*قصة نثرية*
تمهيد: يتفتق الفكر دوماً عن طرائق عديدة مختلفة لكتابة الأدب ، وعنَّ لي أن أجرب إحداها ، وهي القصة النثرية ، لا أدري إن كان هناك مثل هذا التصنيف في الأساس ، أما بالنسبة لي فهي المرة الأولى ، وقد تعودت قبلاً أن أكتب قصائد نثرية ، أما القصة النثرية فلم أجربها من قبل.
ننتقل هنا إلى القصة ، فالتعارف بين شاب وصبية ، قد يحصل بألف طريقة أو يزيد ، ولا يدري الشاب ولا تدري الصبية كيف يجيء النصيب ، وكيف تبدأ كل حكاية.
أترككم مع القصة النثرية الأولى لي ، أرجو أن تنال إعجالكم ، وأن أسمع آراءكم ، ولنتذكر أن جمال الأدب بكل صوره ، هو هدف نبيل بحد ذاته
تحياتي للجميع ،،،
-------------------------------------------------------------------------
*هل تتحقق الأحلام*
يحضرُ لي كأسَ القهوةِ كلَّ صَباحْ
في المرَّة الأولى اِسْتغْرَبْتُ تَصَرُّفَهُ
قالَ لي هَكذا يفعلُ الأصْدقاءْ
ولكنَّ نظرتَه لمْ تكنْ نظرةَ صديقْ
فقد اخْترقتْ عيوني
ومكثتْ في الجَوارحِ قربَ الفُؤادْ
سَكَتُّ .. لمْ أنْبَسُّ ببِنْتِ شَفَة
صارَ قدومُه يَشْغلُني عَنْ عَمَلي كلَّ صباحْ
فأنتظرُه وأترقَّبُ حُضورَه..
لوْ تأخَّر قليلاً اضْطَرُبُ في داخلي
ويتوقَّفُ عَقلي ..
أما عِندَما يَأتي ..
فأضْطَرِبُ ثانيةً عندَ رُؤْيَاه ..
لا أَدْري كيفَ أَصِفُ حَالتي ..
هلْ هكذا يَكُونُ الحُبّْ ..
هلْ هو لذِيذٌ حَقاً ..
أنَا لمْ أجَرِّبْ ذلكَ منْ قبلْ ..
إنها مَرَّتـِـي الأُولى ..
لمْ يقُلْ لي يَوماً أنه يُحبُّني
ولكنَّ قهوتَه و سكوتَه أوقَعَاني رُغْماً عنِّي في شعورٍ دافىءْ
و صرتُ لا أدري مَاذا أصْنعْ ..
أحضرَ لي البارحةَ مع كأسِ القهوةِ قِطْعَةَ حُلْوى
وقالَ لي كلمَةً واحِدةً "لِلْحُلُو أُحْضِرُ الحُلُو"
ذهبَ قبلَ أنْ أُجِيبْ
تسارعَتْ نبضاتُ قلبي..
لمْ أدْرِ ماذا أفعلْ ..
أو كيفَ أتصرَّفْ ..
فبعدَ أنْ قالَ كلمتَهُ .. ذهبْ ..
صارتْ أحلامُ اليَقَظَةِ تُحَاوِطُني من كلِّ جانبْ
ليلَ نهارٍ معي .. لا تتركُني
أُوَشْوِشُ نَفْسِي ..
لوْ يجْعَلُ زيارتَه لي بَدَلَ المَرَّةِ مَرَّتينْ
يحضرُ لي القَهْوةُ في الأُولى
وفي الثانية لوْ يُهْديني وَرْدَة
أو حتَّى لوْ يُحْضِرُ لي حَلْوَى
لوْ يَمْكُثُ ولوْ لِدَقَائِقْ
أوْ لوْ يُحَادِثُني قَلِيلاً
أَشْعُرُ به .. أُرِيدُهُ قُربي
ولكنْ كيفَ أطلبُ منهُ ذلكْ ..
أنا لا أمْلِكُ مثلَ هذِهِ الشجَاعَة ..
لو ينادِيني إلى المَقْهَى
لو نجلسُ سوياً في سَاعةِ صفَا
إذنْ لانتعشَتْ حَياتي .. وأحَاطَني الأَمَل ..
هلْ يا تُرى تتَحَقَّقُ أحْلامي ..
في أوَّلِ أيَّامِ الرَّبيعْ .. اِنْتظَرْتُه كالعَادَة ..
ولكنَّه غابَ ذلكَ اليَوم ولمْ يأتِ ..
انشَغَلَ بالي .. هاتِفُه المحمولُ مقفلْ ..
هاتفتُهُ إلى بيتهِ .. لا يردْ
ولمكتبهِ .. كذلكَ لا يردْ
يا الله .. كيفَ سَأقْضي يَوْمي ..
لنْ أتحمَّلَ هذا العذابْ ..
غيابه يقتلني .. ويزلزل دَاخِلي
استأذنتُ من عملي .. وعِدْتُ أدراجي إلى البَيْتْ ..
صرتُ أتناوبُ الحَركة ..
من الدُّورِ الأوَّل وحتَّى بابَ الدارْ..
ثمَّ منَ المطبخْ حتَّى غُرَفِ النَّومْ ..
هاتفُهُ ما زالَ مُغْلَقاً ..
لا أستطيعُ التَوقُّفُ ولا الجُلوسْ
يا إلهي .. هذا كثيرٌ علَيّْ ..
أين يا تُراهُ يكونْ .. وأينَ اخْتَفَى ..
ارْتَفَعَتْ حَرارتي .. ماذا أصْنَعْ ..
وكيفَ تتحمَّل أعْصَابي مُرورَ الثواني ..
فَجْأةً .. قطعَ صَمْتي رنينُ الجَرَسْ ..
كنتُ بالصُّدْفَةِ وراءَ البَابْ ..
لا أعلمُ منْ القَادِمُ هذه السَّاعة
فأنا لا أنتظرُ أحَداً ..
ولا أتوقَّعُ أحَداً ..
فتحتُ البابَ بحَنَقٍ وبِسُرْعَة ..
كانَ هُوَ .. نعمْ هُوَ ..
واقفاً هُناكَ مُبتَسِماً أمَامي ..
يحملُ بينَ يديْهِ ثلاثةَ أشْياءْ
بديعةٌ كلُّهَا ورَائِعَة ..
قريبةٌ إلى القَلبِ كلُّها ..
قهوةٌ وحَلوَى في يَدِهِ اليُسْرَى ..
وفي اليُمْنَى خَاتَمٌ مَاسِيّْ ..
وهَكَذَا بَدَأَتْ الحِكَايَة ..
فؤاد صوفي – اللاذقية - سوريا