منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   قصة قصيرة جدًاً (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8983)

سعاد الأمين 05-25-2012 07:42 AM

قصة قصيرة جدًاً
 
البَالْطو
كُنت أرى جسدى مُسجى على سريرٍ أبيض، نَفْسِى التى تَرى تُحلِقُ وسط سِحاب ناصع البياضِ. أشعر به يتحسس جَسدى بيده فى غير المألوف، ولم استطع دفعه بعيدًا. عُدت الى الحَياةِ وفَتحت عَيْنيّى إستعيد حاسة بَصرِى المُشَوشة. هرول مسرعًا للخروج، عَلِقَ البالطو الأبيض بِباب الحُجرة عند إغلاقه، غفل للخلف راجعًا وفَتح الباب. التقت نظراتنا بين الدَهشتيّن عودة الحياة والعبث بالموتى. قلت جاهدة لأسمعه صوتى الغائب منذ زمن: هذا أنت....!؟
حَدجنى بنظرةٍ ناطقة تقول:إن تحدثتى.. سَأسْكِتك للأبد..
حَرر البالطوالأبيض من قبضة الباب وصفعه خلفه ومضى. واغمضت عَيْنيىّ مُرددة:لا أرى ...لا أسمع..لا أشعر... حتى لا..
ــــــــ
الأحياء لا يسْمعُون
تَوقْفت عَربة الكَارو التى يجرها الحِمار الدْرَاوى وعلى متّنها يرقدُ جسد علّوب بلاحراك. مُغطى بأسْمالٍ باليةٍ. هرع شقيقه داخل المَشفى وجاء بالمُسعف الذى وقف بعيدًا واضعًا يديه حول وسطه ونظر الى الجسد المُسجى بلاحراك، وهزّ رأسه ثم قال موكدًا: أنه مَيّت ماذا تُريد أن نفعل له.(ربما رأى أنه لايستحق الحياة).لم يقتنع الشقيق بالكَشف على جسدِ أخيه من بُعد، حمله على كتفه وأدخله المشفى، ثم خرج به مسرعًا...
هَمز الشقيق الحمار بِعَصاةِ السُرعة، راجعًا بالجثمان للمنزل، أُقيم سرداق العزاء. ولكن عَلّوب المتوفى يصرخ فى داخل المقبرة الحالكة الظلمة. وحوله جثث الموتى وهم لايسْمعُون ..
نزل حارس المقابر للقبو حيث ترقد الجثث فى مثواها الأخير، فإزدادت حدة الصراخ المُنبعث، تمتم وبَسْمل ليطرد شبح الخوف وقال محدثًا نفسه بعقيدةٍ راسخةٍ:صدق وعده، إن عذاب القبر شديد.
فرأى علّوب جالسًا وقد وقف شعر رأسه كمن صعقه تيار كهربائى. حاول الحارِس الهَرب، تشبث علّوب مُمسكًا بقدم الحارس وهو يصرخ: أنا حَىّ.. لست جثة.. صدقنى..ولاتتركنى.آآآآآآآه... ه...
فسقط الحارس مغشيًا عليه فوق الجثث.ومازال علّوب يصرخ اخْرِجُووووونا.
ـــ


الجندر
ظلّ طريح الفراش ردحًا من الزمان، يرفض قلبه مواصلة الحياة، ويرفض هو قَلب الأنثى المُتبرع به. كان يخشى أن يفقد سِمات الرجولة. القلب الذى ينبض داخل أنثى لايعرف غيرشَفرة ضخ هرمونات الأنوثة البروجسترون والإيستروجين و..و... وهو يخشى أن يصير إنسانًا رقيقاً، وعطوفًا، وكثير النسيان،وكثير الدموع، ويحب التسوق والثرثرة مثل الإناث. فى مجتمعه الذكورى سيكون عرضة للسُخرية.
زاره صديقه المُثقف الذى لا تفارق الصُحف اليومية يده، وجه دائما مُستَخبى خلف كتاب حتى نسيت الناس ملامحه.فأسَرّ المريض بمخاوفه من قلب الأنثى.. فاستعدل الصديق فى جلسته ووضع الكتاب جانبًا، نَفخ أوداجه وهرش رأسه مرارًا ثم قال بلهجة المثقفاتية:إن الأعضاء البشريه لاتعرف الجندر.
لم يفهم المريض شيئا مما قاله صديقه،وَقْع اسمه وانْتظر...
ــ
الكاتبة سعاد محمود الامين
الدوحه

