الموضوع: مومياء
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
3371
 
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي


موسى المحمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
670

+التقييم
0.57

تاريخ التسجيل
Aug 2021

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
16809
10-07-2021, 09:33 AM
المشاركة 1
10-07-2021, 09:33 AM
المشاركة 1
افتراضي مومياء
مومياء

كانتْ تحبّه قبل أن يموت، حتّى أنها عند موته رفضت دفنه، وصنعت منه مومياءً ثمّ أسكنتها صندوقَ زُجاج، سكتَ الرجلُ المومياء أعواماً كثيرةً، قبل أن يخرج عن صمتهِ، ويبدأ بالعزف، لماذا بدأ العزف..؟ ربّما لأنَّ الشَّيطانَ دخل حُجرتها، وبدأ يراودها عن نفسها، فانتفض الحبّ في جسد الرجل المومياء، وبدأ العزف، ربما لأنها بدأت تتعوّد غيابه الحاضرُ في مومياءٍ محنّطة، ربّما لأنّه اشتاق لقبره.
عندما قتلته، لم تفكّر إلا بكرامتها، ولكنها لم تحرق جسده، بل أبقته أمامها في هذا الصندوق الزجاجي، فقط كي تبتسم كلّما رأته يعزف ويبكي! في غمرة ابتسامتها الصَّفراء، غمز لها الشيطانُ بعينه فاشتعلت أنوثتها، أخرجت علبة الثقاب، سحبتْ عوداً .. ومرّرته على قلبها الملتهب، فاشتعل المكانُ أنوثه، هو ما زال يعزف على أوتار القماش، إنها مومياء، الموتُ فيها سبق الحب منذ زمن، اشتعل المكان، اشتعلت الأرضُ والسماءُ والهواءُ و انتحرَ العِطْر، اشتعلت أنفاسها، قبّلت هواء المكان، لم يرحل الشيطان، أمطرت المكان بالدموع، لم تنطفئ النار، جلس الشيطانُ بجانبها، وابتسم، فانتفضت أنوثتها وارتعدت خصلات شعرها، فقأ عينَها .. توقّف الرجلُ المومياءُ عن العزف .. حملت هي شيطاناً .. وأسمتهُ "مومياء" انتقاماً.

من مجموعتي القصصيّة "نساء"