الموضوع
:
تحليل قصيدة "الصدار الذي نسجته" للعقاد بقلم الناقد: عبد المجيد جابر
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
2
المشاهدات
15104
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
المشاركات
3,710
+
التقييم
0.74
تاريخ التسجيل
Feb 2011
الاقامة
رقم العضوية
9742
05-25-2014, 04:00 PM
المشاركة
1
05-25-2014, 04:00 PM
المشاركة
1
Tweet
تحليل قصيدة "الصدار الذي نسجته" للعقاد بقلم الناقد: عبد المجيد جابر
أولا: النص
هنا مكان صِداركْ... هنا، هنا في جوارِكْ
***
هنا، هنا عند قلبي ... يكاد يلمِسُ حبي
وفيكِ منه دليلٌ ... على المودة حسْبي
***
أَلمْ أنلْ منكِ فكرة ... في كلِّ شكّة إبرة
وكلِّ عَقْدة خيْطٍ ... وكلِّ جرّةِ بَكْرة
***
هنا مكان صدارك ... هنا، هنا في جوارِكْ
والقلب فيه أسيرٌ ... مُطوّقٌ بحصارِكْ
***
هذا الصدارُ رقيبُ ... على الفؤادِ قريبُ
سليه: هل مرَّ منه ... إليَّ طيفٌ غريبُ؟
***
نسجْتهِ بيديْكِ ... على هدى ناظريْكِ
إذا احتوانى فإني ... مازلتُ في إصبعيْكِ
ثانيا: التحليل الأدبي
جو النص:
الأفكار الرئيسة :
1. يتحسس الشاعر حبه في الحبيبة من خلال الصدار الذي نسجته المحبوبة للشاعر، والصِّدَارُ: ثوبٌ سميك بلا كُمَّين وياقة يُغطَّى به الصَّدر، يمتدّ من الخِصْر وحتَّى الكَتِف، ويُرتدى خاصَّة فوق القميص.
2. يجد الشاعر عزاءه في فقده للحبيبة بالصدار الذي نسجته له ويلبسه، فالصدار قريب منه يغطي قلبه، والمحبوبة بعيدة عنه.
3. يرى الشاعر أن قلبه المحب لمن نسجت هذا الصدار الذي يلبسه، والقلب كامن فيه.
والعقاد شاعر الفكرة لا شاعر التجربة - بالمعنى الرومانسي - شعر الخاطرة التي تصل بالجزئي إلى الكلي، وتعبر المسافة بين المحدود واللامحدود، وتقبع في المسافة بين العرَض الظاهر والجوهر الخبيء، وتلعب على الجدل بين المتناقضات، فهو مجال الولع الشديد عند العقاد، بسطوة منطقه وقدرته على الجدل والمُحاجّة.
العاطفة :
1.عاطفة الألم والتحسر لفقد الشاعر لمحبوبته.
2.عاطفة الحنين للمحبوبة التي نسجت الصدار للشاعر.
3.عاطفة الإعجاب بجمال الصدار.
ونلحظ في القصيدة العاطفة الصارخة المشبوبة، والخيال المحلِّق في فضاء عريض، والوجدان النابض بكل ما يمثله الشعور والفكر معًا، في نسيج شعري مرهف، ولغة طيِّعة محكمة، وتعبير عن الذات المتحكمة في الموقف الشعري رؤية ومعايشةً وتأملاً ورهافة ورقّة ورومانسية.
الخصائص الأسلوبية :
أولا : التصوير الفني
1 .الاستعارات
ومن الاستعارات المكنية ما يلي:
"هذا الصدارُ رقيبُ " : شبه الشاعر الصدار بإنسان يراقب، استعارة مكنية.
2. الكنايات:
(هنا مكان صِداركْ) :ذكر الشاعر مكان الصدار(هذا) وأراد ما فيه وهو القلب، كناية عن نسبة.
(هنا، هنا في جوارِكْ): كناية عن القلب القريب من الصدار الذي يرتديه والذي نسجته هي للشاعر.
(والقلب فيه أسيرٌ) :كناية عن تعلّق الشاعر بالمحبوبة.
(هذا الصدارُ رقيبُ) :كناية عن الدليل بحب الشاعر الكبير للمحبوبة التي صنعت الصدار.
(فإني ... مازلتُ في إصبعيْكِ) : كناية عن سيطرة حبها على وجدانه.
