عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-2011, 11:33 PM
المشاركة 7
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


** حمامة الأمس
أبيات معتقة بالبوح الذي تفوح من أنفاسه روائح البهاء ..
وجوه للحقيقة .. وهمسات القلوب الصادحة بحديث الشموس ما توشم انتباهتنا بكمشة من أسراب الذهول ..
ولا يجيد استمالتنا ومكثنا على شواطئ الدهشة سوى الشاعر صلاح داود .. فانظروا نصه البديع القادم :


حمامة الأمس / الشاعر ... صلاح داود


مقدمة ....
..............
في اليومِ العالميِّ للشعر
إذا قيلَ لكَ يوماً يا شعرُ :
هل ما زلتَ مهمّاً ؟
ألا فقلْ بكلِّ تحدٍّ : نعم وألفُ نعم
وإلا فلِمَ يخاف المدجّجون بالدباباتِ..
والعساكرِ.. والبوليسِ.. وقنواتِ البثِّ..
من شاعرٍ بائسٍ حزينٍ ؟؟
أَلقيتُ القصيدةَ لأولِ مرةٍ في الدارِ البيضاءِ
في 19/3/2010
...................
(1)
بالأمسِ كانتْ ها هناكَ حمامةٌ
تختالُ في وَرْدٍ بهِ تَرميني
في حضنِها عَصَفَ الغرامُ كأنَّها
نَغَمٌ يداعبُ نفحةَ النسرينِ
وجَناحُها هِزَّاتُ عِطْرِ مُسْكبٍ
أو رقصةٌ مجنونةٌ تُغريني
مرّرْتُ كفِّي فوقَ همسِ عبيرِها
وأصابعي في شَعْرها تُجريني
شرَدتْ مع الريحانِ لم تتركْ صدىً
غيرَ الظنونِ تُقضُّني ... تُضْنيني
وتُميتُني في اليومِ كلَّ دقيقةٍ
وبُعيْدَ كلِّ مَماتةٍ تُحْييني
ومع الثواني الباقياتِ تُعيدُني
لعُيونِها في لحظةٍ تُرْديني
(2)
بالأمسِ كانتْ ها هناكَ حمامةٌ
صعِدتْ على رُكْحِ الهوى وتثنّتْ
كلُّ الأكفِّ تلهّبتْ وتوجّعتْ
وتوسّلتْ وتودّدتْ وتمنَّتْ
لمّا استبانَ السُّكْرُ في أرواحِنا
قفزتْ على قمَرِ السّماءِ وغنَّتْ
مِلْنا..ثَمِلنا.. لم نُصاحبْ عمْرَنا
وتحمْلقتْ منَّا العيونُ وعنّتْ
وحمامتي ليستْ هنا وحسبْتُها
هبّاتِ نَسْمٍ للشّرارةِ حنّتْ
وحسبتُها ريحاً دُخاناً ذُرْذرتْ .... ما وجدت ل (ذرذر أصلاً ) لو قال بُعثرتْ
فـوقَ اللهيبِ فمزّقتْه ورنّتْ
وسمعْتُ قلبي من رنينِ مِزاقِها
كالنارِ جنّنَها النُّفاخُ فجُنّتْ
(3)
بالأمسِ كانتْ ها هناكَ حمامةٌ
صوّرْتُ من تَحْنانها إيحائي
وطَفتْ لِحُبِّ العاشقين نوازعي
حمَلَتْ جوىً من تونسَ الخضراءِ
لمّا رأتْني راحلاً بمشاعري
قادتْ سفينَ الوجْدِ للميناءِ
للمغربِ الأقصى وسِحْرِ رباطهِ
لِجنائنٍ بمراكشَ الحمراءِ
وعلى شراعِ الشوقِ هِمْتُ بأحْرفي
صوْبَ الهوى في دارِنا البيضاءِ
فلنا هناكَ نوارسٌ وبلابلٌ
شقّوا القوافي الهُوجَ في الأنواءِ
وركبْتُ شِعري المستهامَ بطنجةٍ
ما أجملَ التّهويمَ بالشعراءِ!
(4)
بالأمسِ كانت ها هناكَ حمامةٌ
صادتْ صقورَ الشِّعْر بين شِباكيا
قبّلْتُها لم أدْرِ أنّي غيمةٌ
حتى لمسْتُ شفاهَها بشفاهيا
