أن أتفوه بكلمة استدار على عقبيه وصفق الباب
استيقظ بسام على وجهى المحمر وأنا أرتعش .. ذهل لوهلة ثم أمسك الشاى والشطائر من يدى وهو يرقب عبر النافذة نادر يمضى فى عصبية واضحة
اخرجنى صوته من خوفى وهو يهمس:-
اجلسى شادن
قلت بارتباك :-
بعض الشاى والشطائر صنعتهم خديجة .. كيف هى؟
قال وهو يرتشف قليلا من الشاى ... لست أدرى شادن لست أدرى كان وجهه متألماً ودكتور كارم يدلف عبر الباب ويتفقد المريضة الغالية .. سكبت له كوب من الشاى ... تناوله وهو يقول لبسام اذهب لتريض جسدك قليلا يا صديقى سأبقى أنا معها .. اعترض بسام لكن كارم قاطعه .. بالله عليك ليس لى القدرةعلى عيادة مريضين عزيزين فى وقت واحد وربت على ظهره ولكن كان ينظر عبر النافذة لظهر نادر الذى وقف مراقبا كالصقر يستمع لأقل همسة... حسم أمره بسرعة وهو يضع كوب الشاى متجاهلا الشطائر
شادن تعالى لى معك بعض الحديث

روان عبد الكريم 04-02-2014 03:08 PM

أوراق سيلين
جلست أمام المسبح مع بسام ونادر يقف على مقربة هو لم ينس صفعتى لجانيت ولا اكتشافى أن الراهبة هى أمى وزاد الأمر ذلك التحدى بينه وبين بسام الذى جلس يرمقه بعيون نارية .. بسام غاضب منه لإهماله شقيقته وغاضب منه لأنه يقف ضدى .. كان الأثنان يتبادلان النظرات بتحدى ولكنى سررت حينما استسلم نادر وأدار لنا ظهره ومضى إلى البوابة الرئيسية يتبادل حديثا ما مع الحراس
أفقت على صوت بسام الدافئ وهو يقول
شادن أريد مساعدتك لكنى أفتقر لكثير من التفاصيل
اه يا بسام رغم مرور السنوات ..مازلت أذكر لقاؤنا هذا كأنه بالأمس القريب .. مازلت أذكر اهتمامك بكل كلمة ذكرتها .. اسم أبى.. بيتنا فى القاهرة.... مدرستى .. وحتى زيارة لوسى الأخيرة وما حدث بينى وبين جانيت
يومها قلت لى بحزم لا تقلقى شادن سأعمل ما بوسعى حتى تعودى أمنة لوطنك وقد وقفت بقامتك المهيبة كى تنصرف لتطمئن على ابنة عمك وقد هممت بمرافقتك لكنك همست
لالا ناظرا باتجاه نادر وطلبت منى أن أذهب للمنزل حتى لا تزداد الأمور توترا ...كنت أحب رفقتك بسام .... لكنى سببت لك المشاكل مع نادر .. غير فدوى المريضة ... مازلت أذكر لقاؤنا هذا فبعده دخلت إلى المنزل كما طلبت .. كان الوقت مازال مبكراً ولا درس لى اليوم ولا حتى جانيت موجودة فقط شادن وجدران القصر وأوراق سلين .. تلك الأوراق التى ترجمت منها الكثير وقد حان الوقت لأفهمها ... هل ندمت يوماً على شئ فعلته ... هل ندمت يوماً على نصيحة لم تستمع لها من خديجة الطيبة
دع الموت يرتاحون فى قبورهم يا ابنتى ...لقد اتعبتنى مذاكرات سيلين المهترئة لسنوات وسنوات بكلماتها المشوشة وحروفها المرتعشة .. حيث يقبع بين سطورها ثلاث ضحايا وأنا رابعتهم .. أعود بين الحين والآخر لأقرأ منهم
أن روحى تختنق بالمكان
لقد فصلنى عن لوسى وأرسلها لمدرسة داخلية أخبرنى أنها مدرسة فى سويسرا لأبناء الطبقات الراقية
نظرت له بسخرية .. أعرف أن لوسى تقبع بمكان ما فى بيروت .. إنه يخدعنى ... من أين له أن يتحدث عن الرقى ... إن ذاته تحترق بجبروته الذى يحرق معه الجميع
صفحة آخرى مهترئة
كلما نظرت للوحة لويس الملك تذكرت أنى قطعة اضيفت للقصر مثله
يوم كئيب آخر ملبد بالغيوم مازال خورى فى سفر لكن حراسه يقفون كالصقور
هو يعلم أنى أنتوى الرحيل آه يا لوسى يا ابنتى كم أفتقدك
وورقة قد ضاعت معظم أسطرها ولم يبق منها سوى
علمت أنه سيلحق ابنى الصغير بلوسى فى المنفى كما كنت اسميه جادلت غسان كثيرا لكنه لم يأبه لى رد بتأفف
خائنة مثلك لا تستحق سوى أن أبعد عنك ولديك آلمتنى الكلمة أنا لم أفعل .. لم أخنك غسان
سمرنى فى مقعدى لقد اطلعت على أشياء تكتبيها قلت كالمذعورة إنها كلمات مجرد كلمات
سألته فى خفوت أين أوراقى قال بتلذذ
مزقتها
بكيت وبكيت هذا التعس مزق صفحات من عمرى يا لوسى
مزق تاريخى مزق مشاعرى
إنى أكتب لك القليل خلسة منه حتى تفهمى .. لقد ضربنى اليوم كثيرا حتى أدمى جسدى حتى ايلى المسكين
لقد أسال الدم من أنفه ..هو لم يحبه أبدا .. أحبك أنت لوسى لكن بطريقته
وورقة آخرى تحمل اعترافا فظيعا

خنته اليوم مع أحد حراسه .. لوسى ليس حبا فى الخيانة بل أملا فى الحرية حتى يساعدنى على الهروب
سأرحل لوسى سأرحل سأخذ ابنى وأرحل لقد ضربه خورى مرة آخرى اليوم
لا أعرف مكانك حبيبتى
لكنك ستعلمين مكانى بباريس
تركت لك هذه الوريقات فى حشية البيانو لأنك الوحيدة التى تعرفين قيمته ليس كقطعة انتيكة أنيقة يضمها قصر الخورى
ثم أوراق وعبارات لم أفهم منها شيئا

صدمنى ما قرأت وآلمنى صورة الطفل الحزينة
وتساءلت أى نهاية حدثت لك سلين
أى مصير كان مصيرك أنت والطفل المسكين .. هل قتلكما خورى أم ماذا ؟
أن صورتكما المكللة بالسواد تنبئ بموتكما
لكن كيف؟
كانت جوجى كعادتها فى المطبخ منهمكة فى إعداد الطعام تسللت إليها خفية
رحبت بى مازال الوقت مبكرا على طعام الغذاء ضحكت يبدوا أن ثمة شئ شهى لنا اليوم
نعم حبيبتى اعددت شيئا مميزا لفدوى وبسام ثم غصت أعلم أنك تحبينهما كثيرا لكن جدك لن يحبذ هذا وقد يغضب كثيرااتكأت على الحائط أغمم فى شرود إلى أى مدى يصل غضبه
هل سيقتلنى كما قتل سيلين وابنه
كان رنين المعلقة التى وقعت على الأرض يكسر هدوء القصر وجوجى تأخذنى فى حضنها فى رعب
لاتلفظ اسم سيلين حبيبتى رجاء نظرت لها دامعة
هل قتلهما جوجى؟!
مسحت دموعى
لا حبيبتى لم يفعل ..لكن. لكن ماذا ؟!
نظرت حولها جيدا وكأنها تخشى من يلتصص
لقد انتابت سيلين حالة من الآلم وقد حاولت الهرب مرارا ولم تفلح ثم ركبت سيارتها ومعها الصغير وخورى يومها كان يقهق كالشيطان وهو يقول هيا اهربى
ترجته كثيرا وقبلت قدمه والصغير يبكى فى السيارة أن يتركها ترحل لكنه رماها بقسوة وقد تعلق بصرها بالباب الحديدى المغلق وعنئذ اتخذت قرارها ركبت سيارتها وبسرعة ودون أدنى توقع قادت السيارة واصدمت بالباب فى قوة كان حادثا مريعا ثم عادت لطناجرها تمسع دموعها السخية وصوتها مختنق
لكنه لم يقتلها ضحكت فى سخرية ..يا البشاعة لم يقتلها
يا له من قاتل يا له من جبار يا له من طاغية ..كم أود أن أقتله
لم أسمع صوت جوجى محذرا وأنا أنصرف ولم أع أن هناك من كان يتلصص
ومن يحصى أنفاسى وخطواتى ومن ينتظر وينتظر
الواشى

