الموضوع
:
التحليل الأدبي لقصيدة" الجرة " لمويسات علي: بقلم ماجد جابر
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
2
المشاهدات
15743
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
المشاركات
3,710
+
التقييم
0.74
تاريخ التسجيل
Feb 2011
الاقامة
رقم العضوية
9742
03-30-2012, 07:01 PM
المشاركة
1
03-30-2012, 07:01 PM
المشاركة
1
Tweet
التحليل الأدبي لقصيدة" الجرة " لمويسات علي: بقلم ماجد جابر
أولا : القصيدة
دكانة صغيرة
لصانع الفخار
قد زينتها تحف
على الجدار رصفت
فابتهج الجدار
أنامل لصانع
سحرية الأدوار
أمامه صفيحة
من الحديد صلبة
تدور في مسارها
كأنها الإعصار
والطين يروي قصة
في طيها أسطورة
محزونة الفصول
.... والحروف
.... والأشعار
فأبكت المياه
.... والجماد
.... والأشجار
وأبكت .. الأوتار
***
الطين صار جرة .. جميلة
في روعة .. الأزهار
والنقش فوق طينها
كأنه الأسفار
يبصرها اللبيب .. في تأمل
يتوه في سطورها
مع الحروف راحل
في عالم الإبحار
وكلما تلف في مسارها
تروي لنا حكاية
تفوح بالأسرار
حكاية لأمة
تفرقت أهواؤها
واستحكم العداء .. بين أهلها
فاختلف المسار
كأنها القطيع في مروجه
أصابه الدوار
فأظلم في عينه النهار
يا أمة ..
قد ساقها رعاتها
لمسلخ الجزار
ألطف بها ..
يا خالق .. البحار
.... والحبال
.... والنجوم
.... والأقمار
ألطف بها ..
يا مالك الأقدار
يا قصة ..
فصولها ... الدماء
.... والأحزان
.... والأكدار
بحده الحديد.. دونت
بمارج .. من نار
يا قصة ..
أتاهت .. العقول
... والأسماع
... والأبصار
يا أمة ..
على عميق جرحها
قد أنزل الستار
وعدت بعد رحلتي
في عالم الأفكار
مسبحا ... وخاشعا
أقول في تضرعي
رحماك .. يا جبار
رحماك .. يا جبار
ثانيا : التحليل الأدبي
جو النص:
يقول الشاعر مويسات علي :
دخلت يوما إلى دكان لصانع الفخار، ورحت أراقب أنامله وهي تتحرك بلمسات فنية أحالت ذالك الطين إلى جرة وبدت لعيني تلك الخطوط والنقوش المرسومة عليها كأنها سطور تروي الجرة من خلالها حكاية ما ..، فقـالـــت الـجـــــرة : هذه القصيدة ، أي أن شاعرنا يروي أحداث المقطوعة على لسان الجرة ، وتروي الجرة ما يجري من أحداث رهيبة تمس الواقع العربي وعلاقته بالحاكم والمحكوم.
الأفكار الرئيسة :
1. يبيِّن النص أن شاعرنا دخل على حانوت فخار ، فوجد صاحبها يقوم بصنع جرة .
2. يظهر الشاعر جمال الجرار وتنسيقها وترتيبها في الحانوت .
3. يصف الشاعر طريقة صنع الجرة ، وكيف يحول الخزاف الطين جرة دائرية جميلة بحركات دولابه السريعة.
4. يتغنى الشاعر بزخرفة الجرة وجمالها.
5. يصور الشاعر الجرة بامرأة تروي أحداث أمتنا العربية وما تتعرض له من فتن وانقسام الشعب الواحد على نفسه .
6. يصف الشاعر ما أحدثته المصائب بين المواطنين في المجتمع الواحد، وخاصة اليمني من جرح وقتل وبغضاء وبكاء ونحيب.
7. يوضح الشاعر جور الحاكم وبطشه.
8. يتضرع الشاعر إلى ربه ؛ ليحمي الأمة ويخرجها من كبواتها ، ويبعد عنها ما أصابها من جراحات ونزاعات.
العاطفة :
1.إعجاب الشاعر بجمال تنسيق الحانوت.
2. الزهو والإعجاب بعملية صناعة الفخار.
3.فرحة الشاعر لجمال الجرة بعد صناعتها.
4.إثارته مما ترويه الجرة عن اليمن خاصة ،والأمة العربية عامة.
