الموضوع: القراءة
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
4288
 
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي


عبدالله باسودان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
324

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2011

الاقامة

رقم العضوية
10158
07-11-2011, 04:59 PM
المشاركة 1
07-11-2011, 04:59 PM
المشاركة 1
افتراضي القراءة
عبدالله علي باسودان

الـقـراءة

يكفي القراءة أهمية أنها أول أمر إلهي نزل على رسول الله e ، قال تعالى [اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق(2) اقرأ وربك الأكرم (3 ) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان مالم يعلم (5)]. اقرأ: هي الأمر بالقراءة ، منبع وأساس وبداية كل العلوم ، هي النور الذي ينير لنا طريق الخير والرقي والصلاح ، حيث أنه لا تصح عبادة الله ولا الدعوة إليه سبحانه وتعالى إلا عن طريق " اقرأ " التي منها نتلقى كافة العلوم الشرعية و العلوم الأخرى التي تفيد أمتّنا الإسلامية . لذلك أثنى الله سبحانه وتعالى على العلماء في محكم تنزيله . قال تعالى : [ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكرُ أولو الألباب ] (الزمر 9 )
وكذلك الرسول الكريم e أثنى عليها ورغبّها لنا ، قال رسول الله e :"إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تَضل الهداة " (رواه أحمد بإسناده عن انس رضي الله عنه)
والعلم هنا ، هو كل ما ينفع المسلم في دنياه وآخرته ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته ولننظر ماذا في السماوات والأرض . قال تعالى : [ قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ولن تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ] (يونس 101 )
و قال تعالى : وفي أنفسكم . أفلا تبصرون , ( الّذاريات 21) إننا لا نستطيع أن ننظر أو نبصر إلا عن طريق العلم . فهذه الكلمة الخالدة " اقرأ " تشمل الأمر بأن نتعلم جميع العلوم الشرعية منها فرض عين و منها فرض كفاية . وكذلك العلوم الأخرى التي هي فرض كفاية كعلوم اللغة والآداب والطب والهندسة وعلوم الفلك والفيزياء وغيرها .
لكن البعض يرى أن كلمة العلم المذكورة في القرآن والسنة ليس إلا العلم الشرعي لذلك نحاول أن نتوسع قليلاً في هذا الموضوع ونستشهد ببعض أقوال كبار علماء الشريعة . يقول الشيخ أسامه عبد الله خياط إمام الحرم المكي والأمين المساعد للإعجاز العلمي في القرآن والسنة :
" إن للعلوم الكونية كما هو الشأن تماماً في شقيقاتها من علوم الدين دوراً فاعلاً ومؤثراً في خدمة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإسفار عن وجه جلالهما وجمالهما وبيان هديهما وشرائعهما كما أمر الله تعالى ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، ذلك أن العلم الصحيح في هذا الدين رديف الوحي في تثبيت الهدى، وتحقيقاً لوعد الرب جل وعلا بجعل آياته في الأفاق والأنفس عاملاً من عوامل بيان الحق وترسيخ اليقين "
قال تعالى : [ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ] ( فصلت 53 ).
ويقول أبو حيان الأندلسي المتوفى سنة 745 في تفسيره (ج 5ص 360)
" علم الهيئة علم شريف يطلّع فيه على جزئيات غريبة من صنعة الله تعالى يزداد بها إيمان المؤمن. "
لذلك نرى من أهداف العلوم الطبيعية في التربية الإسلامية تعميق الإيمان في النفوس وإيضاح وبيان معاني بعض آيات القرآن الكريم ، وبيان الإعجاز العلمي ، والاستجابة إلى دعوة الله عز وجل في الاستفادة مما سخره الله لعباده .
لقد فهم سلفنا الصالح ما أمرنا الله به ورسوله وعملوا به ووعوه وطبّقوه فدانت لهم الأمم واحترمتهم الدول وكانوا قادة العالم ينشرون العلم والعد ل والخير في أرجاء المعمورة . ولما تخليّنا عن " ا قرأ " التي هي الأمر بالقراءة منبع وأساس كل العلوم فقدنا كل شيء حتى فقدنا الأوطان كما هو حالنا الآن .
لذلك لابد لنا من القراءة ولن يكون الإنسان مبدعاً ومنتجاً وعالماً لتحقيق العزة والكرامة إلا عن طريق القراءة الجادة والمفيدة لأنها المصدر الأساسي لمعرفة العلوم .
فالقراءة هي حياة الإنسان الروحيّة ، حيث أن الإنسان بلا روح إنسان لا يستطيع أن يؤدي دوره الحقيقي في بناء حضارة أمته وتقدمها ، لأن القراءة تزيد من القدرات الفكرية والثقافية للإنسان . سُئل المفكر العالمي فولتير: من سيقود العالم ؟ فأجاب :
" هم الذين يعرفون كيف يقرؤون "
إن الإنسان الذي تعوّد على القراءة يكون دائماً إنساناً مفعماً بالحياة لأنه يستمد من النور الذي يتلقاه من خلال القراءة في الكتب والمصادر العلمية والثقافية. هي في الواقع مصدر الإبداع وفن الحياة الخالد المتجدد والزاخر بالإمتاع. هي وسيلة لتنمية العقل والوصول إلى معرفة العلوم والآداب والإطلاع على عادات وتقاليد الأمم وثقافاتهم ، هي النور الذي يستضئ به الإنسان في دروب حياته والوصول إلى تقدم أمته لتسمو إلى معالي الرقي والعزة والمجد . كما أنها الجهاد الحقيقي لنصرة أمتنا وتفوقها على الأمم . هي حماية أمتنا من أعدائها إذا تسلحت بنور العلم والمعرفة في جميع المجالات ، وكما قال هنري والاس أحد كبار مفكري الغرب :
كثيراً ما تكون القراءة أقوى من السلاح
