عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2010, 08:45 PM
المشاركة 17
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المعلومة الثامنة ..


تنتشر عن الدولة اليهودية معلومات شهيرة يعد أهمها ..
* أن الدولة اليهودية تأسست برعاية بريطانية عن طريق وعد بلفور الصادر عقب نهاية الحرب العالمية الأولى
* أن الحركات اليهودية التى دعمت الوجود اليهودى هى الصهيونية والماسونية

التصحيح
أولا ..
لا علاقة للفكرة والتأسيس والنشأة بالمجهود البريطانى ..
ففكرة تجميع اليهود فى موطن واحد وفكرة زرعهم فى فلسطين بين مصر والشام بالتحديد كانت فكرة فرنسية خالصة من بنات أفكار الإمبراطور الفرنسي الشهير نابليون بونابرت وما أن اختمرت الفكرة برأسه لتكوين إمبراطورية فرنسية بالشرق حتى حمله الأسطول الفرنسي عام 1798 م قاصدا مصر
وحمل نابليون معه أدوات الحضارة الفرنسية جنبا إلى جنب مع السلاح وكان معه المفكرون والعلماء إلى جوار الجنود ليغزو قلوب المصريين قبل أرضهم عن طريق ورقته المصرية التى جرى توزيعها وكانت عبارة عن منشور يناجى فيه نابليون أهل مصر أنه قدم منقذا لا محتلا وفشل بالطبع فى هذه الخدعة واضطر للحل العسكري
وكانت معه أيضا الورقة اليهودية التى كانت تختلف شكلا ومضمونا عن الورقة الإسلامية المصرية لأنها كانت تحمل نداء حماسيا عنيفا لليهود فى القدس على دعوة إخوانهم للوعد المفقود وتكوين التجمع اليهودى فى أرض فلسطين برعاية الإمبراطورية الفرنسية .. وسبقت الورقة اليهودية جيش نابليون قبل غزوه للشام .. وانتشرت الفكرة هناك إلا أن فشل نابليون أمام أسوار عكا الصامدة أفشلت الفكرة مؤقتا وعاد نابليون لمصر وترك كليبر وأكمل رحلته إلى فرنسا ثم تتابعت الأحداث بثورتى القاهرة الكبري الأولى والثانية وانهزم الجيش الفرنسي أيضا فى الصعيد فى عدة مواقع وقُتل كليبر فى الأحداث ثم فشلت الحملة بأكملها ..
ومع عودة نابليون لفرنسا وتحطم أسطوله فى معركة أبي قير البحرية من قبل وتحالف أعدائه الأوربيين ووقوع معركة ووترلو انتهت أسطورة نابليون
وبقيت فكرة الوطن القومى لليهود فى فلسطين
فتلقفتها بريطانيا ووجدت فيها تحقيقا كاملا لمصالحها لفصل مصر عن الشام حتى لا تتكرر تجربة على بك الكبير ومحمد على من بعده فاتحاد مصر والشام تحت لواء قيادى واحد كان معناه ولادة دولة عظمى تقف حجر عثرة أمام مصالح الغربيين
ومضت الأحداث وتمكنت بريطانيا من الحصول على موافقة السلطان العثمانى على فكرة زرع اليهود باتفاقية سرية وسارت الأمور سيرها حتى انتهت الحرب العالمية الأولى وسقطت الخلافة العثمانية وانفردت انجلترا بالمشرق العربي وأعطت وعد بلفور لليهود وتم إنشاء الدولة فعليا عام 1948 م .. وكان أول اعتراف بالدولة الجديدة من الإتحاد السوفياتى وتلاه القبول الأمريكى والبريطانى
ثانيا ..
اليهودية كديانة والصهيونية والماسونية كمذاهب بينهما إختلاف تام ..
ففي البداية من الخطأ خلط اليهودية مع مسميات الصهيونية والماسونية لأن الأولى ديانة سابقة أصبحت ملة بنزول الإسلام أما الأخريان فهما مذهبان سياسيان لا علاقة لهما بأى دين سماوى ..
