عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2010, 02:30 PM
المشاركة 86
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (22)



طريدةُ الوهم



اشكريني على غبائي فإني
كنتُ أعمى وقد غدوتُ بصيرا


كنتُ أعمى إذْ كنتِ أنتِ عيوني
كل شيءٍ عداكِ كان قشورا


كنتُ طفلاً يا دميتي دونَ عقلٍ
كان لهوي بك الأثير الأثيرا


غير أني أحسُّ حبَّكِ لكن
لا تحسِّينَ بي حبيباً أسيرا


أنتِ من أنتِ ؟ يا طريدةَ وهمي
أنتِ جرحُ الإباءِ صار مريرا


أنتِ صوت الغراب ينقر سمعي
كلما جئتُ كي أنام قريرا


أنتِ أشباح يقظتي ومنامي
صرتُ أخشى جنونها أن يثورا


أنتِ لؤمٌ وخسَّةٌ وصَغارٌ
بعدما كنتِ في ضميري ضميرا


* * *
فتنةٌ أنتِ ... ما عشقتُ هواها
فتنةٌ أصلتِ الفؤاد سعيرا


كم بروحي حدَّثتُها وأسرَّتْ
أضلعي حبَّها النديَّ الطَّهورا


كم عشقتُ السُّهاد فيكِ زماناً
أزرعُ الليل أنجماً وبدورا


كنتُ غرَّاً إذ كان حبُّكِ همِّي
أغتذي منه غبطةً وسرورا


وترعرعتِ تحت ظلِّي وعاشتْ
أمنياتي تخطُّ فيكِ سطورا


أقطف الذكرياتِ من كَرْمِ وهمي
ثم أملي كاس الغرامِ حبورا


أستقلُّ الرجاءَ .. أُشرعُ وجدي
مبحراً أحسب العسير يسيرا


قد سئمتُ الحياة خلف حدودٍ
وسئمتُ الترغيب والتحذيرا


لأُغنِّي للبحر أحلى نشيدٍ
يُرقِصُ الحورَ لحنُه والطيورا


ولهيبُ الجراح يشعلُ شوقي
فيضوعُ القصيدُ منه عطورا


* * *
يا ملاكاً أبى السجودَ لحبي
فهوى جاحداً أثيماً كفورا


كنتِ في أضلعي حناناً غريباً
وضياءً وخمرةً وعبيرا


كنتِ دفئاً أُحسُّه في عظامي
وصفاءً ورقَّةً وشعورا


كنتِ وحياً على لسان القوافي
كنتِ روحاً ... وكنتُ قلباً كبيرا


* * *
وتوهمتُ أنني كنتُ أعمى
وبعينيكِ قد رسمتُ المصيرا


فإذا الشوك في رياضكِ ينمو
يقتلُ الغَرْسَ والشَّذا والزهورا




حماة 23-12-1974