ومددْتُ رُوحي للسماءِ أَطالُها
ومرَرْتُ فوقَ ضيائها بلسانيا
فشعرْتُ أنَّ الضوءَ مجتذِبٌ دمي
وعلى الضفافِ النائياتِ نِدائيا
وهربْتُ من أحضانِها لزوابعي
فتطايرتْ فوقَ الجبالِ جباليا
وتعثرَتْ بين الشفاهِ قصيدتي
لم أدْرِ كيفَ أصوغُ عِقدَ كلاميا
لمْ أدْرِ أنَّ العمْر قد عتَّقْتُه
حتى عصرْتُ الخمرَ من أحزانيا
(5)
بالأمسِ كانت ها هناكَ حمامةٌ
عِشْقُ القوافي شَفَّها .. أَضناها
سَجَعتْ على أطلالِ خُلَّانِ الهوى
في عيدِ شِعرٍ بالوفاءِ رماها
عيدٌ يطرّزُ للإباءِ سبائكاً
في عِشقِ قُدسٍ قهْرُها أَبكاها
عيدٌ من الفرحِ المُضمَّخِ بالضنى
أرضٌ تنادي اِبنَها وأباها
جَولانُها تاقتْ رُؤاهُ حمامتي
فتعثّرتْ في غزّةٍ ساقاها
ها ها هناكَ هوَتْ تَمُوجُ حمامتي
في نجمةٍ وَجَعُ الأذى أَلقاها
رفّتْ بدمْعِ العِزِ عينُ حمامتي
فأبى البُكَا مِن ثِقْلِه شُفْراها
(6)
بالأمسِ كانت ها هناكَ حمامةٌ
في شارعِ المنصورِ تاهَ شَداها
هامَ الرشيدُ على الفراتِ بحِسّها
فتعشَّقتْ أمواجُ دجلةَ فاها
لمَّا رأتْ مِزَقَ المآذنِ في الثرى
من فِسْقِ مَلعونٍ طغَى ... آذاها
مِن مُسلمٍ باع الحِمَى لمُتاجِرٍ
ورخيصِ قَدْرٍ عانقَ السِّفاها
متأمْركٍ ذَفِرِ القفا حتى غثتْ
من فُحْشه أمعاؤهُ بقذاها
قفزتْ على وجهِ الصّفيقِ حمامتي
تَسقي الثرى من عينهِ بدِماها
ما همَّها غدرٌ تَرصّدَ طوْقَها
مِن ها هناكَ مُعمّمٌ أرْداها!
(7)
يا شِعرُ مزَّقَنا الكلامُ وإنّا
بين السطورِ وتحْتهنَّ دُفِنّا
خلْفَ الزمانِ تنوءُ تفعيلاتُنا
أسبابُنا انكسرتْ تنوحُ كأنّا
لا القدْسُ مسلوبٌ.. ولا بمحمَّدٍ
قد هوّنونا في الرسومِ .. فهُنّا
لا مزّقوا قرْآنَنا ..لا غوّطُوا
أشلاءَنا .. فتغوّطتْ ونتِنّا
لا اسْتفعلوا بنسائنا..لا احْدوْدبُوا
بإبائنا ... فاستخْونوهُ ... فخُنّا
* * *
نامي ولا تأسَيْ عَلَيَّ حمامتي
لِغرَامِنا زمَنُ المهانةِ غنَّى
نامي.. فلا نفْسٌ تتوقُ لثَأْرها
كلٌّ بِليْلِ الصّبِّ هامَ .. وجُنَّا

******
اللهم صلي وسلم على خير الأنام وسلم تسليما كثيرا
القدير صلاح داود ..
التبس على عبوري المكث برابيتك المتناغمة بالإخضرار سيدي , فسلمت حدقي لناصية البوح ..
وهديل حرفك كقطيع من الحمام الذي قام يرفرف في حواسنا ..
أجل .. لن أصفق للريح إذا ما لطمتني مجددآ أصابع الشمس , بل سآوي إلى جذع بوح شبيه بجذعك كي أحظى بالفئ..
ومدادك الراحل عبر أرصفة الألم ليس غير الحرف ما يصحبه إلى الدهشة حيث احكمت التمتمة ..
بلا ريب سأعاود الكرة في الحلول هنا .. وسألملم الروائح البهية وأدسها في صندوق ذاكرتي ..
كنتُ هنا .. لأن الحرف شبيه بعطور بيضاء .. ولأن الجرح قد استفز دهشتي ..
شكرآ لحروفك سيدي