الموضوع
:
التحليل الأدبي لقصيدة"ملاكي" للأديبة "فيروز محاميد" بقلم: ماجد جابر
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
2
المشاهدات
23507
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
المشاركات
3,710
+
التقييم
0.74
تاريخ التسجيل
Feb 2011
الاقامة
رقم العضوية
9742
08-27-2012, 07:38 PM
المشاركة
1
08-27-2012, 07:38 PM
المشاركة
1
Tweet
التحليل الأدبي لقصيدة"ملاكي" للأديبة "فيروز محاميد" بقلم: ماجد جابر
أولا: القصيدة [/color]
ملاكي
اجبني بكل ما أُتيت من قوة
فأنامل الشوق أضرمت نيرانها في قلبي وغزير اللهفة …
تدفق عبر نبضاتي …
ملاكي
اتق جنون لهفتي …
ها قد أسدل الليل ستاره وأخفى عتاب النهار
فلتبدأ طقوس حبك ولا تنس إشعال شموع جنونك …
سنرقب خطوات اللهفة وهي تدور حول أجساد أعياها طول الانتظار
**فيروز
ثانيا: التحليل الأدبي
جو النص:
الواقع الصعب الذي تعيشه الكاتبة، وما فيه من ظلم اجتماعي، وتسلط سياسي، يضغط على الشاعرة بأحاسيسها المرهفة وبمنظار شعورها الرقيق، فتتولّد الأفكار وتغتلي العواطف فتهيج عاطفة الشاعرة تحاول الابتعاد أكثر عن اللفحات الحارة لتلك الهموم إلى غزل رقيق لتتلهى به وتنسى الوقع المر،ّ ولتخفف عن النفس عذاباتها، فتنطلق بهذه السطور الشعرية
الأفكار الرئيسة:
1. يبيِّن النص أن شاعرتنا قد عصفت بها نيران شوق الحبيب وألمّت بها.
2.تصف الشاعرة ثورة هذه الأشواق ولهفتها للحبيب.
3. القلب يحب ويتأثر وينفعل للمعاني الخلاقة، وينجذب نحو العازفين على أوتار القلوب ولا تجد من وسيلة أمام نوبات الشوق واللهفة إلا ملاقاة الحبيب.
4. القلوب المتلهفة والأجساد التي كلّت من جحيم الحياة لا يطفئ نيران أشواقها سوى الحبيب وبصماته على خلايا محبه وهمسات كلماته يعزفها على أوتار تلك العواطف المتدفقة الندية.
5. تنتظر الشاعرة عودة ملاكها وتواصله بعد طول انتظار.
العاطفة :
1. عاطفة اللهفة والشوق للحبيب وملاقاته لطهره ولعذب كلماته وحركات بصماته.
2. عاطفة التحسر على الواقع وبُعد الحبيب، فالجسم أصبح جسدا أصابه الإعياء بلا روح ولا حياة.
3. عاطفة الإعجاب بالحبيب، فهو ملاك نقي.
وتستمد الشاعرة أفكارها ومعانيها من تجربة صادقة، وعاطفة قوية ، فلا ريب في ذلك، فهي مرهفة الأحاسيس، تحب النبل ويعشق قلبها الرقة والدماثة، متلهفة للحبيب ولقائه بعيدا عن واقع حياة لا ترحم، وقد تكررت معاني الشوق في القصيدة أربع مرات لتأكيد اللوعة والاشتياق:
فأنامل الشوق، وغزير اللهفة، اتق جنون لهفتي، سنرقب خطوات اللهفة...
فهي تهرب بقلبها عن واقع وحياة سلبتها الحقوق وأثقلت عليها بالواجبات، وترى بأم عينها التفرقة والتمييز والتهميش والتقزيم والعبث بإنسانية الإنسان، وتعجز عن التغيير فها هي تعايش الأحداث بنفسها، فانعكست تلك على أحاسيسها ووجدانها، وقد غلبت على المقطوعة نزعة الرفض للواقع المر والمزري، فارتفع صوتها رافضا هذا النسيج المبني على عدم تقدير الإنسان لإنسانيته، فتهرب أمام العجز وعدم التمكن من التغيير إلى خير جليس بحبها العفيف تسطر بقلمها ما يحلو لها شعرا، طلبا للذته العقلية والوجدانية، فهي الملقي، والشعر هو الوسيلة، علها تجد المتلقي الذي يسمو بفكره نحو الإبداع، في الشعر تعبر عن ذاتها وحبها وآمالها وأمانيها، لكن باعتدال وبعبارات موحية والإيحاء أبلغ في تصوير الأحاسيس، وما هو مختزن في اللاشعور .
