عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-2011, 11:01 AM
المشاركة 25
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
-إذا صح الطرح... لماذا لا يكون كل مبدع يتيم؟

ربما يكون هناك الكثير من المبدعينالذين لم يمروا بتجربة اليتم لكن ذلك لا يعني أنهم لم يمروا حتما بصدمات ومآسي تركت أثرا مهول على أدمغتهم في طفولتهم وقبل سن البلوغ.

وحتما إن مقولة "أن ليس كل مبدع يتيم" هي مقولة صحيحة، لكن ذلك أيضا لا يدحض أن العباقرة من المبدعين والذين خَلُدتْ أعمالهم هم أيتام حتما وذلك بالدليل الإحصائي، هذا من ناحية. و من الناحية الأخرى، من الطبيعي القول بأنه لا يمكن حصر المسبب في دفق كيمياء الدماغ في تجربة اليتم فقط، فقد يكون المبدع قد مر بتجربة موت قريب مثلا جد أو أخ أو زميل دراسة أو حتى فقد حيوان أليف، وقد يكون فقد احد الحواس، وقد تفعل زيارة لمستشفى فعلها في تشكل ذلك الدفق الكيماوي في الدماغ.

ولا شك أن هناك قائمة طويلة من المسببات لحدوث دفق كيمياء الدماغ، وبالتالي تَشَكُلْ القدرة على الإبداع، لكن الأدلة التي بين يدينا تشير إلى أن موت الأقارب من الدرجة الأولى هو أهم عامل من العوامل التي تؤدي إلى أعلى نسبة من دفق كيمياء الدماغ، وينتج عن ذلك عظماء وعباقرة في الحد الأعلى من العبقرية والخلود، وقد نجد من بين كل مئة أو ربما ألف أو حتى عشرة آلاف شاعر، نجد أن من بينهم شاعر واحد يكتب قصائد على شاكلة المتنبي مثلا...وذلك لا يعني أن الآخرين ليسوا مبدعين، ولكن مستوى، وقيمة، ووزن المخرجات الإبداعية تكون اقل عندهم ، ويبدو أن العلاقة بين الأمرين هي علاقة طردية، بمعنى انه كلما زادت المآسي والفجائع كثافة، وتكرار، كلما زاد دفق كيمياء الدماغ وأصبحت الاحتمالات بأن يصبح المصاب بمثل تلك الفجائع عبقريا فذا اكبر احتمالا.

ولا شك أن هناك عوامل كثيرة تؤثر في حصول الدفق الكيماوي المُولد للطاقة البوزيترونية، والتي ينهل منها الإبداع ، ونحن نجد أن من بين 5 أطفال يُتموا مثلا عند موت الأب أو الأم في عائلة ما، نجد أن واحد فقط من بين الخمسة يصبح شاعرا عبقريا، ويكون قادر على ترجمة تلك الطاقة إلى أشعار فذة... وقد يكون للتوقيت والبيئة، والتعليم والقدوة، وأحيانا الصدفة دور مهم في بروز طاقات هذا الفرد على غيره، لكن ذلك لا يعني بأن الآخرين من نفس العائلة لا يمتلكون طاقات مهولة و تكون ربما معادلة لتلك التي امتلكها الشاعر المذكور، لكنها قد تكون مكبوتة أو أنها تخرج على أشكال وأنماط أخرى.

ويمكن قياس مثل تلك القيمة والمستوى والوزن للعمل الإبداعي بعدة مؤشرات، فمثلا نجد ا ن أدب الأيتام غالبا ما يحتوي على نبوءات أو كشف على المستقبل، ولغتهم هي اقرب إلى لغة كودية تحمل معاني مستقبلية، لذلك نجدها تدوم وتبقى لزمن لاحق طويل، بل ربما لا يمكن فهمها إلا بعد مرور زمن طويل على وفاة اليتيم المبدع، بينما نجد المخرجات الإبداعية لشخص لم يمر بتجربة اليتم سطحية ركيكة سرعان ما تندثر، لأنها لا تحمل في طياتها تلك القيمة والعمق والوزن النابعة عن عمل الدماغ بطاقة البوزيترون في حدها الأعلى كما هو الحال عند الايتام.

