عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2011, 06:47 PM
المشاركة 174
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (10)



تَوَسَّدْ رِمالَ البيْدِ



في رثاء الصديق الشاعر
الكبير علي دُمَّر




توسَّدْ رمالَ البيدِ يا عاشقَ القممْ
ودعني حليفَ الخوفِ والسُّهدِ والسَّقمْ


وأَلْهِمْ يَراعي أنْ يسيرَ على هُدىً
فإنْ ضلَّ صالَ الذِّئبُ واسْتَنْسَرَ الرَّخمْ


ففي خافقي جرحانِ .. جرحٌ أُحبُّه
وأَنكؤُهُ إمَّا تَماثلَ والتَأمْ


وجرحٌ أُداريهِ وأخشى نزيفَه
وينزفُ محموماً فيصرعُني الألمْ


فأحسو دمائي جرعةً بعدَ جرعةٍ
وأغفو على بَرْدٍ وأصحو على ضَرَمْ


وأُبصرُ أَشطانَ الفناءِ تشدُّني
فأَزورُّ عن قبري وأَستبطئُ القدمْ


وأَنظرُ حولي لا أراكَ فأَنثني
أحثُّ الخُطى للموتِ أَهزأُ بالهَرَمْ


ألمْ تكُ خِلِّي يا عليُّ وصاحبي
ونبعَ طُموحي واعتزازي ألمْ .. ألمْ ؟


* * *

فكيفَ تركتَ الأهلَ والصَّحبَ والحِمى
وكيف هجرتَ الحبَّ والشِّعرَ والنَّغمْ ؟


أما كنتَ تتلو الشِّعرَ لحناً مُوقَّعاً
فأسكرُ إبداعاً وأقتاتُ من حِكَمْ


وأسمو إلى سَمْتِ النجومِ وأرتقي
بمجهولةِ* الأحلامِ من هُوَّةِ السَّأمْ


وأغرقُ في بحرِ الحنينِ* مُقيَّداً
بغيبوبةٍ* يَهوى الجمالُ بها الصَّنمْ


فأستنجدُ الإشراقَ* وَهْناً كأنَّني
غُروبٌ بأُفْقِ الكونِ يغتالني العَدمْ


وتسري بيَ الرِّعشاتُ* بعد عواصفٍ*
من الثورةِ الحمراءِ تقذفُ بالحِممْ


فأخلو بنفسي أُدمنُ الدمعَ أَحتسي
كؤوسَ اغترابٍ واصلاً بعضَ ما انصرمْ


* * *

أَتذكرُ كمْ هِمنا على شاطئِ الحِمى
بليلٍ ربيعيِّ النُّسيماتِ لم نَنَمْ


أتذكرُ كمْ أغرى الطيورَ غناؤنا
فصلَّى لنا غصنٌ وسبَّحتِ الأَجَمْ


يطوفُ بنا العُشَّاقُ في كلِّ محفلٍ
طوافَ المُلبِّي يغسلُ الرُّوحَ بالنَّدمْ


وأنتَ تصبُّ الرَّاحَ صِرفاً بجامنا
ونحنُ نعبُّ الشعرَ كالراحِ في شَمَمْ


* * *

وفي حِضنِ بابِ النهرِ* لمَّا تلبَّدتْ
سماءُ الحِمى والأُفْقُ أظلمَ وادلَهَمْ


فقلتَ دعوني للأعاصيرِ إنَّني
أحبُّ هَزيمَ الرَّعدِ والبرقَ في الظُّلَمْ


أحبُّ شتاءً في بلادي هجرتُهُ
فشوقُ فؤادي للشِّتاءِ قد اضطرمْ


* * *

أتذكرُ هذا يا عليُّ ولحظةً
تعرَّيتَ فيها تحتَ ساريةِ العلمْ


وغِبْتَ بماءِ النهرِ وارتاعَ خافقي
وصِحتُ " عليٌّ " قلتَ في نشوةٍ نَعَمْ


أتذكرُ عهداً يا عليُّ قطعتَهُ
ودمعُكَ من حرِّ الوداعِ قد انسجمْ ؟


وأقسمتَ ألا تهجرَ الأهلَ والحِمى
فهلْ كُنتَ بَرَّاً يا عليُّ بذا القسَمْ


* * *

حبيبي . أخي . خِدْني . ملاذي . ومَوئلي
أَتمضي وجوماً ؟ ويحَ شعريَ إنْ وَجَمْ


أَجِبني لقد بُحَّ النداءُ وأنكرتْ
صداهُ القبورُ النائياتُ عن الحَرَمْ


أَجِبني .. أَجِبني يا عليُّ فإنَّما
ندائيْ دميْ ينسابُ من مُقلةِ القلمْ


لعلَّ جواباً منكَ يوقفُ نزفَهُ
فترحلُ آلامي وتنكشفُ الغممْ


لعلِّي إذا ناديتُ باسمكَ هاتفاً