فالصهيونية مذهب اختلف المؤرخون فى تاريخ نشأته إلا أنه تجدد بصورته المعاصرة على يد تيودور هرتزل الصحفي النمساوى العلمانى .. لم يكن هرتزل يهوديا بل كان علمانيا قوميا ملحدا أسس المؤتمر الصهيونى الأول فى بازل بسويسرا لبحث المشكلة اليهودية عام 1897 م .. وكان اقتراحات ونداءات إنشاء الدولة عبر نداءات هرتزل لا تصر على اختيار فلسطين تحديدا بل كانت تنادى باختيار وطن قومى من عدة ترشيحات فى فلسطين والبرتغال والأرجنتين
والصهيونية كمذهب ليست لها علاقة بأى دين كما سبق القول بل إنها ـ للمفارقة ـ تقوم على هدف علمانى هو تكفير سائر الملل بما فيهم اليهود أنفسهم وتحويلهم من يهود إلى زنادقة
كما أن الصهيونية ليست مذهبا واحدا بل هى عدة فرق متناحرة فإلى جوار الصهيونية التى توجه نداءها لليهود بالذات
ظهرت الصهيونية الأشد خطرا وهى الصهيونية المسيحية
والتى نشأت فى القرن السابع عشر على يد البروتستانت المهاجرين للأرض الجديدة فى الولايات المتحدة وهذا النوع من الصهيونية كان ينادى بوطن قومى لليهود فى فلسطين وحدها تطبيقا لنداء الكتاب المقدس على اعتبار أن اليهود يجب أن يعودوا لفلسطين ويتحولوا إلى المسيحية وينتظروا ظهور المسيح وهناك وجهة نظر مقابلة كانت تنادى بوجوب تحول اليهود للمسيحية أولا قبل عودتهم لفلسطين الأرض الموعودة وانتمى لهذه الحركة حوالى 130 مليون عضو فى أنحاء العالم
أما الماسونية .. لغة معناها البناءون الأحرار ، وهي في الاصطلاح منظمة يهودية سرية هدامة ، إرهابية غامضة ، محكمة التنظيم تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد ، وتتستر تحت شعارات خداعه ( حرية - إخاء - مساواة - إنسانية ) . جل أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم ، من يوثقهم عهداً بحفظ الأسرار ، ويقيمون ما يسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام تمهيداً بحفظ جمهورية ديمقراطية عالمية - كما يدعون - وتتخذ الوصولية والنفعية أساساً لتحقيق أغراضها في تكوين حكومة لا دينية عالمية
وقد تأسست فى عمق التاريخ عام 44 م على يد الإمبراطور الرومانى هيرودس اكريبا بمعاونة مستشاريه اليهوديين حيران أود وموآب لامي
وغرضها الرئيسي تخريب أى انتماء وأى عقيدة وإشاعة اللامذهب واللاعقيدة فى سائر أنحاء العالم وهو أحد أجنحة العولمة التى تنادى بها الدول الكبري حاليا
وقد تجددت فى العصر الحديث أما المرحلة الثانية للماسونية
فتبدأ سنة 1770م عن طريق آدم وايزهاويت المسيحي الألماني ( ت 1830م ) الذي ألحد واستقطبته الماسونية ووضع الخطة الحديثة للماسونية بهدف السيطرة على العالم وانتهى المشروع سنة 1776م ، ووضع أول محفل في هذه الفترة المحفل النوراني نسبة إلى الشيطان الذي يقدسونه .
ومن شخصياتهم كذلك
: جان جاك روسو ، فولتير الفرنسيان ـ جورجي زيدان الشامى الأصل مؤسس مجلة المصور بمصر ــ كارل ماركس وفريدريك أنجلز ( في روسيا )
والأخيران كانا من ماسونيي الدرجة الحادية والثلاثين ومن منتسبي المحفل الإنجليزي ومن الذين أداروا الماسونية السرية وبتدبيرهما صدر البيان الشيوعي المشهور الذى جلب الخراب على العالم بالتجربة الشيوعية التى سقطت عام 1990 م
وبعد التغلغل السري للماسونية فى سائر دول العالم الإسلامى تنبهت بعض المؤسسات إليها وإلى النوادى الإجتماعية التى تمثل الواجهة البريئة لتلك الأنشطة وهى نوادى الروتارى والليونز فصدرت عن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فتوى رسمية تحذر المسلمين تحذيرا كاملا من الإنضمام إليها أو المشاركة فى أعمالها
كما صدر عن المجمع الفقهى لرابطة العالم الإسلامى
