عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
7500
 
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


سحر الناجي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,001

+التقييم
0.36

تاريخ التسجيل
May 2009

الاقامة

رقم العضوية
6969
11-09-2010, 12:15 AM
المشاركة 1
11-09-2010, 12:15 AM
المشاركة 1
افتراضي ** لعنة الفراعنة .. بين الجنون والموت المُحَتم ...

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بسم الله الرحمن الرحيم
** المقدمة ..
تداهمك رويدآ .. مثل إنسكابات توجس هادئة ثم تحط على حواسك .. مثل فزع يتوشح السواد ويغوص في قلبك .. أو لعله مطر يهطل على وجدك بغيث من القلق .. وبشئ من الهلع المجنون .. هكذا هو الخوف , وهكذا تقتحمنا بوادره بلا مقدمات .. مخلوق غامض يعتمر في صدورنا , ولا نملك إلا الإذعان لهمهماته التي قد تحيلنا إلى إلى كائنات منكسرة .. أو مواجهته بالإيمان والعزيمة كي يستتب لنا العيش في رخاء وأمان ..
هذا ما استشعرته وأنا أطالع صفحات الكتاب بيدي , حيث كنت غارقة في سرده إلى حد أنني لم أشعر بتعاقب الزمن علي .. ويخطئ من يظن أنه كان منشورآ عاديآ أو كتاب أدبي شاعري , وليس غريبآ أن تولد مكنوناته شئ من الذعر لكل من تراوده نفسه حيازته والبحث في دقائقه .. وأغرب ما في الحكاية , هي سيطرة الجوهر على كل بقاع عقلك وأنت تحدق في السطور , حتى يخيل إليك أنك تعيش الحدث بتفاصيله .. وأنت تعدو في دروب نائية ومعتمة .. تذهب في كل إتجاه .. وإلى كل مكان , لتكتشف على إثر ذلك أنك ما زلت في مكانك .. نفس الجدران .. ولون السقف , وحتى نقوش الآرائك وزخارف مجلسك .. أجل .. لم تغادر أبدآ رغم إحساسك العميق بأنك عائد للتو من رحلة شاقة في أصقاع المجهول ..
الكتاب في الواقع هو للمؤلف نيقولا جريمال وجاء يحمل عنوانآ مغريا حول معالم الحضارات القديمة في مصر , وبالطبع كانت صفحاته تنضح بمعلومات مذهلة حول أساطير وخرافات بالية , وبالأخص روايات وأحداث العصر الفرعوني القديم , لكن ما شدني بالفعل هو القسم الخاص بلعنات الفراعنة وقبورهم المحاطة بالأرواح والأشباح والقوى الخفية العظيمة على حد زعمهم .. حيث تخلل النص بعض الوقائع التي تلاحقت مجرياتها ترسخ من مفهوم الرعب المتعلق باللعنات .. وحتى لا أطيل عليكم في السرد سندخل في تفاصيل الحدث من خلال ما لخصته في هذا الصدد ..

* بداية مليئة بالأحلام
حدث ذلك عندما اجتمع عدد من مكتشفي وعلماء الآثار عام 1922 برئاسة ( هاورد كارتر ) واللورد (كارنافون ) , للتشاور حول مهمة تتلخص أبعادها في التنقيب والبحث عن أسرار العالم السفلي للفراعنة والمتمثل في المدافن الفرعونية في مصر .. وبالطبع كان يحدوهم الأمل بعد هذه العملية - إن تكللت بالنجاح - أن يحظوا بنصيب وافر من الشهرة والنجومية بين الأوساط العلمية , وكان هذا الحافز الأكبر لإقدامهم على هذه الخطوة المكللة بالمصاعب لا سيما بعد أن تناهى إلى أسماعهم الكثير من الحكايات والأساطير المثيرة حول الفراعنة وحياتهم المليئة بالألغاز والأعاجيب , لذلك يمموا وجوههم صوب مصر .. وبدءوا في عملية الحفر والتنقيب , حتى وصلوا إلى إكتشاف مذهل وذلك بعد مجهود مضني , جعل أعين العالم قاطبة تتجه إليهم وذلك لعثورهم على مقبرة الملك الأعظم للفراعنة ..

* لا تفتح التابوت
أجل .. هذا ما كتب بحذافيره على قبر الفرعون ( توت عنخ آمون ) .. والعبارة بتفصيل أدق تقول :
( لا تفتح التابوت , فسيذبح الموت بجناحيه كل من يجرؤ على إزعاجنا )
وكان من طقوس الفراعنة في العصر القديم أن يشيدوا المقابر الفاخرة لملوكهم وسحرتهم وكبرائهم ثم يضعوا داخلها كنوزهم الثمينة ليقوموا بعد ذلك بتحنيط الشخص الأعظم لديهم وذلك لإعتقادهم بناء على توجيهات السحرة أن الميت سيعود للحياة مرة أخرى وفي زمن مغاير وجديد , والغريب في الأمر أن علماء الآثار الذين قاموا على فحص هذه المقابر كانوا على علم بهذه المعلومة , ومع ذلك لم يكترثوا لهذا التخويف من جانب أموات الفراعنة وأمعنوا في عملهم حيث أرجعوا التفسير إلى نوع من الحيطة حتى لا يقوم شخص ما بمداهمة المقابر وسرقة الكنوز ..

