منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   ممـــرٌ آمــــنٌ..قصة قصيرة ..زياد القنطار (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=15007)

زياد القنطار 10-31-2014 08:00 PM

ممـــرٌ آمــــنٌ..قصة قصيرة ..زياد القنطار
 
ممـــــــــــرٌ آمــــــــنٌ


[justify]أول عهدي بالأناقة الكاملة ,ما عهدتُ هذا التجانسَ في ملبسي ,قبل اليوم ..بدلةٌ بترولية ُاللون ..ربطةُ عنقٍ حمراء .حذاءٌ أخذَ نصيبه الكامل من العناية والتلميع .كل شيء يضج بلمسة جديدة, تسريحة شعري ومشطٌ جديد أفرجت عنه أمي للتو من صندوقها إكراماً واحتفاءاً بخطوتي الجديدة نحو أمل يرتسم في عيون من حولي ...كل شيء كان مختلفاً إلا صباحي ,بقي كما هو لا فنجان قهوة ولاقطعة "كيك " مرافقة له ..!! المكواة التي فردت وجه بدلتي ,كتلة الحديد ذاتها ,التي لن تستكمل عملها إلا بقطعة من الصفيح تفرد فوق نار بابور والدتي وهو ليس تعدي بالمطلق على جناب مكواتنا , وإنما للحفاظ على أرضيتها نظيفة ,من مخلفات الحرق المرافق لنفث (زيت الكاز من فالة البابور الذي تحضر نكاشته دائماً مسعفة )
الفطور المعتاد نصف رغيف خبز أكرم وجهه بمسحة من لبن ,وكأس شاي ..يومها لتعذر وجود ورق الشاي ,استعيض عنه ببعض قشورالليمون التي كانت قد جففت لمثل هذا الطارىء...
في حلتي الجديده تهيأت للخروج من منزلي إلى حيث سيقلني الباص ,إلى المدينة لألج باب ذاك المعهد الذي تقت لتفاصيل يومه الأول مستعجلاً بداية العد التنازلي لأحظى بتلك الصفة التي سترافقني طوال حياتي وما أسعدني أنتزع اعتراف كل من حولي بها ..."أستاذ "..نعم أناهو من سيكون الأستاذ زياد ...
بالعودة للباص .. فهومن الطراز الحديث .لم يكن يشابه قطع الحديد من أمثاله في حينها ..في رد صاحبه على سؤال أحدهم ــ الذي استرقت السمع إليه ــ عن قوة محركه,,سمعته يقول ..إنه بقوة ثمانية عشرَ حصاناً ,وحماراً ,,,!!! وعندما استهجن السائل مقهقهاً حشر الحمار مع معشر الأحصنه ,,أجابه صاحب الباص أن الحمار لم يكن إلاهو "إي صاحبه" الذي اشتراه ,,,!!!
يومها لم أحفل بكل تلك العيون التي كنت متأكداً أنها تتفحص أناقتي ,ولم ألقِ بالاً إليها .. كان همي عين بذاتها أحرص أن يرتسم فيها بريقاً مبعثه أناقتي المفرطة ,تمهد السبل للمصارحة بمحبة طالما أرهقني تأجج نارها في داخلي .بحرصي على عدم لفت الأنظار إلى حب وحبيب لايمكن أن تثلم أحدهما بالمجاهرة في تلك الأيام فلذة العشق في ذاك الزمن مواراته .
على آخر كرسي في ذلك الباص من جهة النافذه ,جلست بحيث أختلس في انشغال المسافرين بأحاديثهم الجانبية بعض النظرات الساهمة لعين الحبيب,وأتشاغل عن عيون الفضوليين بتقليب بعض أوراق تخص استكمال تسجلي في المعهد .
لم يكد باصنا يتجاوز نهاية تلك الصعدة المفضية إلى أولى شوارع المدينه ,حتى نفث محرك صاحبنا سحابة من الدخان الأبيض في داخل صندوقه ,حجبت الرؤية عن الجميع , وبات كل من فيه يتلمس طريق النجاة ,مع ضجيج لا تعرف مصدره وصراخ نسوة ,وطلب اللطف والاستغاثة ,وكثرة دعاء تحسب معه الخلق في يوم الإفاضة,,,وهنا استنفرت كل خبراتي في التعامل مع الكوارث والحالات الطارئة ,وهي فرصة مواتية لأسجل سبقاً في فتح ممرات عبور للنجاة ,,غير باب الباص الذي فتح طبعاً ,ولن أترك هذا الموقف دون استثمار بطولي يزيد من إعجاب من أحرص على إثارة إعجابهم ...!!!! بحركة واحدة ,,,بمرفقي ضربت زجاج النافذة التي بجانبي , فاستجاب وكانت حركة ناجحة فتحت من خلالها طاقة نجاة مسعفه لمن تعسرت به سبل النجاة ,قذفت بجسدي من النافذة ممسكاً بشبك الباص العلوي ,وما همني ردة فعل الزجاج الذي ثأرت بقاياه على حافة النافذة من بطولتي بتمزيق ما طالته من بدلتي , كان أملي معقوداً على ذلك التصفيق المدوي الذي يثني على حكمتي في التعامل مع مثل هذه الظروف الطارئة ,نعم فالبطولة تقتنص اقتناصاً ولا تأتي إليك لتخطب ودك , مع حرص أن تشهد تلك العين التي لايهمني أن يرى غيرها فعلي الخارق ذاك ,, ضاقت النافذة على جسدي ,فاستطعت تخليص نصفه ,والنصف الآخر مازال داخل الباص ,حاولت مراراً ولم أفلح ..ووقعت الكارثة الحقيقية ..!! نظرت للأسفل كل من كان في الباص ,قد غادره قبل أن أكسر زجاج نافذتي ..كلهم نجوا بأنفسهم حتى قبل شروعي بتأمين الممر الآمن كي يخرج منه الجميع ,,,,,أيادي المحسنين دفعت بجسدي مرة أخرى إلى داخل الباص ,وبدت المسافة كأنها أميال بين نافذتي وبابه من فعل خطوات انكساري المتثاقلة وعيون تعلقت بي وارتسمت بها ابتسامة ساخرة حشرت انتصاري في زاوية خيبتي...
[/justify]

