عرض مشاركة واحدة
قديم 04-23-2011, 10:32 PM
المشاركة 3
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


* ما كان مثلك يبتعد ..

في زمرة الشعور , حين يباغتنا الفقد بدون مقدمات , يمسي للفاجعة مذاق الذكرى المشبعة بالحنين المر..
وقد أجاد الأستاذ الشاعر والمفكر الرائع محمد جاد الزغبي عميد المثقفين في منابر ترجمة هذا الجمال في قصيدته التالية :
حيث عقبت عليه بما يليق بحرفه السامق ..

ما كان مثلك يبتعد

زَعموا بأنَّكَ قد ذهبتَ ولم تَعُدْ
لا يا أبي ...
ما كان مثلكَ يبتعدْ
ما الموتُ إلا رحلةٌ مألوفةٌ ...
صِرنا نصاحبُها لأجلكِ دائما
بالأمسِ كنَّا نلتقي بنهارِنا
واليومَ تأتيني بليلي .. نائما
لا فرقَ أو قلْ لا فراقَ لأنَّنا ...
روحانِ في جسدٍ فريدٍ مُتَّحِدْ
ما كان مثلكَ يبتعدْ
* * *
كنَّا نعيشُ على شعورٍ واحدٍ
فإذا تألَّمَ خاطري أوساعدي
كنتَ المشاركَ من بعيدٍ في الألمْ
وإذا كتبتُ إليكَ تبلغُكَ الرسالةُ
قبل أنْ ...
يخطو على الأوراقِ سِنٌّ أو قَلمْ
لا فرقَ أو قلْ لا فراقَ ...
فقد بقيتَ بنفسِ عادتكَ الجميلةْ
لا فرقَ أو قلْ لا فراقَ ...
سوى التَّغيرِ في الوسيلةْ
فالرُّوحُ لا تحتاجُ تمثالَ الجسدْ
ما كان مثلك يبتعدْ
* * *
زعموا بأنَّك قد ذهبتَ إلى العدمْ
والحقُّ أنَّكَ قد مضيتَ إلى البقاءْ
كلُّ الذين تألَّموا
لم يُدركوا معنى النقاءْ
يبكونَ من أجلِ الفراقِ ...
وأنتَ أقربُ ما يكونُ إلى اللقاءْ
فالروحُ تسبحُ ليس يمنعُها أحدْ
ما كانَ مثلك يبتعدْ
* * *
أسندتُ رأسي نحوَ كفِّي مدركاً ...
ما نالني في عمرِكَ الممدودِ
وعرفتُ أنَّكَ في الوفاةِ تظلُّ لي
حبلَ العطاءِ ببرّكَ المعهودِ
يكفي رضاكَ لتستنيرَ جوانحي
ودعاءُ قلبي للسماء بريدي
يُبْلغْكَ عنِّي ... أنَّني
أهلُ الوفاءِ لقِبْلتي وعهودي
نَمْ مطمئنَّاً .. قد تركتَ لنا يداً
باللهِ تدفعُ كلَّ حقدٍ أو حسدْ
ما كان مثلك يبتعدْ

******


* محمد جاد الزغبي
رأيت بأم حزني سيدي شواظ من الألم ولملمت الحمم بأطراف وعيي .. حتى كدت أن أبكي ..
ما زال جرحي حيا .. ومثل حرفك قد ربت عليه فاستحال نزفا ..
وما برح أبي يطل إلي من نافذة الذكرى بوجهه المهيب .. وليته يفعل ويزورني كما كان دأبه ..
لأسترق شئ من همساته الحانية وأجهش بحزن وخيم ..
هنا .. وقفتُ على كرسي الذكرى أرمق فقيدك من خلف جدار الِبر ..
هنا .. ما كنت لأبرح لولا أن الحنين تعاظم .. والشوق تراءى بين طيات شعرك البهي ..
رحم الله ميتك سيدي وميتي .. وغفر للأحياء والأموات ..
شكرآ لهذه الإستفاقة العذبة للحنين
تقديري