مع أفكارى الحزينة جلست حتى المساء .... لم أتناول طعاما فصورة ايلى الصغير وسيلين تنغص مضجعى ...إنها ضحيته الأولى ...قتلها بأعصاب باردة ودون رحمة ..قتلها قبل موتها بسنوات دون أدنى شفقة...يتراء لى شبحها الحزين يعزف لحنا جنائزياً على البيانو...تساءلت فى وجوم هل يصبح مصيرى مثلها ....ثمة طرقات على الباب إنها جوجى .. اخبرتها بضعف لا رغبة لى فى تناول الطعام ...اخذتنى فى حضنها وهى تقول اهدئ إيتها الصغيرة ...آه يا جوجى الحبيبة كم كان حضنك دافئاً...وكم فرحت وأنت تخبرينى أن فدوى فى تحسن مستمر وأنهم يدعونى لتناول الطعام معهم.
كانت أمسية رائعة شاركنا فيها دكتور كارم الذى جاء ليطمئن على فدوى مرة آخرى . .لم تخل أمسيتنا هذه من بعض القفشات على طهو بسام واللحم النيئ لكن فدوى ساندته كعادتها وهى تقول
هكذا يؤكل اللحم المشوى ثم ضحكت فى ضعف وغص حلقها... فوجئت بذلك الآلم المضنى الذى ارتسم على وجه الطبيب .. يا له من رجل عطوف ولكن النظرة الحائرة فى عينى بسام لم تعجبنى أبدا نظر إلي الطبيب ثم إلى فدوى وارتسم على جبينه ألف سؤال
ترى هل يغار .. هتفت فى أعماقى وما شأنى أنا لكنه فجأة احكم الدثار حول ابنة عمه وهو يحيطها بذراعيه ..وقد فجأتنى تلك النظرة المتألمة فى عينى الطبيب.. ودق قلبى وفزع إنها ليس عطفاً
إنه حب ..هل يعلم بسام...هل تعلمين يا فدوى...المتعت الدموع فى عينى وأنا أتذكر نهارى الحزين وأغوص فى أفكارى السوداء
آه يا فدوى لديك اثنين يحبانك وحياة رائعة حرة بينما أنا سأقبع فى القصر تحت رحمة الطاغية
ستتركين شقيقك نادر لكنه سيبقى يراقبنى كالصقر...ترى كم سأحتمل ...عاماً آخر ..عامين
ثم تكون نهايتى مثل سيلين أو أهرب مثل لوسى ...ارتعش جسدى ولم أعد أحتمل حبس دموعى
فانفجرت فى البكاء ..كان صوت بسام حزينا وهو يقول:-
شادن يا صغيرتى ..ما بك .. كانت أطرافى قد تشنجت.. ثم وجدت نفسى فى فراشى وثلاثة أزواج قلقة من العيون تحيطنى والطبيب يدس فى ذراعى حقنة ما وهو يقول إنها تعانى صدمة ما .. اشحت بوجهى ويدى فدوى تمسح جبنى بحنان ... كنت بدأت أشعر بالدفء حينما دلفت جانيت عبر الباب وهى تهتف باستياء:-

ماذا يجرى هنا
ثم قالت امرة من سمح لكم بالدخول .. سمعت بسام يقول محذرا
إنها متعبة اتركيها ولا تزعجيها مطلقا
شئ فى نبرته الواثقة الجمتها.. لبثت فى مرضى الغريب يومان ...لم أكن أعانى علة ما ولكنى سعدت باهتمام بسام الدائم بى ولم يضايقنى سوى نظرة فدوى الحائرة ..كنت أسعد برفقته الصباحية ...حتى الصباح الآخير اخبرنى أن عليه العودة للعمل ووعدنى بالزيارة فى الأسبوع المقبل ... حينما أغلق الحارس البوابة خلفه شعرت أن روحى طارت شعاعاً معه..وهربت من نظرة فدوى المؤنبة
لم أملك سوى الهرب وتجنبها بقية اليوم...إلا أن يومنا الرائع انتهى فجأة بوصول خورى الطاغية
احضر لى كثيرا من الهدايا والملابس ولكنى اشمئززت منه وتذكرت سلين وايلى فصرخت فى وجهه
وكان هذا خطأى العظيم ..الذى دفع ثمنه غيرى ..بل ودفعت أنا الثمن لاحقاً
كان هناك نادر دائما يحصى ما سماه تجاوزات وكانت هناك جانيت عينه الساهرة على حتى الفجر الآخير الذى كنت أسجد فيه فى صلاة الفجر لأجد ذلك السوط القاسى ينهال على ظهرى وأنا أصرخ وأصرخ حيث هرعت فى أثرى فدوى وخديجة تمنعان الطاغية عنى فقد اكتشف سرى
توقف فجأة عن ضربى وهو ينظر بغيظ للمسكينتين وهو يشير لنادر الذى وقف محتارا لبرهة ضاعت أمام نظرة خورى القاسية وشماتة جانيت الواضحة
واتخذ قراره ....قرارا لا يتخذه سوى شخص جبان لا انتماء له سوى المال .. فقد ربط شقيقته وخديجة بالحبال والقاهم فى قبو المنزل بلا حول ولا قوة

رغد الديب 04-02-2014 07:20 PM

الجميلة روان ..
حقيقة لن اخفيها اخذت باسلوبك الماتع وان ارهقتني وارهقت مسائي ورغم كل هذا الأرق
فثمة ما جعلني أدق وتدا ها هنا بعد أن تعالت أنفاسي المتصاعدة مع هذه البراعة والقدرة على دك حصون الهدوء في نفسي ..اعلم جيدا اني لن امنع نفسي من اطلالة دائمة بين الفينة والأخرى على رائعتك ومسرح الإثارة المحمل بالوجع والتحدي ..وان لم اصطحب مظلتي ..
حتى اللحظة الاخيرة ساردد رااائعة انت و
لن اكتفي

روان عبد الكريم 04-13-2014 07:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغد الديب (المشاركة 174002)
الجميلة روان ..
حقيقة لن اخفيها اخذت باسلوبك الماتع وان ارهقتني وارهقت مسائي ورغم كل هذا الأرق
فثمة ما جعلني أدق وتدا ها هنا بعد أن تعالت أنفاسي المتصاعدة مع هذه البراعة والقدرة على دك حصون الهدوء في نفسي ..اعلم جيدا اني لن امنع نفسي من اطلالة دائمة بين الفينة والأخرى على رائعتك ومسرح الإثارة المحمل بالوجع والتحدي ..وان لم اصطحب مظلتي ..
حتى اللحظة الاخيرة ساردد رااائعة انت و
لن اكتفي

الحبيبة رغد
اسعدنى ردك كثيرا واعتذر عن تأخرى فى الرد لظروف مرضية

لك محبتى ودفء مشاعرى

روان عبد الكريم 04-13-2014 07:29 PM

الضحايا

مازلت تلك الأحداث الرهيبة تدق فى رأسى حتى بعد مرور السنوات ..تسبب غصة فى قلبى ..فقد ارتعت لمرأى فدوى وخديجة وقد تم تكبيلهما بالحبال ورميهما فى قبو القصر وحبسى فى غرفتى دون طعام أو شراب ..كنت أسمع بين

الحين والآخر صراخ فدوى الضعيف ونحيب خديجة وصوت نادر متوعداً


يومان قضيتهم فى حبسى لا أعرف ليلى من نهارى ..دون أن يغمض لى جفن فقد كنت أصرخ وأصرخ حتى اتساقط من الأعياء .. وإذا بالبا ب يفتح فأقف غير قادرة على رفع جسدى ولكن وجه تونى عراجى المتشفى وملامح نادر الصارمة

والإابتسامة الشامتة على شفتى جانيت كل هذا يمنحنى القوة لأنهض فى اعتداد لم يفت العجوز الغاضب فقد ضيعت كل خططه على مدار عام أو يزيد ...لم تردعنى النظرة االصاعقة فى عينى العجوز ..لكن ما كسرنى وحطم ذاتى هو

فدوى وخديجة فقد تعرضت كلتهما للصفع بقسوة وعنف بالغين تحمل بكل تأكيد توقيع نادر الناصرى شقيق فدوى الخائن


كان قد جذبنى بايعاز من العجوز بقسوة من شعرى حيث القبو الرطب لأجدهما مكبلتان بحديد النافذة وفى حالة يرثى لهما وندت عن فدوى صرخة ملتاعة وهى ترقب الجسد المتكوم وقد اوسعه الحراس ضربا وشجوا رأسه والدم ينزف

منه بغزارة

لا ليس هو

لالا ليس بسام

إنه بعيد ماذا يفعل هنا لكن كعوب الحراس تغوص فى جسده المسجى والدم النازف وصريخ فدوى ..كل هذه الألوان والصخب ...كل هذا الظلام والظلم من أجل ماذا

أن أصبح ناتالى .. لقد تعالى صوت الطاغية

أقتلوهم وهو يجذبنى من شعرى

صرخت لا

جدى لالالا أنا ناتالى

لا تقتلهم

أنا ناتالى أرجوك


نظر لى لوهلة وهو مغمضا عيونه وقد أشار لرجاله أن يتوقفوا عن ايذاء بسام

وهو يشير مرة آخرى لأذنه

هيا يا أنسة دعينى أسمع ما قلته مرة آخرى

هيا يا أنسة اطربينى إسعدى مسامعى يا ناتالى الصغيرة

غص قلبى .. لكن هؤلاء ما ذنبهم

أنا ناتالى غسان خورى يا جدى

ضحك كالشيطان ...كالليل الأسود ...كصوت سحيق من الجحيم

ضرب أسوار العزلة حولى من جديد ..أسوارا حصينة من فولاذ ..ومن خلف أسوارى راقبتهم فى عربة قديمة تقودها فدوى الضعيفة حيث يرقد بسام ينزف بغزارة وتنتحب خديجة بصمت طردى قصر خورى الطاغية ..ليتنى كنت معهم .

اغلقت أبواب القصر خلفهم وخلف الأبواب ولدت فتاة آخرى

فتاة قاسية لا قلب لها تحمل أخطاءا اقترفها غيرها وغادروا القصر إلى غير رجعة منهم من ذهب فى رحلة أبديه ومنهم من ظل رحيله غامض

ولدت ناتالى خورى قربان لمن ساعدوها يوما ودفعوا ثمن شهامتهم

كان هناك نادر وقد استعاد مكانته

كانت هناك جانيت الباردة وقد امنت مأواها فى القصر

وكان هناك مريول جوجى مغبر بالطحين وطناجر خاوية وقلوب صدئة ونفوس مريضة وصور مكللة بالسواد وأمال مدفونة وضحكة سرقت منى وقلب لم يعد بمقدوره أن يخفق أو أن يتذكر أو أن يدرى كيف هو

لم أسأل عن مصيره ..كنت أعلم أن فدوى هناك وأنه سينعم برعايتها .. فزاد حقدى عليها

أعنى حقدها هى ناتالى فلم تملك سوى الحقد فى قلبها

وحتى حينما عاد بعد شهر عبر الأسوار خلسة من الحراس وقد ضمد جبينه وبان عليه الإعياء وقد تسلق نافذة غرفتى لم تتح لى الفرصة لخفقة قلب .. ظهر نادر بسرعة البرق فقلت له ببرود