روان عبد الكريم 11-01-2014 10:21 AM

صراع البطل من اجل اثبات الذات
راقت لى

ايوب صابر 11-01-2014 07:02 PM

قصة واقعية، متينة البناء، فيها شد وادهاش ولحظة الانقلاب مدوية والنهاية جاءت عكس المتوقع ، اهتمام بالتفاصيل .

كنت افضل لو تم الحديث عن حركة او صراع ما في جملة البداية مثل " كنت اسرع الخطو في عجلة من امري للحاق بالباص الذي اذا ذهب انقطعت سبل الوصول الى المدينة ....كانت بدلتي اول عهدي بالاناقة ..." وعلى الرغم من وجود بعض عناصر الادهاش مثل ذكر الألوان والوصف التفصيلي ربما كان بالإمكان زج المزيد من عناصر الادهاش مثل الأرقام والتضاد وكلمات تستثير الحواس من دون تكلف طبعا مثل إعطاء الباص رقم ...وهكذا


ياسر علي 11-01-2014 09:49 PM

أهلا بالأستاذ زياد القنطار

النص الساخر يكاد يكون الأكثر ملاحة في النصوص الأدبية .
عشق الظهور و محبة البطولة ، و محاولة إثارة انتباه الآخر انطلاقا من الأناقة ثم افتعال الانغماس في وثائق التسجيل ، و أخيرا اللقطة الهليودية و كسر زجاج النافذة ، استجابة للتعاظم الأنا وتصديقا لوهم البطولة الراسخة في ذهنية البطل ، وخاصة في وجود مثير قوي وهو وجود فتاة يعتبرها في درجة الحبيبة و لو عن بعد ، شخصية هشة تعيش في صراع أحادي الجانب مع المحيط ، سواء الإيجابي منه المتمثل في العلاقات العاطفية أو السلبي المتمثل باعتبار المجتمع حكما قاسيا يجب الحيطة منه والظهور بمظهر لائق و الحرص الشديد مخافة الانتقاد والسخرية . هذا النمط من الشخصية يكون في الغالب محط سخرية المجتمع ليس لأن المجتمع قاس لا يرحم بقدرما سلوكاته و تصرفاته يغيب فيها التركيز اللازم و التصرف السليم لأنه يتصرف تحت الضغط مما يجعله يقدم على ممارسات بلهاء تنم عن نوع من البلادة رغم أن نشاطه الذهني في أقصى درجات الفعالية . إذ حتى وهو في ورطته لا يزال ينظر إلى الحافلة والركاب الذين انصرفوا آمنين بدل محاولة التركيز لتخليص نفسه من خياره المفلس .

العنوان عميق جدا ، فالبطل سيظل طوال حياته باحثا عن ممر آمن في غياب الأمن الداخلي وهشاشة تكوينه و تضخيمه للأنا .

نص جميل و هائل استطاع تشخيص الموقف بدقة و رسم الصورة الكاريكاتورية للبطل بشكل موفق جدا
كامل التحية .

جليلة ماجد 11-02-2014 11:46 AM

على نفسها جنت براقش!

هذا ما دار في ذهني بعد قراءتي لهذه القصة ....

أن نثبت ذواتنا دون أن نكون أضحوكة؟

نعم هذا أصعب مما نتخيل !

أ. زياد

قصة محكمة ذات صوت و لون و رائحة !

