الموضوع: مسار "هولدرلين"
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
1149
 
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9


ياسَمِين الْحُمود will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
35,006

+التقييم
5.43

تاريخ التسجيل
Oct 2006

الاقامة
قلب أبي

رقم العضوية
2028
03-28-2021, 09:38 AM
المشاركة 1
03-28-2021, 09:38 AM
المشاركة 1
افتراضي مسار "هولدرلين"
… "لا لست أريد أن أكون شيئاً، إنما أريد أن أتعلم".
( هولدرلين)
حين قرار مباغت كالحب يأتي على عجل/ أمل… زرنا " فرانكفورت"
كنت بمعية العمة الخلوقة والمثقفة والتي تنافسني دائما وأبدا بالثقافة…
ولأننا المحكومتان بالورق والكتابة والشعر والسرد والبحث؛ تقصيا نبيلاً، كنا نترك أقدامنا تلحق بعقولنا وتسير نحو مبتغاها محبةً واقتفاءً لكل تلك الأسماء/ الأعلام العظيمة التي كوّنت سفر تذوقنا المعرفي مناهل من لذة/ معرفة تتجدد كلما طرقت أسماؤها جداول ترحالنا سفراً فعلياً ذهنياً.
وفي "فرانكفورت " ما الذي سيخرج لنا من جيب الساحر؟
عن ماذا نبحث وما الذي يجب أن نقتنصه في حضرة "غوته" وكل تلك الإشارات الدالة على إرثه الواسع و"بيته" المستقر في شارع " غوته بلاتزا"
كان واضحاً/ كبيراً ومتسعاً بما يكفي لكل تلك الأحداث التي مرّ بها وكوّنته وصيّرته.. غير أن الباحث/ المتلمس للمزيد من جنون لا يكل ، ولا يهدأ، و لا يكتفي ويظل متمسكاً بفضوله المباح ليصطاد كل تلك الإشارات الصغيرة المتناثرة هنا وهناك،على أعمدة الإنارة في الحارات والشوارع الغربية، الأزقة الداخلية، الدفيئة بالمقاهي والكراسي الملونة والشرفات المزهوة بالورد، فكانت الإشارة الجديدة بعد "غوته" هي للشاعر " هولدرلين" رفقة رسم أولي لوجهه بابتسامة هادئة لا تستطيل ولا تتحرك ولاتفتر، والهواء البارد يلفح عيوننا المتوثبة للآت، والإشارات تتباعد تقسم لهفتنا بعد كل انعطافة مبهمة لاتشبه ما تشير إليه، حتى عدت المسافات بين إشارة وأخرى أكثر من " كيلومتر" …
لكن همتنا لم تتعطل!
فالمسافر إلى "فرانكفورت" لا يجب أن يفوته هذا الاسم محبةً!
وعن " هولدرلين " لا أعرف الكثير، لذا…
كان الإصرار على تتبع الإشارات المواربة بالاستفهامات … يكبر!
وحين اختفت وتناقصت الأسهم الدالة نحو " المكان" .. تحولت إلى كلمة" ألمانية واحدة، لم أفلح في فهمها، طرزت ابتسامة " شاعرنا" الذي لم تتغير ابتسامته ونظرته إلينا، كان الشارع هادئا محتفلاً بالميلاد، زاهيا بالأحمر والموسيقا، وكنا نسير والدليل " هولدرلين" نحو " لا ندري ما" فعمَّ كنا نبحث حقيقة؟!
هل حقا كنا ذاهبتين باتجاه المعرفة؟
أم أننا نتحدى الإشارات وضياعها؟
أكملنا طريقنا على" مزاج/ مزاح" أسهمك يا " رفيقنا" لكننا انتهينا لعصبة من بيوت تلتف على نفسها محبوسة بين أشجار عاليةجداً وحديقة كثة كالغابة، غير إشارتين أخيرتين متوازيتين لكنهما بسهمين متعاكسين تماما! فأي إشارة مخيفة التي تود إيصالنا لهذا " الفاعل" المستهتر بوقتنا؟!
الضياع ليس يضيع ، فهل يريد من رسم هذه الإشارات العجائبية المعاني أن يقتنصنا؟ نحن " أو من على شاكلتنا " الباحثون أبداً عن الآخر الذي يحمل شيئاً من روحنا المجنونة ؟!
فكرت - ولا فكاك - بعقل الساردة التي تهوى نسج الحكايات من بذرة الشك …
قلتُ تخميناً :
أتراه قاتلاً يود الاقتصاص من " هولدرلين" وأتباعه؟
لكن من يعبأ بكتّاب أو باحثين كي يرتكب جُرماً فادحاً بتخطيط مبتكر، ويال " الطُّعم" الخطير "هولدرلين" هذا " قاتل مثقف بلا شك.
فأي لعبة سمجة يلعبها صاحب الإشارات المرتبكة، سأخبركم عن أمر عجيب عزز هذه الخلاصة، إذ أنه وعلى جدار كبير جدا مقابل تماما للسهمين المتعاكسين بجنون، وضح أمامنا رسم ( غرافيتي) لوجه شيطاني الهيئة يضحك ملء شرّه، فهل كانت تلك نهاية جولة المشي الحثيث المفضي للسخرية؟
كيف يمكن أن يُعبث ب" هولدرلين" ومحبيه بجبن لا مبرر؟
هبطت علينا الخيبة إلا قليلاً…
حينما قفلنا عائدتين وظهرنا لكل تلك الإشارات الخائبة، وعلى الضفة المقابلة للشارع استرعى انتباهي حديقة رملية صغيرة معدة للأطفال يحيطها سور ملون، انتصبت بداخلها يافطة ضخمة في زاوية منها " رسم هولدرلين" ذاته، شهقت وانطلقت باتجاهها مدارية خيبتنا/ تخميناتي فلم يكن هناك " قاتل/ عابث " يلهو بنا أو بمن على شاكلتنا…
الأمر يحتاج قليل من المعرفة بـ( الألمانية) كي نهضم الفكرة.
فالكلمة المبهمة التي كانت أسفل صورة " هولدرلين " وهي " بيفاد" والتي توصلنا عبر اليافطة المكتوبة التي زرعتها ( بلدية فرانكفورت) بالإنجليزية " أخيرا" تعني " مسار" فكان هذا الطريق الطويل المتشابك عبر الأسهم ، والإشارات هو ذاته ( مسار هولدرلين) الذي كان يذرعه ذهاباً وجيئة، للقاء محبوبته التي كانت والدة للصبي " هنري" الذي يعطيه دروسا في اللغة والشعر بناء على طلب والده( جاكوب غونتاد) والعلاقة التي تم فضحها/ فضها لاحقا وأدى لمغادرة " هولدرلين" لفرانكفورت في عام 1798 وبدأ بمقابلة، محبوبته من جديد بشكل سري في أول خميس من كل شهر، في طريقهما/ مسارهما الخاص، فكان آخر لقاء جمعهما في صيف 1800، حتى فارقت"سوسيت" محبوبته الحياة عام1804 بسبب مرضها وكانت لاتزال في الرابعة والثلاثين من عمرها، وبعد حقب من إصابة " هولدرلين " بالتشوش العقلي توفي في عمر الثالثة والسبعين في العام 1843
فشكرا لبلدية فرانكفورت التي أسعفت فضولنا/ محبتنا لمعرفة أقرب للشاعر " هولدرلين".