عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-2011, 08:09 PM
المشاركة 27
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأحمر والأخضر

على غير عادتي ، ولجت الفصل متجهم الوجه ، مقطب الجبين . لزم تلامذتي السكوت منتظرين ما سوف أفعله وأنا في هذه الحالة . لقد تعودوا مني الدخول بوجه بشوش ، أصافح هذا و أداعب تلك وأمازح هذه و أربت على كتف ذاك .
اضطررت ، ونحن على مشارف نهاية الدرس ، و تحت وطأة نظرات عيونهم المتلهفة لمعرفة كل شيء أن أبوح لهم ربما لأنفس عني شيئا ..
في ذالك الصباح ، كنت مجبرا على أن أستقل سيارة أجرة إلى الإعدادية بعد أن داهمني الوقت .. وفي الطريق ، تجاذبنا أنا والسائق أطراف الحديث حول مشاكل التدريس و معاناة سائقي سيارات الأجرة .
- تعرف يا أخي – قال لي ثائرا – نحن نعيش في فوضى .. تصور أن يوقفك شرطي ويأخذ منك أوراقك .. لا لشيء سوى أنك مررت و الضوء الأخضر لا يزال ينبه ، في حين يصر هو على أنك خرقت الضوء الأحمر .
- هذا ظلم ...- قلت هذا وأنا أشعر صادقا بما يعانيه ، ثم نبهته فجأة :
- حذار.. الضوء الأحمر .
لكنه كان منطلقا في سرعة لم يتمكن معها من الوقوف في الوقت المناسب ، و استمر في السير مهونا علي ذلك بكون الطريق خال من السيارات والمارة .. لكن .. فجأة تناهى إلينا صوت صفارة :
- السلام عليكم .. الأوراق من فضلك .. ألم تر الضوء الأحمر ؟
ضحكت في سري ووددت لو أن السائق أجاب :" بلى .. رأيته .. لكني لم أرك ."
حاول في البداية أن يستعطف لما لمسه من لطف وأدب الشرطي ، وأوحى باستعداده " للتفاهم " ، لكن رجل الأمن بدا من طينة غير التي توقعها السائق التعس ، فدفع رخصة السياقة و هو يتوعد ، وقد انتفت عنه أمارات المسكنة وقال :
- خذها .. لكني سوف أتسلمها من مولاك ."
لم يبدر عن الشرطي الشاب أي انفعال أو ردة فعل ، لكني أحسست بداخلي بشعور المهانة والإحباط و تيقنت أن ما اعتراني من إحساس ما هو إلا مرآة لما يعتلج في أعماق ذاك الشرطي .. ولم أشعر إلا وأنا أؤدي للسائق أجرته و أنزل فورا لأتابع السير راجلا تحت نظر السائق المندهش ..
انتهيت من سرد حكايتي وقد عاودني الابتسام .. فانطلق الصغار في نقاش صاخب وأردت أن أعيد الهدوء .. لكن في تلك اللحظة .. دق الجرس .