عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-2011, 05:13 PM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الاستاذ احمد القلعاوي

أولا اعتذر جدا عن تأخري في الرد والسبب يعود لانشغالي بصورة مهولة مع بداية العام حيث أنني اعمل موظف ومشغول في أكثر من مشروع بتزامن.

وأشكرك من جديد على اهتمامك وسعيك لنشر النظرية على نطاق أوسع كما تقول.

وفي ردي على ما تطرحه من تساؤلات مهمة للغاية أدناه أقول :
س1 : أنك تطرح موضوعة اليتم بشكل مطلق. وهذا أجده غير تام من وجهة نظري. فالإبداع بشيء يحتاج إلى الموهبة أولا والرعاية ثانيا.
ج- الصحيح أن الافتراض الأولى للعلاقة بين الإبداع واليتم قد أسس على افتراض رئيسي بأن شرط الإبداع هو اليتم، بمعنى أنهما متلازمتان، وقد تم تأكيد تلك العلاقة من خلال دراسات معمقة للمخرجات الإبداعية لعدد من المبدعين الأيتام مثل سلفيا بلاث ورالف السون وبابلونيرودا والذين قمت على دراستهم في رسالة الماجستير لهذا الغرض.
ولكن وجود أعداد كبيرة من المبدعين الذين عاشوا في ظل وجود والديهم وأبدعوا في مجالات متعددة استدعى إعادة نظر في الافتراض الأساسي هذا لاحقا. وقد استدعى ذلك بدوره مزيد من الدراسات وقد أثمرت هذه الدراسات عن ملاحظة أن ما يحدثه اليتم من اثر هو الأساس في العملية الإبداعية وليس المرور في تجربة اليتم بحد ذاته. بمعنى أن الصدمة أو الفجيعة الناتجة عن اليتم يكون لها وقع مهول على الدماغ وفي الأغلب يكون هذا الأثر أو الوقع على شكل تغيرات كيماوية ويمكن ملاحظة وجود مثل تلك الصدمة والأثر من خلال صفات وسمات تظهر على الشخص الذي يمر بتجربة اليتم تلك...مثل استغراقه في الحزن والكآبة وميله إلى العزلة والوحدة والانطوائية وفرط الحساسية... وما إلى ذلك من صفات.
وعلى الرغم أن اليتم ربما يكون أهم عامل لإحداث مثل ذلك الأثر الكيماوي في الدماغ وبالتالي ولادة مثل تلك الصفات لكن تبين أن هناك كم هائل من الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى نفس النتيجة ولها حتما وزن متفاوت من حيث الأهمية، فموت الجد عند طفل تعلق بجده في الطفولة المبكرة يمكن أن يكون له نفس اثر موت الأب، وحتى أن فقد زميل دراسة كنتيجة لحادث يمكن أن يكون له اثر مشابه ولكن بتفاوت من حيث الأثر.
من هنا قلت أن تحديد قائمة العوامل التي يمكنها أن تتسبب في إحداث تغير كيماوي في الدماغ يحتاج إلى دراسات عديدة ومتشعبة وطائلة، ولهذا السبب اقتصرت في دراستي على ما افترضت انه أهم عامل من سلم العوامل المفترضة التي يمكن أن تؤدي إلى تدفق في كيمياء الدماغ وعلى افتراض انه يؤدي إلى دفق أعلى نسبة من كيمياء الدماغ وبالتالي تكون النتيجة الحصول على أعلى حالة من حالات الإبداع. وقد تم تأكيد صحة الافتراض من خلال الدراسة الإحصائية لعينة الخالدون المائة، فقد أكدت تلك الدراسة أن الخلود والعبقرية والإبداع الاستثنائي هي صفات تمتاز بها إبداعات الأيتام حيث تبين أن الخالدون المائة في معظمهم أيتام وهو أمر يتعدى عامل الصدفة.
بوجود هذا الدليل العملي القائم على دراسات إحصائية وتحليله أصبح لا بد من التوقف عن الحديث بأن الإبداع أصله وجود موهبة وكأن الموهبة أمر يولد مع بعض الناس دون غيرهم فيكون لديهم الاستعداد الطبيعي بأن يصبحوا مبدعين... ذلك لان الدراسات الإحصائية والتحليلية أكدت وبشكل واضح تلك العلاقة بين اليتم والإبداع في أعلى حالاته وقد ظهر جليا أن معظم المبدعين من هذه الفئة متشابهون في الصفات من حيث الحزن والكآبة والحساسية والانطوائية وفقدان التوازن والبحث عن الحقيقة وما إلى ذلك. وهو ما يشير إلى أن هذه الصفات هي في الواقع نتاج تغير كيماوي في الدماغ ذلك التغير الكيماوي هو سر القدرة المهولة التي تحدث في الدماغ . وللتبسيط كأن واقعة اليتم تؤدي إلى ولادة ما يشبه الفرن أو الفتيل القادر على توليد الطاقة المهولة وهي طاقة متجددة في حالة وقوع مزيد من المآسي والأحداث التي تخدم كشرارة اشتعال متجددة.
من هنا يمكن أن نفهم بأن الكثير من العوامل يمكن أن تؤدي إلى تشكل ذلك الفتيل في الدماغ فالأمر لا يقتصر على اليتم. ومجموع الصفات التي يمتاز بها الأيتام هي مؤشر على وجود مصدر الطاقة الإبداعية تلك في الدماغ.
فالأدمغة كلها تمتلك نفس الإمكانيات والفرق بين دماغ ودماغ هو الطاقة المتولدة في الدماغ على اثر التغير الكيماوي الذي يتشكل كنتيجة للصدمات والمآسي والفجائع.
فالإبداع يحتاج إلى الصدمة أولا وثانيا وثالثا، تلك الصدمة هي التي تخلق فتيل الطاقة المهولة والمتجددة مع وجود ابر الإبداع في أوقات لاحقة والظروف التي تحيط بعقل اليتيم الذي يمتلك مثل ذلك الفرن هي التي تحدد مسار خروج تلك الطاقة أن كان إبداعي أو تدميري وهنا يأتي دور الرعاية والقدوة والصدفة .

يتبع ..الرد على التساؤلات المشمولة في الطرح التالي:
س2 : أيضا ليس كل يتم مبدع. ولا كل مبدع يتيم . نعم أن ما ذهبت أليه يؤكد أن نسبة عالية من كبار عباقرة العالم هم أيتام . ولكن ليسوا هم الأيتام فقط . فهنالك أيتام غيرهم لم يكونوا شيء. وهنالك أيتام حصلوا على رعاية طيبة ولم يحققوا لنفسهم تاريخ أو حضور إنساني . فكيف نتعامل مع هذا المطلق المطروح ضمن فضاء الأطروحة.

-