الموضوع: رحلة سعيدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-17-2011, 11:38 PM
المشاركة 7
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
فعلا .. يبدو أننا سنتحدث كثيرا عن هذه الرحلة .

فقد بدأت الفكرة تتضح والحدث يتبلور ...

فمن العام ولجنا إلى الخاص .. الإطار المكاني انحصر في المقطورة لتكون

الصورة أكثر وضوحا وقربا من القارىء بعد تسليط الضوء عليها من جميع

الاتجاهات ... وليكون الحدث أكثر تأثيرا انحسر الزمان في سويعات الرحلة

القصيرة ..

وفي هذه اللوحة الانسانية باقتدار يمكن أن تجد نفسك , تحس بأنفاسك الحارة ,

بنبضات قلبك تطرق ضلوعك بشدة ... يمكن أن تلمح نفسك ضمن المسافرين

في خلفية الصورة ...

هذه التقنية الفنية الرائعة تجعل من الحدث الرئيس في الواجهة واضحا وجليا ,

وما سواه ضبابيا, لكن دون أن يشوه الصورة ...

وقد تسلحت الكاتبة سناء محمد بأدوات اللغة والفكرة والتشويق والانسيابية في

السرد , دون أن تنسى أن الحوار الذي يبعث في الحدث النفس والحركية التي

تكسر روتين السرد المقيت ..

وكأني بالكاتبة خبرت القارىء وعرفت أن أكثر ما ينبّهه هو وضعه في محيط

الصمت .. فالصمت يجعلنا نتوجّس أمرا ... بل وأكثر من ذلك كانت تعرف مسبقا

أن السؤال يشنف الأسماع وينبّه الإحساس... فــ "
ساد السكون أرجاء المكان

ورسمت علامات الدهشة على وجوه من حولي .. من هذا الرجل النبيل ؟؟
"

ولأن السؤال يشدنا دوما ويوقظ فينا مارد المعرفة ولو تطفلا فقد شنفت سمعي -

كما جميع الركاب - بعد أن فشلت مثلهم من قبل على تخليص هذا الشاب من

سطوة عامل القطار...

لقد انقلب المشهد كليا ...

لم يعد ذاك الشاب الذي تكبله الهموم وتجرّه قدماه للمجهول ... لقد " امتدت

مساحات بياضٍ على طول ناظر(ه) .."
تقهقر خوفه, وداهم رأسه الصغير أكثر

من سؤال ...

إنه يخرج من شرنقة الحيرة إلى مساحة أرحب ... يجد من ينقذ بتلات شبابه من

الذبول ..

يا الله...

لقد غزا الربيع قلبه فجأة ... رفرف طير السعادة بين ضلوعه يدغدغه بمنقاره

الأخضر .. انشقت صخرة قلبه على ينبوع أمل جديد ... فــنجده يردد " قد حاك

الصباح لي رداءً من الطمأنينة والدفء بالرُغم من قسوة شتائي .. " هكذا صدح

الشاب وهو يتأمل رفيق الرحلة الجديد ... إنه منقذه من وحدته التي سكنته ذات

شتاء وفي غفلة من الزمن لتحتل مساحات كبيرة وشاسعة من أحلامه وعوده

الغض ...

وكيف لا؟ وأمه "
كبيرة السن بالكاد تستطيع المشي " وأخ سيء السمعة و"أُختٌ

بلا عقل" - هكذا ولدت - ...

فكيف لمن يسوس مثل هذه العائلة ألا تتحطّم صواري عمره ويتمزق شراع الأمل

منه؟

كيف لمن يلهث خلف حاجات الأسرة أن يهنأ بلحظة هناء ؟..

كيف لمن يطوي ساعات الليل والنهار لتوفير لقمة العيش أن يشعر بضياع سنين

عمره ؟

كيف لمن ي
تمنى أن ترجع أمه لسالف عهدها ..ويريد لأخيه أن يدرس في الجامعة

.. ويقتني عقلٍا لأخته
..
أن يتمنى لنفسه شيئا؟؟

لقد نبّهه رفيقه لنفسه , جعله يكتشف أنه يحمل كيانا بين جنبيه , حسا, نفسا ,

قلبا ينبض .. أمنية صغيرة ضاعت في ركام الأيام المكسورة ... سؤالا ردده

بكل عفوية :

- "
لا أعرف .. هل تصدق أنني لم أفكر يوماً بذلك ؟؟ حتى بمجرد حلم .. لم أحلم

لنفسي بأي شيء
.. "

فهل ستعود طيور الأماني من جديد لتبني أعشاشها بين اللحظات السعيدة ؟

"يبدو أننا (سنحلم) كثيراً في هذه الرحلة .. "

القاصة والمبدعة : سناء محمد

صراحة لك قدرة فائقة على شد القارىء , من خلال المراوحة بين الانسيابية في

السرد والاستطراد واقحام الحوار لكسر الروتين , وبين هذا وذاك يكمن الإبداع.
القاصة والمبدعة : سناء محمد

عذرا إن كنت أطلت وتماديت في القراءة ... وعذرا مرة أخرى إن أسأت لنصك

ببعض من ثرثرتي ...

فقط أرجو ألا يصلني بطش عامل القطار لأني أخذت لي مكانا قريبا من راكبي

المقطورة وكلي أمل أن يصلني بعض من الريح الطيبة لهذه الرحلة ...

ودمت بود دائما .