عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
10845
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,185

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
08-06-2010, 01:58 PM
المشاركة 1
08-06-2010, 01:58 PM
المشاركة 1
افتراضي تعلم كيف تـُربي .. وتعلم كيف تـُنشئ
تعلم كيف تـُربي .. وتعلم كيف تـُنشئ



روى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال فيما معناه ..

" خير ما يغنم المرء من الدنيا الزوجة الصالحة .. اذا نظر اليها أسرته واذا أقسم عليها أبرته .. وان غاب عنها حفظته "

وقال الشاعر العربي القديم ..

نـِعم الاله على العباد كثيرةٌ ×× وأجلهن نجابة الاولاد

والقولان متممان لبعضهما البعض .. فالرسول عليه الصلاة والسلام وصف الزوجة الصالحة بخير النعم وجاء الشاعر ليبين أجلَها وهى نجابة الأولاد .. والمقصود بالنجابة هنا الانجاب وليس الذكاء أو التفوق كما يظن البعض .. فلفظ النجابة هنا مشتق من الانجاب ..
وان كان الحديث قد ورد كاملا مكملا كطبيعة القول الشريف كله .. فان البيت الحكيم جاء قاصرا نوعا ما ..

فنجابة الأولاد لا تكون أجَل النعم إلا اذا كانت نجابة لأب معلم .. أب مربي وإلا انقلبت النعمة نقمة لا حدود لآثارها أبدا

ومعضلة تربية النشئ .. هى معضلة شبعت الأوراق من حبر المكتوب بشأنها عبر مختلف الثقافات عربية أو غربية .. دينية أو علمانية .. لكن المتأمل المحايد فى طرق تربية النشئ سيجد أن الفلسفة الاسلامية بلغت فى هذا المجال شأوا طرق حد الكمال .. فالتربية الاسلامية بنظراتها وإبداعيتها كانت ولا زالت هى الوسيلة المثلي لاخراج الطفل إلى طور الشباب عنصرا مكتمل البنية النفسية لا شائبة فيه .. لكن هذا إن تم تطبيقها كما يجب وبحذافيرها ..

لكن الشاهد أن أبناء الحضارة الاسلامية ذاتها لا يزالون أبعد ما يكون عن ثراء حضارتهم فى شتى المجالات وأخطرها تربية النشئ السليم والذى يعد بحق .. أهم رافد لبناء الحضارة الانسانية التى تعتمد أكثر ما تعتمد على العنصر البشري ..

فتعالوا بنا نتأمل ونقارن وندرس

لماذا تفوقت الفلسفة الاسلامية ؟

كان العيب الخطير الذى وقع فيه علماء النفس الغربيون فى دراساتهم لتربية النشئ هو ذات الخطأ الذى وقعوا فيه عندما حاولوا إدراك أسباب كارثة انفلات الشباب وعدم وضوح الرؤية لديهم عن أسباب هذا الانحلال الذى يعصف بالأجيال الجديدة .. وأخطر مظاهر هذا الانحلال عزوف الشباب نهائيا عن العلاقات المشروعة والرغبة الفطرية فى تكوين أسرة اضافة إلى ارتفاع نسبة الانتحار ـ لا سيما بفرنسا ـ إلى حد مفزع ..

هذا العيب الذى تناساه أو غفل عنه العلماء بالغرب هو الوازع الدينى .. فغياب الوازع الدينى ببساطة ينـزع عن الانسان طبيبا نفسيا جاهزا حيال الأزمات وبغيابه يغيب الفارق بين الفضيلة والرذيلة ويصبح المنطق المادى هو المسيطر على الحياة وهو منطق يدفع الانسان لتكييف حياته بأكملها وفقا للمتعة الحسية وفقط ..


وليبدو الأمر أكثر وضوحا ..

فان الغرب عندما أنشأ النظريات الفكرية المختلفة الخالية من أسباب الوازع الدينى لم يتمكن نهائيا من إقناع جمهور الشباب بأهمية التضامن الاجتماعى مثلا ..

