عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2010, 06:09 PM
المشاركة 197
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أوجه الإعجاز والخلاصة


أوجه الإعجاز:

ظننت أن اختياري لباب الإعجاز سيكون طارئًا وموجزًا، عندما اخترت موضوع (التثاؤب)، فهو ببساطة سلوكٌ محمودٌ يوجه المرء (المسلم) بوضع اليد على الفم ليمنع دخول الشيطان. لكن مثلي المبتدئ فتح عَلَيّ ـ هذا البحث ـ آفاقًا وأبوابًا متشعبة وبحوثًا ممتدة.

وليست طارئة، وأسأل الله تعالى أن يعينني على إتمامه بالصورة الإعجازية المناسبة دونما إخلال أو تقصير.


لقد جمعت في بحثي عددًا من الألفاظ النبوية، والشروحات السلفية، والمشاهدات النفسية والتجارب العلمية، مما استطعت جمعه ودراسته منذ بدء اهتمامي بالموضوع (20 شعبان 1424هـ)، ويظهر لي أنه يوضح الجوانب التالية:

1 ـ أن التثاؤب أمر فطري في البشر، كالأكل، والشرب، وقضاء الحاجة.

2 ـ أن الإسلام (الهدي النبوي)، لم يترك أمرًا صغيرًا أو كبيرًا إلاّ عالجه وبيّنَ حكمته وحُكمه في الإجمال، وهو دليل شمولية الإسلام.

3 ـ أن التثاؤب يطرأ على الإنسان المسلم في حالة عبادته، وفي مطلق أوقاته الأخرى، وكلتا حالتيه لها آداب واحدة وإشارات واضحة.

4 ـ أن التثاؤب قد يكون مفيدًا للصحة أو علامة اعتلال، وقد يكون دلالة على نعاسٍ أو كسل أو امتلاء.

5 ـ أن الهدى النبوي في آداب التثاؤب قد يدل على التالي:


أ ـ دلالة إيمانية غيبية:

لحبس دخول الشيطان في جوف المتثائب، كجولات الإنسان مع الشيطان حال المبيت، والعشاء، والنوم.. إلخ. وعلينا تصديقها والإيمان بها فقط دون تعليلها.


ب ـ دلالة اجتماعية سلوكية:

للتقليل من إشاعة المظهر والسلوك غير المستحسن في المجتمع المسلم (إتيكيت)، كإظهار باطن الفم لدى المتثائب، ونشر دواعي الكسل والاسترخاء في المجتمع المتثائب. والمجتمع المسلم، يفترض أن تغلب عليه مظاهر النشاط والحيوية، والجد والاجتهاد. فإن كان لابد منه (فطريٌّا)، فلا أقل من التقليل من أثره بسلوك الهدى النبوي في ذلك.


ج ـ دلالة علمية إعجازية:

فكون التثاؤب له صفة (العدوى)، فقد يكون من دلالات الأدب النبوي في التثاؤب ما يوحي بأن محاولة دفع التثاؤب ما أمكن، وتغطية الفم، قد يقلل من فرص حدوث العدوى بين الحاضرين. وهذه الدلالة لم أعثر عليها، بعد، في المراجع الغربية، كما لم أستدل على بعض الشواهد العلمية في أضرار الانسياق مع داعية التثاؤب، غير ما ذكرت من (عدواه). ولم تظهر الدراسات أيضًا، (السلوك العلمي) المطلوب لدفع دواعيه. وهو مجال التوسع في هذا البحث مستقبلاً ـ إن شاء الله تعالى.

6 ـ لم يتبين لنا، طبيعة العدوى في التثاؤب، هل هي عدوى نفسية، تتأثر بالرؤية والسماع؟ أم هي عدوى حسيّة لا نعرف كنهها حتى الآن تُخل بنسبة العلاقة بين الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، أو الضغط ونحوه المحيط بالفم المتثائب؟، وبالتالي ما أثر السلوك النبوي بوضع اليد على الفم، في ذلك.


7 ـ وأخيرًا: وليس آخرًا، هل للتثاوب علاقة مباشرة بمستوى الإيمان والصلة بالله تعالى؟ فكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأنبياء ـ عليهم السلام ـ لم يتثاءبوا، وكونه يكره في الصلاة وقراءة القرآن، وكونه يحتاج إلى التخفيف من أسبابه كالامتلاء، وكونه يحتاج إلى مغالبة ومران، وذكر الشيطان في شأنه، مع تأمل آية مثل (وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا..)، وحديث مثل: (أكمل المؤمنين إيمانًا..)، كل تلك أسئلة وغيرها لم أصل إلى جوابها بعد، وتحتاج إلى بحث مزيد.


