عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-2010, 08:20 PM
المشاركة 60
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (50)


تعالَ نُصلِّ الفجر





إلى أبي الخير الشاعر
عبد الوهاب الشيخ خليل


دعوتُ يَراعي أَستدِرُّ القوافيا
فعاتبَني وازورَّ يسألُ ما بيا

أتدخُلُ مِحرابي وتقطعُ خَلوتي
وتفضَحُ سرَّاً كان في الصدرِ خافيا

فقلتُ : صديقٌ لي أديبٌ وشاعرٌ
سَحابٌ بفصلِ الشعر يَهمي قوافيا

عرِفتُ به معنى الرجولةِ والندى
وصارَ ليَ الخِلَّ الوفيَّ المُواسيا

سهِرْنا بليلٍ نرقُبُ الفجرَ خَلسةً
فنجتازُ أعلاماً ونهبِطُ واديا

يسايِرُنا يومٌ ويعذِلُنا غدٌ
ويسخَرُ منَّا العُمْرُ حرَّانَ صاديا

يُحدِّثُني حيناً عنِ الحبِّ والهوى
ويُعرِضُ عنِّي كي يعودَ ثوانيا

ليستعْرِضَ القانونَ درساً مفصَّلاً
فأبصِرُ فيهِ قاضِياً ومُحاميا

ويسمِعننَي شِعراً رقيقاً وتارةً
يثورُ كما البركانِ غضبانُ شاكيا

وتَمضي بنا الأعوامُ تَترى ثقيلةٌ
تُحارِبُ مِقداماً تُسالمُ حابيا

إلى أنْ طعنَّا في السنينَ ولم نَزَلْ
على صهوةِ الإقدامِ نجلو المواضِيا

* * *
صديقي .. أبو الخَيْرِ الذي غازلَ الضُّحى
كبيراً وأحلامَ المُحبِّينَ هاويا

وأشعلَ قِنديلَ الليالي مُعلِّماً
وسارَ بأجيالِ المدينةِ هادِيا

وهزَّ جُذوعَ النخلِ فاسَّاقطَ الجَنى
حُروفاً منَ الإبداعِ طابتْ مَجانيا

* * *
أخي : يا احتراقَ الشمعِ في ليلِ سُهدِنا
تعالَ نُصلِّ الفجرَ واسمعْ دعائيا

أقومُ بليلِ القهْرِ أتلو قصائداً
لعلِّي بعصرِ النومِ أُوقِظُ غافيا

وأَخبرْتَني بالأمسِ أنََّك مُوجَعٌ
فسعَّرتَ أوهامي وطارَ صوابيا

أعِنِّي على الإبجارِ في هائجِ الأسى
لقد مزَّقتْ هُوجُ الهمومِ شِراعيا

وهَبْ لي زكاةً من جناحِكَ ريشةً
أُحلِّقْ بها فوقَ النجومِ تسامِيا

ودعْني أُغمِّسْها بقلبي مُكرِّماً
لأَكشِفَ سرَّاً كامناً بفؤاديا

* * *
أنا من تُراثِ الدارِ أَفدي تُرابَها
وأَفدي بها نهراً مُطيعاً وعاصِيا

أَهيمُ أُغنِّي في مواسمِ مجدِها
ولكنَّ أهلي يجهلونَ الأغانيا

أَذِلَّاءُ في جِدٍّ أَجلَّاءُ في دَدٍ
يُوالونَ هدَّاماً يُعادونَ بانيا

لَجمْتُ لساني عَنْهُمُ فتمرَّدوا
وأَبديْتُ ما يَخفى وأَخفيْتُ بادِيا

وأَطلقتُ صوتي فاستداروا وأَخلدوا
إلى النومِ واستعدوا عليَّ اللياليا

وعاتبَني بعضُ الصِّحابِ لِعِزَّةٍ