بأروقةِ التاريخِ تسمعُني الأُممْ


أَأُصبحُ في العاصي وتُمسي بِبَلدةٍ
غريباً وحيداً لا أنيسَ سوى الرِّمَمْ ؟


وتُدْفنُ في (الأَحسا) وقبرُكَ دارسٌ
وقبرُ دعيٍّ يسكنُ الحيَّ في عصمْ ؟


أما كنتَ فينا يا عليُّ مُجَلِّياً
ونوراً سماوياً وناراً على عَلَمْ


فكيفَ عشقتَ الأرضَ والأفقُ واسعٌ
وكيفَ ضممتَ الجانحينِ على الحَدَمْ


وهل كُنتَ إلا الطَّائرَ الغَرِدَ الذي
تغنَّى بأمجادِ العروبةِ والهممْ


فهزَّ عروشَ الظُّلمِ بالحرفِ ناطقاً
وأسمعَ بالصَّمتِ المخضَّبِ ذا صَمَمْ


ونادى على الأحرارِ هيَّا إلى الوغى
فأسرعَ جيشُ الحقِّ للسَّاحِ والتحَمْ


وأوقدَ شمسَ الشِّعرِ حتى تضرَّمتْ
تضيءُ دروبَ الصاعدينَ إلى القِممْ


وجرَّدَ سيفاً بالقوافي مرصَّعاً
فزيَّنَ جُدرانَ المقاصيرِ والخِيمْ


وأصدرَ حُكمَ الشعرِ فيمن تطفَّلوا
فكانَ إمامَ الحقِّ والعدلِ ما ظلَمْ


وأَودى بهمْ في مَهْمَهٍ من ضلالِهمْ
فبوركَ من حُكْمٍ وبوركَ من حَكَمْ


فما بالها الأقدارُ تُدمي قلوبَنا
وتُخرسُ صدَّاحاً وتُنطقُ مَنْ بَغَمْ


* * *

تَوسَّدْ رمالَ البيدِ يا خيرَ راحلٍ
عن الدارِ واتركْنا لحوماً على وَضَمْ


سيسألُ عنكَ الدمعُ في كلِّ مجلسٍ
فأعينُنا تَهمي وأدمعُنا عَنَمْ


وما غِبتَ عنَّا يا " عليُّ " للحظةٍ
فإنَّكَ في نبضِ القلوبِ ندىً ودَمْ


نراكَ بأبياتِ القريضِ تغزُّلاً
مُحبَّاً..بريئاً..طاهرَ القلبِ..مُتَّهمْ


أبيَّاً..كريماً..حازمَ الرأيِ..صادقاً
أميناً إذا استُودِعْتَ سرَّاً فكَمْ .. وكَمْ


شقيَّاً بأعباءِ الحياةِ وثائراً
وفيَّاً فلم تَخْفِرْ عُهوداً ولا ذِمَمْ


رضعتَ لبانَ الحبِّ والشِّعرِ والندى
فكنتَ كريمَ الأصلِ والشعرِ والشِّيَمْ


* * *

توسَّدْ رمالَ البيدِ واغفِرْ جنوحَنا
فنحنُ هروبٌ من مُحالٍ إلى عَدَمْ


نُذيبُ شموعَ العمرِ في مولدِ الهوى
ونصهرُ شريانَ الحياةِ على القِيَمْ


ونلْبَسُ ثوبَ الزُّهدِ في العيشِ تارةً
ونُبكي ضميرَ السَّعدِ أُخرى إذا ابتسمْ


ونعشقُ لو يدرونَ قلباً محطَّماً
ونَفنى لإسعادِ الحبيبِ ونُتّهمْ


ولولا قليلٌ من حبيبٍ يشدُّني
لقلتُ : حبيبي في التَّواصلِ كالصَّنمْ


يحبُّ بلا قلبٍ ويَحكي بلا فمٍ
ويرنو بلا عينٍ ويَسعى بلا قَدمْ


فنحنُ حَيارى والليالي كئيبةٌ
ونحن سُكارى نشربُ السُّمَّ في الدَّسمْ


ربيعٌ ولا نيسان يزهو بروضِهِ
وصيفٌ ولا تشرين يطفىءُ ما اضطرمْ


وهذا خريفُ العمرِ يرجو شتاءهُ
أتزهو أمانيْ العمرِ في موسمِ الهرَمْ


توسَّدْ رمالَ البيدِ يا عاشقَ القممْ
لقد بُحَّ صوتُ الشعرِ والشَّملُ ما التأمْ


ونَمْ في عبابِ الرَّملِ واهجُر ظلالَنا
فقبْر الحكيمِ الفذِّ يَحفرُهُ القلمْ



1-4-1985


* * * * * *
إشارة إلى أسماء دواوين الشاعر ...
- المجهولة
- حنين الليالي
- غيبوبة الحب
- إشراق الغروب
- رعشات
- عواصف على هضاب فلسطين


* باب النهر ... من أجمل الأماكن في حماة
حيث تشدو النواعير على ضفاف العاصي