منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   صباح الخير يا بلدي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=12368)

ريم بدر الدين 11-11-2013 12:03 PM

صباح الخير يا بلدي
 
كان لعمتي الصغرى مذياع صغير يماثل عمرها تقريبا ( في تلك الآونة) و كان رفيقها في أي مكان تذهب إليه في المطبخ أو في غرفتها الصغيرة جدا أو على السطح تحت دالية العنب و على طاولة الدراسة و في السرير و أحيانا في الحمام و يكفي أن ننتبع صوت المذياع حتى نحدد مكانها بدقة.

في الليالي الشتوية كان يعتبر تسليتنا الوحيدة خصوصا أثناء انقطاع الكهرباء ( في الثمانينيات مرت سورية بأزمة شبيهة بأزمتنا الحال
ية ) إما بسبب التقنين أو بسبب العواصف الرعدية التي تتكفل أقلها شدة بإرهاق الأسلاك و قطع أواصر الدفء بينها.
من خلال مذياع عمتي تعرفنا على صوت العرب من القاهرة و كنا ننتظر الحصة اليومية من مسلسل " شنطة حمزة" الذي يكرر فيه كل يوم الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي ذات السؤال :" شنطة مين "؟ و يأتيه الجواب : شنطة حمزة فيسأل :حمزة مين ؟ و يرد الكورس :صاحب الشنطة! الغريب أنني بهذا العمر لا أذكر من المسلسل إلا هذه العبارات و لم أفهم منه في حينها إلاها.
كنا نسمع يوميا أم كلثوم و فايزة أحمد و محمد عبد الوهاب مساءا و فيروز صباحا بعد أن تعلن إذاعتنا مجيء الصباح بـ " هنا دمشق"
في ذاك الوقت لم أكن أدرك لم تعتريني رعدة مفاجئة كلما سمعت هذا الاسم دمشق!
و كانت تثور في جلسات الاستماع و التي تسميها عمتي الصغرى تذوق أدبي و شعري نقاشات حامية بينها و بين عمتي الكبرى موضوعها المقارنة بين أم كلثوم و محمد عبد الوهاب و فريد الاطرش و عبد الحليم حافظ و غيرهم من عمالقة الطرب و ينقسم الفرقاء بين مفضل لهذا و ذاك و لكنهم جميعا يستمعون لما يفضله الآخر على أمل أن يكون مدير البرامج عارفا بما يفضلونه و يبثه في الفترة القادمة.
و كان نقاش الجارات الصباحي يدور حول أحداث المسلسل الذي يبث في الساعة الواحدة و يتعاملون مع أصوات الممثلين كما لو أنهم أشخاص يعيشون بينهم فيكرهونهم أو يحبونهم و يبتهلون في الدعاء لهم أو عليهم مع ان أغلبهم كانوا يتكلمون اللهجة المصرية.
و كنا ننتظر ثبوت هلال العيد بأغنية " ياليلة العيد " بالفرحة ذاتها التي نترنم فيها ليلة ميلاد السيد المسيح مع فيروز ب" يا جراس وعي الناس للقداس"
ورثت حب الراديو عن عمتي خصوصا عندما أهداني والدي في عيد ميلادي الثاني عشر راديو صغير ( كان في ذلك الوقت هدية ثمينة جدا) لكن لم تستهويني إذاعة اخرى سوى إذاعة دمشق و بثها المباشر و برنامجها اليومي المنظم و صوت مذيعيها و مذيعاتها و أحببت بشكل خاص صوت الإعلامي الكبير طالب يعقوب و الإعلامية القديرة نهلة السوسو و امتزجت لدي هذه المحبة بالتقدير العميق لكل منهما.
و أثناء حرب الخليج لعب مذياع عمتي و مذياعي الخاص دورا محوريا خصوصا خلال وجبة الغداء التي كانت تتزامن مع نشرة أخبار مونتي كارلو و كان الجميع يؤكدون في ذلك الوقت أن إذاعة لندن و مونتي كارلو و البي بي سي إذاعات كاذبة و مغرضة و لكن لا غنى عنها بسبب التأخر الواضح للإعلام العربي في مواكبة ما يحصل على مقربة منا في العراق و الخليج.
و حصلت تلك الثورة البصرية الهائلة لكنها أبدا لم تقطع الرابط الوثيق بيني و بين الراديو ( اللي مالو قديم مالو جديد) و إذاعة دمشق تحديدا.
و في الغربة بحثت عن محطتي الأثيرة إذاعة دمشق عبر الأقمار الصناعية لأجد أنها حجبت .. لكنني وجدت إذاعة شام اف ام و مع صوت الاعلامية السورية الرائعة هيام حموي تنقل لي كل صباح و كل مساء نبض الوطن و تحيي كل مناطق سورية واحدة تلو أخرى بصباح الخير يا شام ..صباح الخير ياحلب ..صباح الخير يا طرطوس .. الخ
و في كل مرة أغمض عيني و أسافر إلى مطارح سورية الغالية .
و عندما تقول هيام المخملية الصوت : صباح الخير يا سورية .. تعتريني تلك الرعدة القديمة و أعرف لماذا زلزلتني عبارة ( هنا دمشق ) عندما سمعتها لأول مرة في حياتي.

عمر مسلط 11-12-2013 12:29 PM

... جميلٌ كان حرفك هنا ...
والأجمل .. ما اعدتيه للذاكرة ، من لحظات كان لها وقعها الخاص ، في تلك المرحلة ...

... سعدتُ لهذا الجمال ...

أتمنى لك الخير ...

