عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2014, 11:37 AM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الاستاذ فارس

اهلا بك من جديد . لا شك ان مقالتك مليئة بالأفكار ويمكن ان نطور حول محتواها حوارا يتمد لسنوات عديدة قادمة .

دعنا نبدا لعلنا ونقاش بعض هذه الأفكار ونتحاور حولها
:

تقول في مقدمة مقالك " *لم يكن الوهم الذي عشش في راس نيتشه كالوهم الذي يتملك عقول المجانين ... حقا ان مسحة الاعجاب التي ابداها في نفسه عندما قال عنها ما قال وهو يمتدح اسلوب كتابته وفرادة افكاره والحكمة الطافحة التي تفيض بها بحور علمه وان التاريخ الفكري سيشهد انعطافة حادة في النقطة التي ظهر هو فيها ، وسيقسم تاريخ الفكر الى مرحلتين احداهما تلك التي سبقت ظهوره اما الثانية فهي التي بدأت منذ ان اشعت شمس افكاره لتنير للانسانية ظلمة دنياها وتهديها الى طريق النجاة والنجاح ، قد كان فيها شيء من المبالغة كبير وخصوصا حينما ذهب به الزهو الى وصف احد كتبه بانه اعظم كتاب ظهر في العالم ، وان الفكرالذي جاء به هو اعلى من المستوى الفكري الشائع ذلك الوقت ولن يفهم الناس افكاره الا بعد مرور مائة عام اخرى " .

- اجد من الصعوبة في تقبل هذا الحكم الذي اصدرته على هذه الشخصية العبقرية الجدلية نيتشه حيث تفترض في مطلع مقالتك ودون مقدمات بان ما عشش في ذهنه هو مجرد وهم رغم انك تحاول إزاحة تهمة الجنون عنه على الاقل في بدايات مشواره الذي ترى انه كان فيه عبقريا .

اقول ذلك لعدة اسباب اولها ان التاريخ يشهد له بانه كان فذا عبقريا جاء بفكر جديد لم يسبقه اله احد، ولا شك ان هناك إجماع بانه اب الفلسفة الوجودية ، هذه الفلسفة التي اصبحت مع الفكر الماركسي تمثل المرحلة الاخيرة من مراحل تطور الفكر الانساني الوضعي وشجرة المعرفة التي بدات بالأسطورة في ابسط صورها، وهي حتما لن تتوقف بل ستظل نامية متطورة متراكمة ، لكن يبدو اننا امام احتمال بان تحدث طفرة في هذا المجال وحسب نبوءة نيتشه ، حيث لا يعرف احد تحديدا ماذا سيجود به عقل الانسان السوبرمان الذي اصبح اقرب الى التحقق والواقع ، ولا نقول ذلك جزافا ولكن من واقع التقدم العلمي المهول في مجالات الدماغ وابحاثه والجسد وجيناته ومن خلال القفزات النوعية التي تم تحقيقها خلال المائة عام الماضية .

لا شك اننا لا نعرف الكثير عن نيتشه وانما نعرفه من خلال ما وصلنا ، وقد يكون هذا الذي وصلنا ظالما بحق الرجل، وذلك لن يكون اول مرة ولا اخر مرة، فنحن نعرف تاريخيا بان البشرية غالبا ما اصدرت أحكاما ظالمة ضد طروحات وافكار النخبة العبقرية التي كانت أصيلة وفذة عبقرية بطروحاتها لانها جاءت بفكر جديد غير مسبوق وغالبا ما كان هذا الفكر يقدم طروحات ضد السائد والمالؤف ولذلك كان يحارب وفي بعض الاحيان يتعرض صاحبه للقتل بتهمة إفساد الشباب مثل ما حصل مع سقراط في ما قبل التاريخ ومثل ما حدث مع جاليليو في القرن السادس عشر وهو على الاغلب ما حدث مع نيتشه وسيحدث مع غيره، وقد وجدنا في كل مرة ان الكثير مما جاءت به عقول هذه الفئة كان صحيحا عبقريا واشتمل على استشراف ونبواءت مستقبلية احتاج العقل الجماعي للبشرية لسنوات طويلة لاحقة لاستيعاها وفهمها وتقبلها وقد حدث ذلك مع جاليليو مثلا حيث قامت الكنيسة على اعادة الاعتبار له بعد اربعة قرون من ادعاؤه ان الارض ليست مركز الكون وانما الشمس! *

كما ان البشرية ما تزال تعجزعن فهم الطريقة التي تعمل بها العقول واحيانا ترى البشرية في التفكير الخارج عن الأطر المألوفة انما هو ضرب من الجنون وفقدان للتوازن رغم ان هناك ما يشير بان فقدان التوازن انما هو مؤشر على دماغ يعمل بطريقة فوق عادية ولذلك نجد ان العملية الابداعية عند كثير من المبدعين هي محاولة للتفريغ بهدف استعادة التوازن.

وعليه فان ادعاء نيتشه بانه فكره وطروحاته عن الانسان السوبرمان يمثل نقطة فاصلة في التاريخ انما هو حقيقة اصبحنا اقرب الى مشاهدتها على ارض الواقع . ويبدو ان ما قاله بهذا الخصوص يمثل نبوءة لانه لم يكن في عصره اية ملامح لهذه القفزات العلمية الهائلة التي حصلت لاحقا وجعلت احتمالية تحقق الانسان السوبرمان اقرب الى التحقق
.

*