عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2011, 05:19 PM
المشاركة 158
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (22)



خَيبـةُ الدِّلاء


ليالي العمرِ تُمعنُ في ابتلائي
وتتركُني بلا زادٍ ولا ماءِ


وزادي من مَجاني الفكرِ يحلو
ومائي من ينابيعِ الوفاءِ


وكنتُ بعالمِ الأرواحِ رُوحاً
وذرَّاتٍ تُهوِّم في الفضاءِ


أتيتُ إلى الحياةِ كأيِّ طفلٍ
يُطلُّ على الحياةِ مع البكاءِ


يجودُ عليه ثديُ الأمِ حبَّاً
وتَحنانا فينعمُ بارتواءِ


وينقلبُ البكاءُ إلى ابتسامٍ
بريءٍ كانبثاقاتِ الضِّياءِ


* * *

ولكنِّي بدأتُ العمرُ طفلاً
شقيَّاً مُذْ بُعثتُ من الخفاءِ


حبوتُ على القتادِ* بلا وِجاءٍ
لقد أكلتْ مواسمُه وِجائي


وألقتْني إلى عَنَتِ اللَّيالي
يجرِّحُني ويشربُ من دمائي


ولما أنْ كبرتُ وشاقَ روحي
طموحٌ مستبدٌّ للعلاء


تكالبتِ الهمومُ عليَّ حتى
رأيتُ الشَّمسَ تُظلمُ في سمائي


* * *

رجوتُ بَنيَّ حينَ عتا زماني
فخيَّبَ كلُّ أولادي رجائي

ولكنِّي تحدَّيتُ الليالي
وأشعلتُ الكواكبَ من عطائي


وأدليتُ الأمانيَّ العذارى
فخيَّبَ وِردُ أحلامي دلائي


وغادرَني على ظمأٍ أُغنِّي
فجفَّ اللحنُ حين جرى غنائي

وغصَّتْ بالأنينِ لهاةُ شعري
فأشعلَ نارَ غصَّتِها إبائي


وأَلهبَ أَحرفي فغدتْ جحيماً
صُراخاً زاخراً بالكبرياءِ


إذا لزمَ الشقاءُ حياةَ حُرٍّ
أضاءَ الفجرَ من كَبِدِ الشقاءِ

وصاغَ من القريضِ عُقودَ ماسٍ
تُزيِّنُ جِيدَ مُتْرفَةِ البهاءِ


وأوقدَ نارَ ملحمةِ القوافي
ولم يأبهْ لداعيةِ الرِّياءِ


ولم يجلسْ ليَطعمَ سُمَّ عيشٍ
بمأدُبةِ اللئامِ على ولاءِ


كرهتُ العيشَ في وطني ويَبقى
يُشرِّفُني إلى وطني انتمائي

برُوحي أفتديهِ وإن قَلاني
وغيَّبني وأمعنَ بالخفاءِ


وحمَّلَني همومَ العيشِ كُرهاً
ونازعَني الخلاصَ من البلاءِ


وأطعمني على جوعي فُتاتاً
وأَطعمَ شانئاً دَسِمَ الغذاءِ


فكمْ من جاهلٍ يختالُ عُجباً
وينعمُ بالهناءةِ والرَّخاءِ


وكمْ من مُشرعٍ حرفاً حقوداً
تبنَّتهُ المنابرُ باحتفاءِ


فراحَ يعبُّ أضواءَ النوادي
ليظلمَها بأمواجِ الغُثاءِ

أنا الألقُ المقدَّسُ يا بلادي
لأجلكِ أَنتضي قلمَ الفداءِ


لئنْ نسيَ التُّرابُ هوى انتمائي
فهل نسيتْ قداستُهُ حُدائي

وهل طلعَ الصَّباحُ عليهِ يوماً
ولم يسمعْ صُداحيَ للمساءِ ؟


فَلِمْ لا أستحمُّ ببحرِ حُبِّي
وَلِمْ لا أستريحُ إلى الهواءِ


وهل بحرُ الهوى وقْفٌ لقومٍ
وأنسامُ الهواءِ لمنْ يُرائي ؟!


* * *

أحبُّكَ يا ثرى وطني لَوانِّي
لقيتُ عليكَ ألوانَ العَناءِ


أحبُّكَ فاحتضنْ جسدي طَهورا
إذا ما الشعرُ جَلْجَلَ في رِثائي



القتاد ... شجرٌ له شوك