عرض مشاركة واحدة
قديم 02-15-2012, 01:05 AM
المشاركة 7
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
- من الذي يحدّد من يستحقّها ؟ ..." المنطق والعقل "

لا بد من الحرية الكاملة للجميع لان التاريخ يظهر بأن العقل كثيرا ما يخطيء في تقديره وحكمه وما جاليلو الا مثال على ذلك ومثله امثال.

المعضلة ان الانسان حينما يرغب في تقيم نفسه او الاخرين يعتمد على ما في داخله من مخزون معرفي متراكم ومكتسب لذلك يرى نفسه دائما على صواب رغم انه قد يكون على خطأ....فالعقل لا يستطيع ان يصدر حكما موضوعيا مثالية متوازنا مهما كان صاحبه صادقا ومخلصا في محاولته...

فالانسان يصدر احكامه بناء على التراكم المعرفي والخبرات التي يكتسبها فتتشكل له مجموعة من المثل والقناعات التي قد لا تكون سليمة كنتيجة لنقص المعلومات او لسوء الفهم وعدم فهم المعنى الصحيح والمقصود.

وفي احيان كثيرة من يدافع عن رأيه باستماته ويحاول فرضه على الاخرين يكون الابعد عن الصواب.
العزيز .. أيوب صابر

هذا الرأي ـ مع احترامي لك ـ هو رأي شائع ومنطلِق من الثقافة الغربية , وإذا نظرنا إلى نتيجته فهي أنه لا يوجد أي معيار توزن به السلوكات ولا الأفكار على اعتبار أن كل من قال رأيه أنه ينطلق من داخله ومحصلة الظروف التي مر بها , بمعنى أنه في الأخير لا يوجد منطق عام ولا أخلاق عامة , فقط يوجد أنواع من المنطق وأنواع من الأخلاق يفصِّلها كل شخص على حسب جسمه ورغباته وظروفه , أي تذويب للعقل والأخلاق وتحويلها إلى فتافيت كل يأخذ حصته على مزاجه , وكيف يسوَّغ لنا أن نقول أننا في عصل المعرفة والعلم , ونحن لا نمتلك أي معيار معرفي تنسب إليه الأفكار ولا التصرفات .

السنا في عصر المعرفة , لماذا إذاً نهمل هذا الجانب المهم ؟
هل يعقل أن توجد المعايير والمقاييس لكل شيء مادي قد لا يكون مهما في حياتنا , ويبقى مجال تقييم الأخلاق والأفكار سائبا بلا أي معيار ؟ أليس الإنسان هو الذي ابتكر المعايير للمادة ؟ لماذا إذاً لا يبتكر معايير للسلوك والأخلاق وهي الأهم وسبب الخلاف في حياتنا ؟

والبشر أعرف وأقرب إلى أحاسيسهم منه إلى عالم المادة , وهذا خلل كبير في الثقافة الغربية ـ التي تتبجح بالمعرفة ـ منشأه فكرة الحرية في السلوك التي تبناها الغرب بغض النظر عن نوع السلوك , كي يفتح المجال للأهواء الشخصية لتنطلق وتأخذ راحتها بلا معيار ولا تقييم ولا حدود إلا التصادم مع الآخرين (مع القوة) , وهذه هي الفوضى المنظمة .

وجاليليو لم يغير العقل ولم يغير المنطق , بل لا يستطيع أن يغيرهما ولا آلاف الجاليليوات , جاليليو غيَّر معرفة محددة (معلومة) من المعارف كانت غير دقيقة , والمعلومات شيء والمنطق شيء آخر , لأن المعلومات تتجدد وتتغير كل يوم , ويبقى المنطق ثابتاً أزلياً , إذاً رفض الفلسفة هو رفض للعقل , ولا يوجد علم بدون عقل , إذاً رفض ثاني للعلم من خلال رفض الفلسفة , وكما قيل (نقد الفلسفة فلسفة) .
أما المنطق فلا يغيره العلم , لأن المنطق هو الذي أعطى العلم اسمه وتعريفه وهو علم تجريبي ومجرب يومياً بحد ذاته , والتجارب التي تجرى على المنطق أكثر من التجارب التي تجرى على العلم , والحقائق لا تتصادم مع الحقائق , لأن المنطق الثابت حقيقة والعلم الثابت حقيقة , والمنطق أشمل من العلم والعلم فرع منه , فالأبحاث تجرى بموجب المنطق والنتائج ترصد بموجب المنطق , ومن لا عقل له ولا منطق فلا يستطيع أن يكتشف علما ولا حتى يفهمه , إذاً العلم للعقل وليس العقل للعلم .

إذا هناك شيء ثابت ولكن لا يراد الاحتكام إليه أو التعمق فيه لأمر ما ! , وما زال كلامي عن الثقافة الغربية وليس عنك شخصيا , فمعذرة لانطلاقي وراء الفكرة .

وشكراً .. مع احترامي