هند طاهر 11-12-2013 10:58 PM

سلام من صبا بردى ارق *** ودمع لا يكفكف يا دمشق

تحياتي

ناريمان الشريف 12-03-2013 10:07 AM

عزيزتي
بهذه المقالة .. عدت بي إلى الوراء لأتذكر
فمذياع عمتك الصغير .. كان موجوداً مثله في كل بيت عربي
لكنني أتذكر مذياع والدي .. في الستينات .. وكنت حينها صغيرة
حينما اجتاحت قوات الاحتلال الاسرائيلي بلادنا والمذياع يصرخ ( كلوهم بأسنانكم بأظافركم )!!
وقلعت أسناننا وأظافرنا ... ولم يخرج العدو من أرضنا ولا يزال جاثماً حتى اللحظة

مسكينة هي فلسطين .. صارت دمشق تشاطرها ذات الألم

أسعد الله صباح أوطاننا الجريحة


تحية ... ناريمان الشريف

ريم بدر الدين 12-09-2013 04:26 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مسلط (المشاركة 163498)
... جميلٌ كان حرفك هنا ...

والأجمل .. ما اعدتيه للذاكرة ، من لحظات كان لها وقعها الخاص ، في تلك المرحلة ...

... سعدتُ لهذا الجمال ...


أتمنى لك الخير ...

أ. عمر مسلط
سعيدة بقراءتك للمادة و إعجابك بها
أشكرك جدا
تحيتي لك

ريم بدر الدين 12-09-2013 04:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هند طاهر (المشاركة 163578)
سلام من صبا بردى ارق *** ودمع لا يكفكف يا دمشق

تحياتي

ما اجمل دمشق عندما كتبها شوقي امير الشعراء في ارض الكنانة
و يوما ما كانت العبارة" هنا القاهرة" هي الأولى في إذاعة دمشق
أشكرك أ. هند طاهر
تحيتي لك

ريم بدر الدين 12-09-2013 04:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 166024)
عزيزتي

بهذه المقالة .. عدت بي إلى الوراء لأتذكر
فمذياع عمتك الصغير .. كان موجوداً مثله في كل بيت عربي
لكنني أتذكر مذياع والدي .. في الستينات .. وكنت حينها صغيرة
حينما اجتاحت قوات الاحتلال الاسرائيلي بلادنا والمذياع يصرخ ( كلوهم بأسنانكم بأظافركم )!!
وقلعت أسناننا وأظافرنا ... ولم يخرج العدو من أرضنا ولا يزال جاثماً حتى اللحظة

مسكينة هي فلسطين .. صارت دمشق تشاطرها ذات الألم

أسعد الله صباح أوطاننا الجريحة


تحية ... ناريمان الشريف

غاليتي ناريمان
ما انفكت دمشق تشاطر فلسطين الحزينة ألمها و تقاسمها ثوب الحداد منذ استبيحت
و مادامت في قلوبنا محبة لهذه البلاد فإنها ستبقى و سنبقى
تحيتي لك دوما

عماد تريسي 12-09-2013 05:50 AM



سقى الله هاتيك الأيام الخوالي الجميلة , نعم كانت جميلة رغم تسلل بعض الأعراض السيئة إلى مسارها .

و اليوم - و لله المشتكى - لم يبقَ من هاتيك الأيام إلّا جزيل السيئات و قليلاً من كوىً لا تزال مفتوحة للأمل بالفرج ...


تحياتي و كل التقدير أ. ريم .


مودتي


ريم بدر الدين 12-09-2013 02:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد تريسي (المشاركة 166797)

سقى الله هاتيك الأيام الخوالي الجميلة , نعم كانت جميلة رغم تسلل بعض الأعراض السيئة إلى مسارها .

و اليوم - و لله المشتكى - لم يبقَ من هاتيك الأيام إلّا جزيل السيئات و قليلاً من كوىً لا تزال مفتوحة للأمل بالفرج ...


تحياتي و كل التقدير أ. ريم .



مودتي

نعم يا أستاذي لعل الفرج قريب
أشكرك أ. عماد تريسي للحضور البهي
تحيتي لك

محمد اندبها 12-25-2013 09:12 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله
الأخت الفاضلة الأستاذة
ريم بدر الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحقيقة هذه اولي ردودي والتي اختصصتها
لتكون بداية طيبة للتمتع بماضي نظيف
نقي اختزل ذكريات نتلذذ بأعادة صياغتها
لتكون لنا حرزاً ودافعاً لنُسعد به لنستمر
فلم تكن الذكريات البسيطة سوي التي تمت ممارستها
من قِبلنا او التي حدثت لأحباءنا
هي مجرد حوادث حدثت واندثرت واختفت
بعد أن صنعت قصة وحادثة وموقف واخيراً
درساً ....
فتذكرها يعني اننا نحتاج معانيها النقية لتأكيد
أن ثقافتنا لم تندثر او تُصبح كما يُقال
مجّ للماضي وتخلف والرجوع للوراء
فلو لم يكن هناك ماضٍ لما كان هذا الحاضر
سردك اختي الفاضلة
احيا في النفس شبيهاته
ولم يبقي الا ان نقول رحم الله من صنع لنا
هذا الإرث المُحبب لقلوبنا ...
سلمتِ ولا فُض فوكِ ولا كُسر قلمك
ولا جفّت محبرتك ...
فقد راق لي ماسردتي حتي جعلتي من القراء
يتخيل نفسه مُلتصق بالمذياع ...
لسماع ما جعلك تكتبين
فرجفت البرد إقشعرت منها جلودنا
ونحن نتخيل انفسنا مختبئين تحت جدّاتنا
ودفء احضان والدينا يلفح وجوهنا ونحن نتذكر
أنفساهم تحرك خصلات شعر روؤسنا ...
تحياتي لك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخيك...اندبها


الساعة الآن 11:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team