السيد بسام أتى لزيارة صديقته شادن ثم رسمت ابتسامة ساخرة مقيته صفراء

معذرة عزيزى بسام لا وجود لشادنك هنا

كانت لعبة واستمتعت بها

أنا ناتالى ثم ضحكت بطريقة مسرحية معذرة بسام

لقد تحولت اللعبة وصدقها الجميع حتى أن جدى استشاط غضبا

كان بسام وقد وقف مذهولا ونادر ينظر إليه بسخرية وهو يردف

إنها الحقيقة بسام صدقها ثم يربت على بسام المذهول بخفة

لاداعى لامتطاء الأسوار فانت مرحب بك فى أى وقت

نظر لى بسام مرة آخرى غير مصدق ولكن ناتالى كانت تقف هناك صلبة ومستعدة

ناتالى خورى حيث ولدت من جديد ترقب بسام ينصرف بفتور وهى تغممم بحقد

اذهب ..فدواك فى انتظارك

روان عبد الكريم 04-13-2014 07:33 PM

ليلة عيد الميلاد السوداء

لقد بهت بسام وذهل خاصة وأنا أشر للحراس أن يخرجوه وأنا أقول بغطرسة >
لكن دون أذية فليس لآل خورى أن يؤذوا ضيوفهم..
مازل شادن الطيبة تقبع فى ركناً ما منى قلتها وأنا أستدير وأدلف للقصر ثم إلى حجرتى كنت أرقبه من وراء زجاج النافذة يمضى الهوينا منحنى الظهروقد تلبدت السماء واكفهرت ونزلت الأمطار كالسيول لتبلل قميصه الخفيف وضعت يدى على الزجاج ألتمس البردوة علىّ أشعر بشئ لم أجفل وصوت جانو يهتف من خلفى وهى ترنو إلى ساخرة
احترسى يا صغيرة لقد عصف الحب يوما بأمك وهى فى سنك فأضاعها استدرت إليها وأنا أنظر إليها نظرة ذات مغزى ثم جلست أمام المرآة وأنا أمشط شعرى وأقول لها
اخبرينى عن أمى جانو يبدو أنك كنت تعرفيها جيدا
جفلت وهى تحاول الانصراف
لا أعلم عن أمك الكثير ناتالى نهضت وامسكتها من ذراعها بقسوة وأنا أخرج صورة تجمعهما
أاليست هذه لك؟
فهتفت كيف تجرؤين
ضحكت بسخرية
منذ جعلتمونى ناتلى بالإكراه فأنا أفعل ما يحلو لى نظرت لى بحقد
تماما مثل لوسى .. إذا أرادت شيئا يجاب لها اضاعتنى واضاعت نفسها حينما انساقت بمشاعرها وراء الفتى المصرى بعدما قابلته فى باريس ثم جلست على الفراش وهى تنهار فى بكاء مرير هل تعاطفت معها.. كلا .. أبدا.. فقط علمت أنها تكرهنى حتى النخاع كما تكره لوسى وتمقتها مسحت دموعها بسرعة وهى تعود للهجتها الرسمية وتخبرنى بما لدى اليوم فقاطعتها وأنا أنظر إليها بتفحص
هل لدينا قرابة ما
فغصت والذهول يكتسى محياها ثم يتحول لغضب مرير وقد طارت عبر الغرفة لا تلوى على شئ مرت الأيام وقد توقف المطر ثم عاد بثلوج قوية غطت كل شئ حتى الأبدان الشائهة كانت ليلة عيد الميلاد ليلة باردة مرتعشة ملبدة بالغيم الرمادى ، تطلعت فى المرآة للصورة المنعكسة وتلك البراءة التى غادرت عينى وشعرى الأشقر المصبوغ والقرط الصاخب فى أذنى وفستانى الأرجوانى القصير فتاة أنيقة تنتمى لهذا القصر الكئيب تحفظ جدرانه صوتى لينضم لصوت ضحايا آخرين تنهدت فى خفوت محاولة تذكر ماضى بعيد لفتاة .. لصبية آخرى سعيدة وكأن عاما وبضعة أشهر قد صارت عشرات الأعوام اضيفت لنفسى المتعبة كان خورى يقف فى الأسفل ومعه تونى عراجى واضح أن ثمة مشكلة ما فقد بات العجوز غاضبا وقد انهى غضبه ببصقة على وجه كلبه الأليف تونى الذى مسحها فى برود وهو يسمع باقى الشتائم ضحكت فى سخرية وأنا أهمس
كان لابد أن تتلقى بعض دورس الاتكيت التى تتحفنى بها يا خورى
تنبه لوقع خطواتى على السلم فتهللت أساريره وهو يقول
ناتالى حفيدتى الجميلة
اومأت فى خفة وأنا أنظر نظرة ماكرة تعمدت أن يلحظها تونى على مكان البصقة فضاقت عينيه فى ضيق امسكنى خورى من ذراعى برقة لندلف بالسيارة وهم تونى أن يجلس فى المقعد الأمامى فصرخت فى حدة
لالالا
نظر لى العجوز متسائلا فقلت
فى غطرسة لن يركب أحد عمالك معنا متغاضية عن كون تونى مدير أعماله الذى وقف أمام السيارة محتارا فصحت فى غضب للسائق
أغلق الباب ففعل
بهت العجوز ثم افترت أساريره عن ضحكة شيطانية ساخرة وهو يردف
أنت فعلا حفيدة غسان خورى تجاهلته خشية أن يرى الدمعة المترقرقة فى عينى وأنا استغرب فى هذا الشر الغير مبرر لأذية الغير وتطلعت للمشاهد التى تمر بلا اهتمام .. أغوص فى أفكارى عن أبى ويعصف بى الغضب كيف لم يبحث عنى ..هل كنت عبئاً ثقيلاً حتى يتخلص منه أعرف أنه فى الثامنة والثلاثون من عمره .. مازال شابا .. لكنى ابنته .. هل تقبل خروجى من حياته كما تقبل خروج أمى أتساءل إين أنت يا لوسى أين أنت ثم يتراء بسام وفدوى وقد تلاشا من حياتى وعباراتى القاسية التى صدقها بسام جعلته يلفظنى من حياته الجميع لفظنى ووقعت فى قبضة الجبار غصت فى مقعدى والكأبة تأكل صدرى ثم ابتسمت فى مرارة فتاة جاحدة لديك أشياءا لم تحلمى بها فقط لو يأمن العجوز مسلكى .. هو مازال يشك بى رغم كل شئ نوعا ما يحيره تغيرى السريع ألمح فى عينيه رضاءه عنى لكنه مازال مصرا على سجنى عدا المرة الوحيدة فى الأسبوع الماضى الذى سمح لى بالخروج برفقة جانو ونادر للتبضع كنت أرقب الجمهور على أجد بسام بينه .. لكنه تلاشى وتركنى أستيقظ من أفكارى على يد العجوز وقد توقفت بنا السيارة أمام بناية ضخمة لم أتبينها فى البدء ثم عرفت وعينى تزداد اتساعا فأغمضها فى ذهول إنه اختبار خورى الكبير اختبار تشهده إحدى أكبر كنائس بيروت الشهيرة توقف فى حيرة وقد تجمدت قدماى إلا أن العجوز سحبنى من ذراعى وأنا أنظر فى لا وعى لنظرة تونى عراجى المتشفية وقد وصل فى سيارة آخرى كانت نبضات قلبى سريعة سريعة وعرقى بارد وعينى زائغة فاليوم أودع اخر خيوط تربطنى بشادن لأصير ناتالى خورى نهائيا
أنا ناتالى غسان خورى همست ثم هززت رأسى فى رفض ..
كلا شادن سميح محمود
بل ناتالى
وقد لاحت صورتى فى المرآة فأغمض عينى
بل شادن إيتها الغبية
أرقب الوجوه فى وجوم وقد وقفت تلك الراهبة الجميلة التى يبدو أننى رأيتها فى مكان ما تبكى وتتكأ على الجدار جلست فى مقعدى ودموعها تنهمر فى غزارة فإذا بخورى يشير لأحدهم فيحاول إخراجها من القاعة فترفض فى غضب وواضح أنه يطلب منها التوقف أنظر لخورى بألم أيها الطاغية
دعها تبكى دعها تبكى لأجلى

لأننى لا أملك البكاء فإنك ستحول بكائى لدماء ايها الطاغية سحقا لك قرصت نفسى فى ذراعى
اصمتى إيتها الجاحدة أنت ناتالى فلتذهب الراهبة إلى الجحيم فليذهب الجميع للجميع أنت ناتالى خورى القوية الثرية لست شادن الضعيفة الضائعة التى لفظها الجميع
كانت تترائ على وجهى انفعالات أقرب للجنون .. وقد علت الترانيم لتخدر أعصابى وتبعث فى جسدى نشوة ..كانت رأسى تدور وتدور مازلت أذكر ليلة العيد ليلتى المترفة بالحلم والألم مازلت أسمع حثيث خطواتى صاخبة هادرة تقترب من الأب ..كانت الأجراس تكمل مشهد التأبين مراسم موتك يا شادن ..
هيا ارحلى فى سلام ..
لتتقدس روحك فى السماء ..
اعطانى الأب خبزا بعد أن قبله .. اخذت القطعة فى استغراب .. انتظر أن أكلها
ارحلى يا شادن ليتقدس اسمك فى السماء
ارحلى فى سلام
ثمة يد قاسية تغرس فى لحم يدى بأن أكل قطعة الخبز كلى ناتالى كلى أنظر إليه فى ذهول وهو يقول والعيون تتعلق بنا كلى إيتها الحمقاء لقد جعلتينا أضحوكة أسأله فى حيرة

ناتالى من ناتالى من..
أكاد أبصر فى وجهه وحشا مرعبا فألقى الخبز فى وجهه يلطمنى الوحش فى قسوة فأخمش أظافرى فى وجهه وتسيل دماؤه وهو يصرخ مذهولا وأنا أصرخ فى غل وهستريا

اذهبى فى سلام .. وأهاجمه مرة أخرى وقد اثارتنى الدماء وقد رفع شخص ما مسدسه فى وجهى إلا أن الراهبة الباكية اخذتنى فى أحضانها وأنا أصرخ فى هستريا
دعها تذهب فى سلام

ثم تتلاشى الأرض من قدمى ويسود الظلام

يتبع الحلقه القادمة........