بنفسيْ تأبَّتْ أنْ أكونَ مُداجِيا

ولستُ الذي سوَّيتُ نفسي وصُغتُها
ولكنَّ من سوَّى النفوسَ إلهيا

وأَلهمَها التقوى وحيناً فُجورَها
ولستُ من الفُجَّارِ كيما أُداريا

فغادرَني منْ كنتُ أهنا بظِلِّهِ
على أملِ اللُّقيا وأَبعدَ هانيا

تُراودُني الأحلامُ في كلِّ رَفَّةٍ
فأهدابُ أجفاني تُصوِّرُ حاليا

ولمْ أَجنِ غيرَ اليأسِ والسقمِ والأسى
فضمَّدْتُ بالشعرِ الأصيلِ جِراحيا

وخلَّفتُ من أثنى عليَّ ومنْ هَجا
يَدِبُّ على عُكَّازِ وهْنٍ ورائيا

* * *
صديقي أبا الخيرِ .. استمِعْ لي فإنَّني
أُباهي بكَ الدنيا حُداءً وحاديا

وأَملا كؤوسَ الحبِّ والوِدِ بيننا
وتُتْرِعَ منْ دَنِّ المُروءةِ جاميا

كلانا يصُبُّ العطرَ والنورَ والندى
ونزرعُ أفراحاً ونجني مآسيا

كلانا على الأيامِ يَرعى برُوحِه
مواكِبَ أجيالٍ ولم نلقَ راعيا

كلانا وأَيمُ اللهِ يفدي صديقَه
ولم نلقَ إلَّانا مدى العُمرِ فاديا

* * *
أخي .. يا أبا الخيرِ الذي شقَّ صدرَه
ليحتضِنَ الأصحابَ اِسمعْ ندائيا

عملتَ بثَقبِ الجِلدِ بالمِخرزِ الذي*
طعنتَ به من كان يشنوكَ قاليا

وقلتَ له يا مِخرزَ الجِلْدِ إنَّني
رأيتُك عند النائباتِ حِياليا

أحاربُ فيكَ الفقرَ والفقرُ صامدٌ
لأكسِبَ تحتَ الليلِ قُوتَ عِِياليا

وغِبتَ لأعوامٍ تلوذُ بغُربةٍ
بعيداً عن الأوطانِ تُحييْ الأماسيا

وكنتَ " بأبها " تنتشي برسالةٍ
تُحدِّثُ عن حالي وحالِ رفاقيا

لياليَ لم يَغْمضْ بها جَفنُ عالِمٍ
خبيرٍ بما يجري وما انفكَّ جاريا

حملْنا على الأكتافِ نعْشَ طُموحِنا
وسِرنا إلى مَثْوى الطموحِ بواكيا

نصوغُ شِعاراتٍ ونُحييْ مواسماً
تموتُ قُبيلَ الفجرِ تمحو الأمانيا

وعُدْتَ إلى العاصي جريحاً ولم تجِدْ
لجُرحِك في رَهْطِ الأطبَّاءِ آسيا

وعِشتَ على الآمالِ تُنشي مزارِعاً
تُقلِّمُ أغصاناً وتقطِفُ دانيا

وتملا سِلالاً من ثمارٍ شهيَّةٍ
تُحمِّلُ صحباً قادمينَ غَواديا

ولم تخشَ نابَ الفَقرِ يوماً ولم تكُنْ
غنيَّاً ولكن كنتَ كالنبعِ صافيا

وذلك طبعٌ فيكَ مذْ كنتَ مُضْغةً
فجئتَ كريمَ الأصلِ حُرَّاً عِصاميا

* * *
أبا الخيرِ .. يا نِبراسَ جودٍ وعِزَّةٍ
تلفَّتْ تجِدْ كلَّ الجراحِ دواميا

تجِدْ صخرةَ المِعراجِ تبكي وتشتكي
وبغدادُ تستسقي ولم تلقَ ساقيا

وفي غَمرةِ الأحداثِ لم تَلقَ واحداً
يسيرُ على نهجِ الرسالةِ هاديا

