حين يؤدي الجهل اللغوي
إلى اتهام الناس بالباطل
(أو : تصغير الأسماء المؤنثة)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وعلى آله وصحبه أجمعين
قد يستغرب القارئ العنوان الأصلي لهذا المقال : (حين يؤدي الجهل اللغوي إلى اتهام الناس بالباطل) ، ويتساءل عن علاقته بالعنوان الفرعي : (تصغير الأسماء المؤنثة) . فلا يستعجلنّ الأمور ؛ فسيتّضح المقصود قريبا ، بإذن الله .
-1-
من المعلوم أن التأنيث في اللغة العربية نوعان :
* تأنيث معنوي ؛ وهو ما دلّ على مؤنّث ، بصرف النظر عن كونه مختوما بعلامة تأنيث (نحو : نَجْمَة وسَلْمَى وزَهْراء) أو غير مختوم بها (نحو : زَيْنَب) .
* وتأنيث لفظي ؛ وهو ما خُتِمَ بعلامة تأنيث ، بصرف النظر عن كونه يدلّ على مؤنث (نحو : نَجْمَة وسَلْمَى وزَهْراء) أو على مذكّر (نحو : حَمْزة) .
وعلامات التأنيث ثلاث : التاء (نحو : نَجْمَة) ، والألف المقصورة (نحو : سَلْمَى) ، والألف الممدودة (نحو : زَهْراء) .
[نستعمل هنا مصطلحَيِ (الألف المقصورة) و(الألف الممدودة) بالمفهوم الصرفي الأصيل ، لا بالمفهوم الإملائي الحديث]
-2-
يفهم مما سبق : وجود أسماء مؤنثة لفظا ومعنى (نحو : نَجْمَة وسَلْمَى وزَهْراء) ، وأسماء مؤنثة معنى فقط (نحو : زَيْنَب) ، وأسماء مؤنثة لفظا فقط (نحو : حَمْزة) .
-3-
لن نتحدث في هذه العُجالة عن معنى التصغير ، ولا عن أوزانه وكيفية صياغته ؛ ولكننا سنقصُر حديثنا عما تُختَم به صِيَغُ تصغير الأسماء المؤنثة ، أعلاما كانت أم غير أعلام .
القاعدة من أسهل ما يكون :
1- إذا لم يكن الاسم مختوما بعلامة تأنيث (بمعنى : أنه مؤنث معنى فقط) ، خُتِمت صيغةُ تصغيرِه بالتاء ؛ فيقال في (شَمْس) : (شُمَيْسَة) ، وفي (هِنْد) : (هُنَيْدَة) ، وفي (نار) : (نُوَيْرَة) ، في (عَيْن) : (عُيَيْنَة) .
2- إذا كان الاسم مختوما بعلامة تأنيث (بمعنى : أنه مؤنث لفظا ومعنى ، أو لفظا فقط) ، فالأصلُ أن تُختَم صيغةُ تصغيرِه بعلامة التأنيث نفسها :
* فإن كان مختوما بالتاء ، خُتِمت صيغةُ تصغيرِه بالتاء أيضا ؛ فيُقال في (نَجْمَة) : (نُجَيْمَة) ، وفي (دَوْلَة) : (دُوَيْلَة) ، وفي (حَمْزَة) : (حُمَيْزَة) ، وفي (شَجَرَة) : (شُجَيْرَة) ، وفي (جَارِيَة) : (جُوَيْرِيَة) .
* وإن كان مختوما بألف مقصورة ، خُتِمت صيغةُ تصغيرِه بألف مقصورة أيضا ؛ فيُقال في (سَلْمَى) : (سُلَيْمَى) ، وفي (سُعْدَى) : (سُعَيْدَى) ، وفي (فُضْلَى) : (فُضَيْلَى) ، وفي (لُبْنَى) : (لُبَيْنَى) [ما لم تكُن الألف خامسةً فصاعدا ، فإن لها حُكما لا نُطِيلُ ببيانه] .
* وإن كان مختوما بألف ممدودة ، خُتِمت صيغةُ تصغيرِه بألف ممدودة أيضا ؛ فيُقال في (زَهْرَاء) : (زُهَيْراء) ، وفي (رَمْصاء) : (رُمَيْصاء) ، وفي (شَقْراء) : (شُقَيْراء) ، وفي (صَحْراء) : (صُحَيْراء) .
وعلى هذا ، يكون تصغير (حَسَنَة) : (حُسَيْنَة) ، وتصغير (حُسْنَى) : (حُسَيْنَى) ، وتصغير (حَسْناء) : (حُسَيْناء) .
-4-
ما الغرض من هذا الموضوع ؟
الغرض منه : دَحْضُ شُبْهة خاسرة ، لا تُساوي المداد الذي كُتِبت به ، يُروِّجها كثير من الحاقدين ، وهي أن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) لُقِّبَت بـ (الحُمَيْراء) أخْذا من مُصغَّر (الحِمَارة) (!!!) .
وهذا منتهى الجهل اللغوي :
* فـ (حِمَارة) مختومة بالتاء ؛ فينبغي أن يكون تصغيرُها بالتاء أيضا : (حُمَيْرَة) .
* أما (حُمَيْرَاء) فمختومة بالألف الممدودة ؛ فينبغي أن يكون أصْلُها قبل التصغير بالألف الممدودة أيضا : (حَمْراء) ، إشارة إلى حُمْرة البشرة ، وقيل : إنها بمعنى البيضاء التي تميل إلى حُمْرة .
هذا من الناحية اللغوية . أما الناحية الحديثية ، فأترُكها للمتخصصين في علم الحديث .
دمتم بخير .