الموضوع: رجل الظل
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2014, 05:19 PM
المشاركة 40
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ... قراءة معمقة في قصة رجل الظل :

اقتباس "أذكر أول مرة حينما اكتشفت ذلك, وكان حينها عمري تسع سنوات, أتسابق مع رفقتي, عندها أخذت منحنيا من الطريق الضيق الذي يضيئه مصباح وحيد, فالتفت للجدار الذي يركض عليه حصان أسود محاذ لي بشكل متواز.. فتلفت حولي أبحث عن حصان أبكم الحوافر.. أصابني الفزع, ووقفت مذهولا وحدي, والخطوات العاديات من الرفقة تتعداني, كنت وقتها أفكر بذلك الشيطان الذي نجح بإخافتي, وذهبت أحكي لأصدقائي المحتفلين بالنصر علي, عن ذلك الحصان الذي وقف ينظر إلي.. ليبدأ بعدها هاجسي بمراقبته, فقد أدركت أنه عار سيظل ملتصقا بي.. الوحيدة التي تفهمت ذلك هي أمي رحمها الله, وحينها هدأت من روعي- رغم قلقها من تلك البقع الحمراء, التي بدأت تظهر على جلدي من ذلك الحين, وتتنقل في مختلف أنحاءه-.. نظرت إلي مبتسمة, وأخبرتني بأن ظلها كان مختلفا أيضا, وأنه كان غزالا, واختفى حينما كبُرَت.. ولكني كبرْت, كبرتُ, ولم يختفِ.. أصبح خوفي يزداد, وخصوصا من تلك الأمكنة التي تكثر فيها المصابيح كالملاعب والأعراس, أتخيل نفسي, وأنا تحت مجموعة من الأنوار, وأربع أحصنة حولي, إنه كابوس مخيف...."

- في هذه الفقرة ايضا يظهر جليا جمالية السرد وروعة الاسلوب الذي يمتلكه القاص مبارك الحمود. وهذه الروعة تتأتى من قدرته الهائلة على حشد مجموعة من عناصر التأثير بل ربما يجدر بنا القول بالغة التأثير. وكأنه يختار كل كلمة في نصه وهو يعرف تماما مدى اثرها على المتلقي فيكون النسيج قمة في الروعة والتاثير.

وواضح انه يعي تماما عناصر التأثير التي تشكل ذلك الاثر على ذهن المتلقي ويعرف كيف يسخرها بذكاء وحرفية نادرة حقا.

استخدام الارقام لغة الكون :
فهنا مثلا في هذه الفقرة القصيرة نسبيا نجده قد استخدم الارقام وهي لغة الكون وتسخريها يكون له اثر بالغ على ذهن المتلقي، سخرها ستة مرات في هذه الفقرة القصيرة نسبيا وكما يلي ( أول مرة+ تسع سنوات + وحيد + وحدي + الوحيدة + أربع )، ولا شك ان لهذا الاستخدام اثر هائل في صناعة جمالية النص من ناحية وتشكيل وقع واثر هائل على ذهن المتلقي.

استخدام كلمات توحي بالحركة التي تجعل النص حيويا ينبض بالحياة:
في هذه الفقرة ايضا نجده قد استخدام كلمات توحي بالحركة والمعروف ان الحركة تجعل النص حيويا بل ينبض بالحياة ، ولا شك ان القاص نجح هنا في جعل النص بالغ الحيوية بسبب عدد ما حشده من كلمات او عبارات توحي بالحركة تجاوزت العشرة في هذه الفقرة فقط وكما يلي :
( أتسابق مع رفقتي + عندها أخذت منحنيا من الطريق+ فالتفت للجدار + الذي يركض عليه حصان + فتلفت حولي + أبحث عن حصان + والخطوات العاديات من الرفقة تتعداني + وذهبت أحكي لأصدقائي + المحتفلين بالنصر علي + بدأت تظهر وتتنقل في مختلف أنحاءه ).
وهذا ايضا من اهم عناصر الروعة والسحرية التي يتقن القاص المبدع مبارك الحمود في تسخيرة لجعل نصوصه في غاية الجمال والسحرية والحيوية وبالتالي ذات اثر بالغ في المتلقي.


استخدام وتسخير الالوان وكأنه يرسم لوحة فنية ويركز على الانوار والاضائة:
ونجده في هذه الفقرة يسخر الالوان ايضا وكأنه يرسم لوحة فنية ولا شك ان لذلك سحرية مؤثرة في المتلقي وكما يلي:
( يضيئه مصباح + حصان أسود + البقع الحمراء + ظلها + المصابيح مجموعة من الأنوار).
وفي هذا التسخير للالوان والضوء يجعل نصه وكأنه لوحة فنية ملونة كما نجده وكأنه يسلط ضوء كاشف على نصه فيكون لذلك وقع مؤثر على ذهن المتلقي.

استخدام كلمات توقظ حواس المتلقي وتستنفرها:
كما نجده في هذه الفقرة يلجأ لحشد عدد من الكلمات التي توقظ حواس المتلقي وكما يلي :
( فالتفت + فتلفت + ابكم + أحكي + ينظر + بمراقبته +نظرت + مبتسمة + وأخبرتني ) وهذه الكلمات توقظ حواس البصر والذوق والسمع وتدفع المتلقي ليتفاعل مع النص ويتأثر به بكل حواسه وليس فقط بعقله..

تسخير التضاد::
في الفقرة تسخير للتضاد والتي يقال انه الاكبر اثرا على الدماغ.

يركض + وقف ينظر + والخطوات العاديات من الرفقة
كذلك يضيئه + أسود
و البطل + ظله + الشيطان.

ايضا غالبا ما يحشد القاص مبارك في نصوصه مجموعة من الكلمات التي رتبط بها الكثير من المشاعر conotation ويكون لها وقع عظيم على المتلقي لمحتواها من المشاعر او يكون له وقع هائل:
اكتشفت، الضيق، وحيد, ابكم، الفزع, مذهولا، وحدي, الشيطان بإخافتي, هاجسي، عار ، الوحيدة ، روعي، قلقها خوفي، كابوس مخيف.