عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2014, 12:23 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
قصيدة جميلة طافحة بالمشاعر والضياع الوجودي.

في هذه القصيدة الجميلة يخاطب الشاعر فيها النسائم وهي جمع نسمة وفي ذلك ما يشير الى شعور بالوحدة والعزلة الى حد ان الشاعر لم يجد من يخاطبه فخاطب النسائم وباح لها بمكنونات صدرة.. بانه جد حزين ومتشائم، وهو يصرح عن سبب هذا الحزن والتشاؤم فيقول ان السبب هو ان حياته ووجوده وحتى ذاته انما هي لغز دفين وطلاسم، في متاهات الوجود.

وهذا حتما تعبير عن حالة من الضياع الوجودي الذي يستشعره الانسان خاصة من امتلك حساسية مفرطة تجاه الاشياء وهذا هو ديدن الشعراء دائما، وربما ان لذلك سبب غالبا ما يكون له علاقة بالموت والخوف منه والعزلة او غياب الصحبة والحبيب والشعور بالخواء والفراغ في عالم محير.

ثم يعطينا الشاعر تلميح بأن سر ذلك الشعور الجارف بالضياع والشرود لديه انما سببه شعور نفس الشاعر بالعزلة والانفراد وهو ما ادى الى شعور جارف بالالم وكان نفسه تتلوى بين انياب القيود.

وهنا نجده قد جعل للقيود انياب وكأنها وحش كاسر وجعل نفسه تتلوى بين انياب ذلك الوحش (القيود)، لكننا لا نعرف تحديدا ما طبيعة هذه القيود ؟ وتلك صورة شعرية جميلة وغاية في التاثير.

ثم يعود الشاعر ليخبرنا انه في هذه الدنيا غريب وتائه في افق هذا الكون الشاسع الرحيب وفي ذلك تعميق وتضخيم للشعور بالعزلة.
ولكنه هنا يصرح لنا بأن سر تلك المشاعر الجارفة من الاحساس بالضياع والتيه في هذا الافق الشاسع ...انما هو غياب الحبيب والذي بحث عنه الشاعر طويلا وفي كل ركن لعله يمسح عن قلبه الكئيب الالم، لكنه لم يجده مما ضاعف من الشعور بالالم والكآبة والضياع الوجودي الموجود لديه اصلا.

وكأن الشاعر يؤكد هنا ان شعوره بالكآبة انما هو شعور وجودي لكن غياب الحبيب الذي ربما كان كفيلا بأن يخفف من الالم ضاعف ذلك الشعور وعمقه.

ثم نجد الشاعر يستذكر ايام الشباب واحلام الشباب العذاب، ويتحسر عليها ...والتي يبدو انها لم تتحقق مما اوقعه فيما هو فيه من مشاعر الم وضياع او ربما كانت تسليه وتبعد عنه مشاعر الخوف الوجودي.

ويتسائل اين انت ايتها الاحلام العذاب؟

هل تلاشيت ام انك انت هجرتني ايضا كما هجرني الجميع وتركتني وحيدا في عزلتي؟ وتركتني ايضا للعذاب...
ويكرر الشاعر كلمة العذاب مرتين في تعزيز لحالة الالم التي كانت تجتاحه عند كتابة هذه القصيدة، والتي لها وقع هائل على المتلقي الذي لا بد ان يستشعر ما اصاب الشاعر من مشاعر الم نجح في نقلها الينا باقتدار.