منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   إعادة الانتشار (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=22318)

ياسر علي 05-20-2017 11:59 PM

إعادة الانتشار
 
باله مسكون بتلك الظاهرة العجيبة التي ظهرت في بلدة الخراطيم المنكوبة، ما رشح عن وكالات الأنباء أن الأنوف هناك لا تزال مستغرقة في التهدّل ، لعلو كعبه في الميدان و لكونه صاحب باع في الوراثة ، و لامتلاكه لناصية علوم الأولين و الآخرين، حسم أمره واستجاب لندبات و استغثات تواترت من كلّ حدب و صوب ليسوق هيئة متمرّسة لمقارعة الوباء و حشره في مقامه المناسب.
ليس أوّل من تصدّى لهذا النّزال، العديدون من أمثاله قاموا خفافا وثقالا تملأهم الحمية متأهبين منذ فجر الظاهرة، استرخصوا نفوسهم فلفتهم حبال الاستخفاف قبل أن يحرزوا نصرا مؤزّرا. واثق الخطو منتصب القامة يرتقي أدراج الطّائرة عندما هاجمه شعور غريب ففرك أنفه و العطسات تغافله، حين هدأت نفسه و استوى على كرسيه استعار من جليسته المرآة، كانت حمرة خفيفة تعلو أرنبة أنفه ، هذه المرآة المقعّرة استجمعت ملامحه ما أرغمه على تلميع نظّارتيه لينقلب إليه بصره غير حسير ، وجهه على طبيعته و بقع لحيته المتناثرة المنفوشة المشتعلة بياضا تمنحه وقارا.
ـ هل سننجح ؟
ـ لم أتعود الفشل . هكذا رد عليها بثبات ، بينما الصور المتسربة من عين المكان توحي بأمر عجيب حقّا ففي الأسبوع الأول كانت الأنوف محمرة حسب التقارير ، فور انصرامه أخذت تستطيل و في الثالث أضحت خراطيم تغني عن اليدين . و إلى أن تنبّه الجميع لهذا المصاب فقد فرض الحجر و تم استنفار القوى لمحاصرة زوار البلدة أنّى وجدوا.
في المستشفى و من وراء الزجاج المسلح كانت عيناه تراقبان الشارع الرئيسي، منظر صادم حقّا، أطفال صغار تسبقهم أنوفهم ملوحين بها لبعضهم البعض، نساء متزينات متبرجات وخراطيمهن وراء ظهورهن يعقدن بها شعورهن، عجائز مقوسة ظهورهن يتعثرن بما فضل من أنوفهن كلما سقط من أياديهن.
الآلات تقيس عندما صدح جناح الولادات بظهور أول جنين من الإنسان الفيل، كان المولود دغفلة ضئيلة في هيئة بشرية بلكمتين بضّتين معقودتين، تكاد تبتلع أنفها في أولى محاولاتها للرضاعة، ما أجبر الفريق على ربطه بسريرها فأطلقت نهيما رقيقا.
قال حكيم الحكماء، هي لعنة السماء جراء الأنوف الشّرهة التي تتلصّص الروائح مشتمّة الأنباء ، المحشورة في المحارم فبدّلت خراطيم تقوم مقام تلك الجوارح الكسيحة لتتقاعد عن مهامها الممسوخة من تجريح و بطش و شمشمة . همهم الخبير مذكّرا الحكيم بالاسترسال في تعويذاته لعل السماء تتدخل و تنتشل البشرية من هذه الوحلة، تدخّل وصيفه راجيّا: " في كتبنا أساطير من هذا النوع ، لعل هذا الكتاب يلهمك مخرجا " بات الخبير يقرأ الأساطير أسطورة أسطورة بينما أرنبة أنفه تخزه وخزا خفيفا و تجبره وساوسه على زيارة المرآة ليستعيد اطمئنانه .
لاح الأمل من أعماق التاريخ البريّ ، من يدري ربما لعلها ذاكرة الكون ، لكن العمل ليس يسيرا حقّا ، فور تقديمه لورقته البحثية الأولى التي لم تتجاوز بعض افتراضات مؤسسة على ورم سرطاني أنتج فضلات دوخت ذاكرة الخلايا و عبثت بشفراتها . حتى صعقه الخبر العاجل ، بدأت الوفاة تحصد أوائل المصابين . شدّ جبينه وهو العليم أن الاختبارت من باب المحال أن تصبح جاهزة قبل شهور.
المسدّس مصوّب إلى دماغه من طرف رجل مقنّع ، طلب رؤية زوجته قبل التنفيد، أحضرت على الفور ، تصافحا بخرطوميهما ، صبرا صبرا سيخترقنا الرصاص و لا أزال أحبك ، الأمر ليس مستحيلا ، هذا المرض ليس كما يدّعون ، الاختابارت ناجحة ، نعم إنها لا تستطيع أن تكون إلاّ ناجعة ، حدسي لا يخونني ، لكن ما الذي يحدث ؟ لعلها إعادة انتشار.



