منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الصرخة.................محمد محضار (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=7667)

محمد محضار 12-29-2011 01:51 AM

الصرخة.................محمد محضار
 
الصرخة.................محمد محضار
ثوبها الضيق يلتصق بجسدها، يبرز مفاتنها، كعبها الفضي اللامع يحدث إيقاعا حالما هي تمشي على إفريز الشارع شعرها الكستنائي يتهدل على كتفيها العاريين. عيناها الخضراوان تعلنان عن ثورة غضب تعتمل في أعماقها:
أمام عمارة من ثلاثة طوابق تتوقف. تنظر إلى ساعة يدها، ثم تتخطى بوابة العمارة، صاعدة السلم في رشاقة.



تدير المفتاح في قفل الشقة رقم ستة، بالطابق الثالث، تدفع الباب، تدلف داخلة. ردهة الشقة مصباحها مضاء. تخطو نحو قاعة الجلوس، كان قد سبقها في الحضور، المنفضة أمامه على المنضدة الصغيرة، مكتظة بأعقاب السجائر، وهو مستلق على كنبة "جلدية"، النافذة مفتوحة على مصرعيها، ونسيم عليل يتسرب منها، تلقي إليه بتحية باردة، يستيقظ من شروده، يستوي في جلسته، تجلس هي على الكنبة المجاورة، تفتح حقيبة يدها، تخرج علبة سجائرها، تمسك بلفافة تبغ، تودعها شفتيها، يتصاعد لهب أصفر من ولاعتها الفضية، وهي تشعل اللفافة، تنفث الدخان بعصبية، يتبادلان النظرات يغمر وجهه براحتيه، يمر بهما على رأسه الذي بدأ يغزوه الشيب، يحرك فكيه ببطء، تخرج الكلمات من فمه مضطربة:
- هل تراك فكرت جيدا فيما عرضته عليك البارحة؟
تحدجه بنظرة ثاقبة، وترد:
- لقد وعدتني بالزواج قبل الآن، ولن أتنازل عن هذا.
- لكنني رجل متزوج.. وأشغل منصبا اجتماعيا هاما، ماذا سيقول الناس عني؟
- وماذا تراهم سيقولون عني أنا أيضا، وبين أحشائي جنين لا ذنب جناه أو ارتكبه.
- سأمنحك عشرين ألف درهما نظير الإجهاض، والتخلي عن مطلبك بالزواج.
- لا تهمني دراهمك في شيء، أريد لجنيني الحياة وأريدك له أبا.
- لا، لا أستطيع.
- إذن تفضل الفضيحة وردهات المحاكم.


يرمقها بنظرة غامضة، وهو يميل إلى الأمام، يقول بصوت ناري:
- لن أسمح لك بتحطيم حياتي أيتها المومس.
- مليون لعنة عليك عليك يا كهل السوء، يا من يسترخص أعراض بنات الناس.
- لم أجبرك على الارتباط بي.
- لكن إغراءاتك، ومكانك الاجتماعي، أجبرني على ذلك، ألم تضغط علي بوسائلك الخسيسة، وماذا بوسعي أن أفعل، وأنا مجرد كاتبة صغيرة بمصلحتك، أكافح من أجل لقمة العيش، سوى الاستسلام لأجل والدتي وإخوتي الصغار.
- هذه مجرد تبريرات.
فورة الغضب تشتعل بين ثنايا الصدرين، الصمت الزافر يحتل المكان، والنظرات الشزراء تتهاوى من كلا الجانبين، ربما كانا يشعران بالندم على ما ورطا نفسيهما فيه.
من مكانها تقوم، يشخص ببصره نحوها، صوته مشوب برنة قلق ينساب إلى أسماعها.
- اسمعي يا سميرة أنا لا أريد بك إلا خيرا، حَكّمي عقلك زواجنا شيء مستحيل.
- لن اسمع منك مثل هذا الكلام، وموعدنا بالمحكمة.
- لا، لا لن تفعلي هذا.
- بل سأفعله وأتعداه.
يد تمسك بساعدها، وأخرى تهوى على خذها، وصرخة تنبعث من عمق حلقها، يداها تمتدان إلى عنقه، أظافرها الطويلة تنغرس في لحم رقبته، الأحمر القاني يطفر.. يدفعها بكل قوة.. النافذة مفتوحة على مصرعيها، صرخة تحطم السكون، والجسم اللدن الجميل يتهاوى كريشة على الرصيف، يسبح في بركة دم.




محمد محضار خريبكة : 5يونيو 1985




ريما ريماوي 01-02-2012 04:08 PM

هي جنت على نفسها, وكان الاحرى بها أن تتوقع هذا...
لكنني حزنت على نهايتها المشؤومة,

شكرا لك الأستاذ محمد.

تحياااتي.

أحمد فؤاد صوفي 01-02-2012 10:03 PM

الأديب الكريم محمد محضار خريبكة المحترم

ما يبدأ بالخطأ فلا صلاح له . .
وضعنا الكاتب أمام خيارين أهونهما مر . .
لا نستطيع أن نبرىء هذه السميرة من خطئها غير المبرر أمامنا من الناحية الاجتماعية والأخلاقية . .
ولكننا أيضاً لا نستطيع لحظة واحدة أن نبرر لهذا المدير حطته واستغلاله لمنصبه وثروته . .
ومع أن السميرة سقطت وماتت ولكن الفضيحة أبت إلا أن تظهر . .

عزيزي . .
تقبل مني التحية والاحترام . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

محمد محضار 01-05-2012 10:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فؤاد صوفي (المشاركة 101685)
الأديب الكريم محمد محضار خريبكة المحترم

ما يبدأ بالخطأ فلا صلاح له . .
وضعنا الكاتب أمام خيارين أهونهما مر . .
لا نستطيع أن نبرىء هذه السميرة من خطئها غير المبرر أمامنا من الناحية الاجتماعية والأخلاقية . .
ولكننا أيضاً لا نستطيع لحظة واحدة أن نبرر لهذا المدير حطته واستغلاله لمنصبه وثروته . .
ومع أن السميرة سقطت وماتت ولكن الفضيحة أبت إلا أن تظهر . .

عزيزي . .
تقبل مني التحية والاحترام . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

الواقع أن هذه القصة واقعية ، وقد عشت أحداثها ، لأن الواقعة كلها جرت في عمارة مقابلة لعمارتنا ، حدث ذلك سنة 1985، كنت حينها في بداية حياتي المهنية وكنت أعزبا، .........مودتي


الساعة الآن 02:41 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team