الخصائص الأسلوبية :
أولا: التصوير الفني
1. الاستعارات
أ. ومن الاستعارات المكنية ما يلي:
" فأنامل الشوق أضرمت نيرانها " شبهت الشاعرة الشوق بإنسان له أنامل يحس ويتأثر وينفعل، كما شبهت الأشواق بإنسان يضرم النيران، استعارة مكنية في كل.
(وغزير اللهفة): شبه اللهفة بالماء المتدفق.
" سنرقب خطوات اللهفة": شبهت اللهفة بإنسان يخطو ويسير.
ب. الاستعارة التصريحية:
" ملاكي": شبهت الشاعرة حبيبها بالملاك بجامع النقاء والطهر.
2. الكنايات:
"اجبني بكل ما أُتيت من قوة": كناية عن الحاجة الملحة للشاعرة بملاكها.
"فأنامل الشوق أضرمت نيرانها في قلبي" و"غزير اللهفة …
تدفق عبر نبضاتي …": كناية في كلٍِ عن أن الشاعرة لم تعد تطيق بُعد الملاك والحبيب بما أحدثه هذا البٌعد من شوق وحرقة واشتياق.
"ها قد أسدل الليل ستاره" و" وأخفى عتاب النهار": كناية في كل عن أن فرصة اللقاء بالحبيب والملاك قد أصبحت مواتية ومهيّأة.
"فلتبدأ طقوس حبك" و "ولا تنس إشعال شموع جنونك: كناية عن حاجة الشاعرة للمحب بما يعزف على أوتار قلبها من كلمات تنشدها أحاسيسها المتدفقة، وحاجتها للمساته وما تُحدثه في خلاياها من وقع.
"سنرقب خطوات اللهفة وهي تدور حول أجساد أعياها طول الانتظار" كناية عن انتظار الشاعرة لمقدم المحب الملاك.
3. المجاز المرسل
" وهي تدور حول أجساد "ذكرت الجزء" الجسد" وأرادت الكل "الإنسان" ؛ أي نفسها كلها، مجاز مرسل علاقته الجزئية.والجسد تعبير موح، حيث أن الروح قد فقدها من أثر الواقع الأليم، ولم تعد للحياة معنى.
" فأنامل الشوق أضرمت نيرانها": فقد ذكرت الأنامل "الجزء" وأرادت به الشوق "الكل" .مجاز مرسل علاقته الجزئية.
ثانيا: التعبير (اللغة والأساليب)
1.الألفاظ والتراكيب
أ. استخدمت الشاعرة في نصها لغة سهلة موحية تخاطب عقول الناس ، وقد جاءت ألفاظ معجمها الشعري مناسبة ومعانيها مطابقة للأفكار، ولقد اختارت ألفاظها وكلماتها من معجم يوحي باللوعة وحرقة الشوق وتمني اللقاء.
ب. ولقد جاءت تراكيبها متناغمة بعضها مع بعض، رقيقة متينة، موحية فيها من الرمز الجزئي تعبرا عن رفضها للواقع، فاستخدمت أسلوب "الاتساع" وهو واحد من الأساليب, التحويلية التي تطرأ على العبارات والتراكيب النحوية، ويعرفه المحدثون من المشتغلين بالدراسات اللغوية بأنه عملية نحوية تأتي عن طريق إضافة بعض العناصر الجديدة إلى المكونات الأساسية دون أن تتأثر تلك المكونات" كالاستعارات الكثيرة والتشبيهات والكنايات ،ووضّح بعض البلاغيين هذه الظاهرة وأطلقوا عليها مصطلح "الاتساع": وهو أن يأتي المتكلم أثناء كلامه بما يحتمل أن يفسر بكثير من المعاني لصلاحه لكل منها، وقد عبر عن هذا المفهوم، مفهوم الاتساع أو الانزياح "جان كوهن" وقال: بأنه الأسلوب في كل ما ليس شائعاً ولا عادياً ولا مطابقاً للمعيار العام المألوف، وهو يشخص اللغة الشعرية باعتبارها انحرافاً عن قواعد قانون الكلام، ورأى جاكوب كورك أن أكثر الوظائف حيوية للصورة الاستعارة والصورة الشعرية، أي خلق معان جديدة من خلال صلات جديدة، ومنها في النص أيضا:( فلتبدأ طقوس حبك ولا تنس إشعال شموع جنونك)
فالطقوس هي مجموعة من الأفعال لها دلالة رمزية وتؤدى على فترات زمنية محددة أو في مناسبات خاصة.
