منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   لن أعود (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=2174)

ريم بدر الدين 11-07-2010 10:18 AM

لن أعود
 
لن أعود



قابعة في كوخها النائي هناك في عمق مكان نسيه التاريخ و نسيه الطريق .
صفير الريح يعوي خارجا مسعورا يكاد يلتهم كل أمان بقي في القلب .
تلتحف قلبها لتدفيء به إحساسها المقرور، لكنه هذه المرة لم يكن ليكفيها كما كان من قبل
نسجه باتت أقصر و أضيق و كأنها تعرضت لغسيل جائر غير معتن أفقدها خصائصها و رونقها.
نقرات محمومة على إفريز النافذة ،كانت نقرات متلاحقة ،كمن يتبعه شبح أو حيوان مفترس.
يتعالى وجيب القلب و ضرباته أعلى من نقرات النافذة..
تفتح؟ لا تفتح؟ قرار يتأرجح بين دقيقتين كأنه سفر عبر مجرتين في سنتين ضوئيتين
قلبها يقودها للباب،لكن فكرها يحملها على الانزواء في زاوية مخفية
أيكون هو؟أو لا يكون ؟ هي كتلة من أسئلة تتصارع تتمدد و تتقلص ثم تختفي لتظهر ثانية كأنها أشباح أتقنت فن المراوغة و التخويف
متسربلا بمعطفه الأسود، وقف على عتبة الباب و مياه المطر تتساقط منه.وجهه نصف في الظلام،و نصف أضاء من انعكاس نور القنديل. لكنه هو ...هو !
-أتسمحين لي بالدخول ؟
-وهل لمثلي أن تمنع مثلك في ليلة باردة كهذه؟
ينفض عن معطفه غبار العاصفة و البرد و الغربة.
لا يستطيع أن ينظر مباشرة إلى إنسان عينيها فيكتفي بالإطراق في أرضية الكوخ
ثم يستل من جيبه الداخلي لفافة تبغ و يقربها من فمه
يستدرك:هل أستطيع؟
-نعم خذ راحتك
كم كانت هذه اللفافة كفيلة بإشعال كل حرائقها
لكنها اليوم لا تشعر إزائها إلا بطعم الملح على الجراح المفتوحة
يفتح فمه ثم يغلقه كمن يحاول أن ينبس بكلمة لكنها لا تسلم قيادها للسانه.
-هل أعد لك العشاء.؟
نظر إليها باستغراب و دهشة
كيف لها أن تتجاوز كل ما مضى بهذا التسامح و الحيادية؟
و لكنه فعلا يتوق إليها ...لحظاتها...ضحكاتها...مشاغبتها له ...حزنها الدائم رغم مشاكستها ...
اصطفت أطباقها الشهية على مائدتها الخشبية المستديرة و إبريق شاي يتزاحم بخاره عند قبعته
أزاحت كرة الصوف و إبر الحياكة لكي توسع مكانا لمأدبة عشاء تأخرت أعواما طوالا.
عندما خرجت في حمرة شفق المساء تتعلق بأهداب ثوبه
-أرجوك ابقَ
- لا أستطيع إني راحل
- ستعود لكنك لن تجدني
قرب كرسيه من المائدة
-ها قد عدت ووجدتك ..لمَ لم ترحلي.؟
-هل أنت متأكد أنك وجدتني؟
- كنت أنتظرك هنا فقط لأقدم لك وجبة العشاء
لفت شالها جيدا حول رأسها المتوج ببدايات الثلج ، حملت كرة الصوف و الإبر في كيسها و خرجت من البيت .تعلق بأهداب شالها
-ستعودين.
-أعرف ولن أجدك!!

محمد معمري 11-07-2010 01:54 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أختي الكريمة ريم بدر الدين جميل ما قرأت هنا...
مودتي وتقديري

أحمد فؤاد صوفي 11-08-2010 11:43 PM

أرجو أن تعود وتجده . .
فهي تحبه . . وهو يحبها . .
وأين في عالمنا المادي الحالي تجد حباً . . !
لو كان حبهما حقيقياً . . فليتشبثا به ولا يدعانه للذكرى أبداً . .

القصة برمتها ناعمة جميلة . . ولكنها لا شك محزنة . .
استطاعت الأديبة أن تشرح فيها تفاصيل الشخصيتين بدون إسهاب ممل . .
وبدون مبالغة . .
لغة السرد متينة تخلو من الخطأ . .
وقفلة النهاية جديدة وموفقة . .

بورك القلم . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

عبدالحكيم ياسين 11-09-2010 08:56 PM

الأخت الفاضلة ريم
عاد ووجدها رغم قولها له: لن تجدني..
وستعود هي وستجده رغم قوله لها لن تجدينني ..
جميل هذا التعبير عن عجز المحبين عن تنفيذ
قرارات التحرر من الحب..
ورغم وجود ومضات أخرى تستحق الوقوف عندها ..
إلا أن ماسبق يكفي لانتزاع الإعجاب ..
شكراً ..نتابع ..وننتظر التألق المستمر..
مع كل التقدير..

طارق الأحمدي 11-09-2010 10:15 PM

قصة رائعة بالفعل بما حوته من أحداث

ترتيب المكان وإحاطته بالشخوص النابضة بالحياة جعل من النص لوحة فنية


لقد أبدعت هذه المرة يا ريم في استعمال الألوان المناسبة لإبراز الجانب الجمالي للقصة


فعلا يستحق هذا العمل نجوم التميز


ودمت رائعة دوما

ريم بدر الدين 04-06-2011 05:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد معمري (المشاركة 40039)
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أختي الكريمة ريم بدر الدين جميل ما قرأت هنا...

مودتي وتقديري

مساء الورد
أ. محمد معمري
أشكر لك زيارتك الكريمة للنص
تحيتي لك دوما

ريم بدر الدين 04-06-2011 05:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فؤاد صوفي (المشاركة 40289)
أرجو أن تعود وتجده . .
فهي تحبه . . وهو يحبها . .
وأين في عالمنا المادي الحالي تجد حباً . . !
لو كان حبهما حقيقياً . . فليتشبثا به ولا يدعانه للذكرى أبداً . .

القصة برمتها ناعمة جميلة . . ولكنها لا شك محزنة . .
استطاعت الأديبة أن تشرح فيها تفاصيل الشخصيتين بدون إسهاب ممل . .
وبدون مبالغة . .
لغة السرد متينة تخلو من الخطأ . .
وقفلة النهاية جديدة وموفقة . .

بورك القلم . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

مساء الورد
كانت هذه القصة مدخلا لما أعتقد أنه سيكون مستقبلا بإذن الله قصة طويلة
سعيدة أنها نالت إعجابك أ. أحمد صوفي
شكرا لوجودك الكريم
تحيتي


الساعة الآن 10:53 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team