نفس الفتاوى والتحذير وبينوا عددا من إجراءات الدخول والانتساب إليها وهى فى مجملها إجراءات شاذة وتحتوى طقوسا غامضة كالتى ينفذها عبدة الشيطان والعياذ بالله
ولكن مع الأسف الشديد لم تكن هناك حملات منظمة للتوعية نظرا لأنه حتى المفكرين الذين نبهوا وحذروا لم يكن لأى منهم إدراك لكامل الحقيقة الواقفة خلف تلك المنظمة والتى تضم أعضاءها من المجتمع بعناية وعن طريق خداع محترف فى الأغلب ثم يورطونه على نفس النسق المتبع فى نظم التجسس فإن غامر بإعلان شيئ عنها أو البوح ببعض أسرارها يكون جزاؤه القتل بحادثة غامضة وهو ما تم بإزاء العشرات فى سائر أنحاء العالم التى تم الإعلان عنها كاغتيالات بالغة الغموض لليوم
كما أن كل مفكر أو فقيه أو مصلح تنبه للأمر وأولاه اهتمامه حتى لو كان رئيس دولة أو رئيس وزارة أو وزيرا يلقي نفس المصير دون أن تصل التحقيقات لأدنى صلة أو معلومة بين الحادثة وبين المنظمات الماسونية ويبلغ نفوذ الماسونية حدا غير متصور لدرجة سيطرتهم الخفية على مقدرات معظم حكومات العالم الكبري ووقوفهم المباشر خلف كل حدث عالمى وحشي تحقيقا لهذه الأغراض وكان آخرها حرب العراق والتى تجرى تحت الستار فيها حرب من نوع آخر وهو تقسيم وزرع الفتن بين السنة والشيعة ومد جذور المنظمة الماسونية فى قلب المنطقة فى هدوء وسرية كاملة
وقد ظهرت على السطح إحدى تلك المؤامرات دون أن ينتبه أهل العراق لدلالتها عندما تم اكتشاف عربة ملغومة تم وضعها فى قرب حى سنى لتفجيره واكتشف الأهالى هناك أن قواد السيارة يرتديان ملابس الشيعة المميزة برغم أنهم مرتزقة أجانب تابعين لشركة الأمن الخاصة بلاك ووتر العاملة على أرض العراق بتصريح أمريكى والتابعة مباشرة للحلف الماسونى
وتقف الماسونية خلف كل المذاهب الهدامة فى أنحاء العالم عن طريق زرع التخريب فى كل دولة تدين بدين
لا سيما الدول الإسلامية وتقوم بذلك بأسلوب الدفع بعدد من المفكرين والصحفيين وأصحاب الشهرة الإعلامية فى كل مجال لممارسة الهدم على نوعين أولهما نشر العلمانية والتشكيك فى العقائد وثانيهما معاونة ودعم بعض أعلام المذاهب الدينية ليخرجوا بآراء تثير البلبلة معتمدين على شعبيتهم الكاسحة وقيمتهم العلمية
ولعل هذا يضع النقاط على الحروف أمام الهجمات المتجددة على الإسلام والتى لا تصدر عن علمانيين كما هو المألوف بل تصدر عن أسماء لها وزنها الإعلامى بل والفقهى والدينى أيضا مثل جماعة القرآنيين منكرى السنة التى كونها أستاذ جامعى فى الشريعة الإسلامية
لكن ..
بالرغم من القدرات الفائقة للماسونية وأساليبها الكاسحة ودعمها المادى الخيالى إلا أنها نجحت فى العالم الغربي نجاحا لم تستطع أبدا أن تحقق نفس مقداره فى الدول الإسلامية لسببين
وجود بعض المفكرين الذين لا ينقطع وجودهم فى أى زمن ووقوفهم كحائط صد أمام البلبلة المتعمدة حتى وهم لا يعرفون مصدرها الحقيقي . حيث يقومون بالرد ودحر الدعاوى الشاذة متخيلين أن مصدرها فكر منحرف عن أشخاص
والسبب الثانى يكمن فى طبيعة الإسلام ذاته والذى تنغرس عقيدته فى أعماق المسلم فترفض طبيعته الشذوذ الفكرى الذى لا يتفق مع أبسط القواعد الإسلامية بعكس الملل الأخرى والتى لا تعرف عن دينها شيئا ولا تهتم بالمعرفة مكتفية بصكوك الغفران الكنسية ورضا الحاخامات فى اليهودية ..
وكلنا أمل فى قادم الأيام أن ينتبه فقهاؤنا ومفكرونا إلى الحاجة الملحة لجيل جديد من العلماء يمزج بين نوعين من العلم والثقافة ..
الفقه الإسلامى المعتاد والسياسة الدولية المتعمقة نظرا لأن مواجهة تلك المذاهب لا يتأتى بأحدهما بل يلزم النوعين للتوعية السليمة ..
