عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 12:39 AM
المشاركة 269
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

حكم الميسر في الشريعة الإسلامية:
( إن الإسلام يريد من المسلم أن يتبع سنن الله في اكتساب المال، وأن يطلب النتائج من مقدماتها، ويأتي البيوت من أبوابها، والقمار يجعل الإنسان يعتمد على الحظ والصدفة والأماني الفارغة، لا على العمل والجد واحترام الأسباب التي وضعها الله وأمر باتخاذها.
والإسلام يجعل لمال الإنسان حرمة فلا يجوز أخذه منه إلا عن طريقة مبادلة مشروعة، أو عن طيب نفس منه بهبة أو صدقة، أما ما أخذ بالقمار فهو من أكل المال بالباطل )[7].
وقد دل على حرمة الميسر نصوص من القرآن والسنة.
ومن الأدلة القاضية بتحريم الميسر من القرآن:
1- قوله تعالى { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } [8]وهذه الآية وإن لم تصرح بتحريم الخمر والميسر ففيها تمهيد للنهي عنها، بل إن بعض الصحابة قد أقلع عن الشرب بمجرد نزول هذه الآية، ويفهم من ذلك أنه لو كان من متعاطي الميسر فيتركه كما ترك الخمر، قال ابن كثير رحمه الله تعالى ( ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات ولم تكن مصرحة بل معرضة، ولهذا قال عمر لما قرئت عليهم اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا حتى نزل التصريح بتحريمه في سورة المائدة... ) [9]. ومن القواعد الشرعية أن ما زادت مفسدته على مصلحته حرمت، ومفسدة الميسر لا شك أنها أكثر من مصلحته بنص القرآن الكريم.
2- قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } [10].
ففي الآية الكريمة من صيغ التحريم وصف الميسر بأنه: { رجس من عمل الشيطان} مما يدل على تحريمه وأنه من الكبائر، والرجس وصف لكل الأعيان الخبيثة خبثا معنويا أو ماديا قال تعالى عن المأكولات الخبيثة { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به } [11]وقال سبحانه عن الخبثاء من الناس { سيحلفون لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فاعرضوا عنهم إنهم رجس } [12]و سمى عذابه رجسا فقال{ قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب } [13]، وكذلك الأمر باجتنابه في قوله تعالى {فاجتنبوه } واجتناب الشيء هو التباعد عنه بأن تكون في غير الجانب الذي هو فيه [14]، ومن اجتنب شيئا وابتعد منه لم يتعاطاه , ومن صيغ تحريم الميسر أيضا الأمر بالانتهاء منه { فهل أنتم منتهون } قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ( فهو أبلغ في الزجر من صيغة الأمر التي هي: انتهوا... )[15].
3- قوله تعالى { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } [16]قال السعدي رحمه الله ( ولا تأكلوا أموالكم أي أموال غيركم أضافه إليهم لأنه ينبغي على المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحترم ماله كما يحترم ماله، ولأن أكله لمال غيره يجرئ غيره على أكل ماله عند القدرة... ) [17]ثم ذكر نوعي أكل أموال الناس الحق والباطل فعلق على النوع الأخير بقوله ( فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه حتى ولو حصل فيه النزاع وحصل الارتفاع إلى حاكم الشرع وأدلى من يريد أكلها (الأموال ) بالباطل بحجة غلبت حجة المحق وحكم له الحاكم بذلك فإن حكم الحاكم لا يبيح محرما و لا يحلل حراماً، إنما يحكم على نحو ما يسمع، و إلا فإن حقائق الأمور باقية فليس في حكم الحاكم للمبطل راحة ولا شبهة ولا استراحة... ) [18].
قلت: وهذا في حالة ما لم يكن الحاكم هو الداعي إلى ما يتم بواسطته أكل أموال الناس بالباطل من صور الميسر المنظم، التي تسخر له جميع الإمكانيات الدستورية والإعلامية وغيرها حتى قد يخيل للعوام أنه أصبح من الجائز كسائر أنواع المعاوضات

~ ويبقى الأمل ...