الخلاصة

اجتهدت كباحث مبتدئ في علوم الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة، أن أتناول موضوع الإعجاز العلمي في السنّة. فوقع اختياري على موضوع (التثاؤب). واستهدفت من بحثي بيان وجه الإعجاز النبويّ ودلالته من زاوية بيان الحكمة من ذكر الآداب والسلوك النبوي المطلوب للمسلم المؤمن عند حدوث (التثاؤب) الذي هو أمر فطري وطبيعي في عموم البشر. ولكون التثاؤب له صفة (العدوى)، فقد يكون للإرشاد النبوي المفصل عند الأخذ به، في الحالات العباديّة والمطلقة، حكمة علمية تخفف من عدواه وإشاعته في المجتمع. مع ما فيه من حكم اجتماعية سلوكية، وحقائق إيمانية غيبيّة كحبس دخول الشيطان للفم. هذا اجتهادي وجهدي، وما توفيقي. إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم. والحمد لله رب العالمين. انتهى.


المراجع والمصادر:

1 ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ـ محمد فؤاد عبدالباقي ـ طبعة 1403هـ، ص 707.

2 ـ رياض الصالحين ـ الإمام النووي ـ باب رقم (138)، حديث رقم (878) ـ صفحة 297، باب استحباب تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى وكراهة تشميته إذا لم يحمد الله تعالى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب.

3 ـ دليل الفالحين ـ شرح رياض الصالحين ـ الجزء الثالث ـ ص 359 ـ 361، 365.

4 ـ فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاريّ. تأليف: العلامة المحدث الجليل فضل الله الجيلاني ـ المطبعة السلفية ـ ومكتبتها ـ القاهرة 1378هـ الجزء الثاني ص 394 ـ باب التثاؤب.

5 ـ فتح الباري بشرح صحيح الإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (194 ـ 256هـ)، للإمام الحافظ أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (773 ـ 852 هـ). المطبعة السلفية ـ ومكتبتها ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 1406هـ ـ الجزء العاشر ـ ص 626 ـ 628 ـ كتاب الأدب (78)، باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه (128).

6 ـ كتاب عمل اليوم والليلة: للحافظ أبي بكر أحمد الدينوريّ، المعروف بابن السنّيّ ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الثالثة 1409هـ 1989م. ص 97 ـ 98.

7 ـ الموسوعة الفقهية ـ الجزء العاشر (تأبد ـ تحيات) ـ إصدار: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ الكويت ـ الطبعة الثانية 1407هـ 1987م. طباعة ذات السلاسل ـ الكويت ـ ص 140 ـ 141.

8 ـ النوم.. أسراره وخفاياه ـ دراسة علمية نفسية طبية دينية ـ د. أنور حمدي ـ بحوث في... النوم والأحلام والتنويم (المغناطيسي) ـ (1) ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ مكتبة الخاني ـ الرياض ـ الطبعة الأولى ـ 1406هـ 1986م. ص 212 ـ 217.

9 ـ زاد المعاد في هدي خير العباد ـ الجزء الثاني ـ فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أذكار العطاس المجلد (2) ـ ص 435، 440الحديث: أخرجه البخاري 10/505 في الأدب: باب إذا تثاءب، فليضع يده على فيه، وفي بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده، والترمذي (2748) في الأدب: ما جاء أن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، أحمد 2/265 و428 و517 من حديث أبي هريرة.

10 ـ المغني والشرح الكبير للشيخ الإمام موفق الدين (أبي محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة) ت: (620هـ). دار الكتاب العربي ـ بيروت لبنان ـ 1403هـ، 1983م ـ الجزء الأول ـ ص 663 ـ التثاؤب في الصلاة.


11 ـ الموقع: لقط المرجان في علاج العين والسحر والجان www. khayma. com.

12. Adams, Amy. 1998, The Big Yawn. New Scientist Magazine Vol. 160, Issue 2165 Page 3

13. Blin, Daquin, Micallef., 1994, Yawning. Aloe. Para. 1-8

14. Davis, Adam H., 2002. Is Yawning Contagious. Science Shack.

15. Provine, Robert R., 1997. On Yawing and its Functions Bulletin of the Psychonomic Society 27.

16. Walker, Benjamin. 1997., what is the reason For Yawning Medicine.




//


انتهى ..

د. زهير جميل قزاز

طبيب استشاري السكري، مشرف التخطيط والتطوير والبحوث

بمستشفى النور التخصصي بالعاصمة المقدسة