* موت اللورد كارنافون الغامض
في يوم الإحتفال الرسمي لافتتاح المقبرة , يشير المؤلف إلى أن ممول حملة الآثار ( اللورد كارنافون) قد تعرض إلى حمى غامضة لم يستطع الأطباء تفسير أعراضها , وبعد خمسة أيام من معاناته مع المرض المجهول وفي تمام منتصف الليل قضى اللورد نحبه في ذات الوقت الذي غمر فيه القاهرة ظلام دامس نظرآ لإنقطاع الكهرباء بدون سبب يذكر .. ثم تتوالى الأحداث بعد ذلك تباعآ .. في مشهد واقعي لحصد الأرواح لغالبية الباحثين سواء الذين قاموا بفتح المقبرة أو ساهموا بفتحها , حيث بلغ إجمالي الموتى عشرين شخص وبأمراض غامضة أو حوادث مريبة كالإصابة بالجنون والإنتحار ..!

* الرأي العلمي
حير هذا اللغز علماء الآثار وأتباعهم بسبب النكسات التي توالت ووقعت على عاتق كل من كان له صلة بفتح المقبرة , وحين كثر الجدل واللغط حول الأمر ,هنا تدخل الدكتور ( عز الدين طه ) حيث كان تخصصه في علم البيولوجيا , فأرجع السبب في تصريح له وراء هذه الظاهرة القاتلة والتي اطلق عليها حينذاك من قبل العامة والمشعوذين ب(لعنة الفراعنة ) , فرجح الدكتور أسباب الوفيات إلى السموم التي من المؤكد أن الفراعنة قد نثروها على قبورهم منعآ لإقتراب أي بشري منهم .. إضافة إلى البكتيريا الناشطة التي تتكاثر عادة فوق جلد المومياء ..
ولكن كان من المؤسف مع إقتراب هذه النظرية من الواقع , أن تعرض الدكتور طه إلى حادث سيارة أدى إلى وفاته , وهكذا بقيت أسطورة اللعنة معلقة بدون حسم .. إلى جانب أن الجهات الرسمية لم تصدر أي تصريح يؤكدها أو ينفيها من جانبها , رغم الإقتناع السائد بين علماء الآثار حينها بأن هذه اللعنة ما هي إلا خرافة لا أساس لها من الصحة .. وكان تبريرهم لما وقع من أحداث وأمراض وجنون وانتحار إنما هو أمر طبيعي ويحدث كل يوم على كوكب الأرض ..

* دليل أكذوبة الأسطورة
لا شك أن الثابت في الأحداث الغامضة التي شهدتها مصر وأبرزها كان في ( هاورد كارتر) صاحب الإكتشاف الأول للمقبرة حيث لم يتعرض لأي ضرر ولم يصبه سوء .. وبقي على قيد الحياة .. ومع ذلك لم يدع العامة الحكاية تمر بسلام فقاموا بتهويلها وتضخيمها ثم راحوا يتداولوها بينهم حت أصبحت شغلهم الشاغل وذلك عبر سنوات طويلة , حيث قال البعض من السذج أن ما جرى لا يمكن أن تكون صدفة بحتة ولا بد من قوى محركة من ورائها كأرواح الفراعنة وأشباح سحرتهم .. في حين قال البعض الآخر من ذوي العقول الراجحة , أنها ليست سوى هراء خرافي يتعارض مع أبسط قواعد الدين والعقل .. وما هي إلا أسطورة مشوهة ضخمتها حناجر الناس لا أكثر ولا أقل ..

* لنا كلمة
قد لا نُكّذب ما جرى .. ونرمي بالمؤلف والأحداث بالزور والبهتان , ومرجع ذلك بالطبع يتعلق بإيماننا بالسحر , وماله وما عليه من تداعيات استهلكت بعض البشر منذ أن خلق الله الأرض وما عليها وحتى يبعث الناس إلى ربهم قيامآ ينظرون ..
أنا برأيي أن الأمر بدأ بقصة حقيقية فيها شئ من الغرابة ومن مؤثرات السحر التي بلا ريب يمكن التغلب عليها , ولكن حاجة الناس إلى سماع الغريب والعجيب من الأخبار جعل لهذه الواقعة صدى مدويآ طرق الأسماع ولاكته الألسن المتعطشة لغير المألوف , حتى تحولت القصة على بساطتها إلى مشهد مرعب .. يماثل إلى حد ما المشاهد التي يبرع فيها مخرجي هوليود ..
ولكن مهما حلق بنا الخيال إلى أرض الأساطير والأحلام , ينبغي لنا من وقفة على أرض الواقع نعيد بها الحسابات ونقيم الحقائق بشئ من العقلانية والمنطق .. هكذا نظل أحياء لا تفترسنا ولا تنهشنا الأساطير المزيفة والخادعة ..

* بقلم : سحر الناجي