5.عاطفة الألم والتحسر عما يحصل بين المواطنين من منازعات ومشاحنات تصب في خانة الغير.
5.عاطفة الألم من الحكام وتكالبهم على السلطة وتفرق شمل الأمة.
ويصدر الشاعر في أفكاره ومعانيه عن تجربة صادقة ، وعاطفة قوية ، فلا ريب في ذلك ، فها هو يعايش الأحداث بنفسه ، فيرى القتل والسلب، والتمزق والتفتت والتناحر والفقر ، والأجنبي يستغل الأحداث لصالحه وعلى حساب الأمة، فانعكست تلك على أحاسيسه ووجدانه ، وقد غلبت على المقطوعة نزعة الرفض للواقع المر ، فارتفع صوته رافضا هذا الواقع المزري ، فهو يهرب من الواقع ويلجأ إلى الرمزية الجزئي ، وتتحدث الجرة بقلب مكلوم.، والرمزية أبلغ في تصوير الأحاسيس، وما هو مختزن في اللاشعور .
[B
]الخصائص الأسلوبية :
أولا : التصوير الفني
1.التشبيهات
[/B]
أ. التشبيه المفرد :
( كأنها الإعصار)شبه حركة الدولاب بالإعصار. تشبيه مرسل مجمل.
شبه الشاعر فراره من الواقع بفرار القطاة . تشبيه مرسل مجمل .
"والنقش فوق طينها
كأنه الأسفار "
" الطين صار جرة .. جميلة
في روعة .. الأزهار"
شبه جمال الرسومات بجمال الأزهار. تشبيه بليغ.
شبه النقش بالأسفار. تشبيه مرسل مجمل.
ب. تشبيه التمثيل
2 .الاستعارات
أ. ومن الاستعارات المكنية ما يلي:
"فابتهج الجدار"
شبه الشاعر الجدار بإنسان يبتهج.
(والطين يروي قصة) شبه الطين براو يروي ويتحدّث.
ب. الاستعارة التصريحية:
" فأبكت المياه
.... والجماد
.... والأشجار
وأبكت .. الأوتار"
شبه الشاعر ما تحدثه الرواية وفصولها من حسرات وآلام بالمبكي.
3. الكنايات:
(والطين يروي قصة... محزونة الفصول) :كناية عن الألم والحسرة عما يجري في اليمن والعالم العربي.
"فأبكت المياه ..."." والجماد "...." والجماد" "وأبكت .. الأوتار" :كناية في كل عن الألم والحسرة من جراء ما يجري في اليمن العالم العربي من أحداث جسام.
"يا أمة ..
قد ساقها رعاتها
لمسلخ الجزار"
الجزار : كناية عن موصوف ، وهم الحكام أو القادة المسئولون عن التفرقة..
المسلخ : كناية عن القتل والتعذيب وسجن السلطان.
"بحده الحديد"كناية عن صفة القوة.
" يا أمة ..
على عميق جرحها"كناية عن هول المأساة.
" وعدت بعد رحلتي
في عالم الأفكار"كناية عن سرحان ذهن الشاعر وتحمله لهموم الأمة وتفكره بها.
4. المجاز المرسل
"أنامل لصانع" ذكر الجزء " الأنامل" وأراد الكل الأصابع واليد"مجاز مرسل علاقته الجزئية.
" يتوه في سطورها
مع الحروف راحل"
ومثلها:
" محزونة الفصول
.... والحروف
.... والأشعار
" فقد ذكر في كل الحرف " الجزء " وأراد به القصيدة " الكل .مجاز مرسل علاقته الجزئية.
ثانيا : التعبير ( اللغة والأساليب )
1.الألفاظ والتراكيب
أ. استخدم الشاعر في نصه لغة سهلة موحية تخاطب عقول الناس ، وقد جاءت ألفاظ معجمه الشعري مناسبة ومعانيها مطابقة للأفكار ، فعندما ابتهج بمنظر الدكان استخدم كلمات البهجة والفرح وعندما انتقل لوصف هموم الأمة اختار كلماته من معجم يوحي بالألم والحزن.