ريم بدر الدين 05-30-2012 12:18 PM

مساء الورد
الأديبة سعاد الأمين
يسعدني أن أرحب بك في منابر ثقافية
حقيقة النصوص جميلة و جريئة و تحمل ثيمات مهمة جدا
سأعود لها يحول الله
تحيتي لك

ايوب صابر 05-30-2012 12:50 PM

اقتباس من قصة البالطو"التقت نظراتنا بين الدَهشتيّن عودة الحياة والعبث بالموتى".

اقتباس من قصة الاحياء لا يسمعون" هَمز الشقيق الحمار بِعَصاةِ السُرعة، راجعًا بالجثمان للمنزل، أُقيم سرداق العزاء. ولكن عَلّوب المتوفى يصرخ فى داخل المقبرة الحالكة الظلمة. وحوله جثث الموتى وهم لايسْمعُون ".

اقتباس من قصة الجندر "ظلّ طريح الفراش ردحًا من الزمان، يرفض قلبه مواصلة الحياة،".

كل قصة تعالج موضوعة الموت والحياة هي حتما قصة رائعة ولكن هذه القصص اكثر من رائعة لانها مكتوبة باسلوب سردي جميل درامي ومؤثر للغاية.
وهي حتما قصص مشوقة ورغم قصرها فيها من عناصر التأثير ما يشد المتلقي وينقله الى جو القصة بحدة وبشكل مباشر ودون مقدمات، ليتورط المتلقي في الحدث وينغمس فيه، خاصة في القصة الثانية حيث يصرخ بطل القصة لعله يُسمِع الاحياء كي ينقذوه من المقبرة. "وهو يصرخ: أنا حَىّ.. لست جثة.. صدقنى..ولاتتركنى.آآآآآآآه... ه...فسقط الحارس مغشيًا عليه فوق الجثث.ومازال علّوب يصرخ اخْرِجُووووونا".

قصص رائعة وان تمكنت القاصة من كتابة قصص اطول وروايات بنفس الاسلوب اراهن انها ستتمكن من ابداع واحده من روائع القصص او الروايات...شكرا.



سعاد الأمين 05-30-2012 02:40 PM

شكرا الاخت ريم على المرور وفى انتظار عودتك ..

سعاد الأمين 05-30-2012 02:51 PM

الاخ ايوب صابر
شكرا من أعماق قلبى لقد أثلجت صدرى بثنائك العطر وذكرتنى بمعلم اللغة العربية وأنا ارتقى سلم التعليم المبكر الأعدادى يطلب منى فى حصة التعبير أن أقرأ أمام التلميذات ماكتبت وكتب لى فى كراستى ذات يوم ماكتبته لى انت الآن فى معناه( تبشرين بقاصة ماهرة فى المستقبل) ومازلت كلما أكتب اتذكره قدمرت اكثر من ثلاثين عاما. وتخصصت وإمتهنت علوما بعيدا عن الآدب ومازال يشدنى القلم وهانذى أجد من يشجعنى فلك كل شكرى وتقديرى وساحتفظ بكلامك هذا عبر ممرات الأيام

ايوب صابر 09-14-2014 02:01 PM

من قصص الاستاذ سعاد الامين القديمة هنا

سعاد الأمين 09-17-2014 06:18 PM

الأستاذ الأديب أيوب
تحية طيبة
لقد جلبت النصوص من غياهب الأرشيف
وأسعدتني كثيرا وانتعشت ذكريات تلك النصوص
شكرا لك


الساعة الآن 05:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team