منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   جدتي منيفة .. ( أقصوصة ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=14781)

محمد فتحي المقداد 10-01-2014 09:29 PM

جدتي منيفة .. ( أقصوصة )
 


جدتي منيفة



قصة قصيرة


بقلم ( محمد فتحي المقداد )*


شاءت الأقدار، أن تكتبَ صفحة مغايرة لحياتي الطبيعية، وأن تكون جدّتي لأمي - منيفة -، حاضنتي، بعد طلاق أمّي بشهرين من والدي، أمي تزوّجت وكنت يومها في عامي الخامس من عمري، حدث فراغ هائل، كأنه المجهول في حياتي.
- وأي حضن يعادل حضنك .. يا أمي، إلاّ حضنك .. يا جدّتي.
نبع حنان دافق بعطاء بلا حدود، عوّضني الكثير عما أحتاجه من دفء أحضان أمي ، وأغدقت عليّ من الأمان و الاستقرار الروحي والنفسي، من أنفاسها نسجت أحلامها بأن أشِبًّ على مدارج الشباب، ومن صفحات روحها البيضاء أضافتها إلى صفحتي ، فانتشَتْ التربة الصالحة لِنَبْتٍ مُعافى من التشرّد و الانحراف.
- شآبيبُ الرّحمة تُرطِّبُ تربة قبركِ .. يا نبع عطاء لم ينبض .. حتى وُوْرِيَ الجسدُ النحيل مثواه الأخير.
من القصص الأثيرة إلى نفسها، فلا تفتأ تتحدث بها، تُعيدها وهي لا تدري أننا حفظناها عن ظهر قلب، وكثيراً ما أتعمّد تذكيرها بها بقصد إدخال السرور على قلبها، و يحدُثُ ذلك على فترات متباعدة كنت أُذَكرّها بها، فتبتسم، وتغيب في سراديب ذاكرتها، لتصل إلى رحاب شبابها ولأولى سنوات عمرها المليئة بالحيوية و النشاط .. وتسردُ القصة نديةً ، كما سمعتُها منها لأول مرة في حياتي، نعرف أنّ زمنها غير زماننا بحياة مختلفة، ففي أيام الفلاحين و في الأرياف كان بساطة الحياة لدرجة كبيرة, كانت جدتي تذهب إلى مسجد فاطمة الأثري بجانب بيت جدي في كل وقت، هكذا على السجية، وفي ذات يوم كانت تتجاذب أطراف الحديث مع جارتها، التي يبدو أنها سمعت معلومة بأن لا يجوز خروج المرأة من البيت إلاّ بإذن الزوج، وهي بهذا تعتبر مثقفة وحالتها متقدمة على حالة جدتي، وتوجه سؤالها لجدتي
- فهل تأخذين إذن زوجك للمجيء إلى المسجد؟،
- قالت جدتي " لا والله، هذه أول مرة أسمع وأعرف ذلك"
- قالت لها الجارة :" إذا كان ذلك فإن صلاتك غير جائزة، عليك أن تأخذي الإذن من زوجك"
- هزّت جدتي منيفة رأسها مستغربة ما سمعت، وتأسفت على تعبها الذي ضاع في العبادة كونها لم تأخذ إذن جدّي. كان ذلك وقت صلاة الظهر.. وصممت فيما بينها بين نفسها، أن تسأل جدّي الإذن لها بذلك.. حان وقت العصر تهيأت للذهاب للمسجد، و عرّجت عل جدي وهو جالس في المضافة، فاتكأت على صرعة الباب، وقالت :" يا محمد أريد الذهاب للصلاة في المسجد ، فهل تأذن لي ؟ ".
- ضحك .. وأطلقها مجلجلة ..!! وقال لها :" لا مانع عندي طبعاً .. حتى لو ذهبت للصلاة في الُأُمويّ ".
وعند هذه النقطة تنفلت ضحكتها حتى يصعب عليها متابعة الكلام والإفصاح عن مشاعرها, و أقول لها يا جدتي :" هذا إذن مفتوح بلا قيد ولا شرط ".
تهزّ رأسها إيجاباً .. وكأن الموقف تجسّد أمام عينها الدامعتين .. وهي تجففهما بقطعة قماش ناعمة.. مربوطة بطرف منديلها..

مها مطر مطر 10-02-2014 08:20 AM

رروعه كلماتك الرقيقة والجميله سلمت يداك يا أخوي محمد

فاتحة الخير 10-03-2014 05:05 PM

السلام عليكم ورحمة الله

بل انا من دمعت عيناه ولم أجد بم أجفف دموعي غير يدي، رحم الله جدتك وجدتي وكل موتى المسلمين
افترضت أن الأقصوقة واقعية وأنت بطلها، لذلك أريد أن أعرف شعور طفل في الخامسة من عمره، كيف وجد ابتعاد أمه عنه، بعد طلاقها وزواجها؟
وحسب ما سردت لنا أنك انتقلت للعيش مع جدتك بعد زواج أمك، وأنت هنا حددت الوقت " بشهرين" فهل يحوز للمرأة أن تتزوج بعد طلاقها بشهرين؟
بم شعرت الآن أستاذ مقداد وأنت تعرفنا بطفولتك وأنك لم تحظى بحنان الابوين؟ والحمد لله أنك وجدت من عندهما الحنان والعطف كله
ماذا خلف طلاق والديك في نفسك؟ أم ان جدتك استطاعت أن تملأ فراغ الأمومة والابوة في نفسك؟
دون أن أتحدث عن الإفتاء الذي كانت الأمة العربية غارقة فيه زمان، فالجارة ممكن أن نقول عنها أنها ربما امرأة لم تتعمق في الدين كثيرا، لكن ما بالك في أيامنا هذه والذي بات كل من هب ودب يفتي في كل شيء، وأصبح العلماء أكثر من تراب الأرض