وهي في الغالب تستخدم في الشعائر التي ترمز إلى دلالات دينية، لكنها الشاعرة حولتها لدلالات الحب والعشق وهذه براعة من الشاعرة، حيث يرى بعض النقاد الأسلوبيين أن الانحراف من أهم الظواهر التي يمتاز بها الأسلوب الشعري عن غيره، لأنه عنصر يميز اللغة الشعرية، ويمنحها خصوصيتها وتوهجها وألقها، ويجعلها لغة خاصة تختلف عن اللغة العادية، وذلك بما للانحراف من تأثير جمالي، وبعد إيحائي .
ج. وقد اتكأت الشاعرة على مفردات الفعل المضارع لما فيها من استمرارية، استمرارية المأساة والحزن والأسى ويوحي باستمرارية الحدث، و برغبة الشاعرة الملحة في تجاوز المأساة، وفيه تأكيد على موقفها من الحب ورفضها للظلم والواقع المرّ غير القادرة على تغييره فتهرب منه بقلبها، كما في مثل: تبدأ، لا تنسً، تدور نرقب والذي أدخلت عليه السين لتحوله وتنحرف به للاستقبال،.
واستخدمت الفعل الماضي؛ليفيد السرد في نحو: أسدل، أخفى ، أعيا، أوتي، أضرم، تدفق.
د. استخدمت الشاعرة تارة الألفاظ في معانيها الحقيقية لتوضيح أفكاها ونقل المعاني لمستمعيها؛ وهي ألفاظ سهلة جميلة تناسب الغرض الأدبي ويظهر ذلك في وصفها لمشاعرها وحبها والتنفيس بذلك بالشعر واليراع، وتارة أخرى كانت تلجأ للرمز الجزئي، كما في قولها:" فلتبدأ طقوس حبك ولا تنس إشعال شموع جنونك"
فابتعدت عن المباشرة، فلجأت إلى الرمز حينا وإلى الإبهام والغموض تارة أخرى(فلتبدأ طقوس حبك ولا تنس إشعال شموع جنونك )، فالدلالات اللغوية تكون أحيانا قاصرة عن نقل حالات النفس بكل ثرائها وعمقها، فهي تتعمد بإلقاء بعض الظلال على معانيها وتغليفها بغلالة رقيقة تجنبها خطر الابتذال؛ ولتحمي نفسها من سهام طائشة كما في قولها :" سنرقب خطوات اللهفة وهي تدور حول أجساد أعياها طول الانتظار" وكما في قولها:" ها قد أسدل الليل ستاره وأخفى عتاب النهار".
ه. نلحظ في النص عنصر الجنوح إلي التركيز والتكثيف والتجافي عن الشرح والتحليل، وهي سمة تنشأ عن تطور وظيفة الصورة من التقرير إلى الإيحاء، وهذا هو سر الإبهام والغموض أحيانا.
واتسمت القصيدة بمجموعة من الخصائص الفنية التي امتاز بها الشعر الرمزي والشعر الحر .
و. المصـاحبـات اللغـويــة، ومعناها: ميل الألفاظ إلى اصطحاب ألفاظ أخرى، لارتباط بعضها ببعض، أو لأنها من محيط لغوي واحد، مثــل:" طقوس" والتي غالبا ما تصاحبها كلمة "شموع" ولينشأ منه إيقاع موسيقي داخلي.