روان عبد الكريم 04-20-2014 01:12 PM

الحقيقة


بسام يحكى
قابلت شادن اليوم بعد ان تسلقت الاسوار خلسة من الحراس

من هى هذه الفتاة التى قابلت هل هى ناتالى ..كأننى ارى خورى البغيض يظلل روحها ..لقد تعافيت بمعجزة بفضل رعاية فدوى بعد ان نزفت الكثير من الدماء ... هل تم ايقاعنا جميعا فى لعبة فتاة حمقاء ..لعبت تمثيلة سخيفة من اجل التسلية...عصفت الحيرة بى فما رايته بعينى هو صورة اخرى لخورى ..صورة جديرة بحفيدة طاغية مثله ..كان نادر هناك لماذا عجزت عن ضرب الوغد الذى اذى فدوى وخديجة من اجل سيده ..االجمتنى الفتاة التى رايتها وبكيت فى اعماقى وشعرت بسخافة موقفى
هل كنت وهماً يا شادن ...كنت اذرع الشقة البيروتيه الصغيرة واياد يجلس امامى وانا احكى له فغمم فى شرود
يبدو انها مريضة لنتحل كل هذا
شردت فى كلامه مريضة ....رن الجرس فدخلت فدوى... مريحا ان ارى وجه فدوى الحبيب وهى تدلف بالطعام لقد اسكنتها االشقة المقابلة بعد تركها قصر غسان
لاحظت شرودى فرويت لها....عقدت بين حاجبيها
كلا ان الفتاة تحاول حمياتك
وقفت باعتداد تذكر امسيتنا الاخيرة بسام اعطتك اسم وعنوان ابيها
هتف اياد مخالفاً فدوى
هى تكذب ولن يضيرها ان تعطى اسماء وهمية لكنى النظرة فى عينى وعين فدوى حينما اخرسته وهو يهتف
هيا هيا اذهب يا بسام خلف الاوهام
وقد كان فما هى الا يومين وكنت ادب دبيا فى شوارع القاهرة
وجدت العنوان واالشقة المغلقة وقد تطوع احد الجيران ليخبرنى ان السيدة العجوز قد توفت بعد سجن ابنها واختفاء الحفيدة فى ظروف غامضة...علمت ان ابيها تورطت فى شيك بدون رصيد
كنت جد مجهد جد فرح ان شادن حقيقة لا كذب ولم يمنعنى اجهادى ان ازوره فى سجنه
سميح محمود كان لايزيد عن الثامنة والثلاثين يبدو انه انجب ابنته فى سن مبكرة

زرته
كان الرجل يخبط رأسه فى الحيط وهو يصرخ ان لا علاقة له بالشيك لقد حكم عليه بالحبس ثلاث سنوات
قضى منها عام يجتر الالم لوافة امه واختفاء ابنته...من الواضح انه تعرض لمكيدة ما وقد بكى بشدة لمعرفة اخبار ابنته ...عدت لبيروت على وعد بمساعدته ..عدت فى ليلة عيد الميلاد لاجد بيروت باردة ترتعش اجواءها ولكن وسط هذا الغيم والبرد كانت هناك شادن تصارع الحياة

عدت لبيروت وكثير من الغيظ يتمكلنى وودت لو اقتل خورى ونادر وكل الطغاة
شعرت بالعجز والقهر وانا لا ااج ملك لاخراج الرجل الذى لعب به خورى بمكر
الرجل الذى يملك اخراج شادن من قصر الطاغية
سميح الذى صار اقرب للجنون وهو يضرب راسه فى جدران سجنه ولقد وعدته بأن اخرجه
نظرت لسماء بيروت الغائمة وقد عدت قبيل الفجر امسك بجدار السور وانا اتمزق
دائما تعد بما لاتقدر عليه
وعدت فدوى بأن تسعى دائما لسعادتها لكنك تخاذلت عن تحقيق احلامها فى سبيل الحفاظ على اسم الجارحىان
وعدت شادن بان ترجعها للقاهرة وان تعيد لها هويتها ولكنك وقفت عاجزا
نفس العجز الذى انتابنى فى البئر ليلة المجزرة
الظلام يغمرنا وفدوى تبكى فى صمت قد تشنجت اعضائها ونادر يتوعدها بالقتل ان لم تصمت ..........

روان عبد الكريم 04-20-2014 01:13 PM

لــــــــوسى


اثنى عشرة عاماً قد مضت منذ رحيلى الأخير عن القصر ودخولى الدير بارادتى..لم أعد استطيع العودة للقاهرة حيث ابنتى وسميح
تفصل بينى وبينهما بحار من الدم والألم .. إن سامحت فلن يسامحونى ...الحقد الذى ورثته من أبى دمرنى وحطم حياتى.. لكنى عاقبت نفسى بالانزواء والهروب من كل شئ .. لم أعد لحياتى فى القاهرة ولم أعد لحياتى فى بيروت ولن أذهب لأقربائى فى باريس فهم لا يرون فى سوى جنون أبى الذى أودى بحياة سيلين وايلى ولولا أنى قابلت سميح فى باريس فى ذاك الصيف حيث كان يزورها ضمن رحلة الجامعة لرميت نفسى فى النهر هناك.. ليتنى فعلت قبل أن أدمر حياة آخرين .. كنت ضائعة شريدة فى شوارع باريس لا يجمعنى بأهلها سوى جواز سفرى الفرنسى الذى امنته بفضل أمى .. كان سميح منقذى وصديقى ... تزوجته سريعا وعشت معه أجمل أيام حياتى.. لكن حلمى انتهى بالإنتقام ... انتهى أنى نفيت نفسى فى الدير حيث لا سلطان لخورى العظيم هناك.
كثيرا ما أسأل نفسى عن جانيت ابنة خالتى ... لماذا افشيت لها بسر ابنتى... ولماذا لم أساعد شادن حينما علمت بوجودها لدى خورى .. لقد حاولت الأتصال مرارا بسميح دون جدوى ..خشيت أن يكون حدث له مكروه ..وأن يد الإنتقام التى حرقتنى يوما قد طالته
على مدى شهور كنت أخرج من الدير بصعوبة بالغة .... كنت أريد أن أرى شادن خلسة بمساعدة خديجة ... ولأنى أعرف سراديب القصر كنت أدخل دون أن يدرى الحراس .. حتى هذه المرة التى وجدت نفسى أمام جانيت.. لست أدرى لماذا ظهر حقدها فجأة .. لقد صفعتنى بقسوة... أعلم أنها خائفة فقد دفعت ثمن مساعدتى على الهروب من بيروت ثمنا غاليا ...كانت قبلا تعيش مترفة فى رعاية أبى ... لكن بعد رحيلى طردها بقسوة ليس من القصر .. بل من بيروت كلها...أعرف أبى أى شيطان هو حينما يتملك الحقد قلبه .. لا يسمح للألم أن يتسلل إليه بل يسبقه بكل قسوة.. لم ينحنى يوما...هو صلب عديم الرحمة ..لكن ماذا يبغى من شادن المسكينة لماذا يحولها لناتالى التى غادرته منذ أربعين عاما
يتبع.......
لقد تبادلت معه حديثا قاسيا فتوعدنى بقتلها إن لم أبتعد عنها....بل زارنى فى الديروقال إنى لفظته من حياتى بل لفظت الجميع وأنه لا حق لى فى ابنتى .. ولم ينس أن يذكرنى بكل قسوة بأحداث طواها الزمن أحداث من شأنها أن تزيد الفجوة بينى وبين ابنتى.
زارتنى خديجة بوجه متورم واخبرتنى لأى جنون وصل العجوزوما فعل بها وبفدوى وبسام ..بسام الذى مكث قرابة شهر فى المستشفى .. لقد قرر خورى الحرب .. أعرفه حينما يقرر أمرا ما... سيقتل دون رحمة
ودعت جديجة وطلبت منها مغادرة بيروت فاخبرتنى أنها ستذهب لبلدتها فى الشمال..اعطيتها مبلغا مالى سخى .. رفضته فى البداية من خادمة دير فقيرة .. لكن مازلت أملك الكثير من الأموال التى تركتها لى سيلين فرغم كل شئ استطاعت أن تؤمن قدرا من المال حتى ابتعد عن سطوة أبى .. لكن المال لم يؤمن لى شئ بل عاد بى إلى بيروت مرة أخرى إلى غسان خورى الداهية حتى انتقم ..الانتقام الذى دفعت ثمنه فى منفاى الأختيارى.
يبدو أن سنوات السلام والارتخاء والانزواء قد أضعفت عزيمتى وأوهنت قدرتى فاستسلمت لعل سميح يتصل بى كما دأب أن يفعل طوال هذه السنوات دون أن يحرك ساكنا أو يأتى لبيروت ويرانى ..هل تراه كان يعلم .. هل سامحنى وهل هذا أمر يمكنه المسامحة عليه.. مسحت دمعة طفرت من عينى وأنا أنظف المذبح استعدادا ليلة عيد الميلاد .. كنت كاسفة البال حزينة حينما استدعتنى الراهبة الأم
كان وجهها صافيا وهى ترنو إلى
كيف حالك لوسيا
أومأت برأسى احترما للأم المبجلة التى امسكت بوجنتى وهى تقول لك اثنى عشر عاما هنا ولم تنس أمر هذه الدنيا بالخارج ..إنك لم تحب الرهبنة قط فشهوة الدنيا بداخلك قاطعتها بصوت خافت لكن
يأمى
نظرت لى بعمق
إذا كنت تؤمنين بالطريق الرهباني فيجب أن ينبع من أعماقك، وأن يترسخ فيك
إن كان الأمر هكذا، فلا تضطربى. إنما يحسن لك أن تصبرى، وتصلي أن يكشف لك الرب الطريق الذي يريده لك ... ولكنك يا بنيتى نذرت نذراً خاطئا على أساس خاطئ يفعله كل الذين يعانون من متاعب زوجية أو أسرية أو معيشية. .. أو .. الذين يحضرون عقب صدمات عاطفية.. أو الذين يرغبون في الإقامة دون الرهبنة.