ايوب صابر 05-21-2017 09:00 AM

مرحباً استاذ ياسر

اصبحت كاتبا محترفا . قصة مكتوبة باحتراف وفكرة طريفة مرعبة . الانسان الفيل من اين اتيت بهذه الفكرة لا بد انه الخيال السحري؟!

النص غني لغويا والحبكة عبارة عن احداث مترابطة ومتصاعدة وهناك استثمار للنصوص الدينية فقد لجات للتناص في اكثر من موقع مما أعطى النص زخما والحديث عن الأساطير دائماً يشعل الخيال.

بقي ان نفهم المقصود من هذه القصة ؟ هل هي نقد اجتماعي ؟

عبدالعزيز صلاح الظاهري 05-21-2017 10:04 AM

هذه المرآة المقعّرة استجمعت ملامحه ما أرغمه على تلميع نظّارتيه لينقلب إليه بصره غير حسير
، طلب رؤية زوجته قبل التنفيد، أحضرت على الفور ، تصافحا بخرطوميهما ،
قطعة من خشب سحرية أعطاها انطونيو لصديقه جينو صانع الدمى والنتيجه طفل اسمه بينوكيو
طال انف بينوكيو من اجل كذبة
قصة رائعة لقاص وفنان مبدع يرسم بمخزون مفرداته وبلاغته أجمل ألوحات
قصة تتكلم عن مرض موجود يعاني منه اغلب البشر منذ القدم علاجه مفقود رغم انه موجود
لان طباع البشر تكرهه ولا تحبه

روان عبد الكريم 05-21-2017 02:33 PM

فانتازيا الكوميديا السوداء.لعنة ابو زلومة.نص يحتوى العديد من الرموز لكن ما ألمنى فيه العلم تحت وطأة السلاح والأكثر ايلاما استيعاب البشر لهذا التطورى الجينى والتعايش معه فى حياتهم دون يشكل عقدة فالجميع مصاب به فلما الخجل حتى لو كان تشوه ..هذا ما يسمى تطويع الفكرة وتقبلها حتى لو كانت منافيه للسلوك البشرى

نص يحتاج لعدة قراءات
تحياتى

ياسر علي 05-28-2017 07:17 PM

الاستاذ أيوب صابر

تشجيعك مافتئ يمنحني الكثير من الأمل خاصّة حين أجد في نفسي ضعفا.

دمت دائما بالقرب

أمّا المعنى فقصّة أخرى ، قد يكون مسخا أو مؤامرة أو صيرورة ، لم لا كلها ؟ ما دام في الخيال متسع .

تقديري .

ياسر علي 05-28-2017 07:20 PM

الاستاذ عبد العزيز

إن حالفني الحظ قرأت ذلك العنوان يوما ، شكرا على كلماتك الوهّاجة دمت بالقرب .

تحياتي

ياسر علي 05-28-2017 07:25 PM

الكاتبة روان عبد الكريم

العلم يواجه بالسّلاح منذ غابر الأزمان و سيبقى كذلك ، لكنه ينجح في الوصول إلى الهدف النبيل حين تعجز الممرات المتشعبة في احتوائه .

تقديري .


الساعة الآن 11:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team