الموضوع
:
نبوءات الشعراء والأدباء : دراسة معمقة
عرض مشاركة واحدة
02-16-2011, 02:42 PM
المشاركة
5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
نبوءات الشاعر صلاح جاهين
من الشعراء المصريين الذين كتبوا الشعر بالعامية المصرية الجميلة، وكتب عشرات الأغاني ومنها الوطنية في العهد الناصري وشدا بمعظمها مطرب الثورة، عبد الحليم حافظ. لكن صلاح جاهين دخل في حالة من الاحباط والنكوص بعد هزيمة حزيران، حيث خاب أمله من الشعارات التي رفعها والتي "خدع" فيها الناس كما كان يردد، واعتكف في منزله وانعزل عن الحياة العامة حتى وفاته.
لكن لو أن صلاح جاهين يعيش اليوم في مصر، أو يعود الى الحياة ليشاهد ثورة شباب مصر، فاني على يقين أنه سيعود لفترته الأولى فترة الأمجاد والشعور القومي والايمان بالاشتراكية، وستعود له عافيته ويسترد معنوياته وينطلق بكتابة الشعر الثوري من جديد. فأشعار صلاح جاهين تلك، تعكس تحركات الشباب المصري وثورته على نظام الفساد والرشوة والاستعباد اليوم، واذا ما عدنا الى ما كتبه جاهين أسوة بزملائه في الحقبة الناصرية، نرى أن أشعاره حينها يمكن أن تقال اليوم وكأنها تعايش الحدث، وها هو في رباعياته يتوقع عودة ربيع الشباب:
" طال انتظاري للربيع يرجع
والجو يدفا والزهور تطلع
عاد الربيع عارم عرمرم شباب
ايه اللي خلاني ابتديت افزع؟
عجبي" (أنغام سبتمبرية ص102)
وبناء عليه ونظرا لايمان الشاعر القوي بارادة الشعب، فانه يطلب من الشعب أن يقوم ويحكم بلاده، وكأني بالشعب المصري يعمل بوصية جاهين التي يقول فيها:
" احكم يا شعب
احكم يا شعب
وخد بنفسك مكانك
الأمر صعب
والنهي صعب
إمسك بيدّك ميزانك
احكم وقول
يا بلادي كوني سعيدة
عيشي في أيام مجيدة
واحكم يا شعب" (الأغاني ص49)
فهذا اليوم العظيم الذي يسطره الشعب المصري لن يكون مثله، وبعده سيكون المجد والعز والحرية، وهو اليوم الذي سقط فيه النظام المصري الفاسد برئاسة مبارك فيقول جاهين في هذا وكأنه يقف في ميدان التحرير:
"اليوم ده بعده مفيش
غير مجد وعز وحرية
لو متنا ولادنا تعيش
ونعيش في الأجيال الجاية" (الأغاني ص52)
وهذا الأمر لن يتحقق بدون وحدة أبناء الشعب من فلاحين وعمال وطلبة، كما عبر عن ذلك أحمد فؤاد نجم (انظر المقال السابق)، فيهتف صلاح جاهين بدوره:
" يا فلاحين يا جنود يا طلبة يا عمال
عدوكم حلف لاستعمار ورأس المال
عاش الطريق لشتراكي قوم يا شعب وثور" (أنغام سبتمبرية ص76)
رغم أن رفع شعار الاشتراكية لم يكن مطروحا علنيا في ثورة اليوم، لكنه يعبر عن جوهر الحقبة الناصرية، كما يعبر عن مطالب الشعب في ثورته الحديثة حين يرفع شعارات محاربة الفساد والرشوى ومحاكمة مصاصي جهد الشعب، كذلك رفع رواتب العمال والموظفين وتوفير فرص العمل للشباب.
ويثق جاهين كل الثقة؟ أن ابناء هذا الجيل سيعيشون ليروا نتائج الثورة المجيدة:
" ح نعيش ونشوف مصر سعيدة نعيش ونشوف دنيا جديدة
وكفاحنا يكون بكرة قصيدة توصف أيام ثورة مجيدة" (الأغاني ص52)
ولو ان صلاح جاهين موجود اليوم ويعيش أحداث الثورة الشعبية، لم يكن ليقول إلا:
"انا قلبي مليان حماسة
لكل شيء حر صادق
ما ليش كتير في السياسة
لكن باحب المباديء" (الأغاني ص72)
وأمام ما لجأ اليه نظام مبارك من أساليب بلطجية لكسر إرادة الشعب، يسخر جاهين منه ومن تفكيره بأنه سيسد فجر النصر:
" الفجر طالع مين يحوشه من الطلوع
ويا شعب يا ممنوع يا ويل من يمنعك
الله معك.. الله معك.. الله معك" (م.س ص75)
فهذا الشعب لا توجد قوة توقفه او تمنعه من تحقيق اهدافه بعد، ولهذا سيحققها بعدما عرف طريقه، وهذا ما حصل فعلا:
" الشعب قام يسأل على حقوقه
والثورة زي النبض في عروقه
اللي النهاردة يحققه ويرضاه
هوّ اللي بكرة، بهمته، يفوقه" (م.س ص104)
لكن الصورة لا تكتمل دون وجود القائد المحبوب، الذي يصبو لتحقيق آمال شعبه، لهذا فشاعرنا يحن لعودة الفارس الأصيل، ابن البلد "الريس" عبد الناصر، وتجلى ذلك في رفع صوره خلال أيام الثورة الشبابية المجيدة، وهنا يخاطبه الشاعر قائلا:
" وحشتنا نظرة عيونك للبلد يا جمال
والحزم والعزم فيها وحبها المكنون" (أنغام سبتمبرية ص8)
وهكذا تكتمل الصورة التي طالما تغنينا بها وانتظرناها وحققناها في يوم من الأيام، وما زلنا نشتاق لتحقيقها ثانية:
"صورة صورة صورة
كلنا كدة عايزين صورة
صورة للشعب الفرحان
تحت الراية المنصورة
يا زمان صورنا
صورنا يا زمان" (الأغاني ص34)
وفعلا حقق الزمان والقدر ما يصبو إليه شعب مصر العظيم، وكل ذلك بهمة الشباب وإصرارهم وصمودهم، ووقوف الشعب بمعظمه من خلفهم، وتأييد الشعوب والجاليات العربية والصديقة في الوطن العربي وأرجاء العالم، وتحقق المطلب الأساس بإسقاط النظام لأن هذه هي إرادة الشعب التي لا يغلبها غلاب.
(شفاعمرو/ الجليل)
رد مع الإقتباس