وكذلك بالنسبة لقيمة الوطن والدفاع عنه .. ومقدار الرضا والهمة لمعاونة الآخرين فى إطار مجتمع متماسك وأصبح العقد الاجتماعى الذى أنشأه الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو لتقنين العلاقة بين الدولة والجمهور قائما على عقد معروف البنود يعتمد على منطق الأخذ والمنح بمقابل متبادل .. فالدولة تعطى الخدمات ونظير ذلك تتلقي الضرائب .. وبهذا المنطق يصبح المواطن العادى غير مضطر إلى خدمة مجتمعه إلا بمقدار ما يستفيد من هذا المجتمع ..

وهو ما نتج عنه بعض المظاهر التى استغربها الأشارقة عند زيارتهم للبلاد الغربية وتمثلت فى انعدام الاهتمام المتبادل بين أفراد المجتمع على خلاف عاداتنا الشرقية وكذلك بالنسبة لدور المجتمع فى رعاية الأخلاق فهذا الدور انتفي تماما فى الثقافة الغربية القائمة على مفهوم خاطئ للحرية الشخصية فهناك لك مطلق الحق فى عمل أى شيئ بأى وجه تراه مهما كان شاذا ما دمت لا تؤذى أحدا بشكل مباشر ..

أيضا هناك القانون الفرنسي الذى يحاكم الزوج الشرعى بتهمة الاغتصاب إذا طلب زوجته رغما عنها فى نفس الوقت الذى يسبغ فيه نفس القانون حماية كاملة للعلاقات غير الشرعية طالما تمت بإرادة متفقة بين الطرفين

كل تلك المظاهر التى لفتت نظر العديد من مهاجرى المشرق فى فترة البعثات الشهيرة وأعجبت بعضهم تلك الممارسات الحرة كما رأوها للأسف لأن كل منهم نظر إلى مفهوم تلك الحرية من ناحية أنها حق له دون أن يتخيل نفسه فى موقف المؤدى والمعتدى عليه إذا مورست ضده هذه الحرية .. نظر إلى المميزات ولم يسأل عن المقابل .. وذلك هو جوهر التفوق فى نظرية الحق الاسلامى فقبل أن تسأل عن حقك سل عن واجبك أولا ..

فكان جديرا بمن أعجبه التسيب الغربي فى العلاقات الاجتماعية أن يذكَر نفسه بأن هذا الأمر قابل للحدوث مع أخته أو زوجته وساعتها سيكون مطلوبا منه اتباع نفس المنطق ..

كل هذا كان بسبب غياب الوازع الدينى كما سبق القول وهو المعيار الرئيسي للفلسفة الاسلامية .

فالجزاء والمقابل فى الفلسفة الاسلامية لا يعتمد على المقابل الدنيوى فقط بل يمتد الجزاء الأكبر إلى الحياة الآخرة ولهذا كان طبيعيا أن تكون الأخلاق والمبادئ تحت رعاية المجتمع وموضع استنكار إذا فـُقدت وهذا وحده يمثل حارسا قويا لكل قيمة فمهما بلغ هوان الأخلاق فى بلادنا فسيظل مخالفها موضع استنكار .. ويظل حائزها موضع تقدير

وإضافة إلى دور الوازع الدينى فى تنقية النفس من شوائب الأمراض النفسية التى ضربت أوربا منذ بداية عصر النهضة وخروج النظريات الحديثة على أيدى الفلاسفة الكبار .. وانحسار الوازع الدينى إلى أدنى حد نتيجة للحرب المعلنة على الكنيسة هناك بعد عهود الظلام التى ظلت مسيطرة على سائر أوربا بسبب تسلط رجال الدين


ولنتابع سويا ..

كيف نـُنشئ .. وكيف نـُربي ؟

بمشيئة الله وأمره