نظرت لها فى ارتياع لكنها ربتت على كتفى بحنان
لن أطردك لوسيا الحبيبة لن أفعل أبدا ثم استدرات لتواجه النافذة
اجعلى الدير ملاذك ولكن تذكرى أن الرب موجود
عبارة ربنا موجود يسمعها الضعفاء فيطمئنون ويسمعها الطغاة فيرتعشون - لو كان عندهم ضمير.
تذكرى أيضا
"هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ
تنهدت فى طمأنينة ليت لى مثله أيتها الأم الحبيبة فالألم سكن قلبى سنوات ..الرب موجود عبارة يسمعها الطغاة فيرتعشون لو كان عندهم ضمير لكن هل لأبى غسان خورى ضمير
أى ضمير يسمح له بأن يجعل شادن هذا المسخ الذى رأيته يدلف عبر باب الكنيسة عشية عيد الميلاد..أين هذه الناتالى بشعرها المصبوغ ونظراتها الثلجية القاسية من ابنتى الوديعة .. كرهت جبنى وضعفى وانغماسى حول ذاتى .. طوال شهر كامل لم أرها ..شئ فيها مات .. بكيت .. هل كان يجب عليك يا أبى أن تأتى بها هنا... هل تريدنى أن أشهد انتصارك الزائف
هل انتصرت يا خورى العظيم وهى تفقد صوابها وتمزق وجههك ..أى مسخ صنعت أيها التعس... هل انتصرت يا خورى الطاغية وهى تهذى بجنون وتصرخ بهستريا...هل بهت وأنا أقف ضدك وأمنعك عنها .. لقد تركتها فى منتصف الليل فى ذلك المستشفى البيروتى الشهير
كنت سعيدة أن أرى الألم على وجههك وأنت ترقبها بجسدها المتخشب خلف الزجاج وكنت تعيسة على أمومتى التى تخليت عنها ... لكنى كنت أعلم أن هناك شخص آخر يهتم بأمرها
شخص كاد يفقد حياته يوما من أجلها
شخص اسمه بسام الذى عرفت عنوانه من خديجة ولم أنتظر حتى الصباح حتى أستغيث به لعل هناك أمل فى أن تعود ابنتى .

روان عبد الكريم 04-20-2014 01:14 PM

ايـــــــــــاد
استيقظت فى هذه اللحظة على صوت رنين الباب فوجدت بسام وقد عاد ويبدو أن لديه ضيف .. ضيف غير عادى على الاطلاق
فم الذى يجعل راهبة تزورنا بعد منتصف الليل؟ ! .. كنت مازلت أطرد النعاس عن عينى وأنا أتوجس الشر فقد كان بسام بين الحياة والموت منذ فترة وجيزة نتيجة اعتداء حرس خورى عليه ولم تسلم فدوى هى الآخرى ..هما صديقاى منذ زمن بعيد وأنا أدرى الناس بما واجها وظروفهم العسيرة وليسا بحاجة لمشاكل فوق مشاكلهم .. لكن يبدو أن شادن التى لم أرها حتى هذه اللحظة استحوذت على حواسه ومشاعره لقد حيرنى كثيرا تقبل فدوى للأمر وحيرنى جنون بسام بها وإنه ذهب للقاهرة وكنت واثقا أنه يطارد أوهامه ..طردت هذه الأفكار من رأسى وبسام يشير لى أن أجلس وهو يقدم لى ضيفته الغامضة
لوسيا خورى هززت رأسى غير مصدق
وهل لديها قرابة ما بهذا الأرعن خورى .. لكنها حينما رفعت إلى عينيها المتورمة من البكاء ندمت على كلماتى .. ثمة خطب ما بهذه الراهبة الجميلة التى مازلت فى ريعان شبابها وقد انفجرت الكلمات من بين شفتها بنحيب متقطع
لقد انهارت شادن .. ابنتى ضاعت ... إنها ترقد متخشبة حينا وتهذى حينا وقد أعطى لها الأطباء حقنا مهدئة كى تنام .. تركتها فى المستشفى
لقد دمرها خورى أبى فى سبيل حلمه لصنع خورى آخر
كان بسام يذرع الغرفة كالليث الجريح وهى تحكى مشهد المذبح الكئيب ثم ضرب يده فى الحائط حتى كاد يحطمها ..هتفت به رويدك يا رجل رويدك
اجلس بسام .. اجلس .. أرجوك وسط رنين الجرس مرة آخرى لتطالعنى فدوى قلقة متسائلة وهى تهرع نحو بسام
قائلة
بسام لقد وصلت ..ماذا حدث هل تيقنت ووو ... بترت عباراتها على مشهد لوسيا خورى الراهبة الباكية
وألف سؤال وسؤال يرتسم على وجهها
وسط أكواب الشاى المعطر بالهيل التى صنعتها على أخفف قليليا من التوتر الذى يخيم علينا والوجوم يسيطر على وجوهنا
انتفضت فجأة لوسي وهى تكاد تسقط من الإعياء كل هذا الشر من أجل ماذا
خطف شادن وسجن سميح وضربكم وطرد جوجى
كل هذا حتى يعيد ناتالى الضائعة ... ألم يكفه ما صنع بنا .. ألم يكتف .. جاوبها بسام بصوت عميق يغلب عليه الإنفعال
إن غسان خورى طاغية حقيقى يصم سمعه ويخبو بصره عن مطالب الآخرين لا ينظر ألا إلى مطالبه وخططه فقط
أغفرى لى سيدتى إن قلت أن طغيانه يقارب الجنون وفى سبيله لن يتورع عن القتل والذبح ..اعتاد أن يبنى مجده بالدماء
غصت لوسى كثيرا وهى تضع كوب الشاى
لا عليك .. أعرف أبى .. وقد خبرت معه أهولا جعلتنى أنزوى عن الدنيا لكن شادن بحاجة إلىّ مثلما سميح بحاجة إلى ...قاطعها بسام إننا فى حاجة إلى مليون دولار لأخراج سميح من السجن
ارتسمت على شفتى لوسى ابتسامة حزينة وهى تقول
لا تقلق سأوفر المال . تطلعت إلى ملابس الراهبة البالية متعجبا ألا أنها قالت
لم أحمل اسم خورى عبثا ثم اكملت على أحد ما الذهاب للقاهرة لدفع النقود وأحضار سميح لبيروت وحده يخرج شادن من هنا سيفاجئ خورى كثيرا
هتف بها بسام وهل تسمح حالتها بخروجها من المستشفى
قالت لوسى لست أدرى ... لكن أعلم أن وجودها هنا سيقتلها ثم نظرت إلى فدوى ويبدو أنها تعلم الكثير من مصدر ما خمنت أنه خديجة طاهية القصر
وجودك بجانبها بسام سيساعدها كثيرا فقد هتفت باسمك كثيرا وهذا ما جعلنى آتى إليك
نظر بسام بحيرة لكن من سيذهب إلى القاهرة الأمر سيستغرق فترة على الأقل
كنت أتابع حديثهما منصتا وإذا بثلاثة أزواج من العيون تتجه إلى ..تنحنحت
علىّ أن أقدم إجازة غدا و احتضننى بسام بشدة نعم الصديق أنت بينما اغرورقت عينا فدوى ولوسى بالدموع
أعرف أى عدو سأوجه ...ابتهلت من قلبى ألا يعلم خورى بما سأفعله .. فالرجل صعب المراس شديد الخطورة ولن يتوانى عن تقطيعى أربا وشى أجزائى بكل مرح .... خفق قلبى على منظر الشواء وكلاب خورى تنظر .. لكن كل هذا هيهات أمام حرية انسان وحياة فتاة .. بالإضافة هل هناك من يرفض زيارة القاهرة
القاهرة التى استقبلتنى بأمطار رقيقة حالمة مشبعة بالأمل فى الصباح الباكر بعد يوم من جلستنا هذه وبمساعدة من دكتور كارم الذى كان يملك هناك علاقات شتى استطعت أخراج سميح خلال أسبوع على الأكثر وحزمت أمرى على عودتنا لبيروت على طائرتين مختلفتين حتى لا نثير الشكوك
لكن أحلامنا تبخرت تماما ونحن نقف فى المطار لنعلم بغلق مطار بيروت .. بيروت التى دكها الطيران الإسرائيلى دكا فصارت أشلاءا وانقطع اتصالى ببسام أما سميح فقد وضع يده بين رأسه وقد زاده الهم على مصير ابنته سنوات وسنوات