بوركت ... احترامي الجم

حسام الدين بهي الدين ريشو 11-04-2014 10:34 AM

لأن الكتابة حالة من الدهشة
وجهد يسرق الحياة
ويقدمها بسخاء بين يدى القارئ
أو تحت مظلة وعيه
جاءت قصة " ممر آمن "
لتجسد
موقفا مررنا به جميعا
لاينكره الا جاحد
وكانت اللمسة الساخرة فيها
ومضة تألقت
لتزيح أستار المغزى
استاذي / زياد القنطار
دمت مبدعا
ومتألقا
مع خالص تقديري

عبدالحكيم ياسين 11-05-2014 07:13 PM

الدخان الأبيض له مابعده على مايبدو..يوحي بذلك فرار الجميع خارج الباص..
ومحاولة الأنيق فتح ممرّ آمن له ولغيره طلباً للنجاة وللظهور بمظهر المنقذ البطل لم تسفر
عن تحقيق المراد ..وأوقعت العاشق في فخّ سوء التقدير..فلم يفز برتبة البطل
المبادر ولكن علق في شباك الخيبة والمذلّة باحتياجه لمن ينقذه..
والكارثة لم تقع إلّا عليه ولكنّها كارثة في نظره هو فقط ..فما من أذى جسدي ناله
ولا من ضرر معنوي بالغ ..فاحتمال التعاطف مع عاشق خائب هو الراجح لدى
القاريء الذي لم يلمس ردّة فعل المحبوبة التي قد تكون ذكيّة بما يكفي لتعرف سبب
الورطة التي وقع فيها الأنيق ..وستغفر له حماقته بسبب الدافع لها..
أمّا النصّ بمجمله فيغلب عليه الطابع الكوميديّ الممتع ..لايقلّل من ذلك الشكل
شبه المأساوي للحدث الرئيس في القصّة..والذي يخفّف منه تعطّل الباص على مشارف
المدينة وليس في صحراء لاهبة ولافي غابة موحشة نائية..والدخان الأبيض لم
يتطوّر في النصّ وظلّ احتمال أن يكون مجرّد ارتفاع في حرارة المبرّد أو ماسّ
كهربائي خفيف انتهى عند حدّ التدخين ..والعاشق ..الذي شعر بالحرج وربّما
بالمهانة سرعان ماسيشفى من جراح حرجه ويدرك أنّ المحبوبة ستقدّر له المحاولة
إن علمت بالمراد منها أو لاحظت الدافع للتأنّق..والقرّاء سيتعاطفون مع عاشق
خائب في غير مايخصّ الحبّ ..فالخيبة مغتفرة والخيانة لا ..
فكرة النصّ جذّابة وراقية ولا يمكن حصر الثياب الرائعة التي يمكن إلباسها لها ..
لذلك احتكرت الفكرة الإدهاش وظلّ الثوب يثير التأمّل ويستفزّ الخيال ..
أغبطك أستاذ زياد على فكرة النصّ ..لقد بدا حقيقيّاً بمقدار ما بدا ثمرة خيال ذكي..
وبدا واقعيّاً تسجيليّاً بمقدار مااختزن من رمزيّة متراكبة البتلات مفتوحة على تعدّد قراءات
مرتبطة بعنوان اصطلاحيّ لافت ..
وهذا الغنى في النصّ يعزّز فكرة وجود قوّة خفيّة ملهمة ..ذات امتدادات روحيّة ....
في النثر أيضاً وليس في الشعر فقط ..
مع كلّ التقدير ..والتحيّة ..

زياد القنطار 11-11-2014 04:45 PM

أ. روان عبد الكريم
راقني أيضاً أن لامس حرفي رقي، ذائقتك
لمرورك خالص التقدير ولك وافر احترامي

زياد القنطار 11-25-2014 06:35 AM

الأستاذ أيوب صابر
لطالما أسعدتني وقفتك وأحمل جميل مفردة نقدك المحفزة المصوبة .
خفت أن أتعجل فأفسد أناقة كبر رهاني عليها , وأوافقك ما تفضلت به من ملاحظات لا أشك بأنها ستبعث بالنص الكثير من الإضاءة .
يبقى لي أن أجدد شكري وامتناني وأعتذر عن تأخري بالرد ,منك ومن الجميع لأسباب طارئة حالت دون ذلك ,إلا أنها رغم سطوتها فقد أوقدت الشوق لهذا المكان ولمن فيه ...خالص تقديري

زياد القنطار 11-25-2014 06:56 AM

الأستاذ ياسرعلي .
حقيقة أغبطك هذه المجهرية المتفحصة ,التي لاتكاد تقع على نص حتى تباعد مابين سطوره وتفصل مكنوناته بحرفية الناقد المتيقن نصل مبضعه .أسعدني وقوفك على سيكولوجيا البطل وبناء شخصيته وإشكالية توازنه النفسي .
أمتعتني هذه القراءة ,ولا أملك إلا كلمة شكر تليق بوقفتك .مع خالص التقدير والمودة


الساعة الآن 04:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team