عرض مشاركة واحدة
قديم 05-19-2015, 12:27 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
4-انقلاب حاد في السياسة الخارجية:
على الرغم من تأخر تكليف شخص آخر لتولي حقيبة وزارة الخارجية ليمثل العهد الجديد وهو ما جرى عمليا في حقائب اخرى، لقد ظهر واضحا للعيان ان هناك انقلاب حاد في السياسة الخارجية حتى مع استمرار نفس الوزير.

وقد ظهر هذا الانقلاب في عدة إشارات كانت جلية للمراقب منها على سبيل المثال ما يشبه الاستدعاء لوزير الخارجية الامريكية حيث صدر عن وزير خارجية العهد الجديد بيان غير مسبوق وحاد اللهجة بحضور وزير الخارجية الامريكية بدا فيه ملامح السياسية الخارجية الجديدة للعهد الجدي.

وقد مثل هذا البيان في حينه حتما ويعد انقلابا عما كان معمول به وغير مسبوق. وقد تبينت أهمية ذلك البيان فيما بعد حيث قامت قيادة المملكة بانتهاج سياسة الحزم التي ظهر بأن الإدارة الامريكية كانت متلكئة في دعمها وجاءت مفاجئة لها.

لكن الإدارة السعودية الجديدة نجحت في وضع العربة امام الحصان وأصبحت الإدارة الامريكية في وضع محرج امام هذا الواقع الجديد فلم يكن امامها خيار سوى اعلان موقف داعم حتى ولو كان ذلك يخالف رؤيتها للمنطقة.

ولا شك أيضا بأن دعوة القادة الخليجيين الى مؤتمر قمة عقد في كامب ديفد لاحقا، وهو الأول من نوعه مثل محاولة غير مسبوقة ومستميتة من الإدارة الامريكية لاحتواء الانقلاب والنهج الجديد في السياسة الخارجية للملكة.

ولكن قيادة العهد الجديد فهمت المحاولة فنأت بنفسها عن حضور القمة لتجنب ذلك الاحتواء على الرغم من المبررات التي سيقت لعدم الحضور، مما قزم نتائج القمة، وأفرغها من محتواها، على الرغم من محاولات تجميل نتائجها واهمية المشاركين فيها، وبذلك ظلت المملكة صاحبة اليد العليا في رسم السياسة الخارجية، يرتكز على مبدأ الاستقلالية في اتخاذ القرارات وبما يخدم المحصلة الوطنية أولا.

ولذلك جاء قرار استئناف حملة إعادة الامل التي هي في الواقع استمرار لعاصفة الامل مغايرا على ما يبدو لرغبات جهات عديدة وعلى رأسها الأمم المتحدة التي عبرت عن مخاوفها من فشل مهمتها في حال استمرار الحرب، وهو ما يعكس استقلالية القرار في السياسة الخارجية لدى العهد الجديد.

ولا ننسى بأن القيادة الجديدة عملت على تسمية وزير خارجية جديد من المواطنين هذه المرة ولذلك دلالة واهمية كبيرة. وهذا الوزير كان قد اكتسب خبرة متراكمة للتعامل مع ملفات السياسة الخارجية من مجموعة من المهمات كان قد كلف فيها فيما مضى وأصبح خبيرا متكلما ولديه قدرات متميزة على الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي، علما بأن هذه الخطوة بحد ذاتها مؤشر أخر على الانقلاب في السياسة الخارجية.

لقد بدت علامات الانقلاب في أسس السياسة الخارجية واضحة حتى الان من خلال إدارة عاصفة الحزم وما يرتبط بها لكن الأيام والاشهر والسنوات القادمة كفيلة بإبراز التمايز بين ما كان وما صارت عليه الأمور فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وستجعل ملامح الخط الجديد أكثر وضوحا. ولكن وفي كل الأحوال يمكننا الجزم الان بأن الخط الجديد يقوم على ويتمحور حول استقلالية القرار وبما يخدم المصلحة الوطنية بغض النظر عن مواقف الأخرين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على التعامل مع الموقف بما تتوقعه القيادة الجديدة والتي على ما يبدو تمتلك الكثير من الأوراق الضاغطة واهمها القوة الاقتصادية وربما التهديد به. ولا يمكننا تجاهل بهذا الخصوص دعوة الرئيس الفرنسي وليس أحد سواه لحضور مؤتمر القمة الخليجي الذي عقد تحضيرا للقاء القمة في كامب ديفد ليتسرب الى الاعلام اخبار عن صفقات اقتصادية كبيرة وبمليارات الدولارات يجري الحديث عنها بين فرنسا ودول الخليج.