روان عبد الكريم 04-29-2014 02:45 PM

انفصام

بسام يروى
آه يا شادن روحى ...هل تأخرت كثيرا.. يؤلمنى مشهدك خلف الزجاج غائبة عن الدنيا ترنو عينيك بنظرة لا متناهية للا شئ
امنت لى لوسى رؤيتك رغما عن إرادة العجوز ..هو لن يدعك بسهولة
يفضل أن يضعك جثة هامدة باسم ناتالى خورى على أن تعودى شادن مرة آخرى لكن يبدوأن للوسى سطوة عليه وقد أمدتها أمومتها بالقوة لمواجهة الطاغية من أجل ابنتها
كنت أحدثك كل صباح أحكى لكى قصصا عن حياتى فى الناصرة ثم ذهابى للمخيمات فى صبرا وشاتيلا مع أمى وفدوى ونادر
أخبرتك عن فدوى وأنى ظلمتها كثيرا لكن لا تقلقى سأصحح أخطائى.. لست ملاكاً...
اليوم تلقيت اتصالا من اياد أن الأمور تسير بشكل صحيح ...لا تعرفين اياد ولكنه صديق عزيز وسيساعدك كثيرا
سألت الطبيب عنك فأخبرنى أنك فى حالة من حالات الانفصام النفسى النادرة والتى تحدث فقط تحت ضغوط قا هرة.. و.لكنك ستعودين يا شادن الصغيرة ... سأضرب نادر وغسان وكل من ضايقك يا صغيرتى
كنت أحكى وأحكى وأنت كما أنت لا تحركين ساكنا متجمدة فى صمتك الرهيب غارقة فى بحر من الظلمات ..تعيشين فى مكان آخر بروحك .. دائماً لوسى بجانبك وغسان يزورك من حين لآخر ولكنه لا ينبس ببنت شفة
حينما سرحت لك لوسى شعرك هذا الصباح تسارعت نبضات قلبى وطلبت منها أن تعيده للونه الأصلى ففعلت ولم تخش غضب خورى البارد
حاولت أن أطعمك بيدى فلم تستجيبي .. إنى متعب يا شادن روحى .. متعب والوقت قصير.. سامحينى يا صغيرتى فقد وعدتك لكنى تخاذلت
وصدقت هراء كونك ناتالى .. احضرت لك اليوم بعض أزهار الأوركيد البرتقالية كنت ألاحظ ولعك بها ... فلم تهتمى بالأزهار الندية... جلست بجانبك هذا النهار وقد اكتسى وجهك مسحة من الحزن ...آه لو طعنونى بألف خنجر لكان أخف ألماً من أن أرك هكذا.
اليوم يا شادن هطلت الأمطار على بيروت بشدة .. أمطار غاضبة صاخبة .. هكذا هى بيروت فى يناير ترقص مع المطر بينما أنت فى سكونك صامدة تمسك لوسى بيدك تغنى لك
إنها السابعة مساءا وسأذهب ، لكن لوسى باقية وقد اخبرتها أن اياد سيكون فى طريقه هو وسميح غدا ولكنها همست محذرة أن أخفض صوتى فدائما هناك نادر يذرع الممر المؤدى لغرفتك.. آه كم أود لو أدق عنقه .. دائما يدير ظهره لى وأنا أمر بجانبه ولكن هذه المرة وقفت خلفه فى تحدى فاستدار وقبل أن يتفوه بكلمة حدث الإنفجار وارتج المبنى بشدة وتكسرت النوافذ بعنف وتطايرت المقاعد والأشياء وأزيز طائرات مدوى .. صرخت وأنا أحتمى بالحائط وقد تكوم جسدى فوق جسد نادر الذى أفاق سريعا وهو يحاول باستماتة الوصول لحجرتك وأنا فى أثره كنت متكومة هناك وقد انقلب السرير بينما لوسى تصرخ ماذا يحدث !!
حملتك يا صغيرتى وثمة نظرة ملتاعة تظلل عينيك ورغم الظلام والخوف والألم وقصف الطائرات العنيف خفق قلبى بشدة وأنت تقولين بضعف وحيرة :-

بسام
يتبع...........

روان عبد الكريم 04-29-2014 02:46 PM

رحيل
عودة لشادن
استيقظت على صوت الإرتطام ..وجدت نفسى على الأرض الباردة وصو ت عنيف يهز المبنى وقد تراقصت الأضواء ثم خبت ..ثمة أنين بجانبى ثم ضوء ضعيف صادر من مكان ما وصوت ملهوف يصرخ شادن ...همست غير مصدقة ..بسام ..رفعنى كطفلة صغيرة وبكى وهو يقول
آه يا شادن الحبيبة لقد عدت .. رغم ذهولى مما يحدث ومن الظلام والبرد وأصوات القصف شعرت بالدفء والطمأنينة والأمان ..هناك صوت آخر يهتف
لوسى لوسى هل أنت بخير ..تهتف لوسى ماذا يحدث أين شادن فيجاوبها صوت بسام
اطمئنى إنها بخير بينما الصوت الآخر وميزت فيه صوت نادر البغيض يردد
بيروت تتعرض للقصف .. لقد فعلها الصهاينة تبا لهم .. ثم ما لبث أن صرخ
بسام ..أين فدوى..شعرت بحيرة بسام وخوفه ولكنه لم يتخلى عنى ولم ينزلنى للأرض بل قال بكل حزم علينا المغادرة من هنا .. لقد توقف القصف لكنهم على الأرجح سيعاودن خلال دقائق
حينما وضعنا بسام - أنا ولوسى التى قبعت فى حضنها - فى ملجأ أمن .. قال على الذهاب لفدوى استطعت مخابرتها سأحضرها إليكم ثم علينا الرحيل إلى الشمال .. قاطعه صوت نادر وهو يقول بصوت أمر
أرسل غسان سيارة تصل بعد خمس دقائق لنقلنا للاردن ..إنها أومره ..علينا ترك بيروت حالا
رأيت وجه بسام الخائف والحائر بين واجبه نحو فدوى وبينى إلا أن لوسى قالت
نادر لا يمكن ترك شقيقتك وابن عمك هكذا ..غص نادر وهو يقول سأعمل على تأخير الرحيل نصف ساعة لا أكثر.. إنها مدة كافية لإحضار فدوى ...عليك المخاطرة بالذهاب ولكن احترس إن البناية التى تقيم بها فدوى لا تبعد كثيرا لكن عليك بالركض وتجنب ركوب أى سيارة .
مرت الدقائق كأنها ساعات.. ثمة جرح صغير على جبين لوسى.. شعرت بالألم لها وبالغضب منها..سنوات وسنوات وأنت غائبة يا لوسى ..كانت تخلت عن رداء الراهبة وقد التف جسدها الناحل فى ملبس بسيط لا لون فيه سوى الأسود وقد ربطت شعرها بربطة حازمة.. شعرت بتطلعى إليها فأخذتنى فى حضنها وهى تقول
حبيبتى ..كانت السيارات السوداء المدرعة قد وصلت..نظرت لها فى خوف وهم ينتظرون دخولنا
وصوت نادر يطلب منا الصعود.. شدتنى بقوة أكبر لصدرها وهى تقول
لن نرحل بدون بسام وفدوى ..تطلع نادر لساعته بينما جواله يرن فيرد:-
سنرحل الآن مسيو خورى .. سنرحل على الفور
اعترضت وصرخت لالا لن نترك بسام وفدوى خلفنا .. جذبونى بقوة أنا ولوسى لنجد أنفسنا فى السيارة ونادر يقف فى الخارج وقائد السيارة يقول هل نرحل الآن .. . تطلع إليه نادر فى حيرة ثم إلى وجهى الباكى وفجأة ظهرت طائرات فى السماء تضرب بعنف بيروت مرة آخرى فركب نادر على الفور وهو يصرخ هيا
انزويت فى صدر أمى أبكى بإختناق إلا أن صوت نادر هدر فجأة ..
- توقف..
كان بسام وفدوى على الجانب الآخر من الطريق ....إن كنت كرهت نادر منذ لحظات إلا أنى راقبته بعيون تحمل العرفان والإمتنان وهو يقطع الطريق ليحمل فدوى التى كانت شبه فاقدة للوعى
مضينا فى الليل الممطر والقصف المدوى عبر الطريق إلى سوريا ثم منه إلى عمان... كانت صلات خورى القوية تتيح لنا التنقل بسهولة ..غير السيارة القوية التى اقلتنا .. حيث نمت بعيون نصف مغمضة فى حضن لوسى بينما فدوى ناعسة على صدر بسام...كم شعرت بالغيرة والألم وصوت الضمير الخافت يؤنبنى

روان عبد الكريم 04-29-2014 02:47 PM

اختطاف

مع بشائر الصباح كنا فى أحد أشهر فنادق عمان وقد سبقتنا جانيت وتونى عراجى وبالطبع غسان خورى الذى زوى بين حاجبيه وهو يرنو لبسام وفدوى..إلا أن لوسى قالت بصوت هامس وجودهما ضرورى لشفاء شادن
فغمم من بين غليونه وهو يرقبنى بشئ من اللطف لا بأس طالما الأمر فى مصلحة ناتالى
ادخلتنى لوسى للفراش وسمعتها وهى تحادث فدوى عبر هاتف الغرفة بأن بسام تمكن من الإتصال باياد
وأنهم سيغيرون وجهتهم لعمان ..بالطبع لم أفهم شيئا من الحديث لأننى لا أعرف من هو أياد فى تلك اللحظة
إنى متعبة وأحتاج للنوم بشدة ..حلمت أن ثمة شئ خانق على أنفى ، شئ يجذبنى للظلمات ويجذبنى
استيقظت على صفعة عنيفة وضوء الظهيرة الشديد...بدلا من الفراش الوثير كنت ملقاة على أرض متربة وبعض التبن ..وكأنى أحلم أنى فى إسطبل للخيل ..همست لوسى.. بسام
نزلت صفعة آخرى على وجهى وغمرنى الماء البارد العفن لأطالع فى ذهول أكثر وجه كرهته فى حياتى
وجه تونى عراجى وقد وقفت خلفه جانيت تهتف فى فرح :-
أهلا بالأميرة.. نثق أن خورى سيدفع الكثير من أجل استعادتك.. كنت مذهولة وضعيفة لكنى أعلم أنى وقعت فى براثن تونى تلميذ خورى بكل ما يملكه لى من حقد وكره خرج من فمه الكريه وهو يشدنى من شعرى ثم يمرر يده المقرفة على وجنتى:-
إنك أجمل كثيرا من لوسى.. أتعلمين يا صغيرة أننى سأغتصبك مثلما فعل عمك بأمك ؟
مازلت أذكرها حينما جاءتنا منكسرة ذليلة لتخبر غسان بأمر إغتصابها من شقيق زوجها الأكبر
لقد استمتعت كثيرا بقتل الرجل لكنى اجبرته على حكى التفاصيل كى اتشفى فى لوسى الخرقاء
التى لم تخبرنا بأمرك أبدا.. سأستمتع كثيرا بك يا شادن أو ناتالى .. بصقت فى وجهه .. ركلنى بعنف فى بطنى وصدرى ورفعنى بعنف وهو يمزق ملابسى وأنا أقاومه..فجأة تركنى بعد أن امسكت جانيت بيده وهى تصرخ :-
تونى لم نتفق على إيذاء الفتاة... اخبرتنى أننا سنجنى المال الكثير من خورى ثم نرحل لبلد آخرى ..ازاحها بعنف وهو يتجه نحوى مرة آخرى إلا أنها تعلقت به فى استماتة.. دعها وشأنها
نظر لها بسخرية
الدم يحن أليس كذلك ؟ ..كلكم آل خورى الملاعيين .. لست بحاجة إليك جانيت قالها وهو يستل خنجر ويضعه فى صدرها ثم نزعه وألقاه فى نشوة وجنون ثم خرج فجأة ينادى رجاله
نظرت لجانيت وهو تفارق الحياة وزحفت نحوها بصعوبة
جانيت اصمدى ..قالت بضعف لا يا صغيرتى .. لا قوة لى ثم اشارت بيد ضعيفة لجيبها
حيث وجدت الهاتف الجوال يرن بصمت .. كان صوت نادر .. اخبرته بصوت متقطع وعينى على جانيت وقد تكومت وفارقت الحياة وعينى على الخنجر الملقى
حينما جاء أحد رجال تونى لرفع المسكينة المسجاة
اغلقوا الباب مرة آخرى واقترب تونى منى وهو يقول لنبدأ حفلتنا يا صغيرة
حفلة الترفيه عن تونى المسكين عن ذل خورى له طوال سنوات ..ثم يقول بلهجة مجنونة سأفعل بك مثلما فعل بأمى يوما لينجبنى منها ثم لم يعترف بى .. امسكنى من شعرى وهو يقترب بأنفاسه الكريه
علينا أن نكمل نسل الخورى فالعائلة بحاجة لهذا ...