ب. جاءت تراكيبه متناغمة بعضها مع بعض ، قوية متينة ، موحية ، فيها الرمز الجزئي تعبرا عن رفضه للواقع، فاستخدم أسلوب "الاتساع" , (Expansion) وهو واحد من العمليات التحويلية التي تطرأ على العبارات والتراكيب النحوية، ويعرفه المحدثون من المشتغلين بالدراسات اللغوية بأنه عملية نحوية تأتي عن طريق إضافة بعض العناصر الجديدة إلى المكونات الأساسية دون أن تتأثر تلك المكونات" كما في مثل : "يا أمة ..
قد ساقها رعاتها
لمسلخ الجزار"
ووضّح بعض البلاغيين هذه الظاهرة وأطلقوا عليها مصطلح " الاتساع": وهو أن يأتي المتكلم أثناء كلامه بما يحتمل أن يفسر بكثير من المعاني لصلاحه لكل منها. وقد عبر عن هذا المفهوم ، مفهوم الاتساع أو الانزياح"جان كوهن" وقال بأنه الأسلوب في كل ما ليس شائعاً ولا عادياً ولا مطابقاً للمعيار العام المألوف، وهو يشخص اللغة الشعرية باعتبارها انحرافاً عن قواعد قانون الكلام، ورأى جاكوب كورك أن أكثر الوظائف حيوية للصورة الاستعارة والصورة الشعرية، أي خلق معان جديدة من خلال صلات جديدة.
ج.وقد اتكأ الشاعر على مفردات الفعل المضارع لما فيها من استمرارية، استمرارية المأساة والحزن والأسى والتناحر وسيل الدماء، كما في مثل:تدوم ، تروي،يروي،يبصر،يتوه،تلفّ،تفوح،،أقول.
واستخدم الفعل الماضي؛ليفيد السرد ، في نحو:أبكت وقد تكررت لتأكيد المأساة ،"قد زينتها "وهي مسبوقة بقد؛للتحقيق وتبيان زينة الدكان ،رصفت ،ابتهج،صار.
د. استخدمت الشاعر تارة الألفاظ في معانيها الحقيقية لتوضيح أفكاره ونقل المعاني لمستمعيه؛ وهي ألفاظ سهلة جميلة تناسب الغرض الأدبي ويظهر ذلك في وصفه للجرة والحانوت وجمال كل ، وتارة أخرى كان يلجأ للرمز الجزئي ، فالجرة تروي هموم الأمة ، وهي كالكتاب أو المسرحية أو السنة لها فصولها. ولقد صور لنا الشاعر بعدسته الشعرية وذائقته الفنية واقع ما يحصل في العالم العربي وخاصة اليمن من أحداث جسام ، فابتعد عن المباشرة ، فلجأ إلى الرمز ، واتسمت القصيدة بمجموعة من الخصائص الفنية التي امتاز بها الشعر الرمزي والشعر الحر .
من حيث هو جزء منه ، فرمز له بـ " الرعاة " إلى الحكام وهم المسئولون، ورمز ب" مسلخ الجزار" إلى شنيع تعذيب الحكام للرعية ، وجعل الطين ينطق، وجرة الفخار تروي وتقص ؛ ونهل من معجم الرومانسيين كما في الألفاظ التالية: المياه،والأشجار،الأزهار،البحار،الجبال،النجوم،الأقم ار؛ليحصل التوحد بين المبدع والطبيعة:
فأبكت المياه
.... والجماد
.... والأشجار
وأبكت .. الأوتار
فالقصة وما حصل في اليمن تتأثر به الطبيعة التي تشارك الشاعر أحزانه ، فالمياه والجماد والأشجار والأوتار كلها تشارك الشاعر أحزانه وتبكي لبكائه.
2. الأساليب الخبرية والإنشائية
ا. استخدم الشاعر الأسلوب الخبري ؛ليناسب الغرض، ففي بداية القصيدة استخدمه ؛ليظهر لنا مدى إعجابه بالحانوت وترتيبها وتناسقها وانبهاره بصناعة الجرة ، واستخدمه في المقطع الثاني ؛ ليجسد مأساة اليمن خاصة والأمة العربية عامة في وقت تتكالب عليه المحن من الداخل وتنهال عليه المصائب إثر الخلافات والمشاحنات والتي ولدت البغضاء بين أبناء الوطن الواحد والأمة العربية الواحدة ؛ وليوضح لنا مدى رفضه للواقع العربي، وخوفه من المستقبل وتشاؤمه من استغلال الخارج لما يحصل ؛وليظهر الحزن والأسى ووقع الجراح.
