الموضوع
:
لماذا تقدم الغرب وتأخر الشرق؟
عرض مشاركة واحدة
01-15-2014, 01:11 AM
المشاركة
3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
التقدم يبدو شيئا أقرب إلى الخيال في عقولنا نحن الأمة المؤمنة بالتخلف ، هذا لأننا آمنا بما لا يدع مجالا للأمل أننا متخلفون ، و أصبحنا بدون وعي أقرب إلى الإيمان بأننا لا نستحق إلا التخلف ، فكثيرا ما توطنت في أذهنانا فكرة أن الإنسان الغربي يتميز علينا بميزات شتى ، والواقع غير ذلك بكثير ، فالأجناس لهم نفس القدرات ، فمفتاح التقدم هو بأيدينا متى آمنا أننا قوم يمكنه أن يصل إلى درجة أرقى . وهنا لا أقصد تلك المبادرات الفردية على إيجابيتها ، بل أقصد أن تكون مؤسساتنا على استعداد لاحتضان الفكر التقدمي . ولا أقصد هنا تقدمية إديولوجية ، فلا أعتقد أن الإديولوجيا و حمولتها التوعوية قادرة على أن تضمن التقدم لأي شعب من الشعوب ، بل تعتبر ذلك السند الذي من خلاله يمكن تهييء الأجواء لإنزال سياسات معينة هي التي يمكن أن تصب في مجرى التقدم .
من خلال استقراء أولي ، نلحظ أن فرنسا مثلا بنت و استقت تقدمها في ظل إديولوجيات مختلفة ، من نظام إقطاعي مرورا بالثورية و رجوعا إلى ديكتاتورية نابوليون و انتقالا إلى الديموقراطية . و ألمانيا أيضا مرت بذات المراحل تقريبا ، و كذلك بالنسبة انجلترا ، و حتى أمريكا بنت تقدمها في ظل حرب ضروس بين الشمال و الجنوب ، و ذهابا إلى روسيا بنت تقدمها في ظل القيصرية و مرورا بالشيوعية و وصولا إلى الليبرالية ، و الصين تخلصت من تخلفها في ظل الشيوعية و غذت نفسه بالانفتاح الاقتصادي و اقتصاد السوق الموجه .
المهم أن التقدم ليس رهينا بإديولوجيا معينة بقدرما هو رهين بالقدرة على بناء المجتمع ، و إنشاء توافقات أساسية على مشروع مجتمعي ينظر إلى المستقبل ولا تنحصر رؤيته في الحاضر القريب ، فالذي يريد ترميم حياته ، بدون رؤية مستقبلية إنما يعمل على تعقيدها أكثر . فالفشل هو ضبابية الأفق ، كلما أحسست أنك تخبط العشواء ازدادت مقومات تكريس الفشل وفقدان القدرة على التغيير ، التقدم هو امتلاك فكر تقدمي مؤمن بأن الإنسان قادر على الفعل ، وقادر على التأثير في المستقبل ، وعندما يتم التفكير على هذا النحو في مجتمعاتنا آن ذاك لن تستغرق مسيرة التقدم كل تلك السنوات التي توحي بها الفروق التي تظهر شساعتها بيننا وبين الغرب ، فالصين بنت تقدمها في ظرف خمسين سنة ، والبرازيل بنفس المجهود و في نفس المدة ، والهند انتهجت نفس الركب ، مع العلم أن تلك الدول تملك أكبر عائق من عوائق التقدم حسب النظرة الغربية وهي الكثافة السكانية ، و لكنها أيضا ثروة إن تم استغلالها كثرت ثمارها .
أعتقد أن البحث العلمي واحد من رهانات التقدم ، فعندما تنخرط المؤسسات في الرفع من جودة المنتوج العلمي في البلد ازدادت أسهم تحقيق التقدم ، فاستثمار العقل البشري هو وحده الرهان الذي لا مناص من الاشتغال عليه إن أردنا أن نضع قدما في الطريق السليم ، وعندما نتحدث عن البحث العلمي فالأمر يتعلق بكل أصناف العلوم بدون استثناء ، فالعلوم تتكامل فيما بينها لتنتج بيئة متقدمة .
هذا المقال كتبته في 23 دجنبر 2013 في أحد المواقع وعنونته " الطريق إلى التقدم .
رد مع الإقتباس