وخلاصة القول هنا، لو افترضنا أن لدينا عشرة مبدعين وقمنا على دراستهم دراسة معمقة للتعرف على السبب وراء الدفق الكيماوي في أدمغتهم، لعثرنا حتما على عشرة أسباب كامنة وراء ذلك الدفق الكيماوي، فلا يوجد مبدع لا يحمل في ثنايا دماغه سر آو مسبب للدفق الكيماوي، وقد نجد أن هذه الأسباب مختلفة في طبيعتها عند كل واحد منهم، ولو قمنا بإعطاء كل سبب وزن ما، لوجدنا مثلا أن القلق يأخذ وزن 1 بينما يأخذ فقدان حيوان أليف رقم 2، وقد يأخذ فقدان زميل دراسة رقم 3، والخوف لأسباب متعددة رقم أربعة، وموت أخ رقم 5، وموت الجد رقم 6، والمربية والمدرسة الداخلية رقم 7، وبقاء الأب بعيد عن المنزل رقم 8 ، والطلاق رقم 9، لكننا سنجد حتما بأن اليتم سيحصل على الوزن (10) دائما كونه أهم مسبب على الإطلاق في دفق كيمياء الدماغ بموجب ما لدينا من بيانات ودراسات إحصائية. ولكننا هنا لسنا بصدد الحديث عن مسألة رياضية يكون فيها الأمر 1+1=2، ذلك حيث يجوز أن يؤدي مسبب يحمل وزن اقل في الغالب دور اكبر وأثر أعظم عند شخص معين نتيجة لالتقاء مجموعة عوامل تجعل ذلك المسبب اقدر على توليد كيمياء الدماغ بصورة اغزر. أيضا لا بد من التنويه بأن الأوزان أعلاه هي افتراضية لحين تقديم دراسات تشير إلى ترتيبها في سلم الأوزان المذكور، فيما عدا الوزن رقم عشرة الذي أصبح مؤكدا.

أما بخصوص آلية ما يحدث في الدماغ فيمكن وصفه بالشكل التالي:

عندما يقع السبب الذي يؤدي إلى صدمة مثلا ( اليتم ) يتشكل في الدماغ دفق هائل من كيمياء الدماغ، ولكنه نسبي وتكون علاقته طردية مع المسبب، هذه الوفرة في كيمياء الدماغ توفر الإمكانية ،وتؤدي إلى حدوث ارتطام بين المادة ونقيضها ( قرينها ) في فضاء الدماغ، فيما يشبه الانفجار البوزيتروني الذي يتحدث عنه الفيزيائيون في المختبر استنادا إلى معادلة الإلكترون التي جاء بها عالم الفيزياء بول ديراك ، والتي أكدها عالم فيزياء آخر اسمه كارل ديفيد اندرسون، والتي أثبتت أن الكون مكون من عالم المادة (الإلكترون) وعالم نظير المادة ( البوزيترون) أي أن التناظر يرجع إلى البناء المقلوب للذرة.

طبعا لا بد من التأكيد هنا بأن افتراضي أن انفجار بوزيتروني هو الذي يحدث في الدماغ، ويولد تلك الطاقة المهولة واللامحدودة، يحتاج بأن يتم تأكيده مخبريا، لكن لا شك أن لدينا ما يكفي من الأدلة الظرفية التي تشير إلى أن ذلك ما يحدث فعلا، وذلك بناء على ما يطرحه الدكتور خالص جلبي في وصفه لأحدث تكنيك يستخدمه الأطباء في الكشف عن الأمراض الخبيثة ومقدرات الدماغ والجملة العصبية ككل في كتابه "الثورة العلمية الحديثة والإيمان"، حيث يقول "بأن الأطباء يستخدمون تكنولوجيا البوزيترون في هذا المضمار حيث يقوم الطبيب بحقن السكر الذي يحمل ذرة الكربون المشعة، يتعرض نظير المادة إلى التحلل وإطلاق (البوزيترون ) الإلكترون الموجب الذي يفاجئ بغريمه وظله المقابل الذي يتربص به الدوائر فيحدث ارتطام يندثر على أثره الاثنين في صدام موحش، ومن تألق هذا الاصطدام يمكن تحديد أمكنة الأورام والإضرابات المرضية".

في هذا الحديث ما يشير إلى طاقة لا محدودة تنتج عن اصطدام المادة بقرينها في ثنايا الدماغ ...فلماذا لا يكون ذلك تحديدا ما يحدث في حالة تشكل دفق هائل في ثنايا الدماغ؟

وطبعا ما يحدد نسبة الطاقة المتولدة هو قوة الارتطام بين المادة ونظيرها ( قرينها ) والناتج أيضا عن وفرة كيمياء الدماغ ، وتكون مهولة لا محدودة عند الأيتام، لذلك نجد منهم من يصل إلى لحظة الوجد حيث تلتقي الأمكنة كلها في نقطة واحدة والأزمنة كلها في لحظة واحدة ويصبح العقل قادر على توليد نص عبقري قد يشتمل في ثناياه على لغة كودية... الزمن فقط هو الكفيل بتحليل رموزها...وهذا هو سر خلود الأعمال العبقرية.