ز. استخدمت الشاعرة (ملاكي) بدل (حبيبي)فهو أدق؛ لأن (الملاك) هو هو الحبيب الذي يفي ولا يغدر، وفيه الوسامة والنورانية؛ بينما (الحبيب) يوحي أحيانا بالتحوّل وعدم الوفاء، وقد يخلو من الطهر، ومع (الملاك) شمولية في الصفات، ومع (الحبيب) سلبية في التمام والكمال
2. الأساليب الخبرية والإنشائية
ا. راوحت الشاعرة بين استعمال الأساليب الخبرية والإنشائية؛ فاستهلت قصيدتها بأسلوب إنشائي، وهو النداء الذي يفيد التحبب والتقرب، وقد تكرر مرتين ؛ ومن الأساليب الإنشائية التي وظفتها الشاعرة أسلوب الأمر: أجبني، اتقِ، والأمر هنا يفيد الالتماس، وقد استخدمته مع الفعل المضارع المقرون بلام الأمر"لتبدأ" ليفيد التمني.
كل ذلك من أجل خلق جو يوحي بالحياة والحركة.
ب. ابتعدت الشاعرة عن المباشرة؛ فهي أبلغ في الإيحاء.
واستخدمت الأسلوب الخبري ؛ليناسب الغرض، فاستخدمته؛ لتجسد مدى تقديرها لمشاعرها وأحاسيسها، حماية لها من عبث العابثين، ولتأكيد ذاتها بارتباطها بوطنها وأمتها وبحبها في عالم طغت عليه الماديات واستشرت أمراضها وما ينتج عنها.
ج. استخدمت الشاعرة أسلوب المتكلم(ملاكي)؛ لتأكيد الذات، والذات المخاطبة تحاول الفرار من واقعها الأليم لتشكيل عالمها الخاص، وضمير الأنا يستشعر هول المأساة ومرارة الواقع المهين والمزري وتدرك أنها تنتمي إلى زمن رديء مرّ مهين.كما استخدمت ضمير الآخر(أنت) كما في قولها:(اتقِ+أنت)، وقد توحدت مع ملاكها بقوله(سنرقب) فاستخدمت ضمير جماعة المتكلمين .
د. استخدمت أسلوب الإيجاز بالحذف، فقالت:"ملاكي" وتقديره:"يا ملاكي" فحذفت حرف النداء، وقد تكررت الكلمة مرتين.
3.المحسِّنات البديعيَّة
أ. الإطناب
:، كما في مثل:
" فأنامل الشوق أضرمت نيرانها في قلبي" و "وغزير اللهفة …
تدفق عبر نبضاتي" وكما في قولها:" ها قد أسدل الليل ستاره وأخفى عتاب النهار".
وطريقتها في ذلك ذكر العام بعد الخاص، والغرض من هذه الزيادة إفادة الشمول مع العناية بالخاص لذكره مرة وحده، ومرة مندرجا تحت العام.
ب. الترادف
: ب
ين كل من "أسدل" و"أخفى".
ج. الطباق: طابقت بين كل من:"الليل"و "النهار".
ومن أبرز خصائص النص، الوحدة العضوية، والوحدة الموضوعية، والصدق الفني.
ثالثا– الوزن والموسيقى
نظَمت الشاعر مقطوعتها على نمط قصيدة الشعر النثري، واستغنت عن الموسيقى الخارجية بالإيقاع الداخلي الذي يسري في عروقها من استخدامها ولمساواة بين الجمل والمقاربة بين الأصوات؛ فقد تخلصت من الرتابة في القافية الموحدة، وتمكّنت الشاعرة بهذا في الانطلاق برحابة أوسع في قاموسها الشعري؛ لتحمله المضامين الكبيرة ، وجاءت سطور القصيدة حسب التدفق العاطفي للشاعرة، مما ساهم في المحافظة على الوحدة العضوية والموضوعية في النص.
رابعا- شخصية الشاعرة:
اتّسمت المعاني والأفكار والصور الفنية التي اتكأت عليها الشاعرة بالبساطة والرقة والعذوبة ،لكنها عميقة في معانيها، واسعة في مدلولاتها، ولجأت الشاعرة فيها إلى الغموض حينا، كيلا تبتذل كلماتها؛ مستعينة بالألفاظ والتراكيب الموحية؛ لأن وقعها على النفس أبلغ، إذ تبدو الشاعرة من خلالها جيّاشة المشاعر رقيقة العاطفة، مرهفة الإحساس محبة لأمتها ولوطنها رافضة للذل والمذلة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://odaba2.blogspot.com
رد مع الإقتباس