وإذا كنّا أهملنا القراءة لن نستطيع أن نقود العالم ، ومن العارأن الذين يقودوننا الآن هم أعداؤنا الذين أصبحنا خاضعين لهم ، يتحكمون في مصائرنا ومحاربة بلداننا ومصادرة ثرواتنا وعلى كل شيء لدينا ، حتى أنهم تجرؤا على الإساءة إلى نبينا الكريم وتقاليدنا الإسلامية العظيمة بعد ما كنا قادة العالم وكان العالم يهابنا ويحترمنا ويعرف أننا قوّة لها شانها ولها أهميتها ولا تستطيع أمة مهما كانت أن تسئ إليها أو تتحداها.
ومن المؤلم أننا أصبحنا اليوم كما قال الشاعر:
يـا أمـةً ضـحـكـت مـن جـهـلـهـا الأمـم
إن كثيراً من سلفنا الصالح من الفقهاء وعلماء الشريعة الأجلاء كانوا من كبار العلماء والمفكرين في مختلف الميادين العلمية من طب وفيزياء و اقتصاد وفلك وغيره . كل واحد منهم كان موسوعة علمية جديرة بالفخر والإعتزاز، فأين علماؤنا اليوم من هؤلاء الأماجد الذين تركوا لنا حضارات مجيدة في جميع أقطار المعمورة أنارت العالم بأنوار العلوم والخير والعدالة ودانت لهم جميع أمم الأرض.
إن القراءة الجادة وسيلة لتنمية العقل والوصول إلى معرفة العلوم والآداب, والاطلاع على عادات وتقاليد الأمم وثقافاتهم، كيف يفكرون وكيف ينتجون وكيف يخترعون وكيف يبد عون .
وللأسف الشديد نرى كثيراً من حملة الشهادات العالية من أمة " اقرأ " قابعين داخل أسوار دراساتهم التي تلقوها في معاهد هم وجامعاتهم يعتقدون أن العلم والمعرفة هي كل ذلك، وإن الشهادات العالية التي تحصلوا عليها هي كل شيء ، وإنهم وصلوا إلى نهاية العلم ، فهذا وهم ، فالعلم والثقافة والآداب والطب وكافة الفنون عوالم واسعة متنوعة ، هي حقائق متصادمة سّيالة لا متناهيه كما علمتنا التجارب والاختراعات والاكتشافات في مختلف العلوم والنظريات .
ومن تعّود على القراءة لا شك أنه سعيد في حياته لأنها تنير له الطريق في الوصول لحل المشكلات والصعاب التي تواجهه في حياته. كما أنه يستمتع من خلالها بقطف ثمار المعرفة, فهو يعيش وسط عوالم كثيرة واسعة حيث تتجلى أمام ناظريه أخبار الأمم الحاضرة والغابرة وعاداتهم وتقاليدهم وكيف واجهتهم المصاعب والمحن وكيف تغلبوا عليها .
إن القارئ أطول عمراً من الإنسان الذي لا يقرأ ذلك لأنه يعيش مع الماضي والحاضر و المستقبل. هو في سياحة كبيرة واسعة يتنقل من خلالها من عالم إلى آخر. إنها الإبحار في عوالم ممتعة ممتدة من اللا محدود، هي عوالم المعرفة اللا متناهي.
إن للقراءة فوائد كثيرة وهذا شيء مهم ، منها أنها تحفظ القارئ من ضياع وقته. إن يوما لا يقرأ فيه الإنسان يوم يضيع من عمره حيث أن ضياع أيام من العمر خسارة لا تعوض.
وكذلك من فوائد القراءة الإستفادة من حكم الحكماء وإرشادات الوعاظ والمربين وأفكار وخواطر الشعراء ، إنك لا تفتح كتاباً دون أن تتعلم منه فائدة ، أو تجربة أو معلومة جديدة تزيد في معلوما تك. كما أنها تشغلك عن البطالين وأهل العطالة، كما أنها استثمار للوقت في التعود على الكتابة والبحث والمناقشة ، تعلم القارئ كيف يناقش وكيف ينتج وكيف يبدع .
لقد قيل عن العالم والأديب الكبير الشيخ علي الطنطاوي إنه قال : أنا من ستين سنه أقرأ كل يوم خمسين صفحة من كتاب ألزمت بها نفسي .
قيل لعبد الله بن المبارك : إنك تحب الجلوس في البيت وحدك : قال : لست وحدي أنا مع النبي e وأصحابه والأنبياء والأولياء والحكماء، يعني القراءة في الكتب، وعنه أنه قال : من أراد أن يستفيد فلينظر في الكتب ، أي يقرأ . ثم أنشد:
ولي جلــساء مـا أ مـلّ حــديثــهـم
فـهـم مـن المأمونون غيباً ومشهـدا
إذا ما اجتمعنا كـان أحسن حديثهم
معيناً علـى دفـع الهموم مـؤيـدا
يفيدونني من علمهم علم ما مضى
وعـقـلاً وتـأديبـاً ورأيـاً مـســددا
وعن الجاحظ أنه لم يقع كتاب في يده إلا استوفى قراءته. ومن شغفه بالقراءة ليزداد علماً وفكراً أنه كان يكتري محلات الكتابين ليبيت فيها للمطالعة.
وكذلك العلم الموسوعة العلمية والأدبية ابن الجوزي قال قرأت في شبابي عشرين ألف مجلداً.
كما أن اللغوي الكبير الفيروزوبادي صاحب كتاب " لسان العرب " اشترى بخمسين آلف مثقال ذهباً كتباً وكان لا يسافر إلا وصحبته منها عدة أحمال ، وكان يخرج أكثرها في كل منزلة ينزل فيها في أسفاره فينظر فيها ثم يعيدها .
ويحكى عن الخطيب البغدادي أنه كثيراً ما يمشي وفي يده جزء من كتاب يطالعه.
وعن المأمون أنه لا ينام إلا وحول فراشه كتباً ينظر إليها متى انتبه من نومه وقبل أن ينام.
هم هؤلاء العباقرة الذين أثروا المكتبات العربية والعالمية بعطاءات ثرّة من علوم وآداب وإبداعات قيمّة أفادت الأمة الإسلامية وأنارت العالم بأنوار المعرفة. هم هؤلاء الذين علمّوا أوربا والعالم كل هذه العلوم في الوقت الذي كانت أوربا ترزح تحت ظلام دامس من الجهالة .
فأين نحن اليوم من أمثال هؤلاء العباقرة ؟
للأسف الشديد أننا نرى في عصرنا اليوم أمة " اقرأ " لا تقرأ إلا القليل مع أننا أحق بالقراءة من غيرنا لأن منطلق ديننا الحنيف هو " اقرأ " ، وهذا من أهم أسباب تأخرنا عن الركب الحضاري والرقي في العلوم والفكر و الإبداع .
إن أمة لا تقرأ هي أمة جاهلة ولن تتقدم إلا بالمعرفة والتحصيل العلمي والفكري وذلك عن طريق القراءة الجادة المفيدة .
هناك كلمة رائعة لفرنسيس بيكون أحد كبار مفكري وفلاسفة الغرب يقول " القراءة تصنع الرجال "
و مما يدمي القلب حسرةً وألماً أنه في إحصاء نُشر في إحدى الإحصائيات العالمية أن دار نشر أوروبية واحدة تنشر من الكتب والنشرات الأدبية والعلمية والثقافية في السنة الواحدة أكثر مما تنشره كافة دور النشر العربية . لماذا ؟ لأن دور النشر العربية لم تجد لها من يقرأ إلا القليل وهذا قصور مخيف وخطير يجب على أهل الفكر والأدب أن يعالجوه.