روان عبد الكريم 04-29-2014 02:48 PM

نجـــــــــــــاة

هناك لحظات فى حياتنا لا نعرف كيف كنا فيها.. ولا نعرف كيف واجهنا مصيرنا.. ومن أين أتت لنا الشجاعة
تماما مثل تلك اللحظة المجنونة وأنا أغوص بيد المقبض فى كتف تونى الذى أصدر عواء كالكلب
وهو يحاول نزع مسدسه ليقتلنى ... ثمة طلقات فى الخارج .. وفتح باب الإسطبل بعنف بينما تونى يصوب مسدسه نحوى لكن نادر أطاح به بطلقة واحدة وهو يصرخ أريده حياً
هرع لى بسام ولوسى وشخص آخر عرفت فيه اياد ووجه آخر حبيب .. وجه أبى وقد جزع وهو ينظر لوجهى المتورم وأنا أبكى وأقول
حاول تونى اغتصابى ..ثم أنخرط فى بكاء مرير لم أفق منه إلا على صوت طرقعة عظام وقد لوى نادر عنق تونى فى حركة واحدة... كانت هذه من اللحظات القليلة فى حياة نادر الناصرى الذى يتغلب فيه صوت الغضب والكرامة على صوت المال .. نادر هو التناقض بعينه فبعد قتل تونى بلحظات ها هو يرفع مسدسه فى وجهه أبى وبسام ولوسى وهو يقول
هيا يا أنسة جدك ينتظرك
كانت الضربة التى جاءته من الخلف قوية بحيث أنه فقد وعيه على الفور وقد وقف اياد مدافعا عن نفسه انه كالثور لا يمكن هزيمته الا هكذا ... ثم جس نبضه وهو يقول إنه بخير سيغيب عن الوعى دقائق وعلينا الذهاب فورا إلى المطار
كانت فدوى هناك تنتظر وقد أمنت لنا ثلاث تذاكر للقاهرة وهى تقول ساعة ونصف وتقلع الطائرة
نظرت إليها ولكن أنت وبسام .. نظرا الاثنان لى وقال بسام
لا تقلقى بيروت لم تعد تناسبنا.. لن نعود إلى هناك... لكن بيروت كلها كانت هنا... حاضرة فى نادر الناصرى وغسان خورى ورجاله المسلحين الذين أحاطوا بنا فى مطار عمان .. وقد غص قلبى فى شدة وعنف وأبى يشدنى لصدره بقوة وبسام يترك فدوى ويقف أمامى فى مواجهة من لا يرحم بينما نمت عينا نادر عن غضب شديد... كره شديد ... كان الجو متكهرب والصوت يردد فى المطار أن على ركاب الطائرة المصرية المتجة للقاهرة التوجه للبوابة رقم خمسة
وقفت لوسى وهى تقول بصوت عنيف
وماذا بعد يا خورى العظيم ألم يكفك دماء وموتى ؟ فيقاطعها اصمتى بينما يمسك أبى بيدى غير مبال بكل هؤلاء ويقول
هيا يا ابنتى علينا الرحيل
توقف .. إلى أين .. ؟ صرخ به خورى
فصرخ به بسام دع الفتاة وشأنها.. وقد وقف حاجزا بينى وبين خورى الذى أسود وجهه وحار فى أمره فقال بصوت ضعيف وقد التمعت عيونه من فرط الإنفعال
من قال أنى سأمنعها عن الرحيل
مازلت أذكر يوم الرحيل لقد انحنى غسان أخيرا ..لم أنس وهو يلفظ بصعوبة
شادن تذكرى أن لك جدا وإن كان أخطأ بحقك كثيرا إلا أنه يحبك ويرجو أن تسامحيه وتقبلى بزيارته فى القاهرة
كانت الأربعة أحرف لكلمة شادن صك حريتى وهويتى .. وفى نفس الوقت صك عذابى وأنا أرى طيف بسام يبتعد وهو يحتضن فدوى الباكية ويبتعد
مازلت أرسم فى مخيلتى صورة وجهه المتعب وجبينه المتغضن وانزوائه بعيدا عنى ولوسى تحتضننى وتعتذر عن الذهاب معى لقد وعدنى خورى أن يزورنى ووعدتنى لوسى أنها ستأتى يوما لتصفية الخلافات مع أبى
أما بسام ورغم كل هذا لم يعدنى بشئ أى شئ
حتى الوداع الأخير ضن به على ..خذلنى وداعه لأنه ببساطة لم يودعنى .. رغم فرحتى بالعودة لمصر ولأبى ظل جزء بى ينزف طوال سبع سنوات

روان عبد الكريم 04-29-2014 02:49 PM

سبع سنوات عجاف

سبع سنوات عجاف أحاول أن أتلمس أخباره أوشئ عنه من لوسى فلا تجيبنى بشئ وكأنه شبح ظهر واختفى
ولم أحصل إلا على معلومة بسيطة أن نادر ترك خورى واختفى وهكذا انقطع أى خيط يربطنى بهم.. فدوى وبسام
سبع سنوات قضيتها فى القاهرة بين أروقة كلية الطب كنت أبغى أن أصير مثل فدوى وقد تزوج أبى ولكنه طلق زوجته بعد عام.. اخبرنى أنه لم يحب سوى لوسى وأنه لا يعرف سبب رحيلها وعدم عودتها
كنت أحفظ سر أمى فلا داع لفتح جرح لن ينس أبدا . ففعلة عمى الشنعاء بأمى ومقتله على يد جدى أمرا لا يمكن سرده هكذا بكل سهولة .. أمرا دمر لوسى لسنوات وسنوات ولن أفتحه مرة أخرى خاصة وأنا أعلم أنها عادت للقصر وأنها فى السنوات الآخيرة تولت زمام الأمور فى مؤسسات خورى
وهذا الصباح اتانى صوتها تطلب بصوت حنون أن أجئ على وجه السرعة لبيروت لآن غسان خورى فى النزع الأخير
هبطت بيروت بصحبة أبى حيث وجدنا سيارة فى انتظارنا اقلتنا على الفور للمستشفى .. كان غسان قد هزل كثيرا وصار شخص آخر يهذى بينما جلست لوسى بجانبه وتعلقت عيون أبى بها مرة آخرى ثم ما لبثت أن صحبته خارج الغرفة للتتركنى مع غسان الذى برقت عينيه بشدة وهو يقول
ناتالى هل أتيت..ناتالى لا ترحلى
عند الظهيرة كان قد رحل بكل ما فى داخله .. بعشقه الغريب لرفيقة صباه الذى منعه من الزواج حتى الأربعين من عمره .. بحقده الدفين على سيلين .. بحروبه التى خاضها لتكوين أمبراطورية .. رحل تاركا كل شئ ورائه باسم ناتالى خورى التى لا ودود لها
كنت أنهى إجراءات دفنه فى المستشفى مع أبى بينما تركت لوسى معه.. حين لمحتها فى الممر .. لاشئ تغير فيها .. هى بنفسها وقامتها الفتية فدوى الجارحى وكأن الزمن توقف بى ولم أصدق عينى ولم تصدق هى أيضا لكنها اخذتنى فى حضنها بسهولة .. كنت أخشى أن تضيع منى طلبت عنوانها ووعدتها بالزيارة
فى الغد
فى المساء كانت أمى منغمسة فى الإعداد لجنازة غسان خورى وقد قظننت انها قوية الشكيمة ا لا اننى ألتقيها فى الردهة تبكى ..أخذتها فى حضنى وهى تقول
أتعلمين شادن لقد سامحته .. لقد انهار بعد رحيلك وانزوى .. اصابته علة ما .. لذا تركت الدير ، كاد كل شئ ينهار.. رغم أخطاءه الفادحة إلا أن مؤسسات خورى يعمل بها الكثير من البسطاء وفى بلد مثل لبنان من يفقد عمله لايجده بسهولة.. لقد انغمست فى العمل السنوات الماضية شادن حتى أنسى وحتى أسامح.. كادت قدماى تقودنى للقاهرة لكنى علمت بزواج أبيك.
همست لها هونى عليك أمى .. أبى لم يحب سوى لوسى الجميلة
غصت وهى تغالب دموعها لكن .. مسحت دموعها وأنا أقول:-
منذ سنوات طلبت منى امرأة طيبة أن أدع الموتى لحالهم ولكن لم أستمع لنصحها.. تعذبت سنوات وسنوات بما فتحته على نفسى .. اليوم أطلب منك نفس الطلب .. دع الموتى لحالهم أمى ..دعيهم لخالقهم... لمحت فى عينيها نظرة حائرة لكن صوت أتى من السلم حيث يقف أبى جعلنى أترك مكانى له
جلس بجانبها .. هناك الكثير بينهما وهما بحاجة لبعضهما .. سنوات تفصل بينهما وبين الآلم ولديهما حياة جديدة من يدرى ..كنت على ثقة أن الحب الذى جمعهما يوماً قادرا أن يجمعهما مرة آخرى
غفوت وكلى أمل أن ألقاك يا فدوى .. وكلى أمل أن ألقاه .. لن أخذه منك أبدا فدوى .. لكنى أريد أن أراه ..مجرد ان اراه