واستخدم الأسلوب الإنشائي ليفيد معان أخرى ، كما في مثل: "يا أمة .." فالنداء يفيد التحسر على حال الأمة المزري ،وقد تكرر النداء ؛ليفيد التأكيد ، وكذلك حال النداء في "يا قصة" والتي تكررت هي الأخرى.
"قد ساقها رعاتها
لمسلخ الجزار
"ألطف بها" ..
"يا خالق .. البحار"،"يا مالك الأقدار" والنداء هنا يفيد التضرع والدعاء .
"ألطف بها .."والأمر يفيد الدعاء، ومثلها ""رحماك " التي تكررت مرتين للتأكيد.
ب.ابتعد الشاعر عن المباشرة ؛ ليحذر من تبعات ما يجري في العالم العربي من سياسات لا تخدم مصالح الأمة ، وما رافق ذلك من اختلال منظومة القيم والمبادئ الأصيلة ، والنعرات العرقية والخلافات المذهبية، وما يحصل من تغذية للفرقة بين أبناء الأمة الواحدة والعزف على وتر الطائفية خدمة للآخر.. ومن خلال هذا الأسلوب، أقام الكاتب التوازن الداخلي بين الفكرة والعاطفة، مما يولد التحام مكونات العمل الأدبي ليغدو عملا فنيا رائعا.
3.المحسِّنات البديعيَّة
1. الترادف ،كما في مثل:
يا خالق .. البحار
.... والحبال
.... والنجوم
.... والأقمار
يا مالك الأقدار
يبصرها اللبيب .. في تأمل
يتوه في سطورها
مع الحروف راحل
الإطناب كما في ،مثل:
يا خالق .. البحار
.... والحبال
.... والنجوم
.... والأقمار
ألطف بها ..
يا مالك الأقدار
وكما في مثل:
يا قصة ..
فصولها ... الدماء
يا قصة ..
أتاهت .. العقول
وطريقته ذكر الخاص بعد العام ،وفائدته التنويه بذكر شأن الخاص ، كما في قوله:
أقول في تضرعي
رحماك .. يا جبار
رحماك .. يا جبار
وطريقته التكرار لتقرير المعنى في نفس السامع وتثبيته ،وغرضه الترحم.
أ. الترادف بين كل من " "جميلة"و" روعة".وبين"تدور"و"تلف"
ب. الجناس: جانس الشاعر بين كل من:"الأقدار"و"الأكدار"جناس غير تام.
ومن أبرز خصائص النص، الوحدة العضوية، والوحدة الموضوعية، والصدق الفني.
4 . التناص
وظّف الشاعر مويسات في نصه الأدبي النصوص التراثية الإنسانية ،التي تغني تجربته الشعورية وتوفر له طاقات إيحائية واسعة، فقال:" بمارج .. من نار "رمزا لهول ما يحصل في اليمن وبعض البلاد العربية الأخرى من فرقة وخلاف، ومسايرة لأطماع الأجنبي والمتآمرين من العرب مع مخططاته، وهو تناص ديني،حيث تأثر الشاعر بقوله تعالى:" خلق الجان من مارج من نار " ، وهو تناص ديني.
ثالثا– الوزن والموسيقى
نظَم الشاعر مقطوعته على نمط شعر التفعيلة ، فاستخدم تفعيلا تها؛ فقد تخلص من الرتابة في القافية الموحدة ، وتمكّن الشاعر بهذا في الانطلاق برحابة أوسع في قاموسه الشعري ؛ ليحمله المضامين الكبيرة ، وجاءت السطور الشعرية حسب التدفق العاطفي للشاعر ، مما ساهم في المحافظة على الوحدة العضوية والموضوعية في النص.
شخصية الكاتب
ا
تّسمت المعاني والأفكار والصور الفنية التي اتكأ عليها الشاعر بالبساطة والرقة والعذوبة ،لكنها عميقة في معانيها ، واسعة في مدلولاتها ، لجأ الشاعر فيها إلى الرمز الجزئي ؛ لأن وقعه على النفس أبلغ ، إذ يبدو الشاعر من خلالها جيّاش المشاعر رقيق العاطفة، مرهف الإحساس، قلقا ومتألما من الواقع العربي عامة ،واليمن خاصة ، ويتأسى على وضع العرب المزري وهو يؤمن بالمثل والقيم العليا كالعدل ، وحبه لليمن وللعرب والعروبة ومحيطه الإسلامي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://odaba2.blogspot.com
رد مع الإقتباس