ويُورونَ أحقاداً ويُذكونَ نارَها
ويُحيُونَ أمواتاً يَخيطونَ باليا

يُفَصِّلُ تُجَّارُ الحروبِ ثيابَنا
وتُستعْرَضُ الأزياءُ بَخْساً وغاليا

ونلبَسُ ما يُرضي الهوانَ ونشتري
لأفرادِ أهلِ البيتِ أحمرَ قانيا

وينضو لباسَ الحربِ في الساحِ أحمقٌ
ويختالُ باسمِ السلمِ عريانَ حافيا

* * *
أبا الخيرِ .. يا رَمزاً لكلِّ فضيلةٍ
وعوناً لمنْ وافى حِياضَكَ راجيا

أُكرِّمُ فيكَ اليومَ نفسي وكلَّ منْ
تنكَّبَ سيفَ الشعرِ وانقضَّ غازيا

يرُدُّ عنِ الأوطانِ كَيْدَ عُداتِها
ويرفعُ خلَّاقاً ويُسقِطُ باغيا

وأَعجَبُ ما في الأمرِ طبَّالُ فِرقةٍ
يُقرِّبُ زُمَّاراً ويبعِدُ شاديا

ويحتضِنُ الأنذالَ لؤماً وخِسَّةً
ويقتلُ إحساناً ويُحيي مساويا

فتخرُجُ من تحتِ النعالِ عقاربٌ
لتلْدغَ منْ بالأمسِ أردى الأفاعيا

تحيَّرتُ في هذا الزَّمانِ وأهلِه
ولمْ أكُ مغروراً ولستُ مُغاليا

سأبكي على نفسي قُبيلَ رجوعِها
إلى ربِّها أستغفِرُ اللهَ راضيا

فإنِّي قضيتُ العُمْرَ أبكي أحبَّةً
ولم ألقَ في جَمْعِ المُعزِّينَ باكيا

* * *
أخي .. يا صديقَ العُمرِ يا قصَّةَ الندى
على صَفَحاتِ الدهرِ أطلقْ لسانيا

حملْنا هُمومَ العُربِ في غَمرةِ الأسى
وسِرنا على جمْرِ النضالِ تفانيا

فصِرنا إذا ما سامَنا الخسْفَ ظالمٌ
وكشَّرَ عن نابٍ نقومُ اللياليا

نُصلِّي بإيمانٍ وندعو بحُرقةٍ
ونتلو منَ القرآنِ ما كانَ شافيا

ستبقى على التاريخِ بغدادُ كعبةً
ويبقى أذانُ القدسِ كالرعدِ داويا

ومهما أشاحُوا عنه واستمرؤوا الخَنا
ستبقى لدُنيا العُرْبِ حصناً شآميا

ستهوي شِعاراتٌ وتعلو شهادةٌ
وينطِقُ صخرُ القدسِ " صِلٌّ " ورائيا

وتنهَدُّ أحلامُ اليهودِ بدولةٍ
وتسقُطُ " أمريكا " ونهتِفُ عاليا

سلامٌ إلى بغدادَ شعباً مقاتِلاً
وسُحْقاً لمن جاءَ العراقَ مُعاديا

سلامٌ إلى الأحجارِ في كَفِّ طفلةٍ
سلامٌ إلى شِبْلٍ يقاتلُ عاريا

* * *
أخي يا نداءَ الجودِ والبذلِ إنَّنا
نُقدِّسُ عهْداً لم يزلْ بعدُ ساريا

تركْنا همومَ العيشِ خلفَ ظهورِنا
إلى أَجَلٍ ما انفكَّ يَشْغَلُ باليا

وجِئنا على حبٍّ نُباهي بشاعرٍ
كريمٍ فجاءَ الشعرُ طَوعاً مُواتيا

هنيئاً لكَ الأقلامُ تسكُبُ عطرَها
وتُزجي سَحابَ الشعرِ يَهمي لآليا



24/2/2004

* الشاعر عبد الوهاب الشيخ خليل
كان يعمل حذَّاءً .. ثم حصل على
إجازة في الحقوق وعنده عشرة
أولاد