عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
3509
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.67

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
09-26-2013, 12:37 AM
المشاركة 1
09-26-2013, 12:37 AM
المشاركة 1
افتراضي ملابس ناني و ماني لا ياقة لها
ملابس ناني و ماني لا ياقة لها

ريم بدر الدين بزال
الرياض 25/9/2013


كان لإعلان في إحدى المواقع الالكترونية ترافق مع تقرير تلفزيوني في برنامج يجمع الطرائف حول العالم كل القدرة على استدعاء المتشابهات و المتناقضات
نظارة توضع أمام العينين تستطيع تصفح الانترنت و المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي
انبهر الأطفال بهذا الاختراع العظيم و كان إحساسنا المتعاظم بالرعب يتمكن منا ..
هذه الاختراعات الكبيرة و الاكتشافات المذهلة تسجل قصب سبق للبشرية و لكنها أيضا تصير كوامن الرعب مما هو آت حقا
ففي حين عاصرنا زمنا يسير على مهله نستمتع فيه بكل ثانية تمر و تعلمنا التجارب و نكتسب الخبرات التي تساعدنا في بناء كيان مجتمعي حتى لو رمينا في أرض قفر لا ماء فيها و لا ضرع يأتينا زمن أنشأ جيلا لا يعرف ما تعني كلمة كفاح و لا مكان للثوابت و القيم في سبيله بل و يعتبر ما قدمناه من تضحيات ضئيلة و لا قيمة لها طالما هم ينعمون بثمرة الطفرة الرهيبة و القفزة الواسعة في التكنولوجيا و الاتصالات
لست هنا بصدد أن أسطر مقالا ليقول لمن الأفضلية بين جيلين متناقضين و لكن الحقيقة كما نسي الجيل الذي سبقنا ما قدمنا له من تضحيات و كفاح لأجل أن يكون هنا وجدت أن هذا ديدن البشرية و هو التنكر دوما للسابقين و التخاذل أمام اللاحقين
هل فكرنا يوما بالإنسان البسيط الذي طور نوعا زراعيا أو بالإنسان الذي تفتق ذكائه عن نسج خيطين مع بعضهما بطريقة لا تخلو من التعقيد ليكون النسيج الذي يستر الأبدان و كثير منها
لا نتذكر في هذا الصعيد سوى القدماء الذين بنوا الأوابد الضخمة و اكتشفوا الكتابة و الحروف الأبجدية و التي كانت لها مهمة عظيمة في هذا التطور الذي نعيشه الآن
ربما لا يتساوى من اخترع الأبجدية مع من ابتكر الإبرة و الزر و لا يتساوى من بنى الأهرامات و انشأ أنظمة الري و السدود مع من أوقد النار للمرة الأولى و لكن كل منهم كان في زمنه مبتكرا .
اذكر مسلسلا كنديا عنوانه " ناني و ماني" يتحدث عن الحياة الكولونيالية الأولى في كندا مع قدوم أول المهاجرين .. كنت أنظر لنسيج الأردية الذي يلبسونه و أقول هل من المعقول أنهم لم يلتفتوا إلى أهمية اللمسات الجمالية الأخيرة على الرداء ؟ أين الياقات التي تعطي اللباس رونقه ؟
و في تأملي للموضوع وجدت أن هذه الخطوة لم تكن بالسهلة أبدا كما تبدو لنا الآن علما أن تعلمها يحتاج منا إلى أسبوع على الأقل و إتقانها يحتاج إلى المزيد من الخبرة
و لا يعرف هذا الجيل طبعا ما للراديو من أهمية في حياتنا اليومية حيث كان النافذة شبه الوحيدة على العالم حين كان البث التلفزيوني ما يزال قليلا و غير متوفر لفئة كبيرة من الناس
لا يعرفون متعة الوجود في الغرفة المظلمة التي تظهر فيها الصور المشبعة برائحة نترات الفضة و التي تلوث رؤوس الأصابع بشكل مستديم و لا متعة رويتها مشبوكة ملاقط الغسيل على حبل في تلك الغرفة لتجف
كان الارتحال في عوالم الكتب المتاحة هو أجمل رحلات نقضيها مع ان الكتب لم تطبع بتقنيات متطورة و لا على ورق فاخر كما نحن الآن .. في كل صفحة لا بدأن نكتشف اثر غلطة للمنضد الذي صف الحروف و ربما نشعر برجفة أصابعه ووقوفه في البرد لينضد الخبر و ينزل في جريدة اليوم الآتي. و الجريدة لم تكن متوفرة بشكل كبير على أية حال.
و كل ما نراه الآن سهلا متيسرا استلزم عقودا و قرونا ليظهر إلى عالم الضوء .. لكننا نمر بالقفزة الأكبر في تاريخ البشرية و تسارع حركة التاريخ في درجته الأعظمية منذ البدء و حتى الآن ربما هذا هو المصدر الأساسي للشعور بالقلق و الخطر .