عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2010, 02:49 PM
المشاركة 122
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (25)



المعجزان



فجِّرِ الشعرَ عاصفاً من دِمانا
واقطفِ الشَّهدَ من خلايا أسانا


نحن نأسى ونشتكي ونعاني
وأسانا يزيدُنا عنفوانا


كلما أقلقَ الظلامَ شهابٌ
في سماءِ الوجودِ شعَّ ضيانا


نحنُ كالشمسِ للوجودِ حياةٌ
يسطعُ الفجرُ حين تغلي دمانا


من دماءِ الجراحِ شُدنا صروحاً
وأقمنا من وقدها مِهرجانا


يشمخُ المجدُ بالنفوسِ كباراً
سلَّمُ المجدِ لا يطيقُ جبانا


* * *

قد وأدْنا حزنَ المواجعِ حياً
وبعثنا خلودَنا من ثرانا


جرحُنا يملأُ النفوسَ ابتهاجاً
وجراحُ الجبانِ تبقى هوانا


كلما أنَّ في حِمانا جريحٌ
أخصبَ الأرضَ والسما والزمانا


* * *

صُبَّ في كأسيَ الرحيقَ من الجُّر
حِ وحطِّمْ أقداحَنا والدِّنانا


وانطلقْ أيُّها المدجَّجُ بالحـ
ـقِ سلاحاً وجدِّدِ الإيمانا


وانطلقْ أيها المزنَّرُ بالمو
تِ لساناً وخافقاً وسنانا


قفْ على القبرِ وانفضِ الموتَ واكتبْ
من سطورِ الخلودِ سطراً عَنانا


لا يموتُ الضميرُ إن ماتَ حيٌّ
نحنُ بالميْتِ نبعثُ الوجدانا


نحنُ نجتاحُ موجعاتِ الرزايا
بعصوفٍ ينشقُّ عنها دُجانا


من دِمانا نسقي الترابَ إباءً
فاسألوا الشامَ كيف صارتْ جِنانا


واسألوا ميسلونَ يومَ وقفنا
هل رأى الدهرُ مثلَنا فرسانا


واسألوا يوسفُ الشهيدَ يُجبْكُمْ
أنا طرَّزتُ بالدِما نيسانا


يزهرُ الجرحُ حين يورقُ نصرٌ
فزهورُ الجراحِ وشَّتْ حمانا


* * *

إيهِ بغدادُ .. ألفُ جرحٍ بقلبي
إنْ يُزهِّرْ يغدُ الحمى بستانا


قد تمادى الطاغوتُ بالرَّجمِ حتى
صيَّرَ الماءَ والثرى بُركانا


ومياهُ الخليجِ في المدِّ والجز
رِ توانتْ لم تخمدِ النيرانا


مُزَّقتْ عروةُ الإخاء فأضحى
كلُّ شعبٍ من أمتي عريانا


فاستبدَّ الطاغوتُ حين رآنا
نعشقُ العُريَ نألفُ الإذعانا


في المحاريبِ والشعوبُ قيامٌ
والنواقيسُ تقرعُ الآذانا


يدمنُ القصفَ غاشمٌ مستبدٌّ
يستبيحُ الإنجيلَ والقرآنا


زوَّقوا القصفَ بل أحلّوه قالوا:
هُوَ قتلٌ نبغي به إحسانا


لا تخافوا واستقبلوهُ بِبِشرٍ
ينشرُ السِّلمَ عندكمْ والأمانا

ضحكَ الدمعُ في عيونِ الثكالى
والأيامى عضضنَ منه البنانا


* * *

إيهِ بغدادُ .. أيّ وغدٍ أثيمٍ
صيَّرَ الذئبَ شرعُه إنسانا


علِّمي الغاشمَ الدَّعيَّ حياءً
أسمعيهِ أجراسَنا والأذانا


خبِّريهِ أنَّ الجياعَ شعوبُ
وعُجولُ الحكامِ صارتْ سِمانا


قد يجوعُ الحكامُ يوماً ولكن
يأكلونَ الأحرارَ لا العُبدانا


* * *

يا (كسوفو) قولي لبغدادَ صبراً
إيه بغدادُ ما دهاكِ دهانا

حاقدٌ ظالمٌ وحشدٌ غريبٌ
ودماءٌ تمجُّها مقلتانا


وارتحالٌ عن الديارِ وذلٌّ
وهوانٌ نقتاتُ منه هوانا


شيَّعتْ كربلاءُ ألفَ حسينٍ
كيف هانتْ وشعبُها كيفَ هانا


كيف أضحى عرينُنا مُستباحاً
للصورايخِ تهدمُ البنيانا


* * *

إيه بغدادُ .. نحن في الشامِ فجرٌ
شمسُه البكرُ لم تفارقْ سمانا


كلما أقبلَ الظلامُ تَلظَّتْ
منْ لدَحرِ الظلامِ يُرجى سِوانا


عندنا المعجِزانِ شعبٌ أبيٌّ
وهَصورٌ يبغي السلامَ ضمانا


كلما شدَّتِ الكروبُ زِماماً
شدَّ للحلِّ مُرهَفاً ولسانا


لم يساومْ في صفقةِ السلمِ لكنْ
زأرَ الليثُ فاستحالتْ دُخانا


* * *

إيه بغدادُ .. والحضارةُ آلتْ
لرصاصٍ يَهمي جبانا .. جبانا


في دمانا تجري الحضارةُ نوراً
فاسألي الفجرَ كيف يسري ضِيانا


يَشرِقُ البغيُ بالمياهِ إذا ما
خَضَّبَ الماءَ جدولٌ من دِمانا


فانهدي للخلاصِ نوراً وناراً
ضوِّئي الكونَ واحرقي الطغيانا


واعقدي الغارَ تاجَ عزٍّ لشعبٍ
يمتطي الجرحَ للنزالِ حِصانا


* * *

إيه ذكرى الجلاءِ كيف أُغنِّي ؟
كيف أنسى الجنوبَ والجَولانا


كيف أنسى مَهدَ المسيحِ وقدساً
كيف أنسى الهلالَ والصُّلبانا


كيف أنسى مَسرى الرسولِ وبيتاً
شعَّ منه الضياءُ حتى هَدانا

كلما أرعدَ القريضُ بَروقاً
يهطلُ الدمعُ من عيوني دِهانا


يزأرُ الجرحُ في دمي فأنادي
يا حُماةَ الديارِ شابتْ مُنانا


فاعذُريني إذا بكيتُ فدمعي
يملأُ الجرحَ حُرقةً وحَنانا


وامنحيني إذا امتطيتُ يَراعي
أطلبُ الثأرَ وردةً من رُبانا

لم أعدْ للقتالِ أهلاً ولكنْ
بحروفي أَشنُّ حرباً عَوانا


قائمٌ للصلاةِ أدعو لقومي
ومع الفجرِ سوف أُعلي الأذانا


وليَ العذرُ إنْ قضيتُ فإنِّي
أركبُ الصعبَ لست أَلوي العِنانا


فإذا متُّ يا بلادي فقولي
عاشَ حراً وقد مضى إنسانا


واكتبيني سطراً على كلِّ قبرٍ
لشهيدٍ في مَيسلون وقانا



15-4-1999