روان عبد الكريم 04-29-2014 02:50 PM

الفصل الا خير

قادتنى إحدى سيارات مؤسسة خورى التى أمنتها لى أمى إلى إحدى الفيلات الأنيقة فى أرقى أحياء بيروت وقد كتب عليها فيلا شادن

تسمرت على الاسم ويدى على الجرس ودموع تغالبنى لم ينسونى.. رغم السنوات .. فتحت لى فدوى وقد ارتدت عباءة أنيقة تليق بها وشعرها الطويل يغطى ظهرها .. كم أنت جميلة يا فدوى .. قلتها بقلب شادن


الذى أحبها دوما لا بقلب ناتالى الذى حقد عليها .. على الدرج كانت هناك طفلة صغيرة فى نحو الخامسة أو السادسة.. فأخذتها فى حضنها وهى تقول أعرفك بشادن الكبيرة يا شادن الصغيرة .. نظرت لها بذهول


حتى بعد أن أعطت الصغيرة للمربية

كنت أنظر من النافذة للسماء الصافية إلا من سحابات خفيفة مرحة .. بينما تقول

هلا شادن .. افتقدناك سنوات وسنوات.. كيف أنت.. سمعت أنك تخرجت هذا العام من كلية الطب

جلست وهى تعطنى كوبا من الشاى وقلت

تتابعون أخبارى .. بينما لم أعرف عنكم شئ طوال هذا السنوات حاولت ولم أعرف حتى اياد صديقكم اختفى.. قاطعتنى وهى تقول .. ترك اياد بيروت منذ زمن بعيد وعاد لسوريا .. ولم أعرف عنه شيئا

هززت كتفى .. كنتم أصدقاء مترابطين .. قطع كلامى دخول وجه أعرفه.. رحب بى .. دكتور كارم .. قبل جبين فدوى وهى ترافقه للباب قائلة فى رعاية الله يا زوجى الحبيب

نظرت لها فى ذهول فأمسكت بمرفقى وهى تقودنى إلى الحديقة الصغيرة قائلة

تعالى شادن إنك بحاجة لقليل من الهواء..لم أنطق سوى

وبسام ...أين بسام وشادن




جاء ردها صاعقا كلا إننى وبسام لم نتزوج قط يا شادن لقد تطلقنا بعد ذهابك بنحو شهر

قطاعتها بملامح مذهولة وشادن الصغيرة أليست ابنته إن الشبه كبير

امسكت يدى كأم حانية لطالما كنت حانية على يا فدوى الحبيبة .. أكملت ما غاب عنى بصوتها العذب كهمسات المطر.. لقد غادرنا بيروت بعد رحيلك بقليل مع د كارم.. تنحنحت فى الحقيقة أن حالة بسام السيئة




هى ما دفعتنى للرحيل به للقاهرة فقد كان يجوب شوارع بيروت الخاوية ليال طويلة .. لم يطق الحياة هناك دونك

وقد هزل كثيرا وخشيت أن يلقى حتفه.. كان يحبك بجنون شادن

ضحكت بمرارة

كان يعرف أننى فى القاهرة هو من توصل لأبى.. لماذا ... كان من السهولة أن يصل إلىّ لو كان يشعر بشئ ما نحوى ... لكنه لفظنى فى المطار ... كأنى مصيبة نزلت على رأسه ووجب التخلص منها.. ما


تقولينه مستحيل أعلم أنه شعر نحوى بالتعاطف .. لكنى لم أعرف أبدا كيف يقاتل من أجلى حتى يكاد يخسر حياته ثم يلفظنى هكذا... أنت لا تعلمين كم من دموع بكيت حتى أنى جففت كل ينابيع المطر بداخلى

أغمضت عينها والدموع تترقق بهما

لم يكن يستطيع شادن .. قضى ليال طويلة وأيام يذهب حتى يراك دون أن تريه

هتفت بها لماذا.. ؟ هل هو واجبه نحوك لم يكن بينكما شئ سوى بين الأخت والأخ كنتما تحيرانى كثيرا

لاحظت تعلق د كارم الشديد بك إبان مرضك ولاحظت ولعك به

قاطعتنى وهى تقول كان كارم خطيبى قبل أن أعقد قرانى على بسام

نزعت يدى من كفها .. اخبرينى فدوى بالله عليك إذا لم تكونى تحبينه فلماذا تزوجتيه لماذا فسخت خطبتك قبلا من كارم ثم عدت إليه...أى عبث هذا...ولم رضى بالعودة إليك ؟ .. هل تظنون يا آل الجارحى إنكم


فوق البشر

هتفت اهدئ شادن

قاطعتها بطلقات كالرصاص


وأين هو بسام الآن

لماذا يصمت الجميع عندما ألفظ اسمه

امسكتها بعنف وقد أعمى الغضب بصيرتى

سبع سنوات عجاف امضيتها...سبع سنوات أبعث له مئات الرسائل فلا مجيب

هل تعرفين منذ أربع سنوات تملكنى الحنين فذهبت لعمله أبحث عنه قالوا إنه ترك العمل لديهم منذ سنوات

خبطت بيدى هل كنتم أحلام مطر وتسربت فى الرياح وجففتها أشعة شمس حارقة كنت غاضبة وحانقة أين هو بسام .. وقد امسكت كتفها بقوة هزمتها بكلمة


إن بسام ميت شادن.. ميت منذ سنوات ... لم يمنعه عنك سوى الموت

قبعت فى حضن فدوى بعد انهيارى وقد عصف الذهول والجدب .. علمت أنه اصيب قبل أن أظهر فى حياتهم بسرطان الدم وأن فدوى بدافع الإخلاص له تركت خطيبها بعد أن كذبت على بسام بأن لا أمل بينها


وبين كارم .. وعقدت قرانها حتى يتسنى له أن ينجب طفلا يحمل اسم عائلة الجارحى.

لكن الأحداث كشفت أن بسام جنى على ابنة عمه .. وقد جاءوا للقاهرة حيث تزوجت فدوى وكارم وساءت حالة بسام خلال العام الذى عاشه فى القاهرة

قالت فدوى كان يتابعك ويقابل أباك .. خشى كثيرا أن تنتكس حالتك بعد ما مررت به .. كان يعلم أنك تحبينه ولم يريد أبدا أن يسبب لك بمرضه وموته أى ألم

كانت دموع فدوى تنهمر وهى تقول

ولدت شادن قبل رحيله بشهر وفى يومه الآخير أتيت بها إليه وقلت

تشبهك كثيرا يا ابن عمى فترقرت عينيه بالدموع وهو يوصينى بشادن روحه

كان يوصينى بك شادن ..أنا وكارم لم نتخل أبدا عنك.. لكننا خشينا كثيرا أن تعلمى بموت بسام

فآثرنا أن نبقى بعيدا .. سامحينى يا حبيبتى .. والله إنى أحبك لأنى أرى حب أخى بسام فيك

غفوت فى الظهيرة لمدة ساعة وقد تورمت عينى من البكاء.. لكنه أتانى فى الحلم وقد تهدلت خصلة شعر سوداء ناعمة على جبينه .. مددت يدى أزيحها فابتسم وغاب وسط الغيم الوردى

استيقظى شادن .. كانت فدوى تحمل كوبا من الليمون البارد

تقبلته منها شاكرة .. ثم نهضت وارتديت حذائى .. فقالت

أبق للغذاء .. جاوبتها دون انفعال وأنا أنظر للسيارة التى تنتظرنى

أريد أن أزور قبره.. فهل تصفين المكان..

كلا ..سأتى معك

لم نكن أنا وفدوى هناك وحدنا.. بل وقف بقامته المهيبة .. كيف لم أتبين أن له نفس قامة بسام .. أعنى به نادر الناصرى .. وقف عند قبر بسام وقد ذهلت فدوى لوجوده وهتفت نادر

نظر إليها بسرور وهو يقول فدوى لم أرك منذ سنوات.. ولعلها أول مرة يأخذ نادر أخته فى احضانه وقد انخرط كلاهما فى البكاء .. ثم ما لبث نادر أن أزاح شقيقته برفق

أهلا شادن .. لم أمد له يدى .. لم أغفر له .. مازال بينى وبين التسامح سنوات وسنوات وقد تقبل الأمر بهدوء وهو يأخذ فدوى جانبا وهى تقول أين كنت فيقول:-

عدت للديار للناصرة ..إنى أتى كل عام لأزوره.. تلاشى صوته وهما يمضيان بعيدا عنى عبر الشواهد لعلهم يعالجان ما بينهما .. بينما جلست وحدى على قبر الراقد العظيم وثمة رذاذ مطر حالم يندى القبر


الرخامى البارد مسحت بيدى الندى عن النقش الذى كتب عليه


بسام مروان الجارحى من الناصرة 1972-2003

تنفست الهواء البارد وانا اتذكر ليلة القصف..لقاء الحديقة. ترتيله القرأن الكريم.. ضحكه على اللحم النئ..شجاره مع نادر ..وعده ان يعيدنى للقاهرة.. دمه النازف من


اجلى ..نظرته الاخيرة فى مطار عمان وخلف كل هذا عبارة تترد بقلبى:-

لقب اسم جميل شادن ..لقد درست اعوام فى القاهرة

بينما صورة وجه الغير حليق وهو نائم تحتل ذاكرتى..

تنهدت بأمل وثمة طائر يرقص مغردا فوق رأسى وقد علا صوته بالغناء فدمعت عينى وقد عادت فدوى لتحيطنى بذراعها بينما سقط المطر غزيرا غزيرا .

تمت بحمد الله
اكتوبر 2011
القاهرة

ياسر علي 04-29-2014 11:24 PM

أهلا بالأستاذة روان عبد الكريم

سأكمل قراءة الرواية بحول الله
و بعدها سيكون لي تعليق حول أدب روان عبد الكريم .

كل التقدير والاحترام .

روان عبد الكريم 04-30-2014 05:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 175325)
أهلا بالأستاذة روان عبد الكريم

سأكمل قراءة الرواية بحول الله
و بعدها سيكون لي تعليق حول أدب روان عبد الكريم .

كل التقدير والاحترام .

كل التقدير والشكر والامتنان العميق لك استاذنا العزيز

فى انتظارك


الساعة الآن 02:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team