منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   في غرفة منى (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8112)

ريم بدر الدين 02-17-2012 06:19 PM

في غرفة منى
 
كانت الغرفة صغيرة جدا لا تتسع لأكثر من أريكتين مهترئتين خرجت أحشاؤهما في عدة مواضع منهما خصوصا عند مساند الأيدي وزال الطلاء عن الأقدام الخشبية كأنهما تعرضتا لكثير من البلل المستمر .. في زاوية الغرفة طاولة صغيرة نالها أيضا تقادم الزمن عليها الشيء الكثير و توحي للناظر إليها أنها على وشك السقوط رغم أن قوائمها ليست متقوسة و لا مائلة .. لعله الثقل الكبير الذي تحمله على ظهرها .. كتب يبدو أنها وضعت بطريقة عشوائية لكن بالاقتراب منها تجد كل كتاب فتح على صفحات معينة و وضع فوقه آخر مفتوح على صفحة بذاتها بفوضوية منظمة توحي بأن هناك باحثا يقطن في هذه الغرفة ..حيطان الغرفة ملأى بالشقوق و على رف يكاد يتهاوى وضع ضوء للقراءة من موديل انقرض منذ نصف قرن لكنه ما زال يضيء ..باب الغرفة الخشبي مدهون بطلاء من ألوان متعددة كما لو أنها لوحة فنان سوريالي مجنون حاول أن يضع بصمته على الباب قبل أن يرحل ..إضاءة كبيرة تؤازر الضوء الموضوع على الرف تأتي من غرفة جانبية لعلها مطبخ أو حمام..
لا تذكر كيف دخلت إلى هذه الغرفة و لا تدرك أنها أمسكت مقبض الباب الصدئ هذا بأصابعها و لكنها ترى منى تتجول في الغرفة الضيقة بحركة عصبية .. من نظرة واحدة يستطيع المرء أن يلحظ أنها حامل في أسابيعها الأخيرة من الحمل ..كانت لا تكاد تستكين في مكان ما و تعاني آلاما كبيرة رغم أنها هي نفسها لا تدرك ماهيتها ..لعلها لم تتعرف مثيل هذا الألم يوما
-منى .. هل تتألمين؟.
-ما أدراك؟
- أنت في مخاض .. يجب أن نحضر لك طبيبا
-لست أدري
لعل السؤال هدم قدرتها على المقاومة فشرعت بالبكاء و انهارت على الأريكة
استدارت لتفتح الباب و تبحث خارجا عن المساعدة لكن منى صرخت صرخة كبيرة .. عادت ثانية لترى في تكوين لا تخطئه عين رأس طفل يحاول الخروج .. و في حركة غبية و مفاجئة رفعت منى ساقيها و أعادت الطفل إلى داخلها ..
انتفضتُ مذعورة أقرأ المعوذات .. كان حلما مرعبا !!

ماجد جابر 02-17-2012 08:51 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذتنا القديرة ريم بدر الدين روعة اللفظة ، وعمق المعنى ، وجمال السرد ودقة التصوير .
بارك الله فيك وفي علمك ونشاطك.

نزار ب. الزين 02-18-2012 04:45 AM

يا له من حلم مزعج !!!
أختي المبدعة ريم بدر الدين
قدمت نصا رائعا
تصوير دقيق بكاميرا حساسة
و سرد شيِّق بأسلوب السهل الممتنع
و لغة جميلة و مكينة
سلمت أناملك و دمت متألقة
نزار

ريم بدر الدين 02-29-2012 08:50 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد جابر (المشاركة 106199)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذتنا القديرة ريم بدر الدين روعة اللفظة ، وعمق المعنى ، وجمال السرد ودقة التصوير .
بارك الله فيك وفي علمك ونشاطك.

صباح الورد أستاذي الكبير ماجد جابر
سعيدة أن هذه المحاولة نالت إعجابك
أشكرك للحضور البهي
تحيتي لك

أنور محمد 02-29-2012 01:01 PM



يعتقد البعض أن سرد التفاصيل..

يزيل الغموض؛

لأن القارئ يبحث عن متعة التخيل والتفكير والتعمق في الغموض

إلا أنكِ...

سردتي التفاصيل بطريقة مميزة..

و أبقيتِ على الغموض اللذيذ؛

حلم وددت لو انه لم ينتهي...

دُمتي في سعادة.




طارق الأحمدي 03-01-2012 10:21 PM

هل خافت منى على الوليد الجديد من فوضى الحياة فحاولت إنقاذه منها ؟
أتـُراها حاولت أن تجنّبه تركة ثقيلة من التعب وتحميه من الهزات المتواصلة التي أحدثت شرخا في حياتها ؟
أيمكن أن تكون قد حدست أن وقت نزوله غير مناسب ؟
أيعقل أن تكون قد حاولت تجنيبه العيش بين الكتب والبحوث والعلم ؟

وما يفيد السؤال ومنى قد أعادته إلى ظلمات الرحم ..
ومايفيد تعجبنا ومنى تعيش خارج أسوار الزمن وفوضى الزمان , فكيف نلومها وهي لم تؤثث له الزمن المناسب بعد؟
عجبي ..
هل صار الفكر عقبة في طريق السعادة؟
هل صار العلم بابا من أبواب الفقر والمأساة ؟
عجبي ..
هل انقلب كل شيء رأسا على عقب ؟
وهل يجدي السؤال ومنى قد شتتها ألم الحياة حتى نسيت ألم المخاض
وما جدوى السؤال ومنى لم تكد تستفيق من ألم الوحدة والنسيان حتى ذكرتها تلك التي قدمت فجأة ولأول مرة بألمها وحاجتها للمساعدة ..
عجبي ..
صارت غرفة منى هي الصورة المقابلة لحياتها ..
منى التي تفني عمرها في البحث والتمحيص لتستخرج لبّ الكتب لم تجد من يخرجها من فوضى غرفتها وفوضى حياتها ..
منى التي تمضي أغلب وقتها منهكة في سبيل راحة الغير لم تجد وقتا لتشعر بألم المخاض ..
منى التي تسعى لتنظيم أفكار الكتب لم تهتمّ لأفكارها المشتتة بين الرفوف ..
منى حالة خاصة تعيش في عالم لوحتها السريالية ..
إنها نسخة من تعب المثقف الذي وهب حياته للغير ..
إنها الوجه الآخر من حياة المثقف الذي تخفي أضواء الشهرة جانبه المظلم .
المبدعة دوما : ريـــــم
لقد استطاع قلمك أن يرسم لوحة توزعت فيها الألوان لتصب جميعها في اللون الرمادي الذي يسكن غرفة منى ..
لقد دخلت عالم المسكوت عنه في عالم المثقف العربي ..
أبعدت الأضواء الساطعة التي تخفي الكثير من فوضى الحياة..
وبين منى وغرفتها مسيرة طويلة من العطاء والعناء .. رحلة شاقة بين البحث عن المعلومة وبين البحث عن الراحة ..
إنك تبدعين دائما يا ريم ..
وأذكر أني قلتها لك يوما أن قلمك يدخل عالم القص بثبات وعلى أسس صحيحة .. وهاهي ثماره اليوم يانعة .
سلمت وسلم قلمك .
ودمت رائعة دوما .


الساعة الآن 06:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team