عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2015, 10:29 PM
المشاركة 23
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لعل سبب عدم الوضوح لديك هو فهمك للوطنية وشعورك أنها تعارض المباديء الإسلامية .. وهذا بسبب الدعايات التي رفعت شعار الإسلام وحطت من قدر الأوطان وزعمت أن الوطن حفنة من التراب النجس!



عندما أستوضح عن فكرة معينة فلأنني لا أحب أن أقرأها على غير ما تقصد منها ، فالتوضيح يسد باب التأويل . فبما أن حب الأوطان الإسلامية من الإيمان ، فزيادة الوطنية قد توحي بوجود مدرسة إسلامية غير وطنية .

مازال الخلط هو ديدنك .. بين العلوم الطبيعية والفلسفية والثقافية ..
لم يعترض أحد على كلام رجل قبل الميلاد في مسألة رياضية أو فزيائية خضعت للتجريب .. إنما الاعتراض على الكلام الذي يمس الدين وقضية الخلق وهذا هو ديدن الفلسفة والمتفلسفة ..




من قال بهذا ، كل العلوم تعتبر حقائقها محدودة ، ففزياء نيوطن رغم كل قوتها التي أنتجت التفوق الميكانيكي ، حقيقة هشة بظهور فزياء انشطاين ، و الهنسة الإقليدية ، طمست بظهور الهدنسة غير الإقليدية ، والقطيعة الإبستمولوجية في العلوم مسلم بها.

ليس ديدن الفلسفة والمتفلسفة الدين وحده ، فمحاور الفلسفة والنسق الفلسفي واضحة و ظاهرة وهي ، الوجود والقيم والمعرفة ، الوجود وجود الكون والمخلوقات وجود الله ، وكلها يتناولها ديننا الحنيف وليس فيها أي إشكال ، القيم بما فيها الأخلاق ويتناولها ديننا الحنيف ، و المعرفة أي الإبداع الإنساني العلمي والفني ، و الدين أوسع بكثير من الفلسفة فهو يشمل كل هذا وأكثر لأنه من الله العالم بكل شيء .
وما ذنب الفلسفة إن كنت ترى فيها فقط الجانب المتمرد و تريد أن تعممه ، أليس ابن رشد فيلسوفا و عالم دين و الفلاسفة المسلمون موجودون إلى اليوم .




وهل الإسلام لم يأتي بما يجود السلوك الإنساني .. بل الإسلام جاء ليتمم مكارم الاخلاق .. هل قصر الإسلام في ناحية من نواحي الاخلاق والسلوك والتربية حتى تذهب لتبحث عن متمم له من نخالة عقول عششت فيها الوثنية والخرافة ؟.. لا أحسبك هكذا يا أخي الفاضل.

من قال أن الإسلام لم يأت بالأخلاق الفاضلة ومن هذا الذي تطالول على الأخلاق يا أخي الكريم ، أنت تخلط كثيرا ، ربما تعتقد أن السلوك مقتصر على الأخلاق وهذه مشكلتك ، فالسلوك هو كل ما يقوم به الفرد كطرقة الجلوس و طريقة المشي أو مضغ الطعام ، والمدرسة السلوكية مدرسة كبيرة في علم النفس ، تقيس على السلوك و تعتبر السلوك وحده القادر على تحديد نفسية الفرد و التعلم بالتكرار والتدريب واحدة من قوانينها . ربما بدأت تستكشف أنك تتسرع في الأحكام وتنطلق من خلفيات معينة قبل أن تجيب .

من قال أن المذاهب الأربعة كلها صحيحة .. يعني كيف يقول لك مالك في مسألة بالجواز ويقول الشافعي مثلاً بالحرمة و يكون الكل صحيح .. فرق بين صحة المعتقد وبين الخلاف السائغ في مسائل الفقه .. فالمذاهب الأربعة على عقيدة واحدة والخلاف بينهم في الأحكام الفقهية .. وهذا هو محل اجتهاد المجتهدين داخل المذاهب وخارجها .. هناك أقوال وافقت الأدلة وأقوال اعتمدت على نقول غير صحيحة وأقوال نتجت عن اجتهاد في غير محله لأن المجتهد بشر


جميل هذا بالضبط ما أقوله لك منذ البداية ، هي صحيحة كاجتهاد للحظة معينة ، لظرف ما لوقت ما ، وفق براديغم سوسيو معرفي ثقافي معين ، وفق ما امتلكه المجتهد من أدوات وأليات يبني عليها حجته ، فأضحت ثقافة تلك اللحظة ، و ربما يأتي طور تصبح فيه متجاوزة . لكن العقيدة والنصوص التي تبنى عليها الاجتهادات تبقى دائما صالحة لكل زمان ومكان و لن تقهرها الفلسفة ولا العلوم مهما بلغت قوتها ، وهنا يأتي الفرق بيني وبينك ، فأنت تعتبر الفلسفة خطرا على الدين وأنا أرى الفلسفة محفزا على خلق أنماط جديدة من التفكير والمحاججة و حصيلة العلوم وما توصلت إليه من أليات و قوانين منطلقا لبناء أنماط جديدة للتفكير و السلوك .
وهذا بالضبط ما حاول محمد عبده فعله ، وما حاول قبله ابن رشد القيام به .

