.. زوالا ، رمقته من النافذة آتياً ، نفضت ملابسها ، بسرعة هرعت إلى المرآة ، مررت أحمر الشفاه على شفتيها ، سوت شعرها ، توهمت أن بعد الجفاف سوف تمطر سماء هذا اليوم .. خطت بسرعة ، قفلت راجعة إلى المرآة ، لامست صدرها ، هزت ثديها إلى أعلى .. نظرت إلى مؤخرتها ، ابتسمت وقلبها يغلي ..
فتحت الباب ، اعــــترضته تنتظر منه عـــناقاً حاراً .. أزاحها عن طريقه وهو يتفجـــر غضباً ..
ــــ بالأمس رأيتك تتحدثين مع جارتنا الجديدة ، تلك التي سكنت قبالة منزلنا ..
ردد كلمة حذار عدة مرات وهو ينفض أذنه اليمنى بإبهامه ..
لـيلا ، لم يعد إلى المنزل مبكراً كعادته ، قلقت .. ظنون تحرق أنفاسها ، سيول الشك تجرف دم عروقها ..أحست أنها أساءت إلى قلبها لما أرغمته على حبه من أول لقاء قريب. تمتمت وقالت :
أنت ؟ أيا هذا .. بنيت لـك بيتاً من الورد الأبيض في قلبي .. ياه .. بل جعلت قلبي وطناً تأوي إليه متى شئت .. من أنت ؟ ما أنت إلا ..لا أدري ماذا ؟.. لكني أقول : إنك صاحب وجهين ، ما كنت أعتقد أنك سوف تتحول إلى طفل مشاغب يمشي على أنفاسي . يشم الورد ، ويتنكر للعطر ..
مررت يدها على غطاء السرير .. أخذت وسادته ، استنشقت برودة خفية في داخلها ، ضمتها إلى صدرها ، شمت رائحة الخداع تفوح من خيوطها.. انتفضت ، لغة طائشة تستنفر لسانها .. زفرات أنفاسها تحرق الهواء ..
في الطابق العلوي ، وقفت مدة خلف ستار النافذة تنتظر عودته والهواجس تأكل ذاكرتها .. عبر زقاق ضيق ، عمود كهرباء يتيم ينشر نوره من بعيد بمقدار.. رأت شبح رجل يصارع خطواته ، وهو يزرع أنغاماً باهتة في الهواء . على التو تدحرجت عبر الدرج ..أطلت من ثقب الباب وقالت : إنه هو .. لا .. إن لم يكن بوعلام فمن يكون إذن؟ القامة قامته ، البدانة بدانته .. أعرف بوعلام جيداً ، إنه يتلون كالحرباء ..
فتحت الباب .. ودت أن تناديه ، لكنها كتمت صوتها بيدها..
صفعت خدها عدة مرات ، عضت على شفتها السفلى لما رأته يدس جسمه الضخم عبر دفـــتي باب الجارة الجديدة...