عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2010, 06:54 AM
المشاركة 183
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستنباط الأول(2):


تناولت الآية عدة عوامل ذات تأثير فعال ومباشر في تأسيس أساسات المنشآت؛ فلفظة (أساس) معناها في اللغة أصل كل شيء، وأساس البناء مبتدؤه(3). وفي الهندسة: التأسيس والأساس هو العنصر الإنشائي الذي يستخدم لنقل الأحمال المؤثرة من البنيان إلى التربة أو الأرض.
وعند ذكر التأسيس والأساس: (.. أسس بنيانه..) لابد أن تكون هناك أحمال ناشئة من البنيان تستلزم إنشاء أساسات لها، وتستلزم اختيار نوع مادة الأساسات طبقًا لذلك. فعامل الأحمال المؤثر مأخوذ في الاعتبار أيضا.
ولفظة (على) في قوله: (عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ) لها معنيان هندسيان.

أحدهما يفيد أن نوع الأساس المختار هو الأساسات السطحية Shallow Foundation وليس الأساسات العميقة deep Foundation لأنه لو كانت الأساسات عميقة لكان التعبير المناسب هو (في شفا) وليس (على شفا) فعامل نوع التأسيس ملحوظ ومأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية الكريمة حيث يكون الانهيار مؤكدًا عندما يكون الأساس سطحيٌّا وليس عميقًا.
وثانيهما أنها تفيد بعمق التأسيس، فلفظة (على) أفادت أن الأساس على السطح أي أن عمق التأسيس يساوي الصفر.

فلو أن الأساس على عمق من سطح الأرض لكان التعبير المناسب مثلا هو (بداخل شفا) فعامل عمق التأسيس مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية حيث يكون الانهيار مؤكدا حين يكون الأساس سطحيا وعلى سطح الأرض مباشرة، لأنه إذا كان الأساس سطحيا، وكان على عمق من سطح الأرض ربما لا يحدث انهيار.
ولفظة (شفا) معناها في اللغة حافة(4)، وفي الهندسة لها مدلول يفيد بأنها المنطقة التي تبدأ من حافة الجرف وحتى نقطة بدء التصدع في الجرف والتي يحدث عندها شكل الانهيار نتيجة ميل طبقة الجرف، فعامل بُعد التأسيس عن حافة الجرف مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية؛ فحتى يكون الانهيار مؤكدًا لابد أن يكون التأسيس داخل منطقة الشفا، لأنه لو بعد عنها قد لا يحدث انهيار.

ولفظة (جرف) في اللغة تعني (بئر) أو (حفرة)(5)، وفي الهندسة: الفجوة من الأرض قد تنشأ بفعل السيول، وبالتالي لابد أن نأخذ في الاعتبار تأثير المياه على الأساسات، وعلى تربة التأسيس.
وقد تنشأ هذه الفجوة بفعل عوامل التعرية، فلابد أن نأخذ في الاعتبار شكل جوانب الجرف ودرجة ميلها أي زاوية ميل الجرف، وتأثير الإجهادات على حوافها، وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية؛ لأنه كي يكون الانهيار مؤكدا لابد أن يكون للجرف حافة وأن يكون التأسيس عليها.
ولفظ (هار) في اللغة قد تأتي بمعنى مشرف على السقوط(6)، وفي الهندسة تأتي بمعنى التربة القابلة للانهيار، فعامل نوع تربة التأسيس مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية، فحتى يكون الانهيار مؤكدا لابد أن تكون التربة ضعيفة وغير قابلة للتأسيس عليها.

لقد تضمنت هذه الآية الكريمة الإشارة إلى ثمانية عوامل، تمثل معايير أساسية في تأسيس الأساسات وهي:
1 ـ نوع الأحمال المؤثرة.
2 ـ نوع مادة الأساسات.
3 ـ نوع التأسيس (سطحي/ عميق).
4 ـ عمق التأسيس عن سطح الأرض.
5 ـ بُعد التأسيس عن الحافة.
6 ـ تأثير المياه على تربة التأسيس، وعلى الأساسات نفسها.
7 ـ زاوية ميل التربة.
8 ـ نوع تربة التأسيس.
ومن هذه المعايير يمكننا إثارة نقاط بحثية ودراسية جديدة تتعلق بالآية الكريمة، أو تأكيد ما هو معروف من مفاهيم.


يتبع ~ ~