الموضوع
:
زهرة الرافليسيا
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
0
المشاهدات
2105
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
المشاركات
378
+
التقييم
0.11
تاريخ التسجيل
Jun 2015
الاقامة
رقم العضوية
13953
12-27-2018, 07:37 AM
المشاركة
1
12-27-2018, 07:37 AM
المشاركة
1
Tweet
زهرة الرافليسيا
فجأة اختفي الرضا الذي كنت أراه في أعيُن من أحب , فحديثي يزعجه رغم تبسمه ليّ , واحتضاني له يخنق أنفاسه , وعندما ألمسه أسمع أنينه وأشعر بآلامه ، وكأن لي مخالب تجرحه
كم هو مؤلم أن ترى من تحب يعاني ، وأنت كذلك ...
ماذا أقول له ؟ أساله : هل ....... ؟ !
إنه سؤال غبي !
كم تمنيت أن أكون طائر بطريق ، أقف كالمسكين ، حاملاً بيضة على سطح قدمي ، وأرى السعادة والرضا في عينيه بدلاً أن أكون أسداً جالساَ يحضر نساءه غدائه وعشائه صبحاَ ومساءً .
كبرت مصيبتي ، وتغشاني الظلام عندما رأيت عيناه تسافران بعيداً وتتركني وحيداً .
لذلك أيقنت أنه لا بد لي أن أصوم عن الكلام ، أطوي اللسان , وأهجر المكان ، لملمت أحزاني وانطلقت بعيداً مبتعداً بسيارتي ..
لم تكن لي وجهة معينه , كانت عيناي تدور في محاجرها تقود المركبة , بينما كنت أغوص في بحر أعماقي كالمجنون , في يدي سيجارة لا تنطفئ . .
فجأةً ! ظهر لي رجل من العدم , أفزعني ، أشار لي بيده , كان ضعيف البنية , شاحب الوجه , رث الثياب ,
وعلى غير عادتي توقفت !
لا أعلم لماذا ؟
ركب سيارتي ، لم أبادله التحية أو أسأله عن وجهته !
بعد صمت مطبق التفت إليَ وقال : الذي أتى بك إلى هنا قد أتى بي أيضاً !
أتريد أن تعرف قصتي ؟
انتفض قلبي ، وأخذ يضرب طبول الحرب , وتحركت يدي المرتعشة مسرعة إلى أسفل المقعد تبحث ...
فتبسم وقال : إهدأ .. إهدأ ..
لا عليك ، فالدار أمان وإليك قصتي ..
إلى وقت قريب لم أكن أصدق أن السحر يقدم الحلول , وكل ما أعرفه أنه يُقيد الرجال ويقود للجنون .
ورغم تكذيبي للمقولة الأولى وتصديقي للثانية , إلا أني بعت فيه واشتريت ؛ فقد كان يحدوني الأمل بأن أُحيي فرحةً ماتت وأبعثها من جديد ..
توقف ومسح دموعه التي انهمرت , واستطرد بنبرة حزينة ..
في الحقيقة لم أكن خبيثاً في يوم من الأيام , و لم يكن ذلك السوق يُعجبني ، لكني مشيت فيه مجبراً ، فذلك القبيح لم يزده قربي إلا بعداً. .
لم يتعاطف , رغم أني قدمت له المحبة بالحجج والبراهين ، كان يسعى جاهداً في إذلالي , أرى الفرحة مرسومة على وجهه عندما يُقبل علي ويُدبر .. إنه طريق توارثه أحبه وداوم على سلوكه .
ولكن بعد البهتان الذي افتريته , وما سبقه من زيارات إلى الظلام علمت يقيناً أن ما كان يصنع الفارق بيني وبينه لن يكون فارقاً بعد اليوم ، لقد تساوينا ولم يعد هناك اختلاف ..
كان انتقامي عنيفاً , لم يكن صاعاً بصاع ، فمن مكاني البعيد كنت أشعر بغيظه , كان له غلياناً شديداً ، وصوتاً مزعجاً , كما أسمع الآن صراخه الذي ينطلق من أعماق هذه الأرض القاحلة .
أبداً ما ابتعدت عنه , بل اخترت المكان الذي يكرهه ، لازمته ومكثت فيه ، كنت صبوراً معه لأصبح بصيراً بما يبصر , لقد أعماه غروره ، و نتيجة لذلك , لم أجد أي مشقة في أن أسقيه من نفس الكأس ..
فقد سعرت تلك النار ، وتراقص لهيبها ، وعمدت لكل ما عمله واكتسبه , سخنت مائه الذي يروي به ويرتوي حتى تبخر , وغدت ربوته التي لطالما تغنى بها صخرة ملساء ، رأيته بعيني وهو يعض على يديه من الندم حتى سالت دمائه وتلوث فمه ..
هل توقف انتقامي ؟ لا , لم تكتمل فرحتي إلا يوم أجليته ولم يبقى إلا ظله مبسوط على وجه الأرض ..
كم هو جميل عندما تأتي العتمة التي كانت لباس أعماله لتمحي ذلك الظل شيئاً فشيئاً
توقف فجأة عن الكلام كما بدأ !
شيئاً ما دفعني لأنظر إليه , ربما كانت نبرة صوته , فنظرت إليه مُتفحصاً وجهه , تقاسيمه وملامحه لم تكن غريبة , عرفته ! فصرخت : أنت .. أنت ..
وضغطت على مكابح سيارتي بعنف ، فاصطدم رأسه بزجاج السيارة الأمامي-
والتفت إليه وأخذت أردد بغضب في وجهه : هراء .. هراء , إنها قصة من نسج خيالك أيها الفاشل ..
فطأطأ رأسه ، وسافرت عيناه إلى مكان أعرفه متيقن منه , لم أُشفق عليه و لم أحاول إخراجه من محنته ؛ بل سمّرت عيني عليه لأزيد من جروحه , وكأنني أُريد أن أنتقم من شيء لا أعلمه , أو أني أعرفه وأكره أن أذكره ..
لم أكتفي بذلك ؛ بل خرجت من السيارة وفتحت بابه وسحبته من مقدمة رأسه ودفعته ليسقط على الأرض ، وأخذت أركله بكلتا قدمي ، حتى سالت دمائه وتمزقت ثيابه , نفضت يدي وتركته ..
عندها شعرت بالإعياء والتعب , فقام من مكانه مترنحاً وغادر بدون أن ينطق بكلمة واحدة ، وأنا أردد خلفه بحقد : اذهب .. اذهب أيه الأحمق وارعى سراب دوابك في سهول وأودية عسى ويا ليت حتى أختفي عن ناظري..
اتجهت إلى سيارتي متثاقلاً وأسندت ظهري على المقعد ،
أحسست بشيء له دبيب يتحرك ببطء من مقدمة رأسي يسيل على جبهتي , ارتفعت يدي تتحسس الموضع .. ظللت مُدة من الزمن مذهولاً أتفحص أطراف أصابعي التي صبغتها الدماء !.
أشحت بنظري عن يدي عندما شممت رائحة كريهة عمت المكان ، وسمعت صوتاً ناعماً ينادي باسمي ، التفت إلى مصدر الصوت ..
فرأيتها في المرآة ..!
فتسللت ابتسامة ساخرة من شفتي المرتعشة , تبعتها ضحكة مجلجلة انفجرت وتتطاير شظاياها على المرآة فتحطمت وتناثر وجهها إلى أشلاء فصرختُ , وسقطتُ مغشياً علي ....
رد مع الإقتباس