من أقوال كبار المفكرين عن القراءة
المأمون : القراءة نزهة في عقول الرجال وتجربة ماتعة لا يكاد يهجرها من سحرته الكتب وهام بها وعشقها ، فهي سميره وحديثه ورفيقه ومحور اهتمامه .
عباس العقاد : القراءة تطيل العمر
قيل لأرسطو : كيف تحكم على إنسان فأجاب : أسأله كم كتاب يقرأ و ماذا يقرأ.
فرانز كافكا : القراءة مستشفى النفوس .
اليوت : قارئ اليوم قائد الغد .
بودلير : إن تقرأ يعني أن تجد الصد يق الذي لن يخونك أبدا .
جان بول سارتر : إن الكتاب وهو ملقى على الرف أشبه بالجسم المّيت تدب فيه الحياة إذا ما امتدت إليه يد القارئ .
فرانسيس بيكون : أحيانا تكون قراءة بعض الكتب أقوى من أي معركة .
مثل انجليزي : إن بيتاً يخلو من كتاب هو بيت بلا روح .
مثل ياباني : كل كتاب تقرؤه تتعلم منه درساً .
أفلاطون : القراءة مفتاح المعرفة وطريق الرقي .
كونفيشيوس : ما من أمة تقرأ إلا ملكت زمام القيادة وكانت في موضع الريادة.
فولتير : الذين يجيدون القراءة هم الذين سيقودون العالم.
هنري والس : كثيراً ما تكون القراءة أقوى من السلاح.
جورج كردب : إن من يقرأ تساوره الرغبة في أن يكتب .

( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )