عمود الشعر!
 

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً. بلّغ الرسالة وأدّى الامانة ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائه. صلواتُ اللهِ وسلامه عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين ، أما بعد:
فيطيب لي أحبتي أن أتحدث في كائن جميل ما زال مغردا في أذن العربية بحرفها و نغمها منذ كانت العرب ألا وهو الشعر.
فما هو الشعر؟
الشعر بنص القرآن علم ( و ما علمنها الشعرَ ) يكتسبه المكتسب بالتعلم و يتقنه بالدربة على يد معلم و لا تكفي فيه الموهبة وحدها كما أن العلم بالشعر لا يجعل من المرء شاعرا، فقد جاء أن الخليل بن أحمد الفراهيدي سئل:
لمَ لا تقول الشعر و هذا علمك به؟
قال: أنا كالمسن أشحذ و لا أقطع.
يعني أنه عالمُ به لكن لم يؤتَ قوله، و هناك من غالى في خطر العلم بالشعر فرأى قوله صعبا لمن أراد بلوغ الذروة فقد قيل للمفضل الضبي: لم لا تقول الشعر وأنت أعلم الناس به؟ قال: (علمي به هو الذي يمنعني من قوله)، فالناس بين عالم به قائل له و بين عالم به عاجز عنه و بين عالم به متهيب له و بين جاهل به عاجز عنه.

منِ الشاعرُ؟
هو القائل الفصيح البليغ على ما اتفقت العرب عليه من ألحان ، حصرها الخليل بن أحمد الفراهيدي بتفاعيل و بحور و قوافٍ و دوائر فجاء هذا العلم على يده كاملاً من جهة التدوين و التصنيف .
قال أهل العلم : الفصاحة من جهة الألفاظ و البلاغة من جهة المعاني ، و كل ُّ بليغ فصيح ، و ليس كلُّ فصيح بليغا .

ما هي لوازم الفصاحة؟

قال عرفان مطرجي : ( و الفصاحة في اللغة العربية تُصيبُ المفرد و المركب على حدٍّ سواء
ثم ذكر فصاحة المفرد :
و هي خُلُّوه من أربعة عيوب هي:
تنافر الحروف - غرابة الاستعمال - مخالفة القياس - الكراهة في السمع.

ثم ذكر فصاحة المُركَّب فقال:
هو سلامته بعد فصاحته من سبعة *تعقيدات:
تنافر الكلمات - ضعف التأليف - التعقيد اللفظي - التعقيد المعنوي - كثرة التكرار - تتابع الإضافات - تتابع الصّفات.)**

ما لوازم البلاغة؟
و لازمها تأدية المعنى في أسهل لفظ و أوضح معنى مع مطابقة الكلام مقتضى الحال.

فإن كانت الفصاحة تهتم بسلامة المبنى ، فالبلاغة تهتم بسلامة المعنى و كيفية إيصاله للمتلقي.

_____________
* جاء في الجامع لمطرجي ( ستة) وهو خطأ
** عرفان مطرجي : الجامع لفنون العربية ، مؤسسة الكتب التراثية ، بيروت -لبنان ، ط: 1433 هـ - 2012 م ، ص: 7-19 .


______________

ما عمود الشعر؟
سأختصر الجواب في قولي عمود الشعر هو الفصاحة و البلاغة.
فالشاعر القائم بعمود الشعر هو الذي يأتي بشعره على الفصيح من ألفاظ العربية في بليغ المعاني ، و فيه جانب تقليد لا تقييد.

نتابع معك
مع التحية