فالماسونية كمنظمة تحمل تأثيرا سياسيا بسيطرتها على دوائر صنع القرار فى عدد كبير من الدول ولا يعرف خباياها إلا عمالقة السياسة والصحافة .. كما أنها تحمل صبغة الإلحاد كهدف رئيسي فى إطار الديانات تسعى لتحقيقه ليسود المذهب الإنساني المنكر لوجود إله وبالتالى ..
فإن الساسة الكبار كمحمد حسنين هيكل مثلا يعرفون عن الجانب السياسي للماسونية الكثير يركز عليه وحده وينظر إليه من خلال منظار السيطرة الدولية وحسب وهو الذى كشف أمر شركة بلاك ووتر ودولة فرسان مالطة ولولا مكانته العالمية التى يُخشي منها أن تكشف المخبوء لتم اغتياله حتما لأن الإغتيال سيتم الربط بينه وبين المعلومات المكتشفة فيجر ضررا أكبر من كشف المعلومات ذاتها .. لكنه غفل عن الجانب الدينى من أهداف المنظمة نظرا لعدم خبرته فيه فهو مجال لا تفيد معه الثقافة وحدها عند المعالجة بل يلزم التخصص لإدراك مدى خطورة هذا الجانب
والفقهاء لا يرون إلا وجوه مهاجمى العقيدة
فيكتفون بالرد على الشبهات أو تكفير قائلها لغياب أصل الإفساد عنهم نظرا لعدم الإلمام أو الإهتمام بالجانب السياسي
ومعرفة هذا الأصل يكفي الفقهاء عناء الرد نهائيا لأنه كما رأينا فى سائر الشبهات لم يأت المهاجمون بجديد بل أتوا بشبهات عمرها عشرة قرون تم الرد عليها عشرات المرات قديما وغابت عن علمائنا إلا القليل منهم
ومعرفة الأصل تكشف عمالة القائل بالشبهات ومن ثم لا يتورط العلماء فى الرد عليها وبمنطقهم الذى يستعصي على العامة الأميين فهمها فترسخ الشبهات فى أعماقهم لا سيما وأن معظم اللقاءات التليفزيونية التى يتم فيها بحث هذه الشبهات يحرص القائمون على تقديمها أن يكون هناك نوع من الإستفزاز والحصر والضغط على الطرف الإسلامى لمنعه من توصيل وجهة نظره كاملة .. وهو ما رأيناه من عدد من علمائنا استجابوا للاستفزاز فغادروا الجلسات غاضبين ولو أنهم عرفوا أن كل هذا مخطط ومدروس لما غادر القاعة ولكشف الأسلوب واضطرهم اضطرارا إلى منحه فرصة الرد لكى يدفعوا عن أنفسهم شبهة العمالة على الأقل..
أو لكان علماؤنا قاموا بالرد فى وسائل إعلام وهم منفردين وكشفوا للأمة المسألة برمتها وساعتها لن تجد من يستجيب لكل كلب عوى عن طريق رد الشبهة وفى نفس الوقت التركيز على سؤال واحد يخاطبون به الجماهير وهو ما الداعى وما الفائدة لإثارة تلك القضايا التى لا تعبر عن هموم المجتمع فى شيئ ولا تكمل نقصا فى الدين ؟!
فتكون الإجابة المنطقية أنها تدبير بليل وهذا يكفي الجمهور للتحصن ضد تلك الأقوال حتى لو لم يعرفوا حلول القضايا
لكن هذا الأسلوب فى التعامل يلزم له خبرة سياسية ليست بالهينة وهى غائبة بالطبع عن فقهائنا كما غاب عن ساستنا البعد الفقهى فى الموضوع
وهذا يعود من باب أولى لشيوع الفرقة بين فرق العلماء والشعوب وبين العلماء وبعضهم البعض

مصادر المعلومات
* عن نشأة الدولة اليهودية ودور الفرنسيين والعثمانيين فيها يرجى مطالعة كتاب " الأسطورة والإمبراطورية والدولة اليهودية " ـ محمد حسنين هيكل وهو الجزء الأول من ثلاثية المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل الصادرة عن دار الشروق بمصر
* عن تعريف المذاهب الصهيونية والماسونية يرجى مطالعة كتاب { الصهيونية } لفتحى الإبيارى صادر عن دار المعارف بمصر عام 1977 م ـــ وكتاب { الصهيونية غير اليهودية } ريجنا الشريف ـ صادر عن سلسلة عالم المعرفة بالكويت
* عن العلاقات العثمانية ـ الأوربية يرجى مطالعة سلسلة تاريخ الرافعى لعبد الرحمن الرافعى الصادرة عن دار المعارف مصر الجزء الأول والثانى من كتاب { تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم }