منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   إشاعة مزعجة - ق ق - نزار ب. الزين (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=3459)

نزار ب. الزين 02-03-2011 08:01 AM

إشاعة مزعجة - ق ق - نزار ب. الزين
 
إشاعة مزعجة

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*
*****
بعد سهرة طويلة في بيت رئيس مخفر قرية الغدير ، ترك الأستاذ مروان المضافة في طريقه إلى سكنه في المدرسة ، و في يده عصا ، يهش بها الكلاب الضالة إذا صادفته ، و بيده الأخرى ضوء بطارية ( فلاش ) ، كان يضيئه من حين لآخر تجنبا للتعثر بالحجارة التي كانت تملأ الطريق .
كانت تلك هي المرة الأولى التي يتأخر فيها مروان حتى انتصاف الليل ، أما السماء فكانت صافية و الهواء عليلا ، إلا أن القمر كان في أواخر أيامه فلن يظهر قبل الفجر ، و لكن أضواء النجوم كانت كافية لتريه طريقه بمعاونة ضوء البطارية ..
كان يصفر لحنا جميلا عندما لفت نظره ، حيوان ما ، يتعقبه ...
وجه الضوء نحوه فلمعت عيناه ، و لكنه لم يميزه ..
أما الحيوان فقد كف عن اللحاق به ، لربما أزعجه الضوء ...
" ترى هل هو كلب ضال ؟؟ "
" أم ترى هو ذئب يبحث عن فريسة ؟! "
ارتعدت فرائصه لمجرد الفكرة
و بدأ يسمع ضربات قلبه و كأنها طبل أفريقي يعلن النفير !
" لقد انتهيت يا مروان "
" آخرتك بين فكي حيوان مفترس ، يا مروان !! "
أخذ يهمس إلى ذاته و قد بدأ يشعر بشلل الرهبة .. ، و لكنه تجلد و استمر يغذ السير ..
" لا زلت في منتصف الطريق ، يا مروان "
" الله يرحمك يا مروان "
و لكنه تجلد و استمر يغذ السير ...
و من حين لآخر كان يلتفت نحو رفيقه المرعب ..
يسلط الضوء نحوه ، تلمع عيناه ، يكف عن اللحاق به لفترة وجيزة ، ثم يتابع ..
يسمع الآن لهاثه ..
" لقد اقترب اللعين .... "
يرفع مروان عقيرته بالغناء ... فيخرج صوته متحشرجاً ..
يشعر أن الحيوان أصبح وراءه مباشرة الآن ..
يلتفت مسلطا الضوء عليه ..
يا للهول إنه ضبع ..
يعرفه من ظهره المائل ..
" رأيت الضبع ( الذي أكل بياع الحلاوة) ، في أحد الأعياد ، عندما كنت طفلا يا مروان ."
" رأيت صورته في عدة كتب يا مروان .."
" الله يرحمك يا مروان "
يكاد يسقط ...
يتجلد ..
يجر قدميه ..
و لكن الضبع يبتعد عنه قليلا نحو اليمين ..
ربما أزعجه الضوء !
أخذ مروان يصرخ ، ملتفتا نحو القرية خلفه:
" وين راحوا . وين راحوا...وين راحوا النشامى "
" يا أبو عدنان ... يا أبو فيصل .. يا أبو شهاب !!!! "
و لكن الضبع لا زال يرافقه ..
يسلط عليه الضوء من جديد ..
يبتعد الحيوان أكثر ..
يعاود الغناء بأعلى ما أوتي من صوت ، يخرج صوته متحشرجا أكثر من قبل...
ثم يعاود الإستنجاد بأعلى ما أوتي من صوت الذي لا يزال يخرج متحشرجا :
" وين راحوا .. وين راحوا...وين راحوا النشامى "
" يا أبو عدنان ... يا أبو فيصل .. يا أبو شهاب .. يا أبو هايل !!!
و لكن بلا طائل فكل الناس- الساعةَ - نيام ...
يتجلد ثم يستمر يغذ السير ...
فجأة يلمح بناء المدرسة ...
" لقد اقتربت من طوق النجاة يا مروان "
" تجلد يا مروان "
" إنها بضعة أمتار يا مروان "
يسلط الضوء نحو اليمين
" لا زال اللعين يرافقني "
يقترب من المدرسة ، يجري ، يخرج المفتاح من جيبه سرواله المبلل بيد مرتعشة ، يصعد الدرجات الثلاث قفزا فيتعثر ، ينهض بسرعة ، يفتح باب غرفته ، يدخل و هو يلهث ، و طبول قلبه لا زالت تدق ايقاع الخطر ، يقفل الباب ؛ يجر الطاولة وراء الباب ... ثم يتهالك فوق سريره ، و هو يهمس إلى ذاته :
" لقد نجوت يا مروان ... "
" كاد الضبع يلتهمك يا مروان ... "
" و ليمة عشاء فاخرة ، كنتَ ستمسي ، يا مروان "
" ربما كان سيدعو أم عياله السيدة ضبعة ، و جراءه الجائعين ، أو ربما كان سيجرك إليهم .... يا مروان "
" الحمد لله على سلامتك .. يا مروان ..."

*****

في اليوم التالي ، قص ماجرى له ، على كل من صادفه .
صدقه البعض و ظن البعض أنه متوهم !
و بعد انتهاء الدوام المدرسي ، توجه إلى المخفر ، ليحكي لصديقه أبو عدنان - رئيس مخفر الغدير - عن تجربته المرعبة تلك ، و يعاتبه لأنه لم يرسل معه مرافقا ليلة أمس .
و تصادف وجود أحد وجهاء القرية ، الذي أكد أن مرافق الأستاذ كان بالفعل ضبعا ، و لكنه لم يكن جائعا ، فقد نبش قبر طفلة رضيعة كانت قد دفنت بالأمس ؛ ثم أضاف ضاحكاً :
- و لولا أنه كان ممتلئاً لكان الأستاذ مروان وجبته ! .


*****

انتشرت ، قصة الأستاذ مروان بين أهل قرية الغدير ، ثم تناقلتها الألسن إلى القرى المجاورة ثم إلى مركز المحافظة ، كانوا ينقلونها بصور شتى و بأساليب مختلفة ، حتى تطورت إلى عبارة : (( الضبع ، أكلَ الأستاذ مروان ، معلم مدرسة الغدير))
و بطريقة ما بلغت القصةُ العاصمة .
ثم تناولتها إحدى الصحف مُبهَّرةً محوّرة !....


*****

بعد بضعة أيام ، فوجئ الأستاذ مروان بحافلة تقف جوار المدرسة ، ثم يترجل منها والده و عمه و شقيقيه و بعض الأقارب !!!
و ما أن رَأوه حتى هرعوا نحوه يضمونه إلى صدورهم مهنئين بسلامته .
-------------
نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع :www.FreeArabi.com

أحمد فؤاد صوفي 02-03-2011 09:57 AM

أستاذنا الكريم نزار ب. الزين المحترم

هذه إشاعة بسيطة . . أدت إلى كل ذلك . .
فما بالك بالإشاعات المغرضة التي يتم إطلاقها ( بعد دراسة مستفيضة ) . .
ليتحقق بها هدف محسوب ومعروف . .

عزيزي . .
تقبل من أخيك الود والتحية . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

حسام سيف 02-05-2011 01:16 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استمتعت كثيراً بهذا النص

اخي الفاضل نزار
فتقبل صادق الود والتقدير

سحر الناجي 02-05-2011 02:00 AM





نزار ب. الزين
قالت الحكمة وهي تتجول بتؤدة على مرافئ الزمان أن :
كل شئ إذا كثر رخص إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا ..
و أضافت بكبرياء المنطق : للصمت أحيانا ضجيج .. يطحن عظام الصمت ..
وفي قصتك الباهظة الحرف سيدي.. لم يكن للصمت من ظلال على جدر الألسنة ..
وأولئك من يلوكون الحدث بحناجر ثرثارة لا يدركون أنهم يغتالون الحقيقة في بهراوة المبالغة ..
وجلنا الأستاذ مروان لولا تفاوت الحكاية .. وهزال الأصوات المتفاوتة بين مصدق ومكذب ..
حينها سيقبع القطن في الأسماع لهنيهات تمتد أصابع المبالغة لإزالته كي تزرع الوهم ..
رائعة انسكاباتك فاضلي .. وكانت غيومك باهرة المطر ..
سلام على روحك ..

نزار ب. الزين 02-21-2011 10:16 AM

[quote=أحمد فؤاد صوفي;58685]أستاذنا الكريم نزار ب. الزين المحترم
هذه إشاعة بسيطة . . أدت إلى كل ذلك . .
فما بالك بالإشاعات المغرضة التي يتم إطلاقها ( بعد دراسة مستفيضة ) . .
ليتحقق بها هدف محسوب ومعروف . .
عزيزي . .
تقبل من أخيك الود والتحية . .
دمت بصحة وخير . .
** أحمد فؤاد صوفي **
**********

أخي المكرم أحمد فؤاد

أدرجت اليوم القسم الثالث من مجموعة "إشاعة" بعنوان "إشاعة مغرضة"

و كما تفضلت فإن هذا النوع يحتاج إلى هدف معين و تخطيط مسبق

***

أخي العزيز

الشكر الجزيل لمشاركتك القيِّمة في نقاش النص

مع عميق مودتي و تقديري

نزار

نزار ب. الزين 02-21-2011 10:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام سيف (المشاركة 59071)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استمتعت كثيراً بهذا النص
اخي الفاضل نزار
فتقبل صادق الود والتقدير

*********
أخي المكرم حسام
الشكر الجزيل لمرورك و اهتمامك بالنص

أما ثناؤك عليه فهو وسام أعتز به
و دمت بخير و رخاء
نزار
نزار

نزار ب. الزين 02-21-2011 10:30 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر الناجي (المشاركة 59081)




نزار ب. الزين
قالت الحكمة وهي تتجول بتؤدة على مرافئ الزمان أن :
كل شئ إذا كثر رخص إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا ..
و أضافت بكبرياء المنطق : للصمت أحيانا ضجيج .. يطحن عظام الصمت ..
وفي قصتك الباهظة الحرف سيدي.. لم يكن للصمت من ظلال على جدر الألسنة ..
وأولئك من يلوكون الحدث بحناجر ثرثارة لا يدركون أنهم يغتالون الحقيقة في بهراوة المبالغة ..
وجلنا الأستاذ مروان لولا تفاوت الحكاية .. وهزال الأصوات المتفاوتة بين مصدق ومكذب ..
حينها سيقبع القطن في الأسماع لهنيهات تمتد أصابع المبالغة لإزالته كي تزرع الوهم ..
رائعة انسكاباتك فاضلي .. وكانت غيومك باهرة المطر ..
سلام على روحك ..

*********************

أختي الفاضلة سحر

الرائع هو هذا النهر الدافق من بديع الكلام

الذي قدمتِه في تعقيبك على القصة مما يشير

إلى قيادتك االماهرة للحرف الأدبي

سلمت أناملك مع عميق شكري

لمشاركتك القيِّمة هذه التي رفعت من قيمة النص

و دمت بخير و رخاء

نزار

سؤال خاص : هل علي الناجي و شقيقته وفاء من أقاربك ، فقد كانت وفاء جارتنا في الكويت و يهمنا أنا و زوجتي أن نعرف عنها بعد أن انقطعت أخبارها


الساعة الآن 04:50 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team