3. المجاز المرسل
" مازلتُ في إصبعيْكِ " ذكر الجزء "الأصبع" وأراد الكل "المحبوبة" مجاز مرسل علاقته الجزئية.
1.الألفاظ والتراكيب
أ.استخدم الشاعر في نصه لغة سهلة موحية تخاطب عقول الناس، وقد جاءت ألفاظ معجمه الشعري مناسبة ومعانيها مطابقة للأفكار، فاختار كلماته من معجم يوحي بالألم والحزن. وتتجلى اللغة الجميلة التي تملّكها وكتب بها في إبداعيْه النثري والشعري معًا، فهو صاحب أسلوب، وأصحاب الأساليب هم وحدهم الذين يفرضون بصْمتهم وكأنهم يُوقعّون بها على كل ما يكتبونه، فيكتشف القارئ المتابع أنه قد تعرّف على صاحب الكلام من قبل أن يقال: هذا فلان أو فلان. ولئن فرض العقاد بصْمته الجمالية في كتاباته النثرية من خلال كتبه عن العبقريات والدراسات الإسلامية والأدبية، فإنه قد فرض أيضًا بصْمته الجمالية في إبداعاته الشعرية، وبخاصة في هذا الفيض من شعره الرومانسي.
ب.جاءت تراكيبه متناغمة بعضها مع بعض، قوية متينة، موحية .
2. الأساليب الخبرية والإنشائية
ا. اتكأ الشاعر على استخدامه للأسلوب الخبري؛ ليناسب الغرض، ففي بداية القصيدة استخدمه ليظهر لنا مدى إعجابه وليجسد مأساته بفقده للحبيبة؛ وليظهر الحزن والأسى ووقع الجراح.
واستخدم الأسلوب الإنشائي ليفيد معان أخرى، كما في مثل: "أَلمْ أنلْ منكِ فكرة ... في كلِّ شكّة إبرة" واستخدم أيضا الأمر في قوله: "سليه" ليفيد الالتماس، وكذلك استخدم مرة أخرى الاستفهام في قوله: " سليه: هل مرَّ منه ... إليَّ طيفٌ غريبُ؟ ليفيد إظهار الحزن والأسى. فالاستفهام يفيد التحسر في الحالتين .
3.المحسِّنات البديعيَّة
الجناس غير التام بين كل من: "فكرة" و "إبرة" وبين كل من "قريب" و"غريب" وبين " رقيب" و"قريب".
ثالثا– الوزن والموسيقى
نظَم الشاعر مقطوعته على نمط الشعر العمودي ولقد نوّع في قوافيه، وتمكّن الشاعر بهذا في الانطلاق برحابة أوسع في قاموسه الشعري؛ ليحمله المضامين الكبيرة، واستخدم أسلوب التكرار، كما في نحو:
هنا مكان صِداركْ... هنا، هنا في جوارِكْ
هنا، هنا عند قلبي ... يكاد يلمِسُ حبي
هنا مكان صدارك ... هنا، هنا في جوارِكْ
حتى أن المرء ليحسّ إن وعي الشاعر كان وراء هذا التكرار، وكأنه يتعمده من أجل أن يصل إلى غرضه، فهو من خلال تكراره للحروف أو الكلمة أو الجملة فهو يبتدع إلى جانب البحر العروضي إيقاعا موسيقيا داخليا، وهذا الإيقاع الموسيقي الداخلي يدلل- على الأقل- على النغمة الانفعالية التي يقصدها الشاعر.
شخصية الكاتب
اتّسمت المعاني والأفكار والصور الفنية التي اتكأ عليها الشاعر بالبساطة والرقة والعذوبة ،لكنها عميقة في معانيها ، واسعة في مدلولاتها، لجأ الشاعر فيها إلى الرمز الجزئي؛ لأن وقعه على النفس أبلغ، إذ يبدو الشاعر من خلالها جيّاش المشاعر رقيق العاطفة، مرهف الإحساس.
إن للعقاد أحد عشر ديوانًا هي: يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وأعاصير مَغْرب، وبعد الأعاصير، وديوان من دواوين، وما بعد البَعْد (الذي صدر بعد رحيله). وقد ولد العقاد عام 1889 وكان رحيله في الثالث عشر من شهر مارس عام 1964.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://odaba2.blogspot.com
رد مع الإقتباس