والتجربة العملية واضحة للعيان .. حملة التغريب في الأمة قاربت على القرنين من الزمان ..و الأن .. صرنا نلبس كما يلبسون ونرطن بمصطلاحتهم و نأكل كما يأكلون .. بل ونفكر كما يفكرون .. وما ازددنا إلا تخلفاً إلا من رحم.. وهذا هو رأيك أيضاً.. بينما كنا في يوم من الأيام


ربما أنت تلاحظها مجرد حملة تغريب فقط ، وهذا منظار خاطئ ، رغم أننا متخلفين فهذا لا يعني أننا تخلفنا أكثر مما كنا عليه ، نحن متخلفين عن الغرب لأسباب كثيرة ، ناهيك على أن الغرب بسياساته اخترق لحمة الأوطان ، واستغل تشتتنا ليعمق العداوة بين الإخوة و ليس لسبب أننا أنشأنا جامعات أو ندرس الفلسفة أو أنشأنا معاهد و مستشفيات ، و قمنا بتعليم بناتنا وغيرها من الأشياء التي وجب ترسيخها ، نحن متخلفون لأننا لازلنا في طور التقليد ، لا زلنا لم نستعمل عقولنا كما يستعملها هؤلاء ، لأننا لم ننجح في احترام ذواتنا ، بل كل جيل يهدم ما بناه الجيل قبله لينطلق من جديد من الصفر ، لأننا نسفه الآخر المخالف ، ونعتبره دخيلا يمكن أن نستغني عن خدماته ، و لأننا لم نستطع أن نتوافق على الحد الأدنى للتعايش كأمة تحترم أبناءها .

أحاورك لأني أظن فيك الخير .. فأنا أرد على شخصين صاحب شبهات يلقي الشبه ليضل الناس وأخر مخلص (أحسبه كذلك والله حسيبه) لكن لديه شيء من الخلط والشبه تخفي عنه بعض الحقائق ..
وأذكر نفسي بنفسي .. ((كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ..))

الخير يا أستاذي في هذه الأمة سيبقى إلى يوم يأذن فيه الله بالنهاية ، نحن هنا فقط نتحاور ، لعلنا نصل إلى شيء ما يكون منطلقا لشخص ربما أتى يوما إلى هذه المنابر و اجتهد و ابتكر و فتح الله على يديه و وجد المسار السليم الذي من خلاله ستنهض هذه الأمة . التي رغم تخلفها و تخلفنا ، فنحن نحبها و نريد لها كل الرقي .




جاوب أنت على هذا السؤال .. أذكر ماذا قدم هؤلاء للغرب..أأ..
أقصد للأمة!!
وقل لي .. هل ذهبت للكتب التي نصحتك بها ؟..


سأجيبك باختصار ، ليس من طبعي إطلاق حكم قيمة على شخص معين ، فلكل شخص ظروف عمل فيها لا يعلمها إلا هو ، هؤلاء جاؤوا في زمن تقهقر الدولة العثمانية ، و في أوج القوى الاستعمارية ممثلة في فرنسا و انجلترا ، قاموا بما استطاعوا لاستنهاض الأمة في زمن متأخر ، رجعوا إلى أصول الدين وخاصة الأفغاني ومحمد عبده ، وحاولوا قراءة حاضرهم والتوفيق بين مرتكزات الحضارة الغربية العلمية و الدين لدفع عجلة المجتمع نحو التطور ، في زمن الضعف المطلق ، وحافظوا على الدين ، و قاموا بتحبيب المدنية إلى الناس البسطاء ، ليقبلوا على التعلم ، فمحمد عبده كرس جزءا كبيرا من حياته لتحديث المدرسة فهو رجل تربية .

أستاذي العزيز ، ليس الأمر مرتبطا بالعناوين التي يمكن قراءتها ، فحتى وأنا لم أقرأ أيا من تلك الكتب ، فلربما قرأت في أخرى نفس الخطاب ، سواء كتاب محمد قطب في جاهلية القرن العشرين ، أو كتب سيد قطب العدالة الاجتماعية في الإسلام ، أو نحو مجتمع اسلامي ، أو المستقبل لهذا الدين ، وفي كتاب القرضاوي أولويات الحركة الإسلامية ، أو حوار مع الفضلاء الديموقراطيين عند عبد السلام ياسين .... و غيرها .

وشكرا