سامحني أخي، إن كنت أطلت عليك

محمد فتحي المقداد 10-04-2014 11:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مها مطر مطر (المشاركة 181675)
رروعه كلماتك الرقيقة والجميله سلمت يداك يا أخوي محمد


أستاذة مها
كل عام و أنت بخير
تحياتي وتقديري

محمد فتحي المقداد 10-04-2014 11:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاتحة الخير (المشاركة 181727)
السلام عليكم ورحمة الله

بل انا من دمعت عيناه ولم أجد بم أجفف دموعي غير يدي، رحم الله جدتك وجدتي وكل موتى المسلمين
افترضت أن الأقصوقة واقعية وأنت بطلها، لذلك أريد أن أعرف شعور طفل في الخامسة من عمره، كيف وجد ابتعاد أمه عنه، بعد طلاقها وزواجها؟
وحسب ما سردت لنا أنك انتقلت للعيش مع جدتك بعد زواج أمك، وأنت هنا حددت الوقت " بشهرين" فهل يحوز للمرأة أن تتزوج بعد طلاقها بشهرين؟
بم شعرت الآن أستاذ مقداد وأنت تعرفنا بطفولتك وأنك لم تحظى بحنان الابوين؟ والحمد لله أنك وجدت من عندهما الحنان والعطف كله
ماذا خلف طلاق والديك في نفسك؟ أم ان جدتك استطاعت أن تملأ فراغ الأمومة والابوة في نفسك؟
دون أن أتحدث عن الإفتاء الذي كانت الأمة العربية غارقة فيه زمان، فالجارة ممكن أن نقول عنها أنها ربما امرأة لم تتعمق في الدين كثيرا، لكن ما بالك في أيامنا هذه والذي بات كل من هب ودب يفتي في كل شيء، وأصبح العلماء أكثر من تراب الأرض

سامحني أخي، إن كنت أطلت عليك


أستاذة فاتحة الخير
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
وكل عام وأنت بخير
في الحقيقة هذا الواقع بما وصفت في أقصوصتي.
و قلت أن والدتي تزوجت عندما بلغت الخامسة من عمري،
بينما كان طلاقها بعد شهرين من مولدي ..
بالطبع لم يترك هذا الموضوع أثراً سيئا على نفسيتي وحياتي
والتفاؤل هو سبيلي في الحياة.. ولا أنظر للخلف كثيراً ...
وكانت جدتي رحمها الله .. عالماً فريداً بحد ذاتها.. بحنانها الباهر
وحرصها ومتابعتها لي ..
وهناك السلوكيات التي تصدر من بعض المتعالمين فلا نرتضيها
ووزرهم فتاواهم على أنفسهم أولاً, والمصيبة بمن يسمعون لهم ..
تقديري واحترامي

زياد القنطار 10-04-2014 11:30 PM

الجدّات عمد يرتفع عليه صرح الذاكرة ,فيبقين مقيمات به ينثرن الدفء عندما يجتاح الروح صقيع أيامنا .
لجدتك الرحمة ,ولروحها التي تسكنك ألف سلام .....
الأستاذ محمد فتحي المقداد تحية لوفائك وتقبل مروري مع خالص التقدير .

محمد فتحي المقداد 10-05-2014 12:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد القنطار (المشاركة 181784)
الجدّات عمد يرتفع عليه صرح الذاكرة ,فيبقين مقيمات به ينثرن الدفيء عندما يجتاح الروح صقيع أيامنا .
لجدتك الرحمة ,ولروحها التي تسكنك ألف سلام .....
الأستاذ محمد فتحي المقداد تحية لوفائك وتقبل مروري مع خالص التقدير .

أستاذ زياد
كل عام و انتم بخير
سعدت بمرورك الجميل كما أنت
تحياتي

محمد الشرادي 10-06-2014 10:56 AM

أهلا أخي محمد
أحيك على هذا النص المغعم بالنوستالجيا للزمن القديم حيث كانت الجدة مؤسسة قائمة بذاتها، يجد فيها الأحفاد كل ما يبتغون: العطف و الحنان و القص الجميل المؤثر...
حركت في الحنين إلى زمن جدتي فتخيلتها بوجهها الصارم الذي لا يعبر عن رهافة قلبها. و وافر حبها.
تحياتي

محمد فتحي المقداد 10-06-2014 03:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الشرادي (المشاركة 181841)
أهلا أخي محمد
أحيك على هذا النص المغعم بالنوستالجيا للزمن القديم حيث كانت الجدة مؤسسة قائمة بذاتها، يجد فيها الأحفاد كل ما يبتغون: العطف و الحنان و القص الجميل المؤثر...
حركت في الحنين إلى زمن جدتي فتخيلتها بوجهها الصارم الذي لا يعبر عن رهافة قلبها. و وافر حبها.
تحياتي


أستاذ محمد الشرادي
كل عام و أنتم بخير
الجدات ملح الحياة لنا ..
تحياتي أستاذنا . دمت بخير

جليلة ماجد 10-06-2014 04:23 PM

كل الجدات أوتاد. ..

متى اهتز ..انهارت حياتنا كخيمة ...

آن لها أن تبيد!

أ. محمد

لكل منا جدة .. لها رائحة .. و منديل معقود .. نحيلة كعود

لها تلك الأرجوزة التي تجعلنا نهطل كل حين ....

اقصوصة جميلة بالفعل ...

فليرحمك الله يا جدتي ....



الساعة الآن 07:23 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team